بحث متقدم
الزيارة
7272
محدثة عن: 2010/03/07
خلاصة السؤال
هل یستطیع الإنسان تحصیل رفاهیة و راحة الدنیا و الآخرةمعا؟
السؤال
هل فی مقدور الإنسان أن یجمع بین رفاهیة و راحة الدنیا و الآخرة؟
الجواب الإجمالي

هذا العالم بما یمتلکه من طبیعة خاصة و مرتبة وجودیة فإنه تسیطر علیه أحکام و قوانین تجعل الرفاهیة فیه ممزوجة بالضنک، و الفرح بالحزن، و الراحة بالمصاعب، و لا یوجد فیه راحة أو رفاهیة مطلقة. و بعض المصاعب التی تواجه الإنسان سببها الابتلاء و الامتحان الإلهی، لیتمیّز المؤمن عن غیره.

لکن الرفاهیة و الراحة الحقیقیة إنما تتحقق فی عالم الآخرة، و یتمتع بها المؤمنون المحسنین الذین عمّروا آخرتهم بسعیهم و جهودهم التی بذلوها فی هذه الدنیا؛ لأن هذه الدنیا هی مزرعة للآخرة، و مقدمة للحیاة الأبدیة.

هذا إذا کان المقصود هو الرفاهیة و السعادة المطلقة، أما إذا کان المقصود هو التنعم بالإمکانیات المادیة و النعم الدنیویة من قبیل المال و المنزلة الرفیعة و ما أشبه. فالجواب هو نعم یمکن للإنسان أن یحصل على هذه النعم فی الدنیا، و إذا کان مؤمناً تقیّاً فإنه یحصل أیضا على النعم الأخرویة کما حصل لنبی الله سلیمان (ع).

الجواب التفصيلي

الرَّفاهیة لغة هی: الخِصْبُ و السَّعَةُ فی المَعاش.[1]

تقتضی الطبیعة الوجودیة لهذا العالم أن تمتزج فی حیاة الإنسان (المؤمن و الکافر على السواء) السعادة و الراحة بالألم و الحزن، فحتى الأشخاص الذین یتمتعون بإمکانیات مادیة کبیرة نراهم یصابون بالکثیر من الآلام و المشاکل التی لم یبتلی بها أفقر الناس؛ لأن هذا العالم هو عالم المادة و التزاحم و الألم و المشقة و الضیق و العدم. و لهذا فإن عالم الدنیا یکون من جهة سبباً للبلاء و الألم و الأمراض، و من جهة أخرى یکون سببا للنجاح، و الفرح، فتختلط فیه السعادة بالتعاسة، و الفرح بالحزن، و المصاعب بالراحة، و النصر بالهزیمة. و لا یمکن العثور فیه على شخص یرفل بنعمة مطلقة أو بتعاسة کذلک. فهناک العدید ممن یمتلکون الإمکانیات المادیة لکنهم یعیشون المشاکل النفسیة أو الجسدیة، أو المشاکل العائلیة.

فالله سبحانه و تعالى خلق العالم المادی بهذا النحو لیعیش الإنسان حالة ابتلاء و امتحان مستمر لیتمیز المؤمن الطیب الساعی نحو الله و المحسن عن غیره؟

و من جهة أخرى فربما تکون المصاعب و الهزائم مقدمة للنجاح الأکبر، و لعل المصائب تؤدی إلى انتباه الإنسان من الغفلة، و تستنقذه من التلوث و الانحراف، و تقرب الإنسان من ذکر ربه.[2] قال تعالى: "وَ لَقَدْ أَخَذْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِینَ وَ نَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ یَذَّکَّرُونَ".[3]

أما السعادة الحقیقیة و اللذة الأبدیة فلا یمکن تحققها إلا فی عالم الآخرة، و هی خالصة للمؤمنین المحسنین. و طبیعی أن الحیاة فی هذه الدنیا هی مقدمة للحیاة الآخرة، و لا تتحقق سعادة و راحة الآخرة إلا من خلال السعی و العمل الدؤوب فی هذه الدنیا. و إذن فالحیاة الدنیا تمتلک قیمة کبیرة لکونها مقدمة للحیاة و للسعادة الحقیقیة.

و بناء على ما تقدم فالسعادة و الراحة و الرفاهیة الحقیقة لا معنى لها فی هذا العالم، لیحاول الشخص أن یکون سعیداً و مرفهاً فیه و یجمع بین سعادة الدنیا و الآخرة، بل إن الرفاهیة الحقیقیة مختصة بالمؤمنین و المحسنین فی عالم الآخرة فقط.

نعم إذا کان المقصود من السعادة الدنیویة هو امتلاک الإمکانیات المادیة و النعم الدنیویة مثل المال و المنزلة و ما أشبه ذلک ، فالجواب نعم یمکن للإنسان أن یحصل على هذه النعم فی الدنیا، و إذا کان مؤمنا تقیّاً فإنه یحصل أیضا على النعم الأخرویة کما حصل لنبی الله سلیمان (ع).



[1]لسان العرب، مادة رفه .

[2] کاشفی، محمد رضا، استنادا الى کتاب کتاب شناسی( معرفة الله) ،ص94-101، ممثلیة السید القائد فی الجامعة، دفتر نشر معارف، الطبعة السادسة، 1386 هجری شمسی.

[3] الأعراف، 130 .

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

  • ما الحاجة الى الدعاء مع وجود القرآن الکریم؟
    5877 التفسیر 2011/05/21
    یوجد فی السؤال نوع إبهام فلم یعلم المراد منه، فهل المراد:- ما الحاجة الى الدعاء مع وجود القرآن الکریم؟- أو المراد: مع وجود الادعیة القرآنیة هل تبقى الحاجة ماسة الى الادعیة الواردة عن المعصومین؟من هنا ...
  • هل یوجد إشکال فی تسدید الدین وقت الغروب؟
    5162 الحقوق والاحکام 2009/08/08
    الدَّیْن هو مالٌ کلی ثابت فی ذمة شخصٍ لشخصٍ آخر، و سببه إما الاقتراض أو أمور اختیاریة أخرى کعقد معاملة بیع على وجه السلم، أو بقاء الثمن فی النسیئة أو أجرة فی عقد إیجار أو صداق النکاح أو عوض فی طلاق الخلع و غیره، أو یکون سبب الدین أمور قهریة ...
  • لو تتفضلوا بإعطاء طريق حل في سبيل التجنب عن الضحك الكثير خاصة في محرم و صفر.
    8684 العملیة 2012/07/01
    البكاء و الضحك نوعان من الأحاسيس و المشاعر القلبية في وجود الإنسان و كلاهما من علائم سلامة الإنسان و صحته و تعادل مزاجه. و على الإنسان أن يدرّب و يطوّر نفسه و يتعلم آداب الضحك و إظهار السرور حتى يدخل ضحكه و سروره في ضمن فضائله الأخلاقية ...
  • هل فاتت رسول الله (ص) الصلاة فصلاها قضاءً؟
    6776 الکلام القدیم 2008/07/29
    هذه المسألة من مسائل البحث الفقهی و لها علاقة بالمباحث الکلامیة کما وردت فیها روایات أیضاً، و لیس للفقهاء اتفاقٌ فی هذه المسألة، فقد یرى جمع من العلماء أن مثل هذه الروایات مرفوضة و لا یمکن قبولها لتعارضها مع الأدلة الأخرى و تنافیها مع العصمة، و یرى عدد آخر من ...
  • هل كان الشهيد حمزة عم النبي (ص) متزوجاً؟ و من هم ذريته؟
    24142 تاريخ بزرگان 2012/06/14
    المعروف تأريخياً و حديثياً أن حمزة عم النبي الاكرم (ص) كان متزوجاً و له ثلاث نساء و ذرية ، الا انه لم يعقب لوفاة ابنائه في حياة أبيهم. و يمكن توجيه كلام النبي الاكرم (ص) "لكن حمزة لا بواكي له" بأن الاصوات كانت تتعالى من ...
  • ما هی طبیعة الموقف الاسلامی من علم الجینات و العلاج الجینی؟
    5668 الحقوق والاحکام 2011/04/17
    کما تعلمون ان هذه القضیة یمکن النظر الیها من زوایا مختلفة، و یمکن دراستها من خلال نوع التحولات و التغیرات الجینیة التی تحصل عن طریق هذا العلاج؛ و ذلک:1. هناک معالجات تحصل قبل ولادة الانسان و بعضها الآخر یحصل بعد الولادة.
  • أرجو ذکر دعاء یختص بالحصول على زوجة صالحة و مناسبة.
    12286 العملیة 2008/06/23
    إن الله سبحانه قد جعل لکل شیء سببا او اسبابا، و للوصول إلى هذه الأشیاء یجب العمل عن طریق أسبابها. و ان الطریق المناسب للعثور على زوجة مناسبة هی البحث و الاستقصاء الدقیق. و بالتأکید یجب علینا أن نطلب العون من الله سبحانه فی نفس الوقت لکی یهدینا إلى المعرفة ...
  • ما الفائدة من الدعاء لبسط الرزق و الحال أن الارزاق مقدرة؟
    11718 الاخلاق 2010/07/17
    صحیح أنا لا نحصر الرزق الالهی فی الثروة و سائر النعم الدنیویة، لکن مع ذلک نعتقد أن الله تعالى قدر، أولا: التفاوت فی رزق الافراد لیکون ذلک وسیلة للاختبار و الامتحان، و ثانیاً: لیتحرک الناس ضمن خطة و برنامج یضعونهما لادارة شؤون حیاتهم بما ینسابها؛ و بطبیعة ...
  • ألا يعتبر الطلاق انتهاكاً لحقوق الإنسان؟
    3210 طلاق 2021/08/23
    الطلاق حق من حقوق الإنسان. لأن في الطلاق، لا يفقد أحد حقه. الطلاق هو أحد الحلول التی قدمته جميع الأديان والمدارس للزوجين اللذين لا يستطيعان لأي سبب من الأسباب ان یستمران في العيش معًا کی ینفصلا عن بعضهما، لعلهما یحققا حياة أفضل ومزيدا من النجاح من خلال زواج ...
  • عثرت على مقدار من المال فکتبت قطعة فی المحلة دونت فیها رقم هاتفی و ارسلت رسالة على العنوان الموجود مع المال و لکن لم یأتنی الرد، فهل یحق لی التصرف فیها؟
    5490 الحقوق والاحکام 2011/11/06
    مکتب آیة الله العظمى السید الخامنئی (مد ظله العالی):إذا یئست من العثور على صاحب المال فی الفرض المذکور و کان المال اکثر من 6/12 حبة من الفضة فیجوز على الاحوط وجوبا التصدق به عن صاحبه.مکتب آیة الله السید السیستانی (مد ظله العالی):یجب التعریف ...

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    281969 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    263659 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    130887 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    120106 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    90821 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    62538 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    62510 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    58229 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    54125 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    50575 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...