بحث متقدم
الزيارة
7868
محدثة عن: 2008/07/29
خلاصة السؤال
هل أن الناس الذین کانوا یسکنون الکهوف هم من نسل آدم (ع)؟
السؤال
هل أن الناس الذین کانوا یعیشون فی الکهوف ینتسبون لآدم (ع)؟
الجواب الإجمالي

إن اختیار الکهوف و الجبال للسکنى من قبل نسل آدم (ع)، أمر یؤیده القرآن الکریم، و أما فیما یخص الإنسان السابق لآدم (ع) فهناک الکثیر من الشواهد التی تدل على سکنى الإنسان للکهوف و الغیران، و هذا أمرٌ غیر قابل للإنکار، و یجب النظر فی الآثار و الکتابات الموجودة فی جدران الکهوف للتعرف من خلالها على العصر الذی ترجع إلیه هذه الآثار.

و على أی حال فالمشخص أن تاریخ خلق آدم لم یکن لیرجع إلى حقب تاریخیة بعیدة جداً.

الجواب التفصيلي

من أجل الحصول على الجواب التفصیلی لابد من التوجه إلى النقاط التالیة:

1. هناک شواهد کثیرة تشیر إلى وجود إنسان ینتمی إلى عصور سابقة لعصر آدم أبی البشر (ع).

یقول المرحوم العلامة الطباطبائی: یمکن أن یشم من الآیة 3 فی سورة البقرة أنه یوجد إنسان قبل خلق آدم (ع) و على هذا الأساس یوجه سؤال الملائکة فی قولهم: «قَالُوا أَتَجْعَلُ فِیهَا مَنْ یُفْسِدُ فِیهَا وَ یَسْفِکُ الدِّمَاءَ وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِکَ وَ نُقَدِّسُ لَکَ» لما کان یرتکز فی أذهانهم من تاریخ الإنسان قبل آدم (ع).[1] و قد نقل الصدوق فی کتاب التوحید قول الإمام الصادق (ع) حیث قال: «لعلک ترى أن الله إنما خلق هذا العالم الواحد، و ترى أن الله لم یخلق بشراً غیرکم، بلى و الله لقد خلق الله ألف ألف عالم، و ألف ألف آدم، أنت فی آخر تلک العوالم و أولئک الآدمیین».[2]

2. یمکن إثبات وجود أجیال من جنس الإنسان الحالی کانوا یسکنون الکهوف، و ذلک من خلال النقوش و الکتابة التی عُثِر علیها فی جدران الکهوف و الغیران.[3] و لکن هل أن هذه القرائن تدل على أن إنسان الکهوف ینتمی إلى هذا الجنس الحاضر من البشر، أم أنه ینتمی إلى أجیال سابقة، هذا ما یحتاج إلى إثبات.[4]

و لکن ظاهر بعض الآیات یدل على أن الإنسان الحاضر ینتهی نسبة إلى آدم (ع) و زوجته حواء.[5] یقول الله تعالى مثلاً: «یَا بَنِی آَدَمَ لا یَفْتِنَنَّکُمُ الشَّیْطَانُ کَمَا أَخْرَجَ أَبَوَیْکُمْ مِنَ الْجَنَّةِ».[6]

و نحن نعلم أن القرآن کتاب لجمیع البشر و أن خطابه موجه إلى جمیع الناس و یقول فی آیة أخرى: «یا أَیُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّکُمُ الَّذی خَلَقَکُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَ خَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَ بَثَّ مِنْهُما رِجالاً کَثیراً وَ نِساءً».[7]

و على هذا الأساس إذا وجدت بعض الآثار التی تدل على وجود الإنسان قبل ملایین السنین فلابد من القول أن هذه الآثار لا تتعلق بالأجیال التی تحدّر منها الإنسان الحالی، لأن الظاهر أن قصة خلق آدم (ع) لا تصل إلى 7000 سنة ماضیة.[8]

و أما إذا کانت الآثار تدل على أنها تتعلق بما بعد هذا التاریخ فلا یبعد القول أنها ذات صلة بالأجیال المتقدمة للإنسان الحاضر و أن أبناء آدم الأوائل کانوا یسکنون الکهوف أیضاً.

و من الطبیعی أنه لا یمکن أن یقاس وضع المساکن فی قدیم الزمان بما هو علیه فی عصرنا الحاضر، و هذا الأمر یقودنا إلى القول أن المساکن فی العهد القدیم کانت بسیطة و ذات إمکانات متواضعة، حتى أن الأجیال الأولى للإنسان کانت تأوی إلى الشقوق و الکهوف الموجودة فی الجبال لحمایة أنفسها من قسوة الطبیعة و بطش الحیوانات المفترسة، و هذا أمر طبیعی فی عدم توفر الإمکانات اللازمة لبناء المساکن المتطورة، و قد أشار القرآن الکریم إلى ذلک بالقول: «وَ جَعَلَ لَکُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَکْنَاناً».[9]

و الأکنان جمع کن: و یعنی ما یحفظ و یغطی و یستر، و لذلک أطلق على الشقوق و الکهوف و الغیران اسم الأکنان، و نلاحظ هنا أن السکنى فی الکهوف و تشققات الجبال ذکرت باعتبارها نعمة لا ینبغی إغفالها.[10] کما أن السکنى فی مثل هذه الکهوف امتدت إلى زمن طویل حتى فی العهد الصناعی، و أنها تعد من علامات التطور و التقدم، کما ورد فی القرآن الکریم فی معرض الحدیث عن أقوام کانوا ینحتون الجبال منازل و کانوا یعیشون فی نعمة فارهین.[11] و علیه فوجود الإنسان المتحدر من نسل آدم فی الکهوف لیس أمراً مستبعداً و لا یوجد أی أشکال فی ذلک.



[1] ترجمة المیزان، ج 4، ص 223.

[2] المصدر نفسه، ص 231.

[3] البعض یعتقد أن: من الامور المسلمة ان سکنة الغیران هم من نسل آدم (ع)، دائرة المعارفة الجدیدة، ج 4، ص 331.

[4] ترجمة المیزان، ج 4، ص 223.

[5] ترجمة المیزان، طبعة جماعة المدرسین، ج 4، ص 223.

[6] الأعراف، 27.

[7] النساء،1.

[8] للاطلاع الأکثر، انظر: موضوع: عمر النوع البشری فی منظور القرآن الکریم، سؤال 701 (الموقع: ).

[9] النحل، 81.

[10] انظر: تفسیر الأمثل، ج 11، ص 346.

[11] انظر: الشعراء، 149.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

  • ما هی العلة فی انقسام الجلاتین على محلل و محرم؟
    8241 الحقوق والاحکام 2010/12/21
    الجلاتین مادة غذائیة لها عدة أنواع، بعضها حلال و بعضها الآخر حرام. و حرمته و حلیته منشأوها حرمة و حلیة المواد الأولیة التی تدخل فی صناعته، فإذا کانت المواد الداخلة فی صناعة الجلاتین مواداً نباتیة ففی مثل هذه الحالة تکون جمیع أقسامه حلالاً سواء المصنعة ...
  • هل ان دین المجتمع قابل للتغییر؟
    7382 الکلام الجدید 2007/04/23
    ابتداءً یجب توضیح المراد من السؤال، فقد یمکن ان یراد من التغییر فی دین المجتمع هو التغییر فی - أصل الدین الالهی الحق- الذی اختاره المجتمع، و فی هذا الفرض یکون الحدیث عن ثبات و عدم ثبات العناصر الدینیة، و عن مسألة المعرفة الدینیة و قبضها و بسطها، و قد ...
  • لو کانت المشاکل تعالَج بالدعاء فما هو دورنا فی الحیاة؟
    8422 النظریة 2010/11/09
    إن الاسلام، دین التوفیق بین الظاهر و الباطن، و بین الأمور المادیة و المعنویة، ففی نفس الوقت الذی یعتبر اللهَ مرسل الریاح و السحاب، و أنه عز وجل موجد القوانین الطبیعیة لنزول المطر، و لکنه أیضاً یجعل إیمان الناس و تقواهم السبب فی نزول المطر
  • لماذا لازال شقّ الکعبة یُشاهَد رغم أن بناءها شیّد عدة مرات؟ ألیس لهذا الشقّ سببٌ آخر کالزلازل او تحرک الارض؟
    8168 تاريخ بزرگان 2010/11/09
    تؤکد الروایات التاریخیة و المصادر الإسلامیة أن الکعبة بنیت على ید نبی الله آدم (ع) ثم تضرّرت فی طوفان نوح، و جدّد بناؤها على ید إبراهیم الخلیل (ع)ثم بناها بعده قوم من العرب قبیلة جرهم، و بعده هدّمها الدهر مرة أخرى، فجدد بناءها للمرة الثالثة ...
  • ما هی مواصفات الدین المرسل؟
    7083 الفلسفة الدین 2007/07/08
    1- یتعدد الدین المرسل فی ضوء تعدد رسل السماء.2- ان الدین المرسل نتیجة لحاجة الإنسان إلى رسالة السماء.3- ان النقل بمواصفاته المحددة، هو الذی یوصلنا إلى الدین المرسل، و حین یکتشف العقل شیئاً یتطابق مع ما یقرره النقل فی الدین المرسل، فمن الممکن ان یکون الدلیل النقلی إرشادیاً.4- حیث انه ...
  • ما الوجه فی تسمیة بنی إسرائیل بالیهود؟
    6813 الکلام القدیم 2012/02/14
    یختلف الباحثون فی بیان السبب و الوجه فی التسمیة بالیهود، فمنهم من ذهب الى القول أن الیهود تعنی المهتدی حین تابوا من عبادة العجل فی زمن موسى ...
  • هل اجمع الفقهاء على الوجوب التخییری لصلاة الجمعة؟
    7340 الحقوق والاحکام 2011/04/18
    من الواضح ثبوت وجوب صلاة الجمعة تعیینا فی عصر حضور المعصوم (ع) و توفر الشروط الاخرى و انتفاء التقیة. و لکن وقع الخلاف فی نوعیة وجوبها فی عصر الغیبة، و یمکن القول ان مشهور الفقهاء ذهبوا الى الوجب التخییری. بل قد ادعی علیه الاجماع من ...
  • شخص یغنّی مع إشخاص یرقصون، فهل یعتبر هذا من مصادیق الغناء؟
    5308 الحقوق والاحکام 2010/11/09
    الغناء هو عبارة عن الصوت المقترن بالترجیع و الطرب و المناسب لمجالس اللهو و المعصیةٰ فالقراءة بهذا الشکل و الاستماع إلیها حرام.[1]و طبقاً لهذا التعریف للغناء فما ذکر فی سؤالکم یعتبر من مصادیق الغناء.و للإطلاع ...
  • هل أن القرآن یفضل الجنس الابیض على سائر الاجناس (الصفر، الحمر، السمر والسود)؟
    6858 التفسیر 2010/10/21
    إن آیة 106 من سورة آل عمران کباقی الآیات المتشابهة لا ترید أن تقول إن حظ الجنس الأبیض من القیم الإنسانیة أوفر من باقی الأعراق. و أساسا لا علاقة لهذه الآیات بلون بشرة الناس، و إنما هی تستخدم الاصطلاحات الدارجة فی لغة القرآن أی اللغة العربیة. ...
  • هل یجب تطهیر الشیء الذی سرى الیه عرق الجنب من الحرام؟
    5535 الحقوق والاحکام 2010/06/28
    طرحنا السؤال المذکور على مکاتب المراجع العظام فکانت الاجابة بالنحو التالی:مکتب آیة الله العظمی السید الخامنئی (مدظله العالی):عرق الجنب من الحرام طاهر.مکتب آیة الله العظمی السیستانی (مدظله العالی):عرق الجنب من الحرام لیس بنجس.مکتب ...

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    281788 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    262994 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    130710 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    119748 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    90649 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    62368 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    62262 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    58126 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    53922 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    50361 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...