Please Wait
الزيارة
9252
9252
محدثة عن:
2014/04/14
خلاصة السؤال
ما هي حدود آية الكرسي و ما هو تفسيرها؟
السؤال
ما هي حدود آية الكرسي و ما هو تفسيرها؟
الجواب الإجمالي
لمعرفة حدود و تفسير آية الكرسي لابد من الاشارة إلى مجموعة من الأبحاث المساعدة في الوصول إلى نتيجة دقيقة، و هي:
1. شأن نزول الآية
روي عن الإمام الصادق (ع) ما شير إلى سبب نزول الآية المباركة، عن حَمَّادِ بن عُثمان قال: جلس أَبو عبد اللَّه (ع) مُتَوَرِّكاً رجلُهُ الْيُمْنَى على فَخِذِهِ الْيُسرَى، فَقَالَ لهُ رجلٌ: جُعلتُ فداكَ هذهِ جِلْسَةٌ مكرُوهةٌ! فَقَال: لا، إِنَّمَا هُو شيءٌ قالتهُ اليهودُ: لمَّا أَنْ فَرَغَ اللَّهُ عزَّ و جَلَّ من خلق السَّمَاوَاتِ و الأَرض و استوى على العرش جلس هذه الجِلْسَةَ لِيَسْتَرِيحَ؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ "اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَ لا نَوْمٌ".[1]
2. أهمية الآية و مكانتها
وردت الكثير من الأحاديث و الروايات التي تشير إلى مكانة الآية و منزلتها و مقدار الثواب المترتب على تلاوتها، نشير إلى نماذج منها:
روي عن النبي الأكرم (ص) أنّه قال: "سيّد الكلام القرآن و سيّد القرآن البقرة و سيّد البقرة آية الكرسي فيها خمسون كلمة في كلّ كلمة خمسون برك".[2]
و روي عن الإمام الصادق (ع) أنّه قال: "إنّ لكل شيء ذروة، و ذروة القرآن آية الكرسي من قرأها مرّة صرف الله عنه ألف مكروه من مكاره الدنيا، و ألف مكروه من مكاره الآخرة، أيسر مكروه الدنيا الفقر، و أيسر مكروه الآخرة عذاب القبر، و إنّي لأستعين بها على صعود الدرجة".[3]
وقد حثت الروايات على تلاوتها في المنزل،[4] و عقيب الصلاة،[5] و قبيل النوم،[6] و عند الخروج من المنزل،[7] و عند ركوب الدابة أو أيّ مركب،[8] وعند زيارة قبور المؤمنين[9] و....
3. حدود آية الكرسي
ذكر الأعلام و المختصون بالدراسات القرآنية تحديدين لآية الكرسي، مستندين في كلّ منهما إلى مجموعة من المبررات و الأدلة، نشير إليها باختصار:
الاتجاه الأول: ذهب أصحاب هذا الرأي إلى تحديد آية الكرسي بقوله تعإلى "اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَ لا نَوْمٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْديهِمْ وَ ما خَلْفَهُمْ وَ لا يُحيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِما شاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ لا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَ هُوَ الْعَلِيُّ الْعَظيم" فقط؛ لوجود مجموعة من القرائن، منها:
الف- إنّ جميع الروايات التي أوردت فضيلة هذه الآية و عبّرت عنها بآية الكرسي تدلّ على أنّها آية واحدة لا أكثر.[10] و لو كان المراد منها إلى قوله تعإلى "هم فيها خالدون" لجاء التعبير بآيات الكرسي.
ب- إنّ كلمة (الكرسيّ) وردت في الآية الأولى فقط، فلذلك فإنّ تسميتها بآية الكرسيّ متعلّق بهذه الآية.[11]
3- أدرج كافة المفسرين من الفريقين الشيعة و السنّة فضائل الآية في بعد قوله تعإلى "وَ هُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ".
الإتجاه الثاني: ذهب أصحاب هذا الاتجاه إلى القول بأن آية الكرسي تنتهي بقوله تعإلى "هم فيها خالدون" من الآية 257؛ و ذلك:
ألف: لما تعارف بين المسلمين.
ب. استناداً إلى بعض الروايات التي حددت ذلك بآية الكرسي و الآيتين اللاحقتين لها.[12]
والشي المناسب في خصوص آية الكرسي أن يقال استناداً إلى بعض الروايات التي حددت عنوان "آية الكرسي" بخصوص الآية 255 من سورة البقرة اطلاق العنوان على هذه الآية؛ و لما كانت هناك روايات اخرى أرشدت على تلاوة آية الكرسي و الآيتين اللاحقتين لها، أدى ذلك إلى اطلاق العنوان على الآيات الثلاث في الوسط الديني.
4. تفسير الآية 255 من سورة البقرة
«اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَ لا نَوْمٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ ... وَ هُوَ الْعَلِيُّ الْعَظيمُ».
لما قدم سبحانه ذكر الأمم و اختلافهم على أنبيائهم في التوحيد و غيره عقبه بذكر التوحيد فقال:
«اللَّهُ» أي من يحق له العبادة لقدرته على أصول النعم.
«لا إِلهَ إِلَّا هُوَ» أي لا أحد تحق له العبادة و يستحق الإلهية غيره.
«الْحَيُّ الْقَيُّومُ» القائم بتدبير خلقه من إنشائهم ابتداء و إيصال أرزاقهم إليهم، و قيل القيوم هو العالم بالأمور.
«لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ» أي نعاس «وَ لا نَوْمٌ» ثقيل مزيل للقوة و قيل معناه لا يغفل عن الخلق و لا يسهو كما يقال للغافل أنت نائم و أنت وسنان.
«لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ» معناه له ملك ما فيهما و له التصرف فيهما.
«مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ» هو استفهام معناه الإنكار و النفي أي لا يشفع يوم القيامة أحد لأحد إلا بإذنه و أمره و ذلك أن المشركين كانوا يزعمون أن الأصنام تشفع لهم فأخبر الله سبحانه أن أحدا ممن له الشفاعة لا يشفع إلا بعد أن يأذن الله له في ذلك و يأمره به.
«يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ ما خَلْفَهُمْ» قيل فيه وجوه (أحدها) أن معناه يعلم ما بين أيديهم ما مضى من الدنيا و ما خلفهم من الآخرة؛ (و الثاني) معناه يعلم الغيب الذي تقدمهم من قولك بين يديه أي قدامه و ما مضى فهو قدام الشيء فيحمل عليه على هذا التقدير لا إن هذا اللفظ حقيقة في الماضي.
«وَ ما خَلْفَهُمْ» يعني الغيب الذي يأتي بعدهم؛ (و الثالث) أن «ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ» عبارة عما لم يأت كما يقال رمضان بين أيدينا «وَ ما خَلْفَهُمْ» عبارة عما مضى كما يقال في شوال قد خلفنا رمضان.
«وَ لا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ» معناه من معلومة .
«إِلَّا بِما شاءَ» يعني ما شاء أن يعلمهم و يطلعهم عليه.
«وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ» وسع علمه السماوات و الأرض.
«وَ لا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما» أي لا يشق على الله و لا يثقله حفظ السماوات و الأرض.
«وَ هُوَ الْعَلِيُّ» عن الأشباه و الأضداد و الأمثال و الأنداد و عن أمارات النقص و دلالات الحدث و قيل هو من العلو الذي هو بمعنى القدرة و السلطان و الملك و علو الشأن و القهر و الاعتلاء و الجلال و الكبرياء.
«الْعَظِيمُ» أي العظيم الشأن القادر الذي لا يعجزه شيء و العالم الذي لا يخفى عليه شيء لا نهاية لمقدوراته و لا غاية لمعلوماته.[13]
تفسير الآية 256
قال تعإلى: «لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ فقد استَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى لاَ انْفِصامَ لَها وَ اللَّهُ سَميعٌ عَليم».
«لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ»؛ إنّ المراد ليس في الدين إكراه من الله و لكن العبد مخير فيه لأن ما هو دين في الحقيقة هو من أفعال القلوب إذا فعل لوجه وجوبه فأما ما يكره عليه من إظهار الشهادتين فليس بدين حقيقة كما أن من أكره على كلمة الكفر لم يكن كافراٌ.
«قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ»؛ یعني قد ظهر الإيمان من الكفر و الحق من الباطل بكثرة الحجج و الآيات الدالة عقلا و سمعا و المعجزات التي ظهرت على يد النبي.
«فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ...»؛ تعددت الأقوال في تفسير الطاغوت، و قد أنهاها بعض المفسرين إلى تسعة، منها ان المراد به الشيطان، و منها الدنيا الدنية، و أقربها إلى الفهم، و دلالة اللفظ تفسير الشيخ محمد عبده، و هو ان الطاغوت ما تكون عبادته و الايمان به سببا للطغيان و الخروج عن الحق، و المراد من الاستمساك بالعروة الوثقى السير على الصراط المستقيم الذي لا يضل سالكه، تماما كالمتعلق بعروة هي أوثق العرى و أحكمها، و المراد بلا انفصام لها قوتها و عدم انقطاعها، و محصل المعنى ان الايمان باللّه عروة وثيقة متينة لا تنقطع أبدا، و ان المتمسك بها لا يضل طريق النجاة.[14]
تفسير الآية 257
قال تعإلى: «اللَّهُ وَلِيُّ الَّذينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إلى النُّورِ وَ الَّذينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إلى الظُّلُماتِ أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فيها خالِدُونَ».
«اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إلى النُّورِ»؛ أي نصيرهم و معينهم في كل ما بهم إليه الحاجة و ما فيه لهم الصلاح من أمور دينهم و دنياهم و آخرتهم «يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إلى النُّورِ» أي من ظلمات الضلالة و الكفر إلى نور الهدى و الإيمان لأن الضلال و الكفر في المنع من إدراك الحق كالظلمة في المنع من إدراك المبصرات.
«وَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ»؛ أي متولي أمورهم و أنصارهم الطاغوت و الطاغوت هاهنا واحد أريد به الجميع و هذا جائز في اللغة إذا كان في الكلام دليل على الجماعة.
«يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إلى الظُّلُماتِ»؛ أي من نور الإيمان و الطاعة و الهدى إلى ظلمات الكفر و المعصية و الضلال.
«أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ»؛ وهو واضح الدلالة لا يحتاج إلى مزيد شرح.[15]
1. شأن نزول الآية
روي عن الإمام الصادق (ع) ما شير إلى سبب نزول الآية المباركة، عن حَمَّادِ بن عُثمان قال: جلس أَبو عبد اللَّه (ع) مُتَوَرِّكاً رجلُهُ الْيُمْنَى على فَخِذِهِ الْيُسرَى، فَقَالَ لهُ رجلٌ: جُعلتُ فداكَ هذهِ جِلْسَةٌ مكرُوهةٌ! فَقَال: لا، إِنَّمَا هُو شيءٌ قالتهُ اليهودُ: لمَّا أَنْ فَرَغَ اللَّهُ عزَّ و جَلَّ من خلق السَّمَاوَاتِ و الأَرض و استوى على العرش جلس هذه الجِلْسَةَ لِيَسْتَرِيحَ؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ "اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَ لا نَوْمٌ".[1]
2. أهمية الآية و مكانتها
وردت الكثير من الأحاديث و الروايات التي تشير إلى مكانة الآية و منزلتها و مقدار الثواب المترتب على تلاوتها، نشير إلى نماذج منها:
روي عن النبي الأكرم (ص) أنّه قال: "سيّد الكلام القرآن و سيّد القرآن البقرة و سيّد البقرة آية الكرسي فيها خمسون كلمة في كلّ كلمة خمسون برك".[2]
و روي عن الإمام الصادق (ع) أنّه قال: "إنّ لكل شيء ذروة، و ذروة القرآن آية الكرسي من قرأها مرّة صرف الله عنه ألف مكروه من مكاره الدنيا، و ألف مكروه من مكاره الآخرة، أيسر مكروه الدنيا الفقر، و أيسر مكروه الآخرة عذاب القبر، و إنّي لأستعين بها على صعود الدرجة".[3]
وقد حثت الروايات على تلاوتها في المنزل،[4] و عقيب الصلاة،[5] و قبيل النوم،[6] و عند الخروج من المنزل،[7] و عند ركوب الدابة أو أيّ مركب،[8] وعند زيارة قبور المؤمنين[9] و....
3. حدود آية الكرسي
ذكر الأعلام و المختصون بالدراسات القرآنية تحديدين لآية الكرسي، مستندين في كلّ منهما إلى مجموعة من المبررات و الأدلة، نشير إليها باختصار:
الاتجاه الأول: ذهب أصحاب هذا الرأي إلى تحديد آية الكرسي بقوله تعإلى "اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَ لا نَوْمٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْديهِمْ وَ ما خَلْفَهُمْ وَ لا يُحيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِما شاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ لا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَ هُوَ الْعَلِيُّ الْعَظيم" فقط؛ لوجود مجموعة من القرائن، منها:
الف- إنّ جميع الروايات التي أوردت فضيلة هذه الآية و عبّرت عنها بآية الكرسي تدلّ على أنّها آية واحدة لا أكثر.[10] و لو كان المراد منها إلى قوله تعإلى "هم فيها خالدون" لجاء التعبير بآيات الكرسي.
ب- إنّ كلمة (الكرسيّ) وردت في الآية الأولى فقط، فلذلك فإنّ تسميتها بآية الكرسيّ متعلّق بهذه الآية.[11]
3- أدرج كافة المفسرين من الفريقين الشيعة و السنّة فضائل الآية في بعد قوله تعإلى "وَ هُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ".
الإتجاه الثاني: ذهب أصحاب هذا الاتجاه إلى القول بأن آية الكرسي تنتهي بقوله تعإلى "هم فيها خالدون" من الآية 257؛ و ذلك:
ألف: لما تعارف بين المسلمين.
ب. استناداً إلى بعض الروايات التي حددت ذلك بآية الكرسي و الآيتين اللاحقتين لها.[12]
والشي المناسب في خصوص آية الكرسي أن يقال استناداً إلى بعض الروايات التي حددت عنوان "آية الكرسي" بخصوص الآية 255 من سورة البقرة اطلاق العنوان على هذه الآية؛ و لما كانت هناك روايات اخرى أرشدت على تلاوة آية الكرسي و الآيتين اللاحقتين لها، أدى ذلك إلى اطلاق العنوان على الآيات الثلاث في الوسط الديني.
4. تفسير الآية 255 من سورة البقرة
«اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَ لا نَوْمٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ ... وَ هُوَ الْعَلِيُّ الْعَظيمُ».
لما قدم سبحانه ذكر الأمم و اختلافهم على أنبيائهم في التوحيد و غيره عقبه بذكر التوحيد فقال:
«اللَّهُ» أي من يحق له العبادة لقدرته على أصول النعم.
«لا إِلهَ إِلَّا هُوَ» أي لا أحد تحق له العبادة و يستحق الإلهية غيره.
«الْحَيُّ الْقَيُّومُ» القائم بتدبير خلقه من إنشائهم ابتداء و إيصال أرزاقهم إليهم، و قيل القيوم هو العالم بالأمور.
«لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ» أي نعاس «وَ لا نَوْمٌ» ثقيل مزيل للقوة و قيل معناه لا يغفل عن الخلق و لا يسهو كما يقال للغافل أنت نائم و أنت وسنان.
«لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ» معناه له ملك ما فيهما و له التصرف فيهما.
«مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ» هو استفهام معناه الإنكار و النفي أي لا يشفع يوم القيامة أحد لأحد إلا بإذنه و أمره و ذلك أن المشركين كانوا يزعمون أن الأصنام تشفع لهم فأخبر الله سبحانه أن أحدا ممن له الشفاعة لا يشفع إلا بعد أن يأذن الله له في ذلك و يأمره به.
«يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ ما خَلْفَهُمْ» قيل فيه وجوه (أحدها) أن معناه يعلم ما بين أيديهم ما مضى من الدنيا و ما خلفهم من الآخرة؛ (و الثاني) معناه يعلم الغيب الذي تقدمهم من قولك بين يديه أي قدامه و ما مضى فهو قدام الشيء فيحمل عليه على هذا التقدير لا إن هذا اللفظ حقيقة في الماضي.
«وَ ما خَلْفَهُمْ» يعني الغيب الذي يأتي بعدهم؛ (و الثالث) أن «ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ» عبارة عما لم يأت كما يقال رمضان بين أيدينا «وَ ما خَلْفَهُمْ» عبارة عما مضى كما يقال في شوال قد خلفنا رمضان.
«وَ لا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ» معناه من معلومة .
«إِلَّا بِما شاءَ» يعني ما شاء أن يعلمهم و يطلعهم عليه.
«وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ» وسع علمه السماوات و الأرض.
«وَ لا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما» أي لا يشق على الله و لا يثقله حفظ السماوات و الأرض.
«وَ هُوَ الْعَلِيُّ» عن الأشباه و الأضداد و الأمثال و الأنداد و عن أمارات النقص و دلالات الحدث و قيل هو من العلو الذي هو بمعنى القدرة و السلطان و الملك و علو الشأن و القهر و الاعتلاء و الجلال و الكبرياء.
«الْعَظِيمُ» أي العظيم الشأن القادر الذي لا يعجزه شيء و العالم الذي لا يخفى عليه شيء لا نهاية لمقدوراته و لا غاية لمعلوماته.[13]
تفسير الآية 256
قال تعإلى: «لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ فقد استَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى لاَ انْفِصامَ لَها وَ اللَّهُ سَميعٌ عَليم».
«لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ»؛ إنّ المراد ليس في الدين إكراه من الله و لكن العبد مخير فيه لأن ما هو دين في الحقيقة هو من أفعال القلوب إذا فعل لوجه وجوبه فأما ما يكره عليه من إظهار الشهادتين فليس بدين حقيقة كما أن من أكره على كلمة الكفر لم يكن كافراٌ.
«قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ»؛ یعني قد ظهر الإيمان من الكفر و الحق من الباطل بكثرة الحجج و الآيات الدالة عقلا و سمعا و المعجزات التي ظهرت على يد النبي.
«فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ...»؛ تعددت الأقوال في تفسير الطاغوت، و قد أنهاها بعض المفسرين إلى تسعة، منها ان المراد به الشيطان، و منها الدنيا الدنية، و أقربها إلى الفهم، و دلالة اللفظ تفسير الشيخ محمد عبده، و هو ان الطاغوت ما تكون عبادته و الايمان به سببا للطغيان و الخروج عن الحق، و المراد من الاستمساك بالعروة الوثقى السير على الصراط المستقيم الذي لا يضل سالكه، تماما كالمتعلق بعروة هي أوثق العرى و أحكمها، و المراد بلا انفصام لها قوتها و عدم انقطاعها، و محصل المعنى ان الايمان باللّه عروة وثيقة متينة لا تنقطع أبدا، و ان المتمسك بها لا يضل طريق النجاة.[14]
تفسير الآية 257
قال تعإلى: «اللَّهُ وَلِيُّ الَّذينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إلى النُّورِ وَ الَّذينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إلى الظُّلُماتِ أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فيها خالِدُونَ».
«اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إلى النُّورِ»؛ أي نصيرهم و معينهم في كل ما بهم إليه الحاجة و ما فيه لهم الصلاح من أمور دينهم و دنياهم و آخرتهم «يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إلى النُّورِ» أي من ظلمات الضلالة و الكفر إلى نور الهدى و الإيمان لأن الضلال و الكفر في المنع من إدراك الحق كالظلمة في المنع من إدراك المبصرات.
«وَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ»؛ أي متولي أمورهم و أنصارهم الطاغوت و الطاغوت هاهنا واحد أريد به الجميع و هذا جائز في اللغة إذا كان في الكلام دليل على الجماعة.
«يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إلى الظُّلُماتِ»؛ أي من نور الإيمان و الطاعة و الهدى إلى ظلمات الكفر و المعصية و الضلال.
«أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ»؛ وهو واضح الدلالة لا يحتاج إلى مزيد شرح.[15]
[1]. الکليني، الكافي، تحقيق وتصحيح، الغفاري، علي أكبر، الآخوندي، محمد، ج 2، ص 661، طهران، دار الكتب الإسلامية، الطبعة الرابعة، 1407ق.
[2]. الطبرسي، فضل بن حسن، مجمع البيان في تفسير القرآن، مقدمة: البلاغي، محمد جواد، ج 2، ص 626، طهران، انتشارات ناصر خسرو، الطبعة الثالثة، 1372ش.
[3]. العياشي، محمد بن مسعود، کتاب التفسير، تحقیق، رسولي محلاتي، سيد هاشم، ج 1، ص 136، طهران، المطبعة العلمية، الطبعة الأولى، 1380ق.
[4]. مجمع البيان في تفسير القرآن، ج 2، ص 626؛ السيوطي، جلال الدين، الدر المنثور في تفسير المأثور، ج 1، ص 20، قم، مكتبة آية الله المرعشي النجفي، 1404ق.
[5]. الشعيري، محمد بن محمد، جامع الأخبار، ص 45 – 46، النجف، المطبعة الحيدرية، الطبعة الأولى، بدون تاريخ.
[6]. الكافي، ج 2، ص 539.
[7]. الطبرسي، حسن بن فضل، مکارم الأخلاق، ص 345، قم، الشريف الرضي، الطبعة الرابعة، 1412ق.
[8]. المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج 73، ص 295، بيروت، دار إحیاء التراث العربي، الطبعة الثانية، 1403ق.
[9]. الديلمي، حسن بن محمد، إرشاد القلوب إلی الصواب، ج 1، ص 176، قم، الشریف الرضي، الطبعة الأولى، 1412ق.
[10]. جعفري، يعقوب، الكوثر، ج 1، ص 581 – 582؛ مکارم الشيرازي، ناصر، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج2، ص: 256، قم، مدرسة الامام علي بن أبي طالب (ع)، الطبعة الاولى، 1421ق.
.[11] نفس المصدر.
[12]. الكافي، ج2، ص621.
[13]. مجمع البيان في تفسير القرآن، ج 2، ص 628 - 629.
[14]. الشيخ محمد جواد مغنية،تفسير الكاشف، ج1، ص: 398، دار الكتب الإسلامية، طهران، الطبعة الأولى، سنة 1424ق.
[15]. مجمع البيان في تفسير القرآن، ج 2، ص 631 - 633.
س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات