Please Wait
15962
من وجهة نظرنا و من مجموع الآیات و الروایات التی تتعلق بالإنسان، فان للإنسان أفضلیة على سائر الموجودات - اعم من الموجودات الأرضیة و السماویة - هذه النشأة و هذا نتیجة للخصوصیات التی یتمیز بها الإنسان:
1- تمتع الإنسان بنفحة من الروح الإلهیة.
2- سجود الملائکة له.
3- الخلافة الإلهیة على الأرض.
4- وجود خلاصة الخلقة و عصارة الوجود و هو سید الخلق و المرسلین محمد (ص) ضمن البشر.
أما مسألة خلق موجود اشرف من الإنسان فبالرغم من عدم الامتناع الذاتی من الناحیة الفلسفیة، لکن و بسبب الخصوصیات المذکورة أعلاه فانه من المستبعد حصول هکذا شیء.
لتوضیح الإجابة یجب اخذ عدة ملاحظات بنظر الاعتبار:
الملاحظة الأولى: بالرغم من الإنسان لا یستطیع الإحاطة و الاطلاع على جمیع أنواع المخلوقات عن طریق العلوم الطبیعیة. و لکن یستطیع عن طریق الوحی و الاخبارات الغیبیة للأولیاء الإلهیین الحصول على معلومات عن أنواع الموجودات و عن المرتبة و الدرجة الوجودیة للإنسان، و کمثال على ذلک نرجو التمعن فی هذه الروایة:
عن عبد الله بن سنان قال: سالت أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق (ع) فقلت: الملائکة أفضل أم بنو آدم؟ فقال:"قال أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب (ع) إن الله رکب فی الملائکة عقلاً بلا شهوة، و رکب فی البهائم شهوة بلا عقل، و رکب فی بنی آدم کلتیهما، فمن غلب عقله شهوته فهو خیر من الملائکة، و من غلب شهوته عقله فهو شر من البهائم".[1]
الملاحظة الثانیة: حسب رأینا یستفاد من مجموع الآیات و الروایات التی تتعلق بموضوع خلق الإنسان أن الإنسان أفضل و اشرف من جمیع المخلوقات الأرضیة و السماویة، و یرجع هذا إلى الخصوصیات التی یتمیز بها الإنسان و التی سوف نشیر إلیها کما یلی:
1. إن أول خصوصیة و میزة للإنسان هو تمتعه بنفحة من الروح الإلهیة و ان هذه المیزة تخص الإنسان وحده فقط، و قد اشار سبحانه الى هذه الحقیقة بقوله: "فإذا سویته و نفخت فیه من روحی فقعوا له ساجدین".[2]
2. سجود الملائکة للإنسان: "و إذ قلنا للملائکة اسجدوا لآدم فسجدوا إلاّ...".[3]
3. خلافة و نیابة الإنسان لله على الأرض من الخصوصیات الأخرى التی تمیز بها الإنسان عن جمیع المخلوقات کالملائکة و الجن و... "و إذ قال ربک للملائکة إنی جاعل فی الأرض خلیفة...".[4]
4. من الخصوصیات الأخرى للإنسان هو أنه الهدف و الغایة الأصلیة من الخلقة، و فی الواقع أن الموجودات الأخرى قد خلقت من اجل الإنسان و من اجل استثماره لها و الاستفادة منها: "و سخر لکم ما فی السموات و ما فی الأرض جمیعا منه...".[5] و قوله تعالى فی الحدیث القدسی: "یا ابن آدم خلقت الخلق لأجلک و خلقتک لأجلی".[6]
من المحتمل أن یکون هذا الأمر بسبب قدرة الإنسان أن یطوی مراحل السیر من أسفل العوالم و هو عالم الناسوت و الطبیعة و الوصول إلى اعلى مرتبة للرقی و الکمال و هو الفناء فی الله و هذا الأمر یختص بالإنسان فقط.
5. وجود خلاصة الخِلقة و عصارة الوجود، و هو سید الخلق و أفضلهم محمد (ص) بین البشر و هو أفضل دلیل على أشرفیة و أفضلیة الإنسان على سائر المخلوقات أعم من الملائکة و الجن و... .
و بالاستناد إلى التفضیل الذی بیناه أعلاه یتضح أن الإنسان هو اشرف المخلوقات فی عالم الوجود کله.
أما إمکان خلق موجود اشرف من الإنسان هو أمر مستبعد بالرغم من عدم الامتناع الذاتی لهکذا فرض.
و لتوضیح الذی ذکره سبحانه فی سورة البقرة من خلال بیان علة خلق آدم و مراحل خلقهِ و الحوار الذی جرى بین الملائکة حیث یقول سبحانه: "إذ قال ربک إنی جاعل فی الأرض خلیفة".[7]
إن معنى الخلیفة فی اللغة العربیة هو "الإمام الذی لیس فوقه إمام"،[8] لذلک و بالاستناد إلى هذا المعنى و الى إن الله جل شانه لا یتطرق إلى کلمة بدون مبرر أو بدون الاهتمام و العنایة بالمعانی و المفاهیم التی تدل علیها هذه الکلمة، نتوصل إلى نتیجة و هی؛ أن الله سبحانه عندما وهب هذا اللقب و هذه التسمیة للإنسان فانه جعل فیه قابلیات و استعدادات أفضل من ای موجود کائن أو سوف یکون.
و إذا أراد الباری عزوجل إن یخلق موجود أفضل و اشرف من الإنسان فتستلزم هذه الحالة عزل الإنسان من منزلة و مقام (خلیفة الله).
إضافة إلى ذلک فان وجود سید الخلق محمد (ص) و المعصومین الذین یمثلون الهدف من خلق الموجودات، و الذین هم سادة الکائنات الذین وصلوا إلى أعلى مراتب الکمال، و الذین وصلت فیهم القابلیة و الاستعداد الإنسانی من بین کل البشر إلى درجة الفعلیة، تبعد فرضیة خلق موجود اشرف من الإنسان من قبل الله عز وجل.