بحث متقدم
الزيارة
5254
محدثة عن: 2013/06/22
خلاصة السؤال
ما هو طریق حل التعارض بین دلیلین معتبرین دل أحدهما على الوجوب و الآخر على الحرمة؟ إضربوا مثالاً على ذلک.
السؤال
السلام علیکم و رحمة الله و برکاته، دلیلان معتبران متعارضان بالتضاد دلّ أحدهما على وجوب شیءو الآخر على حرمته، أرجو إعطائی مثالا واقعیا من روایتین مرویتین عن النبی (ص) أو عن أحد المعصومین (ع) یتخیر الفقهاء بالعمل بأحدهما؟
الجواب الإجمالي
أول مهمة للفقیه عند حصول التعارض الإبتدائی بین دلیلین، هو الجمع العرفی و العقلائی بینهما. فإذا لم یمکن الجمع العرفی و العقلائی یتحول للمرجحات المنصوصة[1] فیرجح ما توفّر على ملاک الترجیح على غیره، و أما لو کانت الادلة المتعارضة متساویة فی جمیع الجهات و المرجحات، فبعض الفقهاء یقول بالتساقط و البعض الآخر یقول بالتخییر و کلٌّ یعمل على مبناه الفقهی.[2]
للتعارض أقسام منها، التعارض على نحو التضاد، فدلیل یدل على وجوب عمل ما و دلیل یدل على حرمة نفس العمل. و لا یمکن الجمع بینهما.[3] کنموذج على ذلک: یمکن الإشارة إلى الروایات الواردة فی صلاة الجمعة فی زمن الغیبة، فدلیل یدلّ على وجوبها و الآخر یدل على حرمتها. نکتفی بذکر روایة لکل منها.
یروى عن الإمام السجاد (ع) عن الإمام علی (ع) أنه قال: "لا یصحّ الحکم و لا الحدود و لا الجمعة إلا بإمام".[4]  فبعض الفقهاء و إستناداً إلى هذه المجموعة من الروایات، یشترطون حضور المعصوم أو إذنه فی إقامة صلاة الجمعة، و من هنا یُفتون بحرمة إقامة صلاة الجمعة فی زمن غیبة الإمام الحجة المنتظر ـ عج ـ لعدم توفر هذین الشرطین.[5]
بید أنه المشهور عند الفقهاء هو الفتوى بوجوب صلاة الجمعة ـ العینی أو التخییری ـ فی زمان الغیبة و یستدلون بالآیة المبارکة "یَأَیهُّا الَّذِینَ ءَامَنُواْ إِذَا نُودِىَ لِلصَّلَوةِ مِن یَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْاْ إِلىَ‏ ذِکْرِ اللَّهِ وَ ذَرُواْ الْبَیْعَ  ذَالِکُمْ خَیرْ لَّکُمْ إِن کُنتُمْ تَعْلَمُون"،[6] و مجموعة أخرى من الروایات و لا یشترطون حضور المعصوم و لا إذنه فی ذلک،[7] و من الروایات التی یستدلون بها على ذلک ما روی عن الإمام الباقر (ع) حیث یقول: "فرض الله على الناس من الجمعة إلى الجمعة خمساً و ثلاثین صلاة منها صلاة واحدة فرضها الله فی جماعة و هی الجمعة و وضعها عن تسعة عن الصغیر و الکبیر و المجنون و المسافر و العبد و المرأة و المریض و الأعمى و من کان على رأس فرسخین".[8] و عنه (ع) قال: "من ترک الجمعة ثلاثاً متوالیات بغیر علة طبع الله على قلبه".[9]
فالتعارض بین هاتین المجموعتین من الروایات بسبب التضاد فیما بینها، لذا فالمشهور عند الفقهاء هو قبول مدلول و محتوى و أدلة المجموعة الثانیة من الروایات و قد أفتوا طبقاً لها.
 

[1] أسباب ترجیح روایة على روایة کثیرة، منها: 1ـ الترجیح بالصفات، و المراد من الصفات صفات الراوی من العدالة و الصدق فی نقل الروایة، 2ـ الترجیح بالشهرة: فکل روایة أشهر من غیرها تُرجح على غیر المشهورة، سواء أکانت الشهرة فتوائیة أم روائیة، 3ـ الترجیح بموافقة الکتاب، أی تُرجح الروایة التی یوافق مضمونها الکتاب على الروایة التی یخالف مضمونها القرآن الکریم. راجعوا: المظفر، محمد رضا، أصول الفقه، ج 2، ص 247 ـ 255، إنتشارات إسماعیلیان، قم، الطبعة الخامسة.
[2] راجعوا: المجتهدی التبریزی، غلامحسین، الأصول المهذبة، ص 130 ـ 134، طبعة طوس، مشهد، الطبعة الثانیة.
[3] المیرزای النائینی، محمد حسین، أجود التقریرات، المقرر: الخوئی، السید أبو القاسم، ج 2،ص  501، إنتشارات المصطفوی، قم، 1368 ش.
[4] الکوفی، محمد بن محمد الأشعث، الجعفریان (الأشعثیان)، ص 43، مکتبة نینوى الحدیثة، طهران، الطبعة الأولى، إبن حیون، نعمان بن محمد المغربی، دعائم الإسلام و ذکر الحلال و الحرام و القضایا و الأحکام، المحقق و المصحح: الفیضی، آصف، ج 1، ص 182، مؤسسة آل البیت (ع)، قم، الطبعة الثانیة، 1385 ق. و راجعوا: الترحینی العاملی، سید محمد حسین، الزبدة الفقهیة فی شرح الروضة البهیة، ج 2، ص 283، دار الفقه للطباعة و النشر، قم، الطبعة الرابعة، 1427 ق.
[5] کإبن إدریس الحلّی، السرائر الحاوی لتحریر الفتاوی، المحقق و المصحح: الموسوی، حسن بن أحمد، إبن مسیح، أبو الحسن، ج 1، ص 290 و ج 2، ص 26، مکتب النشر الإسلامی، قم، الطبعة الثانیة، 1410 ق.
[6] الجمعة، 9.
[7] راجعوا: الشهید الثانی، زین الدین بن علی، رسائل الشهید الثانی، ص 50 ـ 62، مؤسسة الإعلام الإسلامی، قم، الطبعة الأولى، 1421 ق، المحدث البحرانی، یوسف بن احمد، الحدائق الناضرة فی أحکام العترة الطاهرة، المحقق و المصحح: الإیروانی، محمد تقی، المقرم، سید عبد الرزاق، ج 9، ص 378 ـ 396، مکتب النشر الإسلامی، قم، الطبعة الأولى، 1405 ق، الزبدة الفقهیة فی شرح الروضة البهیة، ج 2، ص 284 ـ 287.
[8] الکلینی، محمد بن یعقوب، الکافی، المحقق و المصحح: الغفاری، علی أکبر، الآخوندی، محمد، ج 3، ص 419، دار الکتب الإسلامیة، طهران، الطبعة الرابعة، 1407 ق.
[9] الشیخ الصدوق، ثواب الأعمال و عقاب الأعمال، ص 232، دار الشریف الرضی للنشر، قم، الطبعة الثانیة، 1406 ق.
س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

  • ما هی الطریقة التی تؤدى بها صلاة نافلة العشاء؟
    5687 الحقوق والاحکام 2011/04/17
    ان وقت صلاة العشاءین (المغرب و العشاء) من أول المغرب الى منتصف اللیل، و یختص أول الوقت بصلاة المغرب و آخره بصلاة العشاء بمقدار أدائهما. فاذا انتهى المصلی من صلاة المغرب بدأ وقت صلاة العشاء و یمتد الى منتصف اللیل. و لما کانت صلاة نافلة العشاء تاتی ...
  • هل تؤیدون الدعوة التی اطلقها بعض العلماء للحوار الشیعی السنی؟ و ما هی فائدته؟ و کیف سیتم؟
    7614 الکلام القدیم 2008/12/22
    ان الادیان السماویة عامة و الدین الاسلامی خاصة تحث على الحوار و تبادل الافکار، لان الهدف منها هو هدایة البشریة و هذا الهدف لا یتم الا من خلال التعامل مع العقول و اخضاعها للمنطق الرصین و الدلیل الواضح، و نحن اذا رجعنا الى القرآن الکریم نجده، قد أشار الى نماذج ...
  • ما هی أنواع القتل و فروعه؟
    6270 الحقوق والاحکام 2009/05/04
    القتل له أقسام مختلفة کذلک بحسب الموارد المختلفة نشیر الی بعضها:1. یقسّم القتل الی قتل حق و قتل باطل.2. یمکن تقسیم القتل حسب الأوقات الزمانیة.3. یوجد هناک أنواع من القتل الجزائی أیضاً کالإعدام بالسلاح أو الإعدام شنقا أو رجما و غیرها من أنواع القتل.4. و ...
  • هل یمکن اعتماد المنهج المعرفی الغربی لادراک حقیقة الاسلام؟
    5993 الکلام الجدید 2011/03/06
    مما لاریب فیه أن الدین الاسلامی دین المعرفة و الکشف عن الحقائق، و لا یمکن بحال من الاحوال أن یکون موقفه سلبیاً تجاه المنهج العقلی او التجریبی، و کذلک لا یمکن ان تکون ردة الفعل الاسلامیة فی هذا المجال انفعالیة و متحجرة. و لکن فی الوقت نفسه ...
  • ما رأيكم في نظرية التكامل التي طرحها داروين؟
    5610 خلقت انسان 2015/06/30
    هناك فرضيتان يطرحهما علماء العلوم الطبيعية حول خلقة الكائنات الحيّة أعم من النباتات و الحيوانات. أ: فرضية تطور الأنواع التي تقول بأن الكائنات الحيّة لم تكن بشكلها الحالي من الأوّل، بل في البداية كانت أوليات وحيدة الخلايا حيث تكونت في المحيطات و بين رواسب البحار إثر طفرة؛ يعني ...
  • هل کان النبی الاکرم(ص) یسجد على تربة کربلاء؟
    7202 الحقوق والاحکام 2009/06/15
    یذهب فقهاء الشیعة الى وجوب السجود على الارض أو ما یخرج منها غیر المأکول و الملبوس. و لقد کان النبی الاکرم (ص) یسجد على الارض أو باقی مکوناتها من قبیل التراب، الرمل، الحصى، النبات(غیر الماکول) و... و لم یکن یسجد على الملبوس أو المفروش و کذلک لم یکن یسجد على ...
  • هل یبطل صوم الانسان اذا تقیأ عن غیر عمد؟
    2913 الحقوق والاحکام 2020/10/04
    یقول مراجع التقلید العظام عن هذا: إذا تقيّأ الصائم متعمدا يبطل صومه، و إن اضطرّ إلى ذلك لمرض او ما شابهه. لکن اذا تقیأ سهوا او بدون اختیار فانه لا اشکال فی ذلک و لا یکون صومه باطلا[1]. علی ای حال ان هذا الفعل و ان ...
  • ما المراد من قوله تعالى {إِنَّا سَنُلْقِی عَلَیْکَ قَوْلاً ثَقِیلاً }؟
    7729 التفسیر 2012/01/05
    المراد من القول الثقیل فی الآیة المبارکة هو القرآن الکریم، و قد وجهه المفسرون بتوجیهات متعددة، من قبیل أن: القرآن قول إلهی ثقیل من حیث تلقی معناه فإنه کلام إلهی مأخوذ من ساحة العظمة و الکبریاء لا تتلقاه إلا نفس ...
  • إذا کان الشراب و ارتباط المرأة بالرجل ممنوعا شرعاً، إذن لماذا نتکلّم عن الحور و الشراب فی الجنة؟
    6236 الکلام القدیم 2011/09/06
    نشیر الی عدة نکات مهمة لأجل توضیح هذا المطلب:الف: للزمان و المکان ارتباط وثیق فی نفی و إثبات الأحکام الشرعیة، و لیس إذا ثبت حکم ما فی زمان أو مکان ما أو تحت شروط معینة لموضوع معین، من الضروری أن یثبت لنفس هذا الموضوع فی زمان أو مکان أو ...
  • هل ان روایة القیام من ایران فی آخر الزمان معتبرة؟
    9566 درایة الحدیث 2011/10/16
    تتفق جمیع المصادر الشیعیة و السنیة علی ان ظهور الامام المهدی (عج) سیکون بعد ثورة تمهد لظهوره. و سیکون اصحاب الرایات السود فی هذه الثورة هم الممهدون لمقدمات الظهور.[1]وحکومة الایرانیین الممهدة تنقسم الی مرحلتین:

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    281361 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    261404 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    130425 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    118651 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    90260 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61984 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    61790 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57919 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    53467 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    49867 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...