بحث متقدم
الزيارة
5287
محدثة عن: 2011/08/07
خلاصة السؤال
هل کان المسلمون یرددون فی یوم الخندق أراجیز معینة؟ وهل کان المقترح لذلک سلمان الفارس او من قبل النبی الاکرم (ص)؟
السؤال
هل صحیح ما نقلته بعض المواقع الانترنیتیة من ان المسلمین کانوا یتغنون عند حفر الخندق؟ وهل للقضیة سند تاریخی او لا؟ و کما یقول هوشنج جاوید: ان هناک الکثیر من الاسانید المعتبرة التی تؤکد ان المسلمین عندما کانوا منشغلین بحفر الخندق قال سلمان الفارسی للنبی (ص) ان الایرانیین یتغنون اثناء الحفر فامر بذلک النبی (ص) للاسراع بحفر الخندق!!
الجواب الإجمالي

"الرجز" نوع من الشعر الحماسی تستعمله العرب لتعزیز المعنویات و تقویة الروحیة ، و کان من المتعارف بیهم انشاده فی الحروب و قد اعتمد الجیش الاسلامی نفس الاسلوب فی حروبه کافة بما فیها حرب الخندق. و لم یثبت ان ذلک کان باقتراح من الصحابی سلام الفارسی (رض)، بل من المستبعد ذلک؛ و ذلک لان عملیة الرجز من الامور المتعارفة فی تلک الاوساط قبل قدوم سلمان الى الجزیرة.

ومن الطبیعی ان ینشد المسلمون تلک الاراجیز لتعزیز المعنویات ، و هکذا اذا کان المراد من السؤال ما یتعارف علیه الیوم بالمانش العسکری فهذا ایضا صحیح، و لکن لو کان المقصود من السؤال ان المسلمین یتغنون بالاغانی المبتذلة المتعارفة یومئذ، فمما لاریب فیه ان النبی الاکرم (ص) منزه عن ذلک کله هو و اصحابه. نعم، ذلک کان منهج المشرکین و الکافرین حیث کانوا یاتون بالنساء تردد الاناشید المبتذلة و الکلمات الرکیکة.

الجواب التفصيلي

هناک نوع من الشعر یطلق علیه اسم "الرجز" تستعمله العرب لتعزیز المعنویات و تقویة الروحیة سواء على المستوى الفردی أم الجماعی، و من المتعارف بینهم انشاده فی الحروب و قد اعتمد الجیش الاسلامی نفس الاسلوب فی حروبه کافة بما فیها حرب الخندق، حیث هناک شواهد تاریخیة کثیرة تدل على ان المسلمین کانوا اثناء تلک الحرب یرددون تلک الاراجیز الحماسیة و الدینیة، نشیر الى نماذج منها:

1. عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: کَانَ رَسُولُ اللَّهِ (ص) یَنْقُلُ مَعَنَا التُّرَابَ یَوْمَ الْأَحْزَابِ وَ قَدْ وَارَى التُّرَابُ بِیَاضَ بَطْنِهِ وَ هُوَ یَقُولُ‏:

         لَاهُمَّ لَوْلَا أَنْتَ لَمَا اهْتَدَیْنَا.            وَ لَا تَصَدَّقْنَا وَ لَا صَلَّیْنَا.

            فَأَنْزِلَنْ سَکِینَةً عَلَیْنَا.            وَ ثَبِّتِ الْأَقْدَامَ إِنْ لَاقَیْنَا.

            إِنَّ الْأُولَى قَدْ بَغَوْا عَلَیْنَا.            إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَیْنَا.[1]

2. کان رسول الله (ص) یومئذ یحمل التراب فی المکاتل و یطرحه، و القوم یرتجزون، و رسول الله (ص) یقول:

          هذا الجمال لا جمال خیبر            هذا أبرّ ربّنا و أطهر[2]

3. قال البیهقی فی الدلائل: أخبرنا على بن أحمد بن عبدان (بسنده) عن أبی عثمان عن سلمان أن رسول الله (ص) ضرب فی الخندق و قال:

          بسم الله و به هدینا            و لو عبدنا غیره شقینا

                        یا حبذا ربا و حبذا دینا[3]

و کان بنو سلمة فی ناحیة یحفرون و یرتجزون، فعزم رسول الله (ص) على کعب ابن مالک ألا یقول شیئا، و عزم على حسان بن ثابت، و قال: لا یغضب أحد مما قاله صاحبه، لا یرید بذلک سوءا، إلا ما قال کعب و حسان فإنّهما یجدان ذلک‏ [4]

فان کان المراد من السؤال هذا النوع من الاراجیز فالجواب نعم، قد وقع ذلک فی حرب الخندق لکن لم نعثر فی المصادر التی بایدینا على أن ذلک کان باقتراح من الصحابی سلام الفارسی (رض)، بل من المستبعد ذلک؛ و ذلک لان عملیة الرجز من الامور المتعارفة فی تلک الاوساط قبل قدوم سلمان الى الجزیرة، و لم تکن حرب الخندق أول حرب وقعت فی تلک المنطقة.

وعلى کل حال فمن الطبیعی ان ینشد المسلمون تلک الاراجیز لتعزیز المعنویات و تقویة روحیة المقاتلین المسلمین، و هکذا اذا کان المراد من السؤال ما یتعارف علیه الیوم بالمانش العسکری فهذا ایضا صحیح، و لکن لو کان المقصود من السؤال ان المسلمین یتغنون بالاغانی المبتذلة المتعارفة عند أهل الطرب و الفجور، فمما لاریب فیه أن النبی الاکرم (ص) منزه عن ذلک کله و هکذا اصحابه الذین تربوا لدیه فلم یقع ذلک منهم فی حرب الخندق و غیرها من الحروب و الوقائع.

نعم، هذا کان منهج خصوم الاسلامی حیث کانوا یعتمدون تلک الاسالیب غیر الاخلاقیة حیث یأتون بالنساء لتنشد لهم ذلک بقیادة هند زوج ابی سفیان و أم معاویة.

قال البلاذری فی انساب الاشراف: فجعل نساء قریش یضربن یوم أحد بالدفوف، و یقلن:

                         نحن بنات طارق            نمشی على النمارق‏

                         إن تقبلوا نعانق            أو تدبروا نفارق‏

                                     فراق غیر وامق‏

و کان النبی (ص) إذا سمع قولهن هذا. قال: اللهم إنى بک أحول و أصول، و فیک أقاتل، حسبی الله و نعم الوکیل.[5]



[1] المجلسی، محمد باقر، بحار الانوار، ج 20، ص 200-199، مؤسسة الوفاء، بیروت، 1404 هـ ق.

[2] الواقدی، محمد بن عمر، کتاب المغازی، ج 2، ص 446، مؤسسة الأعلمی، بیروت، 1409 هـ ق، الطبعة الثالثة.

[3]انظر: المقریزی، تقی الدین احمد بن علی، إمتاع الأسماع، ج 1، هامش ص 226، دار الکتب العلمیة، بیروت، 1420 هـ ق.

[4]نفس المصدر، ص226، المتن.

[5] البلاذری، احمد بن یحیی، أنساب الأشراف، ج 1، ص 317، دار الفکر، بیروت، 1417 هـ ق، الطبعة الاولی.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280274 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258855 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129655 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115714 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89578 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61080 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60391 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57383 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51662 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47726 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...