Please Wait
5441
برهان الحدوث یمثل واحداً من براهین اثبات الصانع، و یتکون من مقدمات، احدى مقدماته: "کل متغیر حادث". و هذه المقدمة بدیهیة الوضوح. و ذلک لان الحدوث عبارة عن "حصول الشیء المسبوق بالعدم"، و المتغیر غیر ثابت فکل حالاته مسبوقة بالعدم. فالحدوث کامن فی ذات التغییر اذن؛ و ذلک لان کل حالة تغیر تعد حدوثا و انتقالا من العدم الى الوجود. فاذن کل متغیر حادث.
ما جاء فی متن السؤال یمثل جزءاً من مقدمة برهان الحدوث (احد براهین اثبات الخالق). و لکی یتضح الجواب لابد من بیان برهان الحدوث.
یحظى برهان الحدوث فی الالهیات الاسلامیة – خاصة لدى المتکلمین منهم- بأهمیة خاصة؛ الى حد وصف بانه برهان المتکلمین. و قد تعرضت الکتب الکلامیة لبیان المراد منه و مدى دلالته بتقریرات متعددة. [1]
یتکون برهان الحدوث من مقدمتین:
الاولى: العالم حادث.
الثانیة: و کل حادث یحتاج الى محدث.
النتیجة: العالم یحتاج الى محدث.
و لاریب أن المقدمة الثانیة للبرهان، عقلیة بدیهیة یذعن بها المنکرون لوجود الله تعالى ایضاً. و ذلک لانها مقتضى أصل العلیة.
و دلیل المقدمة الاولى عبارة عن:
1. ان العالم متغیر و متحول. 2. کل متغیر و متحول حادث. اذن العالم حادث.
المقدمة الثانیة للاستدلال: (المتغیر و المتحول حادث) و التی دار السؤال حولها هنا، تعد من الامور البدیهیة، و تحصل البداهة من خلال التأمل فی حقیقة التغیر و الحدوث، و ذلک لان الحدوث عبارة عن تحقق وجود الشیء المسبوق بالعدم، و المتغیر و المتحول لا یتصف بالثبات و کل حالاته مسبوقة بالعدم، و بما ان هذه الخاصیة عامة من هنا یکون الحدوث عاما و شاملا. فالحدوث کامن فی ذات التغییر اذن؛ و ذلک لان کل حالة من التغیر تعد حدوثا و حالة من الانتقال من العدم الى الوجود.
و المقدمة الاولى من الاستدلال تحصل من خلال المشاهدة و الادراک الحسی، و ذلک لان المشاهدات الظاهریة و الاکتشفات العلمیة تشهد کلها بحرکة عالم الطبیعة و تغیره، و هذا ما اثبته البرهان الفلسفی ایضا.[2]
و قد قرر العلامة الطباطبائی برهان الحدوث بالشکل التالی:
لقد اثبت المشاهدة الابتدائیة و کذلک الدراسات العلمیة الدقیقة، وجود العلاقیة بین اجزاء العالم و لا تنحصر تلک العلاقة بین طائفة من الموجودات بل تشمل کل جزئیات الکون مهما کانت دقیقة، و کلما کانت دقیقة کانت العلاقة اکثر إحکاما و دقة. [3]
فالعالم متغیر و متحول فی وجوده یعنی انتقل من العدم الى الوجود؛ و ذلک لان أی طریق نختاره لحساب حوادث العالم سنصل فی نهایة المطاف الى الحرکة العامة (الحرکة الوضعیة و المکانیة او الحرکة الجوهریة)، و الحرکة وجود بعد عدم و وجود مشوب بالعدم، و مبقتضى قانون العلیة لابد لکل موجود حادث من علة تخرجه من العدم الى الوجود.[4]
[1]. انظر: فخر الدین الرازی، المطالب العالیة، ج 1، ص 200ـ232؛ المحقق الطوسی، قواعد العقائد، ص 39ـ45؛ السید شریف الجرجانی، شرح المواقف، ج 8، ص 3ـ4،«الإلهیات فی مدرسه اهل البیت ـ علیه السلام ـ» علی ربانی گلپایگانی.
[2] المراد منه برهان الحرکة الجوهریة التی ابتدها صدر المتألهین الشیرازی.
[3]. الطباطبائی ،محمد حسین ،اصول فلسفه و روش رئالیسم " اصول الفلسفة و المذهب الواقعی)، ج 5، ص 91ـ93.انتشارات صدرا قم.
[4] مسل من برهان الحدوث بتصرف.