بحث متقدم
الزيارة
8374
محدثة عن: 2008/01/22
خلاصة السؤال
هل الغایة من «ستة أیام» التی ذکرت فی الآیات القرآنیة، هی الأیام الطبیعیة التی تنقسم الى (24) ساعة؟
السؤال
کنت أناقش ذات یوم صدیقی المسیحی حول ما جاء فی الانجیل والقرآن فی مسألة الخلقة. جاء فی الانجیل أن الله خلق الأرض فی ستة أیام و خلق سیدنا ادم فی الیوم الاخیر (السادس) .هل القرآن أیضا یؤید هذه النظریة؟
هل ماعٌبر عنه القرآن بـ(ستة أیام) یشیر الى أیام أطول من الایام الطبیعیة (24ساعة)؟ و طبعاً صدیقی المسیحی لا یقبل هذا المضمون معتبرا أن المعنى الدقیق هو الیوم الطبیعی (24ساعة) فیا حبذا لو تشرحون لی رؤیة الاسلام حول هذه المسألة؟
الجواب الإجمالي

ذکرت فی القرآن الکریم المدة التی خلقت فیها السماوات و الارض و عبر القرآّن عنها بـ(ستة ایام)دون ان یشیر الى خَلقْ ادم فی الیوم السادس او یخبر عن تفاصیل ما فعله الله تعالى فی کل یوم.

یبدو أن المراد من تعبیر(ستة ایام ) هو ستة مراحل، کما ان (الیوم) بهذا المعنى ًاستعمل فی آّیات قرآنیة اخرى و روایات عن الائمة و اکثر الشعراء و الادباء من استعمال هذا المعنى فی کلماتهم و اشعارهم. فلذلک یمکن ان السماء و الارض کانتا قد خلقتا قبل ملایین أو حتى ملیارات السنین و هذا ینطبق على خلق آدم أیضاً. و هذه ما تؤکدها اکتشافات علم الآّثار من دراسة بقایا اجزاء البشر الاولی التی تعود الى قبل ملایین السنین. و طبعاً عندما یقال أن نبی الله آدم ُخلقَ قبل ستة أو سبعة الاف سنة لایستحیل أن یکون المقصود منه هو النشأة البشریة الحدیثة التی تبدأ من آدم فلربما الاف الأجیال البشریة سبقت هذه النشأة الحدیثة و خلت.

الجواب التفصيلي

جاء فی القرآن الکریم و التوراة ان السماوات و الارض ُخلقت فی ستة أیام[1] الا أن:

القرآن المجید لم یشر الى تفاصیل ما فعله الله تعالى فی کل یوم[2] بینما الکتاب المقدس أشار الى تفاصیل هذه الافعال[3] هذا اولا، و ثانیاً: لم یشر القرآن الى ان الله خلق آدم فی الیوم السادس.

ثم هل المقصود من (الیوم) فی الآیة الکریمة: «و لقدخلقنا السماوات و الأرض و ما بینهما فی ستة أیام»،[4] هو الیوم الطبیعی (24ساعة) أم ...؟

فنقول: من الواضح أن اللیل و النهار، اللذین ینشآن من حرکة الأرض حول مدارها و أمام شعاع الشمس، لم یکونا فی بدایة الخلیقة کما علیه الان و ذلک لأنه لم تخلق الشمس و لا الارض فی تلک المرحلة. فاذن لایمکن القول ان المقصود من (الیوم) هی حرکة الأرض حول مدارها و ان یمکن أن نجعل الیوم الطبیعی (24ساعة) یوماً مماثلاً له.

و لکن بما أن الاکتشافات العلمیة الحدیثة تشیر الى أن السماء و الأرض تحولتا الى ما نشاهده حالیاً بعد ملائین السنین فلا داعی الى أن نساوی بین (الیوم) و (الیوم الطبیعی) سیما ان مفردة الیوم لها مفهوم واسع و معانی عدیدة و هی قد استعملت و ما زالت تستعمل فی مفهوم "المرحلة" و "عهد من الزمن" سواءً کانت تلک المدة قصیرة أو طویلة کآلاف السنین بل ملائین السنین.

فعلى سبیل المثال القرآن عٌبر عن الحشر "یوم القیامة" بینما الاخرة و الحشر مرحلة طویلة جداً حیث أنه جاء فی القرآن نفسه: «تعرج الملائکة و الروح الیه فی یوم کان مقداره خمسین ألف سنة».[5]

اذن على أقل التقادیر لم تؤید الآیات القرآنیة التساوی بین "الیوم" و الـ "24 ساعة" هذا بالاضافة الى أن مفردة "الیوم" استعملت على لسان عامة الناس و الشعراء و الأدباء و حتى أئمة الدین فی معنى "المرحلة" (طویلة کانت أم قصیرة)، کماقال أمیر المؤمنین علی (ع): «الدهر یومان، یوم لک و یوم علیک».[6]

و علیه أنشد کلیم الکاشانی:

مرارة الحیاة لم تکن أکثر من یومین

و أقولها لک یا "کلیم" کیف أنها أنقضت

یومٌ هوى قلبی لهذا و ذاک

و الیوم الأخر بمفارقتی لهذا و ذاک[7]

کذلک علماء اللغة فسٌروا مفردة الیوم بمفهوم واسع: فمثلاً راغب الأصفهانی یقول: الیوم یعٌبر به عن وقت طلوع الشمس الى غروبها و قد یعبٌر به عن مدة من الزمان أیٌ مدة کانت.[8]

نستخلص مما ذکرناه: أن الله تعالى خلق السماوات و الأرض فی ستة مراحل متتالیة و ان بلغت هذه المراحل الاف بل ملایین السنین و لاتتعارض الآیات القرآنیة و الأکتشافات العلمیة فی هذا المجال.

و کذلک لو أننا فسٌرنا ماجاء فی الکتاب المقدس من "الیوم" بـ "المرحلة"، کما أن المفردة تحتمل هذا التفسیر، فأنه لایحصل هذا التناقض فی العبارة.[9]



[1] قد وردت هذه المسألة فی سبع آیات من القرآن الکریم: الأعراف،54؛ یونس،3؛ هود، 7؛ الفرقان، 59؛ السجدة، 4؛ ق، 38؛ الحدید، 4.

[2] ان الآیات الکریمة 1، 12 من سورة فصلت هی المورد الوحید فی القرآن الکریم الذی ذکر فیه بعض التفاصیل من خلق الأرض و تقدیر الأرزاق فیها فی أربعة أیام و کذلک خلق السماوات فی یومین، و قد أستند بعض المفسرین على هذه الآیات الکریمة لتخمین مراحل الخلقة بشکل احتمالی. لاحظ: تفسیر نمونه،ج 6، ص 202.

[3] الکتاب المقدس،سفر التکوین، الباب الأول رقم 1، 31.

[4] ق ، 38.

[5] المعارج، 4.

[6] نهج البلاغة، ص 546.

[7] کلیم الکاشانی. نقلاً عن تفسیر نمونة،ج 6،ص 202.

[8] مفردات الفاظ القرآن، مصطلح "یوم".

[9] للاطلاع أکثر لاحظ: بحث فی الاعجاز العلمی فی القرآن، محمد علی رضائی، ص 105، ۱۲۶.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

  • أیهما أفضل استشارة الطبیب النفسی أم المشاور الدینی؟
    5068 العملیة 2011/10/16
    للإجابة عن السؤال نتابع الآتی:1ـ فیما یخص مشاورة الطبیب النفسی أو الخبیر الدینی لا بد من القول: مع أن الأمرین مرتبطان ببعضهما من زاویة نظر معینة إلا أنهما منفصلان من جهة أخرى. و لذلک فمن یشعر بوجود مشکلة نفسیة و روحیة معنویة فعلیة أن یراجع المتخصص فی هذا الفن، ...
  • هل يوجد من العلماء من افتى بحرمة الموسيقى مطلقاً و بجميع أنواعها؟
    3813 الحقوق والاحکام 2015/05/25
    صنف علماء الشيعة و فقهاؤهم من القرن القرن الحادي عشر و حتى الوقت الراهن رسائل مستقلة في الغناء و الموسيقى، حيث وقعت القضية منذ ذلك العصر و حتى اليوم معركة للآراء، و كان الفقهاء قبل ذلك يتعرضون للموضوع استطراداً و ضمن ابحاث كتاب التجارة من الفقه أو كتاب ...
  • ما حکم مشاهدة غیر المحارم عن طریق التلفزیون او الکامبیوتر؟
    5328 الحقوق والاحکام 2010/09/05
    اجاب سماحة آیة الله العظمى السید الخامنئی (دام ظله) عن السؤال التالی:ما هو حکم النظر إلى صورة المرأة الأجنبیة السافرة؟ و ما هو حکم النظر إلى صورة المرأة فی التلفزیون؟ و هل هناک فرق بین المسلمة و غیرها، و بین الصور المعروضة بالبثّ المباشر و ...
  • ما هو اسم کتاب النبی نوح (ع)؟
    6089 الکلام القدیم 2009/02/01
    ذکر فی الروایات اسم کتاب النبی نوح (ع) تحت عنوان "صحف نوح"[1] و لم یذکر له اسم خاص غیر ذلک.[1] بحارالأنوار، ج : 35 ص ...
  • مع الالتفات الى الروایات المختلفة و المتضادة ظاهراً، هل الکلام هو الأفضل أم السکوت؟
    7137 العملیة 2011/06/14
    اذا نظرنا الى کل من السکوت و الکلام من زاویة الآفات التی یتعرضان لها فلکل واحد منهما آفاته الخاصة به و لکل منهما محاسنه الخاصة کذلک، و مع ملاحظة کلا الامرین یکون من الصعب ترجیح طرف على آخر. لکن یمکن القول بشکل مطلق اذا قارنا بین السکوت و الکلام بعیدا ...
  • ما هو رأی سماحتکم فی أحادیث تحریف القرآن؟
    5292 الحقوق والاحکام 2010/12/01
    جواب سماحة آیة الله هادوی الطهرانی (دامت برکاته):1. روایات التحریف إما ضعیفة السند أو لیست بحجة من ناحیة الصدور أو أنها مضطربة دلالة؛ ولاریب أن القرآن الکریم مصون من التحریف مطلقاً فلم و لن یحرف.2. لو إعتقد الشخص بتحریف ...
  • هل یجب ان یلبس الخاتم فی الید الیمنی
    6844 الحقوق والاحکام 2008/07/19
    التختم هو من سنن النبی (ص) و الائمة (ع)، و فی الروایات توجد اشارات بخصوص جنس الخاتم، و شکله و النقش علیه. و اضافة لذلک فقد وردت التوصیة بانه من الافضل ان یکون الخاتم فی الید الیمنی. ان جمیع الاحکام التی وضعها الاسلام بخصوص لبس الخاتم لها جنبة استحبابیة. نعم ...
  • من هو أبو سعید الخدری؟ و هل کان محباً لأهل البیت (ع)؟ و هل کان یؤمن بإمامة أمیر المؤمنین(ع)؟
    6680 تاريخ بزرگان 2009/02/28
    لایوجد جواب الجمالی لهذا السؤال، النقر الجواب التفصیلی ...
  • ما معنى مكر الله؟
    6170 التفسیر 2012/03/12
    سئل الإمام الرضا (ع) عن نسبة الخديعة و الإستهزاء و المكر لله في القرآن الكريم، فقال: "إن الله عزّوجلّ لا يسخر و لا يستهزئ و لا يمكر و لا يخادع و لكنّه عزّ و جلّ يجازيهم جزاء السخرية و جزاء الإستهزاء و جزاء المكر و الخديعة...". ...
  • هل صحیح أن قبر الإمام أمیر المؤمنین علی (ع) فی العین الیمنى لسیدنا آدم (ع)؟
    6852 تاريخ بزرگان 2013/12/03
    1ـ اختلفت الروایات و النصوص التاریخیة عن محل دفن آدم (ع). فمنها ما تنصّ على أن محل دفنه فی حرم الله (فی مکة المکرمة و حوالیها).[1] و منها ما تنص على أن محل دفنه هو مدینة النجف و عند قبر الإمام علی (ع).

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280469 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    259124 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129819 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    116215 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89700 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61317 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60568 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57475 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    52102 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    48168 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...