بحث متقدم
الزيارة
9934
محدثة عن: 2009/09/30
خلاصة السؤال
من هو الذی یعرف الإسم الأعظم؟
السؤال
من هو الذی کان یعرف الإسم الأعظم و ما هو العمل المهم الذی عمله له؟
الجواب الإجمالي

لیس الإسم الأعظم مجرّد معرفة و تلفّظ بلفظ خاص، بل له حقیقة أبعد من الألفاظ تحصل فی الأشخاص علی أثر تربیة النفس و تهذیبها و العبادة و التوفیقات الإلهیة و فی ظل هذه الحالة یهب الله لهم مثل هذه القدرة و المقام الرفیع.

 و قد أشارت کثیر من الآیات و الروایات الی وجود الإسم الأعظم و ذکرت أیضاً ان الإسم الأعظم کان عند الأنبیاء الإلهییّن و الأئمة الأطهار(ع) و أشخاص عظماء من أمثال آصف بن برخیا الذی استطاع إحضار عرش بلقیس من مسافة بعیدة الی النبی سلیمان، فقد کان عنده جزء من الإسم الأعظم.

الجواب التفصيلي

ورد فی الآیات و الروایات إشارات الی موضوع الإسم الأعظم، فمثلاً بعد الالتفات الی شأن نزول الآیات المتعلّقة بحادثة آصف بن برخیا و ... فی القرآن، فإنه یمکن اعتبار هذه الحادثة من مصادیق حصول بعض الأفراد علی الإسم الأعظم، ففی روایة عن الإمام الهادی(ع) یقول:"إسم الله الأعظم ثلاثة و سبعون حرفاً کان عند آصف حرف فتکلّم به فانخرقت له الأرض فیما بینه و بین سبأ فتناول عرش بلقیس حتی صیّره الی سلیمان ثم انبسطت الأرض فی أقلّ من طرفة عین. و عندنا منه اثنان و سبعون حرفاً و حرف عند الله مستأثر به فی علم الغیب".[1]

و قد روی عن الإمام الصادق(ع) أیضاً یقول: "ان عیسی بن مریم(ع) اعطی حرفین کان یعمل بها و اعطی موسی اربعة أحرف و اعطی ابراهیم ثمانیة أحرف و اعطی نوح خمسة عشر حرفاً و اعطی آدم خمسة و عشرین حرفاً و ان الله تعالی جمع ذلک کله لمحمّد (ص) و ان إسم الله الأعظم ثلاثة و سبعون حرفاً أعطی محمداً اثنین و سبعین حرفاً حجب عنه حرف واحد".[2]

و هناک روایات عدیدة مشابهة لهاتین الروایتین فی مصادرنا الروائیة.

و الملاحظة التی ینبغی التدقیق فیها هی هل ان الإسم الأعظم مجرّد لفظ أو أن له حقیقة وراء اللفظ؟

ان ما فی اذهان الناس هو ان الإسم الأعظم هو اسم لفظی من أسماء الله تعالی إذا دعی الله به تستجاب الدعوة و انه یؤثر فی کل شیء. و حیث إنهم لم یحصلوا علی مثل هذا الإسم من بین الأسماء الإلهیة الحسنی و لم یجدوا مثل هذا الأثر أیضاً فی اسم الجلالة (الله)، فإنهم اعتقدوا ان الإسم الأعظم مرکّب من حروف لا یعرفها و لا یعلم کیفیة ترکیبها کل أحد، و لکن إذا حصل أحد علیها فإن جمیع الموجودات تخضع أمامه و تنفّذ أوامره.

یقول العلامة الطباطبائی فی هذا المجال:"و فی مزعمة أصحاب العزائم و الدعوات ان له لفظاً یدل علیه بطبعه لا بالوضع اللغوی، غیر ان حروفه و تألیفها تختلف باختلاف الحوائج و المطالب و لهم فی الحصول علیه طرق خاصة یستخرجون بها حروفه أولاً ثم یؤلّفونها و یدعون بها علی ما یعرفه من راجع فنّهم".[3]

و یقول فی الرّد علی هذا الرأی:" انه و إن کان فی بعض الروایات إشعار ما بذلک و لکن البحث الحقیقی عن العلّة و المعلول و خواصّها یدفع ذلک کله فإن التأثیر الحقیقی یدور مدار وجود الأشیاء فی قوته و ضعفه و المسانخة بین المؤثّر و المتأثّر و الإسم اللفظی إذا اعتبر من جهة معناه المتصّور کان صورة ذهنیة لا أثر لها من حیث نفسها فی شیء البتة و من المستحیل أن یکون صوت أوجدناه من طریق الحنجرة أو صورة خیالیة نصوّرها فی ذهننا بحیث یقهر بوجوده وجود کل شیء و یتصرف فیما نریده علی ما نریده فیقلب السماء أرضاً و الأرض سماء و یحوّل الدنیا الی الآخرة و بالعکس و هکذا و هو نفسه معلول لإرادتنا. و الأسماء الإلهیة و اسمه الأعظم خاصة و ان کانت مؤثرة فی الکون و وسائط و أسباباً لنزول الفیض من الذات المتعالیة فی هذا العالم المشهود لکنها إنما تؤثّر بحقائقها لا بالألفاظ الدالّة فی لغة کذا علیها و لا بمعانیها المفهومة من ألفاظها المتصوّرة فی الأذهان و معنی ذلک ان الله سبحانه هو الفاعل الموجد لکل شیء بماله من الصفة الکریمة المناسبة له التی یحویها الإسم المناسب لا تأثیر اللفظ أو صورة مفهومة فی الذهن أو حقیقة اخری غیر الذات المتعالیة".[4]

فاتضح من خلال الروایات التی ذکرناها إنه: أولاً: ان الأنبیاء الإلهیین و خصوصاً خاتم الأنبیاء (ص) و کذلک الأئمة الأطهار (ع) کانوا یعرفون هذا الإسم و کان لبعض الأفراد من غیر هؤلاء من أمثال آصف بن برخیا معرفة علی مستوی ضئیل جداً بالإسم الأعظم و کانوا یقومون ببعض الأعمال عن طریقه.[5]

و ثانیاً: ان الإسم الأعظم لیس مجرد لفظ یمکن لکل من یتلفّظ به أن یؤثّر، بل هو حقیقة رفیعة تحصل فی وجود مثل هؤلاء الأشخاص علی أثر تربیة النفس و تهذیبها و العبادة و التوفیقات الإلهیة و فی ظل هذه الحالة یهب الله لهم مثل هذه القدرة و المقام الرفیع.



[1] الکافی، ج1، ص230، حدیث 3.

[2] الکافی، ج1، ص230، حدیث 2.

[3] الطباطبائی، محمد حسین، المیزان فی تفسیر القرآن، ج8، ص371.

[4] الطباطبائی، محمد حسین، المیزان فی تفسیر القرآن، ج8، ص372.

[5] نفس المصدر، ج15، ص28 و ج18، ص19؛ مکارم الشیرازی، ناصر، تفسیر الأمثل، ج 7، 31 و32 بتلخیص.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280273 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258850 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129648 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115694 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89575 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61076 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60380 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57382 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51659 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47724 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...