بحث متقدم
الزيارة
6698
محدثة عن: 2010/05/15
خلاصة السؤال
ما هو رأی أهل السنة فی عصمة النبی (ص) فی غیر مورد تلقّی الوحی و إبلاغه؟
السؤال
ما هی الأدلة العقلیة و النقلیة علی عصمة نبی الإسلام(ص) فی غیر مورد تلقی الوحی و إبلاغه (من مصادر أهل السنة)؟
الجواب الإجمالي

ان ما هو مسلّم هو أن عصمة النبی(ص) فی مقام تلقی الوحی و إبلاغه هو أمر تتفق علیه جمیع المذاهب الإسلامیة. و أما عصمة النبی فی کل عمره و حیاته فهی مورد اختلاف، و طبقاً لعقائد أهل السنة التی تستفاد من مصادرهم المعتبرة فإنه ینبغی القول بأن مورد سؤالکم أی موارد غیر التلقّی و الابلاغ فإن أهل السنة لا یقولون فیها بعصمة النبی لکی نبحث عن الدلیل، بل إن ما یتفق علیه هؤلاء هو حول مورد تلقی و ابلاغ الوحی حیث یرون أن العصمة لازمة للنبی و علة ذلک –کما ینقل عنهم- هی إنه یجب أن نثق بأن کل ما یقوله النبی هو صحیح و إنه تلقّی الوحی الإلهی بصورة صحیحة و أبلغه الینا صحیحاً.

و هناک البعض من أهل السنة من یعتقد بوجوب عصمة النبی من الذنوب الکبیرة و الصغیرة التی توجب نفرة الناس عنه، سواء قبل بعثة النبی أو بعد بعثته.

الجواب التفصيلي

قبل التعرّض لأصل الجواب من الضروری ذکر هذه المقدمة و هی أنه وقع البحث حول عصمة النبی فی کتب أهل السنة مثل تنزیه الأنبیاء للفخر الرازی فی أربعة موارد هی:

1- ما یتعلّق بعقائد النبی و اعتقاداته. و فی هذا المورد اتفقت أنظار جمیع مذاهب الإسلام علی أن النبی(ص) معصوم اعتقاده و عقیدته و إنه لا یخطئ.

2- ما یتعلّق بالشریعة و الأحکام و الأوامر الإلهیة، و فی هذا المورد أیضاً أجمعت کل المذاهب الإسلامیة علی أن النبی(ص) لا یخطأ عمداً و لا سهواً و السبب فی ذلک هو أنه لو احتمل الخطأ و الاشتباه فی هذا المورد فإنه ستزول الثقة بالنبی، و ذلک لأنه یجب أن یحصل لنا الوثوق و الاطمئنان بأن کلام النبی(ص) هو کلام الله لکی تسهل علینا الطاعة.

3- ما یتعلّق بفتاوی النبی، و فی هذا المورد هناک إجماع علی عدم وجود الخطأ العمدی. و لکن وقع اختلاف فی الآراء حول الخطأ السهوی، فقد أجازه البعض.

4- ما یتعلّق بأفعال النبی و أحواله، أی فی غیر مورد تلقی الوحی و ابلاغه، و هنا توجد خمسة آراء:

الف: مذهب الاشاعرة الحشویة: حیث یرون جواز صدور المعصیة الکبیرة و الصغیرة من النبی غیر الکفر و الکذب، أی أنهم لا یرون لزوم العصمة.

ب: قول أکثر المعتزلة: فلا یجیزون صدور المعصیة الکبیرة عمداً، و لکنهم یجیزون ارتکاب الصغائر بشرط أن لا توجب نفرة الناس من النبی.

نعم ذهب ابو علی الجبّائی الی جواز صدور أی ذنب علی سبیل الخطأ لا العمد.

و ذهب النظّام الی عدم جواز صدور أی ذنب، و لکن جوّز السهو و النسیان.

ج: مذهب الشیعة: لا یجوز صدور أی ذنب أو خطأ أو سهو من قبل النبی و الإمام و فی کل الأحوال.

و یذکر الفخر الرازی بعد إیراده لهذه الأقوال خمس عشر دلیلاً علی وجوب عصمة النبی بعضها عقلی محض و بعضها مقرون بآیات قرآنیة، و قد غضضنا النظر عن ایرادها هنا، و نرشدکم الی مصادرها.[1]

و بناء علی هذا و نظراً الی عقائد هؤلاء التی تستفاد من مصادرهم المعتبرة، فإنه ینبغی القول فی جواب مورد سؤالکم أی غیر مورد التلقی و ابلاغ الوحی: إن أهل السنة لا یقولون بعصمة النبی فیها لکی نبحث عن دلیلهم، بل هم متفقون فقط فی مورد تلقی و ابلاغ الوحی حیث یرون لزوم العصمة للنبی، و السبب –کما ذکرنا- هو أنه یجب الوثوق بأن کل ما یقوله النبی صحیح، و إنه تلقّی الوحی الإلهی بشکل صحیح و أوصله الینا کذلک.[2]

و بالطبع فإن بعض أهل السنة یرون وجوب عصمة النبی من الذنوب الکبیرة و الصغیرة التی توجب نفرة الناس عنه، قبل البعثة و بعدها.[3]

و مذهب الشیعة وحدهم یری لزوم عصمة النبی(ص) فی جمیع الأحوال.

و للتوضیح أکثر راجعوا کتب:

1- أضواء البیان، محمد الأمین الشنقیطی، ج 4، ص 188.

2- شرح المواقف، القاضی عضد الدین الایجی.



[1] الإمام الفخر الرازی، عصمة الأنبیاء، ص40-50، الطبعة الاولی، مکتبة الخانجی، مصر 1406ق.

[2] اسماعیل الشربینی، عماد السید محمد، کتابات اعداء الإسلام و مناقشتها، ص 58، الطبعة الاولی، 1422هـ.ق.

[3] الزمخشری، محمود بن عمر، تفسیر الکشاف، ج 4، ص 235، منشورات ادب الحوزة.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

  • ما هی دارالموادعة وهل کان مثل هذا الشيء في زمن النبي(ص)؟
    3804 الحقوق والاحکام 2021/08/23
    تشير دار الموادعة إلى أرض أو دولة دخل أهلها في اتفاق وقف إطلاق نار مؤقت مع الدولة الإسلامية(دار الإسلام) والتزم بها الطرفان. لذلك فإنّ الموادعة من الناحية الفقهية هي نوع من العقد الأمني ​​المؤقت الذي يتمّ إبرامه على أساس وقف الحرب بين المسلمين وغير المسلمين. بالطبع، في بعض ...
  • هل یشکل استلام القرض مع ربح 4 بالمئة؟
    5597 الحقوق والاحکام 2012/08/21
    یعتقد بعض مراجع التقلید [1] بأن استلام الربح لا إشکال فیه فیما لو اعتبر أجرة علی العمل في الواقع و لیس مجرد تغییر و تلاعب في الأسماء. لکن البعض الآخر من المراجع [2] لا یجوّز استلام أي زیادة علی ...
  • کم هو مقدار المسافة الشرعیة؟
    7734 الحقوق والاحکام 2010/09/19
    أ: بالنسبة إلى المسافة الشرعیة فقد ذهب الفقهاء الی عدة نظریات: قال بعضهم بأن المسافة الشرعیة 5/22 کیلومترا.[1] و یرى بعضهم أن المسافة الشرعیة 5/21 کیلومترا.[2] و ذهب بعضهم الآخر ...
  • ما هو رأی الإسلام فی موضوع مشی النبی عیسى (علیه السلام) على الماء؟
    6475 الکلام القدیم 2010/07/19
    أحد الطرق لمعرفة النبی هو الإعجاز. و الإعجاز فی الاصطلاح هو أمر خارق للعادة، مقرون بالتحدّی، مع عدم المعارض، غیر قابل للتعلیم والتعلم و یعجز البشر عن الاتیان به.[1]کانت للنبی عیسی (علیه السلام) معاجز قد ذکرت بعضها ...
  • ما معنى "بغیا بینهم" و "طائرکم عند الله"؟
    6572 التفسیر 2013/06/22
    1. عبارة "بغیا بینهم" الواردة فی الآیة 213 من سورة البقرة تشیر کما یقول صاحب جامع البیان الى اختلاف بنی اسرائیل و انه لم یکن اختلاف هؤلاء المختلفین من الیهود من بنی إسرائیل فی کتابی الذی أنزلته مع نبی عن جهل منهم به، بل کان اختلافهم فیه، و ...
  • هل یوجد بین شهداء کربلاء من اصحاب النبی الاکرم (ص)؟ و من هم؟
    9137 الشخصیات 2012/01/31
    ذکر الباحثون اسماء خمسة من الصحابة ممن شارک فی تلک المعرکة المقدسة أو فیما سبقها من الاحداث و نالوا شرف الشهادة بین یدی الامام الحسین (ع) و هم: أنس بن حارث الکاهلی، و هانی بن عروة، و مسلم بن عوسجة، و حبیب بن مظاهر و عبد ...
  • هل توجد الدنیا إذا لم یوجد الأئمة؟
    6050 الکلام القدیم 2011/10/24
    إن وجود العالم یحتاج إلى وسائط، فإذا لم توجد هذه الوسائط فلا یتحقق وجود العالم، و من هذا الباب فإن وجود الإنسان الکامل ضروری بعنوان الواسطة لقیام هذا العالم. ...
  • ما هی حدود العقائد الوهابیة و اشکالاتهم علی الشیعة؟
    9500 الکلام القدیم 2011/09/22
    الوهابیة، مذهب أتباع محمد بن عبد الوهاب، و هو من أتباع مدرسة إبن تیمیة و تلمیذ إبن قیم الجوزیة الذی أسّس عقائد جدیدة فی جزیرة العرب. و الوهابیة فرقة من الفرق الإسلامیة و أتباعها موجودون فی الجزیرة العربیة و بلاد الحجاز و فی بعض البلدان الاخری کالباکستان و ...
  • هل توجد روایات خاصة تدل على ثواب لعن أعداء أهل البیت (ع)؟
    6182 درایة الحدیث 2012/01/08
    هناک الکثیر من الروایات التی تؤکد على لعن أعداء أهل البیت (ع)، روى الصدوق فی أمالیة أن الامام الرضا (ع) خاطب ابن شبیب قائلا: یا ابن شبیب إن سرک أن تلقى الله عز و جل و لا ذنب علیک فزر الحسین (ع). یا ابن شبیب إن سرک أن تسکن الغرف ...
  • هل ورد عن الائمة المعصومین (ع) حول ثورة الامام الخمینی و أهل قم فی مصادرنا الحدیثیة شیء ما؟
    6669 درایة الحدیث 2012/01/09
    روی فی مصادرنا الحدیثیة عن الامام الکاظم (ع) انه قال:"عن علیِّ بن عیسى عن أَیُّوب بن یحیى الْجَنْدَلِ عن أَبی الحسنِ الأَوَّلِ

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    281369 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    261441 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    130429 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    118707 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    90274 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61990 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    61805 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57923 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    53476 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    49883 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...