Please Wait
6566
اذا کان مرادکم من السؤال هو لماذا لا یجوز للانسان ان یحرم نفسه من نعمة الحیاة، فینبغی ان نقول فی الجواب:
1. ان کل أنسان بالاستناد الى عقله و فطرته یفهم ان اتلاف أی نعمة من نعم العالم هو أمر مرفوض و مذموم و هذا مطلب واضح الى درجة بحیث یدرکه جمیع افراد البشر فی مختلف الاعمار و المذاهب و لهذا السبب وجدت فی العالم العدید من المنظمات المهمة بحمایة النعم الطبیعیة تحت اسماء مختلفة کلجان حمایة البیئة و لجان الدفاع عن الحیوانات و ...
اضافة الی تأسیس منظمات دولیة متعددة لأجل الحفاظ على مظاهر الحیاة فی الکرة الارضیة مفتوحة و ... لیمکنها عن طریق وضع مختلف القوانین حمایة النعم الطبیعیة الالهیة و السیطرة علیها على مستوى العالم. فاذا لم یجز العقل و فطرة الانسان اتلاف و اضاعة اقل نعمة من النعم الالهیة و یعتبره أمراً قبیحاً، فکیف یجوز للانسان اتلاف اکبر نعمة و هی الحیاة؟
اتضح بهذه المقدمة ان الاعتقاد بان الانسان مجاز فی ان یقضی على حیاته هو فی الواقع مؤشر على الانحراف عن العقل و الفطرة الانسانیة و هو نوع من الامراض النفسیة التی یجب علاجها، و قد تأسست حدیثاً مراکز لمعالجة هذا النوع من الامراض النفسیة حیث یحاول الاطباء بطرق نفسیة مختلفة معالجة هذا النوع من المرضی.
2. ان الدین الاسلامی المبین -الذی شرعت تعالیمه کلها على اساس العقل و الفطرة و الواقعیة- ایضا حٌرم الانتحار و سلب الحیاة عن النفس و اعتبره أمراً غیر مشروع.
3. من خلال النظرة الکونیة الاسلامیة و علی أساس معارف القرآن فان الله هو المالک للکون[1] و قد وهبنا الله هذه النعم لنستخدمها فی طریق تکاملنا و سعادتنا، فاضاعة النعم و اتلافها هو عمل بخلاف رضا مالکها، و العقل یحکم بوجوب رعایة رضا المالک فیما اودعه عندنا و انه لا یجوز التصرف فیه بما یخالف رضاه.
4. و الملاحظة الاکثر أهمیة هی ان حکمة منع الانتحار فی الاسلام لیست مجرد حفظ حیاة الفرد القاصد للانتحار، بل یرید الاسلام بهذا الحکم حمایة کل المجتمع البشری من الخطر و الهلاک.
و توضیح ذلک: انه حین یکون الانتحار حراماً و ممنوعاً و انه لا یحق للفرد ان یقتل نفسه التی فی نظره هی ملک له، فلا یجوز قطعاً قتل الآخرین، و ان منع الانتحار یمنع من نمو هذا النوع من المرض و تطوره فی المجتمع و فی هؤلاء الافراد.
و علی أی حال فان الذین یقدمون علی الانتحار مبتلون بانحراف روحی و عقلی و هم مرضى. و لا یمکننا أن نتوقع من الافراد المرضی الی هذا الحد بحیث یکونون مستعدین للقضاء علی حیاتهم و لا یرحمون أنفسهم التی هی أعز شیء فی هذا العالم لدیهم، ان یرحموا الآخرین و لا یقتلوا الناس الأبریاء، انطلاقا من قیاسات خاطئة، فاذا أجاز القانون و الشرع لمثل هؤلاء الأفراد ان یقتلوا أنفهسم فهو فی الواقع قد أقدم على هلاک البشر. و لهذا السبب فقد عُد (الانتحار) من أکبر الذنوب و أعد الله لمرتکب هذا العمل عذابا الهیاً شدیداً.[2]