بحث متقدم
الزيارة
6880
محدثة عن: 2009/03/02
خلاصة السؤال
من هو عبد الله بن مسعود؟ و هل کان یقول بإمامة أمیر المؤمنین (ع)؟
السؤال
من هو عبد الله بن مسعود؟ و هل کان محبّا لأهل البیت (ع)؟ و هل کان یقول بإمامة أمیر المؤمنین(ع)؟
الجواب الإجمالي

یعد عبد الله بن مسعود من صحابة النبی (ص) و قد اشترک فی الکثیر من المعارک فی صدر الاسلام و کان من المقربین من النبی (ص) و من القراء صاحب المصحف المعروف باسمه. و قد اثنى علیه کل من النبی الاکرم (ص) و الامام علی (ع)؛ و هذا یکشف بنحو ما عن حبه لأهل البیت (ع) لکن هل کان من القائلین بإمامة أمیر المؤمنین و خلافته بلا فصل بعد رسول الله (ص)؟ فهذا ما اختلفت فیه کلمة الباحثین فی علم الرجال، و لکن لو اخذنا بنظر الاعتبار بعض القرائن من قبیل ثناء و مدح السید المرتضى له و قربه من النبی الاکرم (ص) ...؛ یمکن القول بانه کان معتقدا بإمامة الامام علی (ع).

الجواب التفصيلي

عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبیب بن شمخ بن فأر بن مخزوم بن صاهلة بن کاهل بن الحارث بن تمیم بن سعد بن هذیل بن مدرکة، و اسم مدرکة عمرو بن إلیاس بن مضر، و یکنى أبا عبد الرحمن.[1]

یعد عبد الله بن مسعود من صحابة النبی الاکرم (ص) و یعرف بابن مسعود و بابن أم عبد أیضا، کان من الأوائل الذین اعتنقوا الاسلام قبل دخول رسول الله(ص) دار الأرقم. و کان أول من أفشى القرآن بمکة.

قالوا: هاجر عبد الله بن مسعود إلى أرض الحبشة الهجرتین جمیعا فی روایة أبی معشر و محمد بن عمر، و لم یذکره محمد بن إسحاق فی الهجرة الأولى و ذکره فی الهجرة الثانیة إلى أرض الحبشة.

و شهد عبد الله بن مسعود بدرا و أحدا و الخندق و المشاهد کلها مع رسول الله (ص).

و کان صاحب سواد رسول الله (ص) یعنی سره، و وساده، یعنی فراشه، و سواکه و نعلیه و طهوره، و هذا یکون فی السفر.

و کان یمشی أمامه بالعصا حتى إذا أتى مجلسه نزع نعلیه فأدخلهما فی ذراعیه و أعطاه العصا، فإذا أراد رسول الله (ص) أن یقوم ألبسه نعلیه ثم مشى بالعصا أمامه حتى یدخل الحجرة قبل رسول الله(ص).

و عن علی (ع) انه قال: قال رسول الله (ص): لو کنت مؤمرا أحدا دون شورى المسلمین لأمرت ابن أم عبد.

و عن أم موسى قالت: سمعت علیا یقول: أمر النبی (ص) ابن مسعود أن یصعد شجرة فیأتیه بشیء منها فنظر أصحابه إلى حموشة ساقیه فضحکوا منها، فقال: النبی (ص): ما تضحکون! لرجل عبد الله یوم القیامة فی المیزان أثقل من أحد.

و عن حبة بن جوین قال: کنا عند علی فذکرنا بعض قول عبد الله و أثنى القوم علیه فقالوا: یا أمیر المؤمنین ما رأینا رجلا کان أحسن خلقا و لا أرفق تعلیما و لا أحسن مجالسة و لا أشد ورعا من عبد الله بن مسعود، فقال علی: نشدتکم الله، إنه لصدق من قلوبکم؟ قالوا: نعم، فقال: اللهم إنی أشهدک، اللهم إنی أقول فیه مثل ما قالوا أو أفضل. قرأ القرآن فأحل حلاله و حرم حرامه، فقیه فی الدین، عالم بالسنة، ولی الکوفة فی زمن عمر بن الخطاب الا انه لم یکن على حال مع عثمان، توفی فی المدینة سنة 32 هجری و قد تجاوز الستین و دفن فی البقیع.[2]

هذه ترجمة مختصرة لحیاته اما بالنسبة الى الشق الثانی من السؤال و هل کان ابن مسعود من القائلین بإمامة أمیر المؤمنین (ع)؟ لابد من القول: انه قد اختلفت کلمة المحققین فی هذه القضیة فقد اثنى علیه السید المرتضى و ذکره بتبجیل فی کتابه الشافی فی الإمامة و قال: لاشک ان ابن مسعود کان من کبار الصحابة و من أهل الطهارة و الفضل و الایمان و کان یثنی على الرسول (ص) و یمدحه و فی المقابل کان النبی یثنی علیه و یمدحه.[3]

کما اثنى علیه المحقق الکبیر العلامة المامقانی فی کتابه تنقیح المقال و ذکر مجموعة من القرائن التی تدل على حبه لأهل البیت و رفض خلافة الاخرین، منها:

الف: انه کان من الاثنی عشر الذین أنکروا على أبی بکر جلوسه فی الخلافة.و قال بتقدیم أهل البیت و خاصة أمیر المؤمنین علیه السلام و لابد من تقدیم من قدم الله تعالى.

ب: و کان ممن اشترک فی تشییع الزهراء (س) و هذه من اسرار الشیعة، و کذلک کان من جملة من صلى علیها (س)؛ و هذا مما یمکن ان یشکل قرینة على تشیعه و قربه.

ح: و کان من جملة من غسل ابا ذر الغفاری و کفنه و صلّى علیه؛ و قد أخبر رسول الله (ص) ابا ذر بانه یحضر مراسم غسله و دفنه مجموعة من المؤمنین.

د: ان ابن مسعود ممن رووا عن رسول الله (ص)، أنه یکون بعده اثنا عشر خلیفة بعدد نقباء بنی إسرائیل. و من البعید ان یروی ذلک و لایؤمن به.[4]

فی مقابل ذلک یوجد تجاه آخر من العلماء یرى خلاف ذلک و ان الرجل لم یکن موالیا للامام علی (ص) بالمعنى المعروف، یقول السید الخوئی فی ترجمته:

من أصحاب رسول الله (ص)،کما فی رجال الشیخ. و قال الکشی فی ترجمة أبی أیوب الأنصاری: «و سئل الفضل بن شاذان عن ابن مسعود و حذیفة؟ فقال: لم یکن حذیفة مثل ابن مسعود لأن‏ حذیفة کان رکنا، و ابن مسعود خلط و والى القوم و مال معهم و قال بهم». روى عبد الله بن مسعود عن رسول الله (ص)، و روى عنه عبیدة السلمانی. کامل الزیارات: الباب 4، فی حب رسول الله (ص) الحسن (ع)، و الحسین (ع)، الحدیث 5. و هو من الاثنی عشر الذین أنکروا على أبی بکر، ذکره الصدوق فی الخصال: فی أبواب الاثنی عشر، باب الذین أنکروا على أبی بکر جلوسه فی الخلافة، الحدیث 4. و ذکر فیه عدة من الروایات، عن ابن مسعود، عن رسول الله ص، أنه یکون بعده اثنا عشر خلیفة بعدد نقباء بنی إسرائیل، باب الخلفاء و الأئمة بعد النبی (ص) اثنا عشر، الأحادیث 6 إلى 11.

أقول: هذه الروایات التی رواها الصدوق- قدس سره- کلها ضعیفة، و لو صحت لم تعارض ما ذکره الفضل بن شاذان من أن ابن مسعود والى القوم و مال معهم. و یدل على أنه لم یتبع أمیر المؤمنین (ع) و لم یشایعه بل استقل فی أمره: ما نقل من فتاواه فی الفقه، و ما ورد من الروایات فی تخطئته... .

ثم قال قدس:

و المتلخص مما ذکرناه: أن عبد الله بن مسعود لم یثبت أنه والى علیا (ع) و قال بالحق، و الله العالم. ثم إنه قد اعتنى علماء العامة بشأنه، و هو متسالم علیه عندهم فی الفضل و التقى، قال ابن حجر فی تقریبه: «عبد الله بن مسعود بن غافل (بمعجمة و فاء) ابن حبیب الهذلی أبو عبد الرحمن، من السابقین الأولین، و من کبار العلماء من الصحابة، مناقبه جمة و أمره عمر على الکوفة، ».

أقول: على هذا الأساس أثنى علیه السید المرتضى فی الشافی، و استدل بروایاته على المخالفین جدلا.[5]

الجدیر بالذکر ان القائلین بعدم ولائه لعلی یذکرون مجموعة من القرائن منها اختلافه مع امیر المؤمنین فی مسالة الارث و القراءة وعدم تأیید الائمة لقراءته فقد روی عن الامام الباقر انه قال ان ابن مسعود حذف المعوذتین من مصحفه.[6]

و ذهب الى ذلک ایضا المحقق التستری فی قاموس الرجال حیث خدش فی کل الادلة التی تدل على تشیعه و ان خبر انکاره لخلافة الاول و کونه من الاثنی عشر الذین انکروا ذلک قد نقلت فی مصادر اخرى مثل الاحتجاج للطبرسی و لم یرد فیها ذکر لابن مسعود، اضافة الى الاخبار التی تدل على مخالفته للامام علیه السلام.[7]

النتیجة: انه بالنظر الى فضائل ابن مسعود و علاقته بالرسول الاکرم (ص) و قربه منه (ص) یمکن اثبات کونه من المحبین لاهل البیت (ع)، لکن هل کان یقول بامامة و خلافة امیر المؤمنین بلا فصل؟ یمکن ان نقول: صحیح ان القضیة اختلف فیها الا انه تمجید السید المرتضى و ثناءه علیه و نقله لاخبار امیر المؤمنین و ... یدل على انه کان یعتقد بإمامة امیر المؤمنین (ع).



[1] ابن سعد، الطبقات الکبرى، ج 3، ص 112، بیروت الطبعة الأولی، 1410، دار الکتب العلمیة.

[2] ابن سعد، الطبقات الکبری، ج 3، ص 112 - 119.

[3] السید المرتضی، الشافی فی الإمامة ج 4، ص 283، نقلا عن قاموس الرجال للتستری ج 6، ص 600 طبع جامعه مدرسین.

[4] المامقانی، تنقیح المقال فی علم الرجال، ج 2، ص 216، انتشارات جهان، سال 1352، تهران.

[5] الخوئی، ابوالقاسم، معجم رجال الحدیث، ج 10، ص 322، الطبعة الاولی، 1398، انتشارات مدینة العلم قم.

[6] علی بن ابراهیم القمی، تفسیر القمی، ج2، ص450.

[7] محمد تقی، التستری، قاموس الرجال، ج 6، ص 600 – 608، طبع جامعة مدرسین قم، محرم 1415.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280455 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    259110 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129804 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    116173 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89692 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61302 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60550 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57467 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    52073 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    48112 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...