Please Wait
6476
إن تعنت الملحدین قبال الادیان و خصوصاً الدین الاسلامي یمکن ان یکون له اسباب مختلفة سیاسیة و اجتماعیة و اقتصادیة و ثقافیة. و للاطلاع علی هذه الاسباب الاربعة یرجی الرجوع الی الجواب التفصیلي.
إن تعنت الملحدین قبال الادیان و خصوصاً الدین الاسلامي یمکن أن یکون له اسباب مختلفة سیاسیة و اجتماعیة و اقتصادیة و ثقافیة ، یمکن الاطلاع علیها في محلها. و لکن قبل التعرض تفصیلاً لهذه الاسباب و تحلیل کل منها علی حدة، نری من المهم التأکید علی أمرین: الاول هو ان اصطفاف الملحدین و المتدینین ضد بعضهما البعض لیس هو بالامر الجدید، فقد کان ذلک معروفاً من قبل الجانبین علی مدی حیاة الانسان و بطرق و انحاء مختلفة. و بناءً علی هذا فینبغي الالتفات الی ان هذا الاصطفاف لم یکن من جانب الملحدین فحسب. و لکن یبدو ان صوت الملحدین الیوم قد ارتفع باعلی ما کان علیه في السابق بسبب حصولهم علی امکانیات تخریبیة تکنلوجیة اعلامیة و عسکریة. و الامر الآخر هو انه لا ینبغي ان یظن ان هذه الاصطفافات في جمیع مواردها هي في قبال حقیقة الدین والاسلام، بل ربما کانت تلک المواقف ردود افعال في قبال الفهم الخاطئ للدین او الاسلوب الخاطئ في تبلیغ الدین من قبل المتدینین.
و فیما یلي نتعرض الی الاسباب الاربعة لهذا الامر بنظرة خاصة الی الدین الاسلامي باعتباره اشمل و اکمل الادیان الالهیة.
ا- الاسباب السیاسیة: ان التجارب المرة لبعض الحکومات المنتسبة للدین علی مدی التاریخ و منها القرون الوسطی المسیحیة في العالم المسیحي، و عهد الحکام الامویین و العباسیین و العثمانیین و الصفويین و الطالبانیين و الحکومات الاسلامیة في العالم الاسلامي، و الکیان الصهیوني في العالم الیهودي، و ما صاحبها من النزاعات و الحروب المذهبیة و الطائفیة في داخل الادیان، قد تحولت الی ذریعة بایدي الملحدین لکي یقوموا بعرض الدین کاطروحة فاشلة علی المستوی العام علی الاقل (السیاسة و الاجتماع) و تعمیم هذا الفشل احیاناً الی المستوی الخاص ایضاً و وصف الادیان بانها سبب العنف و نزف الدماء.
و لقد کان لظهور الجماعات السیاسیة المنحرفة و المنتسبة للاسلام و الحرکات السلفیة کطالبان و القاعدة و خصوصاً حادثة الحادي عشر من سبتمبر و التي نسبت حقاً او باطلاً الی القاعدة، اثر مهم في موجة التخویف من الاسلام و الهجمات الاعلامیة المکثفة ضد الاسلام.
ب- الاسباب الاجتماعیة: ان توسع المجتمعات المدنیة و الحیاة الحدیثة قد اوجد حیاة مجتمعیة جدیدة جعلت في قبال جنة الطبیعة التي ورد وصفها في القرآن و الروایات الاسلامیة، وقد انجر ذلک الی التقابل بین الاسلام و الحداثة، و قد بقي هذا التقابل قائماًٌ رغم کل الجهود الفکریة للمثقفین المسلمین علی مستوی التوفیق بین الاسلام و الحداثة.
ان اخفاق المثقفین المسلمین في رفع هذا التقابل یعود الی انهم في الغالب ینظرون الی الاسلام من الاطار الحداثوي، بمعنی انهم یسلمون اولاً بحقانیة الحداثة و من ثم یحاولون تطبیق التعالیم الاسلامیة علی المثل الحداثوية. و قد تسبب هذا السعي العقیم بهم بالتالي الی الذهاب الی القول بوجوب اعادة النظر و العدول عن الاسلام. و باضافة ذلک الی عدم الانسجام السلوکي الموجود في المجتمعات الاسلامية التي تحاول الحفاظ علی المظاهر الاسلامية مع التلبس بروح الحداثة، ادی بالنتیجة الی دعم الرأي الباطل الذي یقول ان الدین الاسلامي التقدمي هو دین رجعي! او علی الاقل لا ینفع المجتمع المعاصر. ان هذه الرؤیة الخاطئة تستند الی قلب مفاهیم الالفاظ بحیث یعد اي انتقاد او تشکیک في المثل الحداثویة مساویاً للرجعیة والتخلف.
ج- الاسباب الاقتصادیة: ان تبني الاقتصاد الرأسمالي (الکابیتالیسم) في الدول الاسلامیة یفتح الطریق امام الاستعمار الحدیث الذي یقوم بالتعرض الی المعتقدات الاسلامیة. بحیث ان النفط باعتباره ثروة کبیرة موجودة في هذه الدول لم یصبح سبباً للتقدم- و لیس هذا فحسب- بل انه صار سبباً في اعتماد المسلمین اقتصادیاً علی الدول الغربیة، و ذلک بمعونة شیوع ثقافة الاستهلاک و الاقتصاد القائم علی اساس الاستهلاک في المجتمعات الاسلامیة. فحین یستذوق المسلمون طعم المنتجات و التکنلوجیا الغربیة فانهم سوف یستنتجون بالتدریج ان هذا النوع من الاقتصاد لا ینسجم مع الاسلام. و لذلک فهم اما ان یترکوا هذا النوع من الاقتصاد و یحاولون التحرک نحو الاقتصاد القائم علی اساس الانتاج، و اما ان یريحوا انفسهم و یترکوا الاسلام و یخضعوا بشکل تام لسیطرة الغرب.
د- الاسباب الثقافیة: و یمکن ان نذکر هنا اسبابا ثقافیة مختلفة و منها القراءة السطحیة للدین من قبل بعض علماء الدین، و ینتج عن ذلک الدفاع السطحي و المتعصب عن الدین، و الابتعاد بل المعاداة للمعارف الاسلامیة الرفیعة من قبل هؤلاء المدعین للدفاع عن الدین، و قد ادی ذلک الی فسح المجال أمام الامبراطوریة الاعلامیة الغربیة لکي تقوم بتعظیم مکانة مثل هؤلاء الاشخاص و انهم هم الممثلون الرسمیون للاسلام و بذلک تعرض صورة مشوهة غیر انسانیة و خرافیة و غیر عقلانیة عن الاسلام و الثقافة الاسلامیة.