بحث متقدم
الزيارة
5812
محدثة عن: 2009/01/10
خلاصة السؤال
لماذا لم یؤم علی (ع) المسلمین و لو بصلاة واحدة فی الفترة التی کان الرسول (ص) فیها مریضاً؟
السؤال
تقولون ان علیاً کان اماماً حقاً بعد الرسول (ص) اذن لماذا فی الفترة التی کان الرسول (ص) فیها مریضاً لم یؤم (ع) المسلمین و لو بصلاة واحدة؟ أ لیس إلامامة الصغری تدک علی الامامة الکبری؟
الجواب الإجمالي

اولاً: لا یوجد أی دلیل قوی یثبت بان أبابکر قد أم المسلمین بعد حادثة غدیر خم و فی أیام مرض الرسول (ص).

ثانیاً: بما ان صفات و شروط الامامة عبارة عن: العلم، العصمة و صون النفس عن الذنب و الخطأ فی العلم و العمل. و ان کون امامة الناس هی لیست من الشروط الاساسیة للامامة. فعدم إمامةً الجماعة لا یعد نقصاً أو یشکل خللاً فی مسألة الامامة بالاضافة الی ان هناک ادلة تاریخیة تثبت أن الامام علیاً (ع) قد أم المسلمین  فی مناسبات کثیرة اکثر من غیره.

الجواب التفصيلي

قبل أن نجیبت عن السؤال یجب ان نذکر بعض النکات المهمة:

مفهوم الامامة:

الامامة فی اللغة الزعامة و القیادة و کل من یتصدی لقیادة جماعة ما یسمی إماماً لهم سواء کان فی طریق الحق أم الباطل.[1]

اما فی اصطلاح علم الکلام: الامامة عبارة عن «الرئاسة العامة علی‌ الامة الاسلامیة فی کل امورها الدینیة و الدنیویة».[2]

و هذا یعنی ان الامامة کالنبوة و وظائف صاحب هذا المقام هو استمرار لوظائف النبی (ص) لکن الفرق بینهما هو أن النبی یوحی الیه وحی نبوة فهو من مختصات النبی دون الامام فانه لایوحی الیه وحی نبوة.

صفات و شروط الامامة:

ان الشروط الاساسیة للامامة فی الرؤیة الشیعیة هی: العلم الواسع و العصمة (عدم الوقوع فی الذنب و الخطأ) و علیه فان معرفة مصداق الامام و تحدیده لا یمکن الا عن طریق الوحی.

الامامة و الولایة لامیر المؤمنین علی (ع):

توجد هناک آیات و روایات عدیدة تثبت أحقیة علی (ع) بالامامة و الولایة، نشیر الی بعضها بصورة مختصرة:

1. قوله تعالی: "انما ولیکم الله و رسوله و الذین آمنوا الذین یقیمون الصلاة و یؤتون الزکاة و هم راکعون".[3] و قد صرحت الروایات الکثیرة التی نقلها علماء الفریقین بان هذه الآیة قد نزلت فی حق علی (ع).

فهی دالة علی ولایة علی (ع)،[4] خاصة اذا اخذنا بنظر الاعتبار ان کلمة (ولی) فی الآیة المشار الیها لا یمکن ان نفسرها بمعنی المحب أو النصیر او ما شابه ذلک لان المحبة و النصرة متعلقة بکل المسلمین لا الذین یؤتون الزکاة و هم راکعون فقط.

2. دلت الآیة الشریفة: "انما یرید الله لیذهب عنکم الرجس اهل البیت و یطهرکم تطهیر"،[5] علی‌ عصمة الامام علی (ع) و ابنائه (ع) الاحد عشر.

و هناک احادیث کثیرة قد جاءت عن طریق علماء الفریقین تدل علی أن الآیة، الشریفة قد نزلت فی حق الرسول (ص) و أهل بیته (ع)،[6] و من الواضح لکل منصف و مفکر أن أهم مسألة اجتماعیة و هی مسألة الحکومة فیجب ان تناط بید افضل و احسن الناس و لهذا فلا یجیز العقل ان تعطی الحکومة بید أفراد آخرین مع وجود المعصوم.

3. قال الرسول (ص) بعد نزول الآیة: «و انذر عشیرتک الاقربین»، مشیراً الی علی (ع): "ذا أخی و وصی و خلیفتی فیکم فاسمعوا له و اطیعوا».[7]

4. و قال (ص) فی مناسبة اخری مخاطباً عدة من اصحابه فی علی (ع): «ان علیاً منی و انا منه و هو ولی کل مؤمن بعدی».[8]

5. نقل کل من سلمان و أبی ذر و المقداد (رضوان الله علیهم) انهم قالوا سمعنا الرسول الاکرم (ص) یقول: «ان علیاً مع الحق و الحق معه...».[9]

6. قال رسول الله (ص) لأمیر المؤمنین (ع): «ان الحق معک و الحق علی لسانک و فی قلبک و بین عینیک و الایمان مخالط لحمک و دمک کما خالط لحمی و دمی».[10]

7. عن إبن عباس قال: سمعت رسول الله (ص) یقول: «انا و علی و الحسن و الحسین و تسعة من ولد الحسین مطهرون معصومون".[11]

اذن بالنظر الی هذه الآیات و الروایات فان علیاً (ع) یملک صفات و شروط الامامة و ان احقیته ثابتة علی أکمل وجه.[12]

اما عن سؤالکم، لماذا لم یؤم علی (ع) الناس فی فترة مرض الرسول (ص)؟ نقول فی جوابه:

اولاً: لا یوجد عندنا أی دلیل علی کون إمامة الجماعة فی زمان حیاة النبی (ص) هی من شروط الامامة.

ثانیاً: لقد حدثنا التاریخ و کتب الحدیث أن الامام علیاً قد أم المسلمین فی عدد کبیر من الحالات اکثر من غیره من المسلمین الذین تصدوا لإمامة الجماعة.[13]

فعندما خرج الرسول (ص) فی غزوة تبوک خلف علیاً (ع) علی المدینة حتی یقیم صلاة الجماعة فیها و کذلک یدبر سائر أمور المدینة فی غیابه (ص) و فی هذه المناسبة قال الرسول (ص) لعلی (ع): «انت منی بمنزلة هارون من موسی الا انه لا نبی بعدی».[14]

ثالثاً: ان اقامة صلاة الجماعة لا تدل علی الفضیلة لانه قد أم المسلمین عدة من الاصحاب کسعد بن عبادة و زید بن حارثة و عثمان مکان النبی (ص)،[15] و الحال لم یقل أحد بفضیلة خاصة بحیث تؤهل الانسان للخلافة و الولایة.

نستنج من ذلک ان الامامة الصغری لیس لها علاقة بالامامة الکبری و لا یستنبط منها أی فضیلة من جانت الخلافة و الولایة بحیث تنفی او تثبت ذلک. بالاضافة الی‌ أنه لا یوجد عندنا أی دلیل قوی یثبت أن أبابکر بعد حادثة غدیر خم و فی أیام مرض النبی الاکرم (ص) قدم أم الناس بأمر منه (ص)، بل إن قصة إبی بکر و ذهابه الی المسجد لاقامة صلاة الجماعة فی أیام مرض النبی (ص) کان قد دبر من قبل عائشة بحیث عندما علم الرسول (ص) و هو فی تلک الحالة بذلک دخل المسجد و ازاح أبابکر و أقام صلاة الجماعة.[16]



[1] مصباح یزدی، محمد تقی، تعلیم العقائد، ص 298.

[2] نفس المصدر.

[3] المائدة، 55.

[4] تفسیر نور الثقلین، ج 1، ص 643؛ منهاج البراعة، ج 2، ص 350؛ لمزید من الاطلاع یراجع کتاب «احقاق الحق» ج 2 و الغدیر، ج 2 و المراجعات، بالاضافة الی تفسیر الامثل ج 4.

[5] الاحزاب، 33.

[6] صحیح مسلم، کتاب فضائل الصحابة، باب 9؛ مجمع الزوائد للهیثمی، ج 9، ص 203.

[7] تهذیب الآثار، ابن جرر الطبری، ج 3، ص 62.

[8] سنن الترمذی، ج 5، ص 632؛ سنن النسائی، ج 5، ص 132.

[9] بحار الانوار، ج 38، ص 30.

[10] الغدیر، ج 3، ص 179.

[11] ینابیع المودة، ص 534.

[12] ان دلالة الایتین الشریفتن علی مدعانا تحتاج الی توضیح کثیر لا یسع المجال لبحثها.

[13] بحار الانوار، ج 32، ص 249.

[14] السیرة النبویة، ابن هشام، ج 4، ص 519 و 520.

[15] و من قدمهم للصلاة فأمیر المؤمنین کان یصلی بالمدینة أیام تبوک و فی غزوة الطائف و فدک و سعد بن عبادة على المدینة فی الأبواء و ودان و سعد بن معاذ فی بواط و زید بن حارثة فی صفوان و بنی المصطلق إلى تمام سبع مرات و أبا سلمة المخزومی فی ذی العشیرة و أبا لبابة فی بدر القتال و بنی قینقاع و السویق و عثمان فی بنی غطفان و ذی أمر و ذات الرقاع و ابن أم مکتوم فی قرقرة الکدر و بنی سلیم و أحد و حمراء الأسد و بنی النضیر و الخندق و بنی قریظة و بنی لحیان و ذی قرد و حجة الوداع و الأکیدر و سباع بن عرفطة فی الحدیبیة و دومة الجندل و أبا ذر فی حنین و عمرة القضاء و ابن رواحة فی بدر الموعد و محمد بن مسلمة ثلاث مرات و قد قدم عبد الرحمن بن عوف و معاذ بن جبل و أبا عبیدة و عائشة بن محصن و مرثد الغنوی. عماله ولى عمرو بن حزم الأنصاری نجران و زیاد بن أسید حضرموت و خالد بن سعید العاص صنعاء و أبا أمیة المخزومی کندة و الصدق و أبا موسى الأشعری زبید و زمعة عدن و الساحل و معاذ. نفس المصدر

[16] رسول جعفریان، سیرة رسول الله (ص)، ص 676، ابن ابی الحدید شرح نهج البلاغة، ج 9، ص 197.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280273 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258850 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129648 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115694 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89575 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61076 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60380 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57382 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51659 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47724 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...