بحث متقدم
الزيارة
16650
محدثة عن: 2008/05/20
خلاصة السؤال
هل أن الإنسان اشرف المخلوقات على الأرض أو فی کل الوجود؟
السؤال
بالنظر إلى أن الله قد خلق موجودات و مخلوقات أخرى فی عالم الوجود لا نعلم بها نحن، هل أن الإنسان اشرف المخلوقات على وجه الأرض؟ أو فی کل الوجود؟ و هل من الممکن أن یخلق الله سبحانه موجودا اشرف من الإنسان؟
الجواب الإجمالي

من وجهة نظرنا و من مجموع الآیات و الروایات التی تتعلق بالإنسان، فان للإنسان أفضلیة على سائر الموجودات - اعم من الموجودات الأرضیة و السماویة - هذه النشأة و هذا نتیجة للخصوصیات التی یتمیز بها الإنسان:

1- تمتع الإنسان بنفحة من الروح الإلهیة.

2- سجود الملائکة له.

3- الخلافة الإلهیة على الأرض.

4- وجود خلاصة الخلقة و عصارة الوجود و هو سید الخلق و المرسلین محمد (ص) ضمن البشر.

أما مسألة خلق موجود اشرف من الإنسان فبالرغم من عدم الامتناع الذاتی من الناحیة الفلسفیة، لکن و بسبب الخصوصیات المذکورة أعلاه فانه من المستبعد حصول هکذا شیء.

الجواب التفصيلي

لتوضیح الإجابة یجب اخذ عدة ملاحظات بنظر الاعتبار:

الملاحظة الأولى: بالرغم من الإنسان لا یستطیع الإحاطة و الاطلاع على جمیع أنواع المخلوقات عن طریق العلوم الطبیعیة. و لکن یستطیع عن طریق الوحی و الاخبارات الغیبیة للأولیاء الإلهیین الحصول على معلومات عن أنواع الموجودات و عن المرتبة و الدرجة الوجودیة للإنسان، و کمثال على ذلک نرجو التمعن فی هذه الروایة:

عن عبد الله بن سنان قال: سالت أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق (ع) فقلت: الملائکة أفضل أم بنو آدم؟ فقال:"قال أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب (ع) إن الله رکب فی الملائکة عقلاً بلا شهوة، و رکب فی البهائم شهوة بلا عقل، و رکب فی بنی آدم کلتیهما، فمن غلب عقله شهوته فهو خیر من الملائکة، و من غلب شهوته عقله فهو شر من البهائم".[1]

الملاحظة الثانیة: حسب رأینا یستفاد من مجموع الآیات و الروایات التی تتعلق بموضوع خلق الإنسان أن الإنسان أفضل و اشرف من جمیع المخلوقات الأرضیة و السماویة، و یرجع هذا إلى الخصوصیات التی یتمیز بها الإنسان و التی سوف نشیر إلیها کما یلی:

1. إن أول خصوصیة و میزة للإنسان هو تمتعه بنفحة من الروح الإلهیة و ان هذه المیزة تخص الإنسان وحده فقط، و قد اشار سبحانه الى هذه الحقیقة بقوله: "فإذا سویته و نفخت فیه من روحی فقعوا له ساجدین".[2]

2. سجود الملائکة للإنسان: "و إذ قلنا للملائکة اسجدوا لآدم فسجدوا إلاّ...".[3]

3. خلافة و نیابة الإنسان لله على الأرض من الخصوصیات الأخرى التی تمیز بها الإنسان عن جمیع المخلوقات کالملائکة و الجن و... "و إذ قال ربک للملائکة إنی جاعل فی الأرض خلیفة...".[4]

4. من الخصوصیات الأخرى للإنسان هو أنه الهدف و الغایة الأصلیة من الخلقة، و فی الواقع أن الموجودات الأخرى قد خلقت من اجل الإنسان و من اجل استثماره لها و الاستفادة منها: "و سخر لکم ما فی السموات و ما فی الأرض جمیعا منه...".[5] و قوله تعالى فی الحدیث القدسی: "یا ابن آدم خلقت الخلق لأجلک و خلقتک لأجلی".[6]

من المحتمل أن یکون هذا الأمر بسبب قدرة الإنسان أن یطوی مراحل السیر من أسفل العوالم و هو عالم الناسوت و الطبیعة و الوصول إلى اعلى مرتبة للرقی و الکمال و هو الفناء فی الله و هذا الأمر یختص بالإنسان فقط.

5. وجود خلاصة الخِلقة و عصارة الوجود، و هو سید الخلق و أفضلهم محمد (ص) بین البشر و هو أفضل دلیل على أشرفیة و أفضلیة الإنسان على سائر المخلوقات أعم من الملائکة و الجن و... .

و بالاستناد إلى التفضیل الذی بیناه أعلاه یتضح أن الإنسان هو اشرف المخلوقات فی عالم الوجود کله.

أما إمکان خلق موجود اشرف من الإنسان هو أمر مستبعد بالرغم من عدم الامتناع الذاتی لهکذا فرض.

و لتوضیح الذی ذکره سبحانه فی سورة البقرة من خلال بیان علة خلق آدم و مراحل خلقهِ و الحوار الذی جرى بین الملائکة حیث یقول سبحانه: "إذ قال ربک إنی جاعل فی الأرض خلیفة".[7]

إن معنى الخلیفة فی اللغة العربیة هو "الإمام الذی لیس فوقه إمام"،[8] لذلک و بالاستناد إلى هذا المعنى و الى إن الله جل شانه لا یتطرق إلى کلمة بدون مبرر أو بدون الاهتمام و العنایة بالمعانی و المفاهیم التی تدل علیها هذه الکلمة، نتوصل إلى نتیجة و هی؛ أن الله سبحانه عندما وهب هذا اللقب و هذه التسمیة للإنسان فانه جعل فیه قابلیات و استعدادات أفضل من ای موجود کائن أو سوف یکون.

و إذا أراد الباری عزوجل إن یخلق موجود أفضل و اشرف من الإنسان فتستلزم هذه الحالة عزل الإنسان من منزلة و مقام (خلیفة الله).

إضافة إلى ذلک فان وجود سید الخلق محمد (ص) و المعصومین الذین یمثلون الهدف من خلق الموجودات، و الذین هم سادة الکائنات الذین وصلوا إلى أعلى مراتب الکمال، و الذین وصلت فیهم القابلیة و الاستعداد الإنسانی من بین کل البشر إلى درجة الفعلیة، تبعد فرضیة خلق موجود اشرف من الإنسان من قبل الله عز وجل.



[1] وسائل الشیعة، ج 15، ص 209.

[2] الحجر، 29.

[3] البقرة، 34.

[4] نفس المصدر، 30.

[5] الجاثیة، 13.

[6] علم الیقین، ج 1 ص 381.

[7] البقرة، 30.

[8] المنجد فی اللغة و الإعلام، ص 192،مادة خلف.

التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

  • ما حکم من یقسم بالقرآن الکریم ثم یحنث؟
    6991 الحقوق والاحکام 2009/08/20
    ان للقسم شروطا فاذا توفرت تلک الشروط و لم یلتزم المکلف بقسمه (ای حنث) فحینئذ تجب علیه کفارة حنث الیمین، لکن لو اختل شرط من تلک الشروط لاینعقد القسم و حینئذ لاتجب الکفارة و لایعد مذنبا، و سوف نتعرض لذکر شروط القسم الشرعی فی الجواب التفصیلی مع ...
  • ما حکم اللعب بالنرد؟
    6242 الحقوق والاحکام 2011/11/27
    مکتب سماحة آیة الله العظمى السید الخامنئی (مد ظله العالی):اذا کان النرد یعد من آلات القمار عرفا، فیحرم اللعب به مطلقا حتى مع عدم شرط المقامرة (الربح و الخسارة).مکتب سماحة آیة الله العظمى السید السیستانی (مد ظله العالی):یحرم ذلک.مکتب آیة الله العظمى الشیخ مکارم الشیرازی (مد ...
  • هل یُمکن للمرأة الحائض أن تغتسل الأغسال الواجبة کالجنابة أثناء الحیض؟
    9446 الحقوق والاحکام 2011/11/13
    هذه المسألة من المسائل المختلف فیها بین الفقهاء، فبعضهم کالمحقق الحلی،[1] لا یجوز أداء الأغسال الواجبة و لا المستحبة أثناء الحیض، و البعض الآخر کصاحب العروة الوثقی حیث یقول:"الأقوی صحة غسل الجمعة من الجنب و الحائض" [2] جاء فی کتاب موسوعة آیة ...
  • ما هی رؤیة الفلاسفة و المتکلمین للمعاد و ما هی أدلتهم على ذلک؟
    6778 الکلام القدیم 2010/08/05
    المعاد بمعنى البعث بعد الموت؛ إذ یحیا الإنسان من جدید و یحاسب فی حیاة جدیدة. و قد اتفق على هذه العقیدة ـ بغض النظر عن تفاصیلها ـ کل المتکلمین و الفلاسفة الإلهیین و یعتقد بها کل مسلم بموجب القرآن. أما کیفیة المعاد فقد أکد الإسلام على جسمانیته؛ و ...
  • لماذا الإسلام؟
    8551 الکلام القدیم 2009/08/08
    الدین مجموعة من العقائد و القوانین و التعالیم الأخلاقیة التی تلقاها الأنبیاء من الله سبحانه و الغایة منها هدایة البشر و إسعادهم.و ضرورة الدین ترجع إلى فطرة الإنسان کما تؤکد التعالیم الدینیة، فقد جاء فی القرآن الکریم أن فطرة الإنسان فطرة إلهیة، و ...
  • ما هی سبل تعزیز الارادة لدى الانسان؟
    8876 النظریة 2010/12/04
    صاحب الارادة القویة هو الشخص الذی عندما یتأمل فی أمر ما و یصمم على تنفیذه و القیام به یسعى لتحقیقه بقدم راسخ و ثبات تام. أما بالنسبة الى السبل التی تعزز الارادة لدى الانسان فهی: 1. تحدید الهدف أو الاهداف التی یروم تحقیقها فی حیاته و یرسم ...
  • ما المراد من قول الامام الصادق (ع): و من زعم أنه يعبد بالصفة لا بالإدراك- فقد أحال على غائب و....؟.
    11613 الکلام القدیم 2012/03/12
    إن الحديث الشريف بصدد الكلام عن أساسية من أساسيات المعرفة الربوبية التي عبّر عنها الفلاسفة و العرفاء ببرهان الصديقين، معتبرين ذلك اقصر الطرق لاثبات الواجب تعالى. فالحديث الشريف يؤكد حقيقة مهمة و هي: أن الطريق الامثل لمعرفته سبحانه يتم من خلال الانطلاق من نوره الازهر، ...
  • ما هو موقف القرآن و السنة من الموت الإختياري؟
    15595 العملی 2012/06/19
    يمكن القول بأن المنشأ الأصلي لإصطلاح "الموت الإختياري" في العرفان الإسلامي منبعث من كلام النبي محمد (ص) حيث يقول "موتوا قبل أن تموتوا".[i] فـ "موتوا" في هذا الحديث بمعنى "الموت" و قد استعمله الرسول (ص) بصيغة الأمر كعمل إختياري و "تموتوا" بمعنى "الوفاة" ...
  • كنت في بدايات بلوغي أودي الاستبراء بطريقة ناقصة حتى تعلمتها أخيراً، فما حكم صلاتي التي صليتها في تلك الفترة؟
    6215 الحقوق والاحکام 2012/05/31
    جواب مكاتب مراجع التقليد العظام بالنحو التالي: مكتب سماحة آية الله العظمى السيد الخامنئي (مد ظله العالي): الصلاة صحيحة. مكتب سماحة آية الله العظمى الشيخ صافي الكلبايكاني (مد ظله العالي): اذا لم تعلم بعد الاستبراء بخروج رطوبة مشتبهة فصلاتك ...
  • ما هي المعجزات التي يذکرها القرآن الكريم لعیسی(ع)؟
    3359 التفسیر 2022/05/07
    ان الله تعالی قد منح الانبیاء(ع) القدرة علی الاتیان بالمعجزات لإثبات نبوتهم للناس، حتى يتمكن الناس من خلال ذلک التمييز بين الأنبياء الحقيقيين و من ادعا النبوة کذبا.[1] فلكل من الأنبياء معجزاته الخاصة قد اشار القرآن الکریم الی بعض منها. ومن هؤلاء الأنبياء عيسى(ع) الذي ورد ...

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    281759 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    262810 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    130690 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    119676 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    90610 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    62341 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    62223 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    58104 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    53877 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    50311 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...