Please Wait
الزيارة
3851
3851
محدثة عن:
2014/10/11
خلاصة السؤال
مع الأخذ بنظر الاعتبار محدودية عدد الشيعة و كونهم الأقلية في العالم بنحو لا تتجاوز نسبتهم 10/. من مجموعة سكان الأرض، يثار السؤال التالي: ما هو مصير سائر البشرية يوم القيامة و التي تبلغ نسبتها 90/.؟ و هل يتعرضون للاختبار أم لا؟ و هل ينتهي مصيرهم إلى السعادة و الخلود أم لا؟
السؤال
هناك مجموعة من الأسئلة المحيّرة التي تراودني و تشغل بالي، منها السؤال الذي يندرج ضمن مجموعة الفقه الأكبر و الرؤية الكونية للعالم. و هو يتعلق بمصير البشرية يوم القيامة، حيث يؤمن المسلمون بل سائر الأديان الإلهية بتعرض الانسان لاختبارات تؤهله لنيل السعادة و الخلود الاخرويين و أنّ الدنيا مزعة للآخرة و منطلق منها نحو الخلود و الفلاح. فاذا قلنا إنّ الخط القويم و الموصل إلى الله تعالى هو خط الاسلام المتمثل بمدرسة أهل البيت أو ما يعرف بالتشيع فقط، فمع الأخذ بنظر الاعتبار محدودية عدد الشيعة و كونهم الأقلية في العالم بنحو لا تتجاوز نسبتهم 10/. من مجموعة سكان الأرض، يثار السؤال التالي: ما هو مصير سائر البشرية يوم القيامة و التي تبلغ نسبتها 90/.؟ و هل يتعرضون للاختبار أم لا؟ و هل ينتهي مصيرهم إلى السعادة و الخلود أم لا؟
و الجدير بالذكر هنا أنه لا يمكن الاكتفاء بالجواب المتعارف القائل بأنّ ملاك السعادة و الشقاء يكمن في إتمام الحجّة و عدمها؛ و ذلك لأنه قد يحدد تكليف تلك الطائفة التي القيت عليها الحجّة الإلهية مع الأخذ بعين الاعتبار طاعتهم و عصيانهم، إلا أنه لا يكفي للاجابة عن تحديد مصير من لم تقم عليهم الحجة، إذ الكل – مهما كان مستواهم من الانصاف- يدركون أنّ الاكثيرة لم تلق عليهم الحجّة و لم تتضح لهم حقانية الاسلام عامّة و التشيع خاصّة. ثم إن هؤلاء هل يتعرضون للاختبار و الامتحان الالهيين أم لا؟
ثم لو فرضنا أن تلك النسبة الكبيرة تحظى بالسعادة شأنها شأن الاقلية فهنا يثار السؤال الآخر: كيف يستوي من تحمل الصعاب و المحن و وقع على كاهله كلّ تلك المهام الصعبة و الاحكام الدينية الشاقة نسبياً مع هؤلاء الذين عاشوا التحلل و اللامبالاة أمام الشريعة و الدين؟!
و على فرض كون مصيرهم العذاب و الشقاء في المستقبل، فهنا يطرح السؤال التالي: ما هي الحجّة التي ألقيت عليهم و ما هي الدعوة التي لم يذعنوا لها؟
فاذا كان الجواب بأنّ مراتب الجنة و السعادة متفاوته هنا نقول: لماذا لم يتح لهؤلاء فرصة الوصول إلى الكمال و انحصر ذلك في أقلية محدودة؟ إلى غير ذلك من التساؤلات المطروحة من قبيل مصير الأطفال و القصّر من الناس و....؟
الجواب الإجمالي
للاجابة عن السؤال المطروح لا بد من الالتفات إلى مجموعة من النقاط:
1. لابد من التفريق بين مفردتي التفاوت و التمييز، و أن الذي لا ينسجم مع العدالة الالهية هو التمييز لا التفاوت. و هذا ما تجد جوابه في السؤال رقم 1196 (الموقع: 1198) فلسفة الاختلاف و التفاوت بين البشر).
2. إن أصل وجود التفاوت من الملازمات الوجودية لعالم الخلق و بالخصوص العالم المادي منه، و ذلك لأنه:
ألف. إنّ خلق الأشياء يُعد من اللوازم الضرورية؛ إذ مع عدم لزوم و ضرورية الخلق و انعدام المخلوقات مطلقا فحينئذ لا بد من التسليم بعدم تجلي الظهور و الفيض الإلهي و أنّه تعالى يكون في الخفاء المطلق و الدائم، و هذا مما يتنافى مع التجلي الذاتي و الفيض الإلهي الدائم. مضافاً إلى استلزامه عدم تحقق الخير في شيء من العلم فالخلق أمر لازم و ضروري ينسجم مع مقتضيات ذات الحق تعالى.
ب. ان ظهور و تجلي الذات الالهية يستلزم التفاوت بين المخلوقات؛ و ذلك – بوضوح- لأن المخلوقات إنما وجدت على أساس قاعدة العلية و السنخية بين العلة و المعلول، و كان تجليها على أساس رعاية المراتب الذاتية للباري تعالى.
3. كلّ موجود متكامل في حدّ ذاته و يتوفر على الآليات التي توفر له إمكانية الوصول إلى الكمال.
4. تكون العلاقة طردية بين الامتيازات و المسؤوليات فكلما إزدادت الامتيازات زادت نوعية التكاليف و المسؤوليات و العكس صحيح؛ و الشاهد على ذلك بالاضافة إلى الاحاديث الكثيرة التي تؤكد على هذه الحقيقة كالحديث المروي حفص بن غياث عن أَبي عبد اللَّه (ع) قال: قال يا حَفصُ يُغْفَرُ للجاهل سبعُونَ ذنباً قبلَ أَن يُغْفَرَ للعالِمِ ذنبٌ واحدٌ".[1] الآيات و الروايات التي تضيق على الأنبياء و الأولياء و أنهم يؤاخذون بأدنى ذنب أو خطأ يصدر عنهم على فرض صدوره من الأنبياء؛ و أن الاعمال التي قد تكون مباحات للعامة من الناس تعد نفسها معاصي و ذنوباً لو صدرت من الأنبياء و الأولياء، بل قد تعد من كبار المعاصي و الذنوب.[2] و عليه يمكن القول بأنّه قد يصل انسان يعيش خارج دائرة المحيط الشيعي إلى مراتب سامية من خلال أعمال يسيره في الوقت الذي يراد فيه من الإنسان الشيعي القيام باعمال كبيرة للوصول إلى تلك المرتبة.
فالمتحصل أن ادعاء كون هناك طائفة من الناس لهم الحجّة على الله يوم القيامة يكون من قبل الاوهام و زخرف القول التي لا يمكن القبول بها؛ إذ معنى ذلك أنّه لا يرضى عن الله تعالى يوم القيامة الا طائفة محدودة من الناس الكمّل كالأنبياء و الأئمة فقط.
و الشاهد على هذه الحقيقة و أنّه ليس لأحد مهما كان الحجّة على الله تعالى ما اشارت إليه الآية الكريمة التي وصفت موقف الكافرين يوم القيامة و حسرتهم على التفريط بالفرصة التي اتيحت لهم: "أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ في جَنْبِ اللَّهِ وَ إِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرينَ".[3] و لاريب أن الحسرة و الحزن إنما يحصلان عندما يشعر الانسان بالتقصير و إهدار الفرص المتاحة له و عدم الاستفادة من النعم الإلهية.
و كما ورد في وصف حال الكافر يوم القيامة و أنه يتمنى أن يكون ترابا "يَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَني كُنْتُ تُراباً".[4] إذ يمتنى ذلك لأنه يعلم أنّ كونه تراباً يعني اعفاءه عن المسؤوليات و المهام التي لم ينجح في القيام بها.
5. الأمر الآخر الذي ينبغي الالتفات إليه هو التفريق بين مقولة الحق و دخول الجنة، إذ لا تلازم بين كون الانسان على الحق و دخول الجنة، فقد يكون الإنسان على الحق في اعتقاده و المنهج الذي يسير عليه و مع ذلك لا يدخل الجنة بسبب عوامل أخرى من قبيل عدم رسوخ المعتقد في قلبه و القيام باعمال تتنافى مع الشريعة التي يؤمن بها، مما يجعله في نهاية المطاف في عداد أصحاب النار؛ و من الممكن أيضاً أن ينال الانسان الجنة بسبب طهارته و نقائه الفطرية و إن لم يكن على عقيدة صحيحة.
لمزيد الإطلاع انظر: السؤال رقم 1389(الموقع: 1751) تحت عنوان: القاصرون و النجاة من الجحيم؛ و الرقم 2089 (الموقع: 283) تحت عنوان: الجحيم لغير المسلمين.
1. لابد من التفريق بين مفردتي التفاوت و التمييز، و أن الذي لا ينسجم مع العدالة الالهية هو التمييز لا التفاوت. و هذا ما تجد جوابه في السؤال رقم 1196 (الموقع: 1198) فلسفة الاختلاف و التفاوت بين البشر).
2. إن أصل وجود التفاوت من الملازمات الوجودية لعالم الخلق و بالخصوص العالم المادي منه، و ذلك لأنه:
ألف. إنّ خلق الأشياء يُعد من اللوازم الضرورية؛ إذ مع عدم لزوم و ضرورية الخلق و انعدام المخلوقات مطلقا فحينئذ لا بد من التسليم بعدم تجلي الظهور و الفيض الإلهي و أنّه تعالى يكون في الخفاء المطلق و الدائم، و هذا مما يتنافى مع التجلي الذاتي و الفيض الإلهي الدائم. مضافاً إلى استلزامه عدم تحقق الخير في شيء من العلم فالخلق أمر لازم و ضروري ينسجم مع مقتضيات ذات الحق تعالى.
ب. ان ظهور و تجلي الذات الالهية يستلزم التفاوت بين المخلوقات؛ و ذلك – بوضوح- لأن المخلوقات إنما وجدت على أساس قاعدة العلية و السنخية بين العلة و المعلول، و كان تجليها على أساس رعاية المراتب الذاتية للباري تعالى.
3. كلّ موجود متكامل في حدّ ذاته و يتوفر على الآليات التي توفر له إمكانية الوصول إلى الكمال.
4. تكون العلاقة طردية بين الامتيازات و المسؤوليات فكلما إزدادت الامتيازات زادت نوعية التكاليف و المسؤوليات و العكس صحيح؛ و الشاهد على ذلك بالاضافة إلى الاحاديث الكثيرة التي تؤكد على هذه الحقيقة كالحديث المروي حفص بن غياث عن أَبي عبد اللَّه (ع) قال: قال يا حَفصُ يُغْفَرُ للجاهل سبعُونَ ذنباً قبلَ أَن يُغْفَرَ للعالِمِ ذنبٌ واحدٌ".[1] الآيات و الروايات التي تضيق على الأنبياء و الأولياء و أنهم يؤاخذون بأدنى ذنب أو خطأ يصدر عنهم على فرض صدوره من الأنبياء؛ و أن الاعمال التي قد تكون مباحات للعامة من الناس تعد نفسها معاصي و ذنوباً لو صدرت من الأنبياء و الأولياء، بل قد تعد من كبار المعاصي و الذنوب.[2] و عليه يمكن القول بأنّه قد يصل انسان يعيش خارج دائرة المحيط الشيعي إلى مراتب سامية من خلال أعمال يسيره في الوقت الذي يراد فيه من الإنسان الشيعي القيام باعمال كبيرة للوصول إلى تلك المرتبة.
فالمتحصل أن ادعاء كون هناك طائفة من الناس لهم الحجّة على الله يوم القيامة يكون من قبل الاوهام و زخرف القول التي لا يمكن القبول بها؛ إذ معنى ذلك أنّه لا يرضى عن الله تعالى يوم القيامة الا طائفة محدودة من الناس الكمّل كالأنبياء و الأئمة فقط.
و الشاهد على هذه الحقيقة و أنّه ليس لأحد مهما كان الحجّة على الله تعالى ما اشارت إليه الآية الكريمة التي وصفت موقف الكافرين يوم القيامة و حسرتهم على التفريط بالفرصة التي اتيحت لهم: "أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ في جَنْبِ اللَّهِ وَ إِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرينَ".[3] و لاريب أن الحسرة و الحزن إنما يحصلان عندما يشعر الانسان بالتقصير و إهدار الفرص المتاحة له و عدم الاستفادة من النعم الإلهية.
و كما ورد في وصف حال الكافر يوم القيامة و أنه يتمنى أن يكون ترابا "يَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَني كُنْتُ تُراباً".[4] إذ يمتنى ذلك لأنه يعلم أنّ كونه تراباً يعني اعفاءه عن المسؤوليات و المهام التي لم ينجح في القيام بها.
5. الأمر الآخر الذي ينبغي الالتفات إليه هو التفريق بين مقولة الحق و دخول الجنة، إذ لا تلازم بين كون الانسان على الحق و دخول الجنة، فقد يكون الإنسان على الحق في اعتقاده و المنهج الذي يسير عليه و مع ذلك لا يدخل الجنة بسبب عوامل أخرى من قبيل عدم رسوخ المعتقد في قلبه و القيام باعمال تتنافى مع الشريعة التي يؤمن بها، مما يجعله في نهاية المطاف في عداد أصحاب النار؛ و من الممكن أيضاً أن ينال الانسان الجنة بسبب طهارته و نقائه الفطرية و إن لم يكن على عقيدة صحيحة.
لمزيد الإطلاع انظر: السؤال رقم 1389(الموقع: 1751) تحت عنوان: القاصرون و النجاة من الجحيم؛ و الرقم 2089 (الموقع: 283) تحت عنوان: الجحيم لغير المسلمين.
[1]. الكافي، ج 1، ص 47.
[2]. لمزيد الإطلاع انظر السؤال رقم 1013 (الموقع: 1029) تحت عنوان عصمة الأنبياء في القرآن الكريم.
[3] الزمر، 56.
[4] النبأ، 40.
س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات