Please Wait
7558
الذي يمكن قوله في خصوص إقامة مراسم العزاء بمناسبة رحيل الأئمة (ع)؛ أن الاحاديث و الروايات الشيعية في مجال العزاء و مراسم التأبين قد أولت أهمية خاصة لقضية الامام الحسين (ع)، أما بالنسبة الى سائر الأئمة (ع) فلم نعثر على دليل معتبر يشير الى كون الائمة اتخذوا من ذلك مناسبة للعزاء العام و الحزن و انشاد اشعار الرثاء و ..... فضلا عن الدعوة الى احياء مناسبة الاربعين او الدعوة الى احياء تلك المناسبات احياء عاماً.
و مع ذلك يمكن إدراج مراسم العزاء التي تقام على الرسول الاكرم (ص) و سائر الأئمة (ع) تحت عنوان تعظيم شعائر الله تعالى، و لكن شريطة الالتفات الى أمرين:
الف: إقامة تلك المناسبات بنحو لا يصل الى المستوى من الحرقة و العمومية الذي نقيم به مراسم عاشوراء التي أكدت عليها الروايات الكثيرة؛ لتبقى حرارة ذكرى عاشوراء على قوتها و شدتها فلا تخبو تلك الحرارة و المناسبة فلا يكون شأنها شأن سائر المناسبات الاخرى.
ب: إقامة تلك المناسبات – الفاقدة لأي رواية خاصة بها- بطريقة لا توحي في الوجدان الشيعي بان الانسان المؤمن يجب عليه أن يرتدي السواد و يتوشح الحزن و المصاب طوال السنة فلا يعرف للفرح معنى، و لا يجعل له في قاموس حياته أية قيمة، فيتحول المجتمع الشيعي الى مجتمع يعيش الكآبة و الحرن طوال حياته.
الذي يمكن قوله في خصوص إقامة مراسم العزاء بمناسبة رحيل الأئمة (ع)؛ أن الاحاديث و الروايات الشيعية في مجال العزاء و مراسم التأبين قد أولت أهمية خاصة لقضية الامام الحسين (ع)، الى الحد الذي نرى الأئمة من بعده (عليهم السلام) يقضون العشر الأوائل من شهر محرم بالحزن و المصاب يستذكرون الامام الحسين (ع) و اصحابه الميامين، في منازلهم و كانوا يدعون الشعراء لانشاد الشعر الحزين في هذه المناسبة.[1]
أما بالنسبة الى سائر الأئمة (ع) فلم نعثر على دليل معتبر يشير الى كون الائمة اتخذوا من ذلك مناسبة للعزاء العام و الحزن و انشاد اشعار الرثاء و ..... فضلا عن الدعوة الى احياء مناسبة الاربعين.
و هناك رواية ينقلها الصدوق (ره) تكشف لنا أن الشيعة كانوا يحيون ذكرى الامام الحسين (ع) خاصة و لم تجد ذكراً لاحياء مناسبة رحيل الرسول الاكرم (ص) أو الامام علي (ع)، بل حتى إحياء شهادة السيدة الزهراء (س) لم يكن شائعا في تلك الاوساط، و هكذا الأمر بالنسبة الى ذكرى الامام الحسن (ع).[2]
و على كل حال يمكن إدراج مراسم العزاء التي تقام على الرسول الاكرم (ص) و سائر الأئمة (ع) تحت عنوان تعظيم شعائر الله تعالى حتى و إن لم ترد فيها رواية خاصة كما هو الشأن في مراسم الإمام الحسين (ع).
نعم، ورد في الرواية أن الامام الباقر (ع) اوصى بأن تقام له مراسم العزاء في منى لمدة عشرة سنوات فقط، فقد روى الكليني عن يونُس بن يعقوبَ عن أَبي عبد اللَّه (ع) قال: قال لي أَبي: يا جعفَرُ أَوقفْ لي من مالي كذَا و كذَا لنوادبَ تَنْدُبُنِي عَشْرَ سِنِينَ بمنًى أَيَّامَ منًى.[3] و لمّا كانت الوصية محددة زمانا "بعشر سنين" و مكاناً "بمنى" فلا يمكن التعدي منها الى العموم.
و الذي يمكن قوله هنا: بان إهتمام الائمة (ع) بقضية الامام الحسين (ع) و حصر إقامة العزاء فيها دون سائر المعصومين (ع) بما فيهم الرسول الاكرم (ص)، يدل على حرصهم على الحفاظ على بقاء ثورة الامام الحسين و نهضته هي البارزة و المتميزة في هذا المجال؛ و ذلك لان الاكثار من المناسبات – و هي كثيرة قطعا- سيؤدي الى الاقلال من تلك الحرقة التي تتوفر في إحياء ذكرى عاشوراء، الامر الآخر الذي ينبغي الاشارة اليه هنا أن إحياء مناسبات رحيل المعصومين (س) في يوم شهادتهم و اليوم السابع و في مناسبة الاربعين يتطلب - مع كثرتهم- بذل جهود كبيرة و صرف الكثير من الوقت لاحياء تلك المناسبات، مما قد يؤدي الى الاخلال بمسيرة الحياة لانه ما من يوم – على طول العام- الا و فيه مناسبة حزينة!!
و الجدير بالذكر ان البعض حاول التمسك بالرواية المعروفة " شيعتنا يفرحون لفرحنا و يحزنون لحزننا "[4]، لاثبات مشروعية احياء جميع المناسبات؛ الا انه ليس بالخفي على الباحثين أن مثل هكذا رواية لا يمكن التمسك بها لاثبات الحث على احياء جميع المناسبات احياءً عاما – باستثناء ذكرى الامام الحسين (ع)-. و بطبيعة الحال ان الشيعة الموالين لأهل البيت (ع) لا ينسون تلك المناسبات الاليمة حتى و هم في أشد حالات فرحهم و في احلى مناسبات الفرح و السرور عندهم، و لهم في أمير المؤمنين (ع) أسوة حينما وارى فاطمة الزهراء (س) الثرى حيث قال مخاطبا الرسول الاكرم (ص): " أما حزني فسرمد".[5] الا ان ذلك لا يعني انهم يجلوسون تمام السنة لاحياء ذكرى السيدة الزهراء (س) معطلين بذلك عجلة الحياة، كذلك يجب التنبيه على أن اتخاذ بعض الايام في السنة كمناسبة لاحياء ذكرى فاطمة الزهراء (س) لايعد بدعة و خروجا على تعاليم الدين الحنيف قطعاً.
و على كل حال يمكن الجمع بين تجنب البدعة و بين إقامة المراسم؛ و ذلك من خلال الاحتراز عن ادعاء وجود دليل خاص يدل على احياء تلك المناسبات احياءً عاما، و بين استغلال أي فرصة تمر يمكن احياء ذكراهم خلالها، و لكن شريطة الالتفات الى أمرين:
الف: إقامة تلك المناسبات بنحو لا يصل الى المستوى من الحرقة و العمومية الذي نقيم به مراسم عاشوراء التي أكدت عليها الروايات الكثيرة؛ لتبقى حرارة ذكرى عاشوراء على قوتها و شدتها فلا تخبو تلك الحرارة و المناسبة فلا يكون شأنها شأن سائر المناسبات الاخرى.
ب: إقامة تلك المناسبات – الفاقدة لأي رواية خاصة بها- بطريقة لا توحي في الوجدان الشيعي بان الانسان المؤمن يجب عليه أن يرتدي السواد و يتوشح الحزن و المصاب طوال السنة فلا يعرف للفرح معنى، و لا يجعل له في قاموس حياته أية قيمة، فيتحول المجتمع الشيعي الى مجتمع يعيش الكآبة و الحرن طوال حياته.
[1] اشار الى ذلك ابن قولویه القمي، في کامل الزیارات، تحقيق، مصحح، الامیني، عبدالحسین، ص ۱۰۴- ۱۰۶، الباب الثالث، دار المرتضویة، النجف الاشرف، الطبعة الاولى، ۱۳۵۶ش.
[2] انظر: الشيخ الصدوق، علل الشرایع، ج 1، ص 225، انتشارات مکتبة الداوري، قم.
[3] الكليني، الکافي، ج 5، ص 117، دار الکتب الإسلامیة، طهران، 1365 ش.
[4] الشيخ الصدوق، الخصال، ج 2، ص 634، انتشارات جامعۀ مدرسین، قم، 1403 ق.
[5] نهج البلاغة، ص 320، انتشارات دار الهجرة، قم.