Please Wait
6477
جواز التقلید من الأمور التی یجب أن یجتهد فیها المقلد وإن فتوى المجتهد لا یمکن أن تکون کافیة بالنسبة إلى المقلد. و لذلک فإن هذه المسألة على درجة بالغة من الأهمیة.
من المعروف أن المقلد یقدم على تقلید المجتهد على أساس احد الدلیلین التالیین:
1- إن طبیعة الحیاة العقلائیة تقتضی أن فی کل مورد یحتاج الإنسان فیه إلى معرفة کبیرة وخبرة تخصصیة کافیة ولکنه لیس على اطلاع کافٍ فی هذا المیدان، فإنه لا بد من الرجوع إلى المتخصص والخبیر فی مورد الاحتیاج. کالرجوع إلى الطبیب فی معالجة المریض، و هذا التوجه العقلائی یحمل المکلف و بشکل طبیعی وبحکم العقل على أن یرجع إلى المجتهدین فی أحکام الشرع باعتبارهم خبراء هذا المیدان و علمائه.
2- إن کل مسلم یعلم أن هناک تکالیف و أحکاما واجبة و محرمة فی الإسلام، و هذا العلم الإجمالی کافٍ فی جعله مسؤولاً إزاء هذه التکالیف، و من أجل أن یؤدی هذه المسؤولیة لا یجد أمامه إلا ثلاثة طرق لا بد له من اختیار واحد منها:
ألاول:إنه یسعى بنفسه إلى معرفة هذه الواجبات و المحرمات ثم یعمل على أساس معرفته.
الثانی: و إذا لم یکن قد عرفها بدقة فعلیه أن یعمل بطریقة و کیفیة تؤدی به إلى حتمیة أداء هذه الواجبات و التکالیف، یعنی أنه یسلک طریق الاحتیاط فی کل مسألة یحتمل فیها الوجوب أو الحرمة.
و الطریق الثالث: أن یعتمد على رأی خبیر و عالم فیتبع و یطیع أقواله فی تشخیص الواجب و الحرام فی کل مسألة.
و من خلال هذه الطرق الثلاثة یستطیع المکلف أن یخرج من عهدة التکلیف.
أما الطریق الأول فهو بحاجة إلى زمان طویل جداً و المکلف فی هذا الزمان الطویل لا یستغنی عن الطریقین الآخرین.
و أما الطریق الثانی فهو إضافة إلى احتیاجه إلى المعلومات الکافیة و الاطلاع الواسع بالنسبة إلى الواجبات و المحرمات و طریقة الاحتیاط فی کل مسألة فإنه من الصعوبة بمکان و غیر ممکن فی بعض الأحیان، فلا یبقى أمام المکلف إذن سوى الطریق الثالث.
و هذا الدلیل یثبت لزوم التقلید فی المسائل التی یحتمل فیها الوجوب و الحرمة، و کذلک المسائل التی یحتمل فیها الاستحباب وأنه یقصد الاتیان بها. ولکن الدلیل الأول یثبت جواز التقلید فی جمیع المسائل.
اما مسائل التقلید الفرعیة، کجواز البقاء على تقلید المیت فهی من المسائل التی لا یستطیع المکلف غیر المجتهد الوصول إلى نتیجة فیها. و لا بد له من سلوک الطریقین الآخرین الاحتیاط أو التقلید فیها.
و هناک أدلة أخرى على جواز التقلید أو لزومه تبقى فی دائرة و محیط الاجتهاد و رأی المجتهد، فلا بد من أخذ رأی المجتهد و فتواه فیها.