بحث متقدم
الزيارة
5826
محدثة عن: 2012/04/17
خلاصة السؤال
ما هي الأسباب التي أدّت بالمأمون أن يمنع الإمام الرضا (ع) من إقامة صلاة عيد الفطر؟
السؤال
ما هي الأسباب التي أدّت بالمأمون أن يمنع الإمام الرضا (ع) من إقامة صلاة عيد الفطر؟
الجواب الإجمالي

أهم دليل أدّى بالمأمون لأن يمنع الإمام الرضا (ع) عن إقامة صلاة عيد الفطر، هو الإحساس بالخطر الذي توجّه إلى الدولة العباسية، هذه المسألة بدأت عند سماع أهل مرو (خراسان) لخبر أن الإمام الرضا (ع) سيذهب إلى المصلى لإقامة الصلاة عيد الفطر، فخرجوا من منازلهم و وقفوا أطراف الشوارع منتظرين قدوم الإمام (ع). أمّا النساء و الأطفال فقد صعدوا إلى سطوح ديارهم لأنتظار مقدم الإمام (ع) كل قوّاد الجيش و رجال الدولة من كل صنف و طبقة تجمعوا حول باب بيت الإمام (ع) مظهرين حبّهم و ودّهم له (ع). فمن هنا أحسّ المأمون و رجاله بأن إقامة الصلاة و قراءة الخطبة من قبل الإمام (ع). بهذه الوضعية قد تؤدي إلى أخطار فادحة بالدولة، فلم يكونوا يتوقّعوا كل هذه المحبوبيّة للامام من قبل كل طبقات الشعب بل و حتى رجال الدولة و الجيش مالوا اليه (ع). لذلك أصدر المأمون الأمر بإرجاع الإمام و منعه من إقامة صلاة عيد الفطر حتى يحفظ حكومته من الخطورة الإحتمالية.

الجواب التفصيلي

للوصول إلى أسباب منع المأمون لإقامة صلاة عيد الفطر بإمامة علي بن موسى الرضا (ع) ـ مع إنه هو الذي إقترح عليه ذلك ـ يجب القول، بعد أن تسلط المأمون على مسند حكم بني العباس بعد هلاك هارون الرشيد و انتهاء الحرب مع اخيه الامين، أرسل رسالة للإمام الرضا (ع) و دعاه فيها إلى القدوم إلى خراسان، فإمتنع الإمام الرضا (ع) لأسباب خاصة عن قبول هذه الدعوة. ثم أعاد المأمون طلبة بإصرار و أكّد على الإمام (ع) بضرورة سفره إلى خراسان، فأضطر الإمام الرضا (ع) بعد إصرار المأمون و أجاب دعوته و عزم السفر إلى خراسان.

بعد وصول الإمام (ع) إلى مرو (خراسان) إقترح المأمون عليه قبول ولاية العهد، فرفض الإمام هذا الإقتراح بشدّة. فهدّده المأمون عندئذ و أصرّ عليه بقبول ولاية العهد، الى ان قبل الإمام بالولاية بشروط معينة.

فقال المأمون: ما هي شروطك؟ قال الإمام الرضا (ع): بشرط عدم التدخل في أمور السياسة و الحكومة، و لا في عزل و نصب الحكام و القادة، فقبل المأمون شروط الإمام (ع).

لما حضر العيد، بعث المأمون إليه في الركوب إلى العيد، و الصلاة بالناس و الخطبة لهم فبعث إليه الإمام الرضا (ع): قد علمت ما كان بيني و بينك من الشروط في دخول الأمر، فاعفني من الصلاة بالناس. فقال المأمون: إنما أريد أن تطمئن قلوب الناس، و يعرفوا فضلك. و لم تزل ـ الرسل ـ تترد بينهما في ذلك، فلما ألحّ عليه المأمون، أرسل إليه: إن أعفيتني فهو أحب إليّ، و إن لم تعفني خرجت كما خرج رسول الله (ص) و أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) فقال له المأمون: أخرج كما شئت.

يقول الراوي: فقعد الناس لأبي الحسن الرضا (ع) في الطرقات و السطوح، و اجتمع النساء و الصبيان ينتظرون خروجه، و صار جميع القوّاد و الجند إلى بابه فوقفوا على دوّابهم حتى طلعت الشمس، فاغتسل أبو الحسن (ع) و لبس ثيابه و تعمّم بعمامه بيضاء من قطن ألقى طرفاً منها على صدره و طرفاً منها بين كتفيه، و مسّ شيئاً من الطيب، و أخذ بيده عكّازه، و قال لمواليه: إفعلوا مثلما فعلت.

فخرجوا بين يديه و هو حافٍ قد شمّر سراويله إلى نصف الساق، و عليه ثياب مشمّرة، فمشى قليلاً و رفع رأسه إلى السماء و كبّر و كبّر مواليه معه ثم مشى حتى وقف على الباب، فلما رآه القوّاد و الجند على تلك الصورة سقطوا كلهم عن الدواب إلى الأرض، و رموان بخفافهم (و هي من النعل تتخذ من الجلد) و تحفى و كبّر الرضا على الباب أربع مرات قائلاً: "الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر على ما هدانا، الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام و الحمد لله على ما أبلانا".

فكبّر الناس معه، فخيل أن السماء و الحيطان تجاوبه، و تزعزت مرو بالبكاء و الضجيج لما رأوا أبا الحسن و سمعوا تكبيره فبلغ المأمون ذلك. فقال له الفضل بن سهل: إن بلغ الرضا (ع) المصلى على هذا السبيل إفتتن به الناس، و خفنا كلنا على دمائنا، فأنفذ إليه أن يرجع، فأنفذ إليه المأمون: قد كلّفناك شططاً و أتعبناك، و لسنا نحب أن تلتحمك مشقة فارجع. فدعا أبو الحسن (ع) بخفه فلبسه و ركب و رجع.[1]

من هنا يتضح أن أهم سبب و دليل للمأمون في إرجاع الإمام الرضا (ع) و منعه من إقامة صلاة عيد الفطر هو الإحساس بالخطر بسبب إظهار الناس لحبّهم للإمام الواضح من طريقة إستقبالهم له، فقد إحتمل المأمون مع مشاوريه بأن إقامة الإمام (ع) للصلاة و قراءة الخطبة قد يؤديان إلى تزعزع حكم المأمون، لأنهم لم يقصدوا من هذه الصلاة إلا  التبليغ ضد الإمام (ع) و لم يكن يتصوّروا أبداً أن للإمام (ع) محبوبية في قلوب الناس بل حتى عند رجال الدولة و قوّاد الجيش و الجند. لذلك صدّر أمراً بإرجاع الإمام و منعه من إقامة الصلاة، ليحفظ نفسه و حكومته من الأخطار الإحتمالية من قبل الإمام (ع).

 


[1] الكليني، الكافي، ج 1و ص 488 ـ 490، ح 7، دار الكتب الإسلامية، طهران، 1368 ش، العطاردي، عزيز الله، مسند الإمام الرضا (ع)، المقدمة، ص 64، الحرم الرضوي (المؤتمر)، مشهد، الطبعة الأولی، 1406 ق، أخبار و آثار الإمام الرضا (ع)، ص 99 ـ 102.

 

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280274 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258855 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129655 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115714 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89578 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61080 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60391 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57383 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51662 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47726 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...