Please Wait
5914
الجواب...
بما ان البحث عن هذه القضایا خارج عن دائرة عمل الموقع هذا من جهة ومن جهة اخرى ان البحث عن المنهج السیاسی و التحرک الذی یقوم به السید السیستانی حفظه الله یحتاج الى بحوث مفصلة لایسع المجال للخوض فیها، من هنا نرى من المناسب ان نشیر الى أساسیات المشروع السیاسی لدى الإمام السیستانی:
1- لا یمکن الحدیث الآن عن مشروع سیاسی متکامل قدمته المرجعیة إلا أن مواقفها وفتاواها وتعاطیها الإیجابی مع الواقع کشف عن ملامح مشروع سیاسی فی طریقه للتبلور. فعلى مستوى شخص المرجع نرى أن الإمام السیستانی: ینتمی الى المرجعیات المتحرکة التی تستجیب لمتطلبات العصر وأسئلته الاستثنائیة وضغطه المتواصل، کما مقتضیات الزمان والمکان، وتلاحق المستجدات والمتغیرات، وتلک هی المهمة الحقیقیة الملقاة على عاتق المرجعیات الدینیة القیادیة الکبیرة.
-2 الحرص على مصلحة الشعب العراقی أولاً وأخیراً، والتشخیص الدقیق لاحتیاجات المرحلة، لذلک نجده یحرص على قیام الدولة ومؤسساتها، باعتبار ذلک یحقق استمراریة الشعب وبقاءه موحداً.
3 - الحرص على الانتخابات الشعبیة النزیهة، لیتمکن الشعب من انتخاب حکامه وبذلک یتجاوز مشاکل وأزمات الشرعیة السیاسیة التی عانى منها النظام السابق، وهذه الحکومة المنتخبة والشرعیة هی التی ستنجز الاستقلال الکامل وتجنب البلاد کل المشاکل التی قد تترتب عن عدم وجود حکومة شرعیة یعترف بها الشعب ویدعمها، وتستطیع أن تجعل الاستعمار الغربی یستمع لها، باعتبارها حکومة شرعیة.
4 - موقفه الحکیم من الصراعات المحلیة، فهو لم یقف مع طرف ضد طرف سیاسی او طائفی وانما احتفظ بنفس المسافة تجاه التیارات العراقیة المختلقة، وهذا الموقف لا ینطلق من فراغ او مجرد موقف سیاسی یواکب المرحلة الحرجة من تاریخ العراق، وانما ینطلق من إیمانه بالاختلاف والتعددیة سواء داخل الوسط الشیعی أو خارجه.
5- موقفه المتمیز من الطائفیة، فقد حرص منذ البدایة على حمایة الشیعة والسنة من أخطار الفتن الطائفیة التی تحاول بعض الجهات الخارجیة تأصیلها وتکریسها فی أواسطهم ومما قاله المرجع الإمام السیستانی أنه لو تم اغتیاله فی النجف الأشرف على ید رجل سنی، فلا یفترض ان یعلن هذا الخبر على الملأ ویستفید منه أعداء الوحدة الإسلامیة وأعداء الشیعة والسنة فی العراق .
لذلک فقد حافظ على هدوئه وطالب بضبط النفس وعدم الانجرار وراء القتل والانتقام وهو یسمع ویشاهد المجازر الیومیة التی یتعرض لها الشیعة وقیاداتهم الدینیة والسیاسیة، وقد طالت هذه الاغتیالات بعض المقربین منه، لکن ذلک لم یغیر من رأیه فی مواجهة الطائفیة البغیضة وعدم السقوط فی أوحالها، لأن أی حرب أهلیة ستعطی للمستعمر المبررات للبقاء أطول. 6 - إیمانه بالحوار الموضوعی الصادق والواقعی کوسیلة لحل جمیع الخلافات بین العراقیین السیاسیة منها وغیر السیاسیة، وان یلامس ویعالج هذا الحوار کافة القضایا والمشکلات العقلیة، وطی صفحة الماضی وأسالیبه التی کان یستخدمها ضد المخالفین له فی الرأی، أی الإقصاء والاغتیالات.
7 - دعوته الى ان یکون الانتماء السیاسی انتماء للوطن ولقضایا المجتمع والدولة، والى ترسیخ الوحدة الوطنیة على قاعدة القیم والأخلاق والمبادئ، ولیس على قاعدة الحصص والمکاسب الفئویة، على قاعدة التزام کل فریق بالآخر، بما له من مخاوف وآلام، والتزام الکل بالکل، بالحقوق المتساویة للجمیع، والواجبات المتساویة للجمیع، والکرامة للجمیع.
هذه بعض ملامح المشروع السیاسی للمرجعیة الدینیة فی العراق، وقد کشفته النتائج الأولیة لتطبیق بنوده عن صوابیة آرائه وصحة تشخیصه للوضع العراقی واحتیاجاته، فقد تمت الانتخابات بکثافة وإقبال حیّر المراقبین، کل ذلک بفضل دعوات الإمام السیستانی الشعب للمشارکة فی هذه الانتخابات واختیار مندوبیهم فی المجلس الوطنی، کما انبثقت عن هذه الانتخابات حکومة شرعیة تمثل العراقیین جمیعاً، وقد بدأت بمعالجة الملفات الشائکة التی ورثها عن النظام البائد، کما بدأت مفاوضاتها مع المستعمر لجدولة خروجه من العراق...
لکن لا یمکن الحکم على مشروع المرجعیة هذا الا بعد فترة طویلة تکون ملامحه فیها قد اکتملت وتکون نتائجه کذلک قد کشفت عن نفسها، فالتاریخ وحده هو الحکم وهو الذی سیقول رأیه فی نجاح او فشل هذا المشروع، کما یقدم التقییم الحقیقی له بعیداً عن التأثیرات العاطفیة الآنیة سواء کانت إیجابیة ام سلبیة.[1]