Please Wait
الزيارة
6720
6720
محدثة عن:
2013/06/22
خلاصة السؤال
ما هی العلاقة بین الایمان و العمل الصالح؟
السؤال
قال تعالى فی سورة فاطر (إِلَیْهِ یَصْعَدُ الْکَلِمُ الطَّیِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ یَرْفَعُهُ (10) فاطر) هاء الضمیر فی (یرفعه) على من یعود؟ و ما الرافع و ما المرفوع؟
الجواب الإجمالي
جاء فی الآیة محط السؤال " مَنْ کانَ یُریدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمیعاً إِلَیْهِ یَصْعَدُ الْکَلِمُ الطَّیِّبُ وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ یَرْفَعُهُ"[1] و ذهب الکثیر من المفسرین الى القول بان المراد من " الکلم الطیب" ما یفید معنى تاماً کلامیا و یشهد به توصیفه بالطیب فطیب الکلم هو ملاءمته لنفس سامعه و متکلمه بحیث تنبسط منه و تستلذه و تستکمل به و ذلک إنما یکون بإفادته معنى حقا فیه سعادة النفس و فلاحها.
و بذلک یظهر أن المراد به لیس مجرد اللفظ بل بما أن له معنى طیبا فالمراد به الاعتقادات الحقة التی یسعد الإنسان بالإذعان لها و بناء عمله علیها و المتیقن منها کلمة التوحید التی یرجع إلیها سائر الاعتقادات الحقة.[2]
و الملاحظ – طبقا لقواعد اللغة العربیة- ان عبارة "و العمل الصالح یرفعه" فیها ثلاثة احتمالات یختلف المعنى باختلافها و هی:
الاحتمال الاول: العمل الصالح یرفع الکلم الطیب إلى الله فالهاء من یرفعه یعود إلى الکلم، فیکون معنى الآیة: العلم الصالح یرفع العقیدة الطاهرة و النقیة" و هذا القول منسوب الى الحسن البصری.[3] و روی عن ابن عباس انه قال: یعنى أنّ هذه الکلم لا تقبل. و لا تصعد إلى السماء فتکتب حیث تکتب الأعمال المقبولة، کما قال عز و جل إِنَّ کِتابَ الْأَبْرارِ لَفِی عِلِّیِّینَ إلا إذا اقترن بها العمل الصالح الذی یحققها و یصدقها فرفعها و أصعدها.[4]
ثم إن الاعتقاد و الإیمان إذا کان حق الاعتقاد صادقا إلى نفسه صدقه العمل و لم یکذبه أی یصدر عنه العمل على طبقه فالعمل من فروع العلم و آثاره التی لا تنفک عنه، و کلما تکرر العمل زاد الاعتقاد رسوخا و جلاء و قوی فی تأثیره فالعمل الصالح و هو العمل الحری بالقبول الذی طبع علیه بذل العبودیة و الإخلاص لوجهه الکریم یعین الاعتقاد الحق فی ترتب أثره علیه و هو الصعود إلیه تعالى و هو المعزى إلیه بالرفع فالعمل الصالح یرفع الکلم الطیب.[5] و فی تفسیر العیاشی، عن الصادق (ع) فی حدیث قال: و فی کتاب الله نجاة من الردى، و بصیرة من العمى، و شفاء لما فی الصدور- فیما أمرکم الله به من الاستغفار و التوبة- قال الله: "وَ الَّذِینَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ- ذَکَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَ مَنْ یَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ- وَ لَمْ یُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَ هُمْ یَعْلَمُونَ"، و قال: "وَ مَنْ یَعْمَلْ سُوءاً أَوْ یَظْلِمْ نَفْسَهُ- ثُمَّ یَسْتَغْفِرِ اللَّهَ یَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِیماً"، فهذا ما أمر الله به من الاستغفار، و اشترط معه التوبة و الإقلاع عما حرم الله- فإنه یقول: "إِلَیْهِ یَصْعَدُ الْکَلِمُ الطَّیِّبُ وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ یَرْفَعُهُ"، و بهذه الآیة یستدل أن الاستغفار لا یرفعه إلى الله- إلا العمل الصالح و التوبة.[6]
و روی عن الامام الرضا (ع) انه قال: و العملُ الصَّالحُ یرفَعُهُ فهُو دلیلُهُ و عملُهُ اعتقَادُهُ الَّذی فی قلبِهِ بِأَنَّ هذا الکلامَ صحیحٌ کما قلتهُ بلسانی.[7] هذا تعبیر آخر عن الرفع.
ثم ان الکثیر من مفسری العامة ذهبوا الى تبنی هذا الرأی استنادا الى الاحادیث المرویة فی مصادرهم[8]. منها: " لا یقبل اللّه قولا إلّا بعمل".[9]
و هناک من فسر " الکلم الطیب" بذکر الله و توحیده و " العمل الصالح" باداء الفرائض الالهیة و طاعته؛ فمن ذکر الله تعالى و لم یمتثل فرائضه لا یصعد من معتقداته شیء.[10] الا ان بعض المفسرین[11] رأى ذلک منافیا لمعتقدات اهل السنة قائلا: بان عقائد العبد مقبولة عند الله تعالى ما لم یشرک و ان لم یمتثل الفرائض. و من هنا تردد فی صحة بعض تلک الروایات مفسرا للآیة بان المراد من الرفع و الصعود ترتیب آثار الایمان و تصدیقه.
و الجدیر بالذکر انه قد یکون المراد من "یَرْفَعُهُ"، أی یجعله رفیعا ذا وزن و قیمة، کما یقال: طود رفیع و مرتفع.[12]
الاحتمال الثانی: على القلب من الأول – ای على خلاف القول الاول- أی و العمل الصالح یرفعه الکلم الطیب و المعنى أن العمل الصالح لا ینفع إلا إذا صدر عن التوحید عن ابن عباس.[13]
الاحتمال الثالث: أن المعنى العمل الصالح یرفعه الله لصاحبه أی یقبله عن قتادة و نسب الى الشیخ الطوسی فی تفسیره.[14]
قد یطرح سؤال هو: لماذا تقول الآیة السالفة الذکر حول «الکلام الطیّب» إِلَیْهِ یَصْعَدُ الْکَلِمُ الطَّیِّبُ بینما بالنسبة إلى «العمل الصالح» قالت وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ یَرْفَعُهُ؟
یمکن الإجابة عن هذا السؤال بأنّ «الکلم الطیّب» إشارة إلى الإیمان و الإعتقاد السلیم، و ذلک هو عین الصعود إلى اللّه، و حقیقة الإیمان لیس سوى ذلک، و لکن «العمل الصالح» الذی یتقبّله اللّه تعالى و یضاعف الأجر علیه، و یعطیه الدوام و البقاء ثمّ یرفعه (دقّق النظر)![15]
و قد یؤید ذلک بما روی عن الامام الصادق (ع) حیث قال: قول اللَّه عزَّ و جلَّ إِلیه یصعدُ الکلم الطّیِبُ و العملُ الصَّالح یرفعهُ ولایتنَا أَهل البیت و أَهوى بیده إِلى صدره فمن لم یتوَلَّنَا لم یرفع اللَّهُ لهُ عملا.[16]
و قد تذکر للآیة محتملات اخرى لکنها بعیدة عن الذوق العربی.
و بذلک یظهر أن المراد به لیس مجرد اللفظ بل بما أن له معنى طیبا فالمراد به الاعتقادات الحقة التی یسعد الإنسان بالإذعان لها و بناء عمله علیها و المتیقن منها کلمة التوحید التی یرجع إلیها سائر الاعتقادات الحقة.[2]
و الملاحظ – طبقا لقواعد اللغة العربیة- ان عبارة "و العمل الصالح یرفعه" فیها ثلاثة احتمالات یختلف المعنى باختلافها و هی:
الاحتمال الاول: العمل الصالح یرفع الکلم الطیب إلى الله فالهاء من یرفعه یعود إلى الکلم، فیکون معنى الآیة: العلم الصالح یرفع العقیدة الطاهرة و النقیة" و هذا القول منسوب الى الحسن البصری.[3] و روی عن ابن عباس انه قال: یعنى أنّ هذه الکلم لا تقبل. و لا تصعد إلى السماء فتکتب حیث تکتب الأعمال المقبولة، کما قال عز و جل إِنَّ کِتابَ الْأَبْرارِ لَفِی عِلِّیِّینَ إلا إذا اقترن بها العمل الصالح الذی یحققها و یصدقها فرفعها و أصعدها.[4]
ثم إن الاعتقاد و الإیمان إذا کان حق الاعتقاد صادقا إلى نفسه صدقه العمل و لم یکذبه أی یصدر عنه العمل على طبقه فالعمل من فروع العلم و آثاره التی لا تنفک عنه، و کلما تکرر العمل زاد الاعتقاد رسوخا و جلاء و قوی فی تأثیره فالعمل الصالح و هو العمل الحری بالقبول الذی طبع علیه بذل العبودیة و الإخلاص لوجهه الکریم یعین الاعتقاد الحق فی ترتب أثره علیه و هو الصعود إلیه تعالى و هو المعزى إلیه بالرفع فالعمل الصالح یرفع الکلم الطیب.[5] و فی تفسیر العیاشی، عن الصادق (ع) فی حدیث قال: و فی کتاب الله نجاة من الردى، و بصیرة من العمى، و شفاء لما فی الصدور- فیما أمرکم الله به من الاستغفار و التوبة- قال الله: "وَ الَّذِینَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ- ذَکَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَ مَنْ یَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ- وَ لَمْ یُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَ هُمْ یَعْلَمُونَ"، و قال: "وَ مَنْ یَعْمَلْ سُوءاً أَوْ یَظْلِمْ نَفْسَهُ- ثُمَّ یَسْتَغْفِرِ اللَّهَ یَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِیماً"، فهذا ما أمر الله به من الاستغفار، و اشترط معه التوبة و الإقلاع عما حرم الله- فإنه یقول: "إِلَیْهِ یَصْعَدُ الْکَلِمُ الطَّیِّبُ وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ یَرْفَعُهُ"، و بهذه الآیة یستدل أن الاستغفار لا یرفعه إلى الله- إلا العمل الصالح و التوبة.[6]
و روی عن الامام الرضا (ع) انه قال: و العملُ الصَّالحُ یرفَعُهُ فهُو دلیلُهُ و عملُهُ اعتقَادُهُ الَّذی فی قلبِهِ بِأَنَّ هذا الکلامَ صحیحٌ کما قلتهُ بلسانی.[7] هذا تعبیر آخر عن الرفع.
ثم ان الکثیر من مفسری العامة ذهبوا الى تبنی هذا الرأی استنادا الى الاحادیث المرویة فی مصادرهم[8]. منها: " لا یقبل اللّه قولا إلّا بعمل".[9]
و هناک من فسر " الکلم الطیب" بذکر الله و توحیده و " العمل الصالح" باداء الفرائض الالهیة و طاعته؛ فمن ذکر الله تعالى و لم یمتثل فرائضه لا یصعد من معتقداته شیء.[10] الا ان بعض المفسرین[11] رأى ذلک منافیا لمعتقدات اهل السنة قائلا: بان عقائد العبد مقبولة عند الله تعالى ما لم یشرک و ان لم یمتثل الفرائض. و من هنا تردد فی صحة بعض تلک الروایات مفسرا للآیة بان المراد من الرفع و الصعود ترتیب آثار الایمان و تصدیقه.
و الجدیر بالذکر انه قد یکون المراد من "یَرْفَعُهُ"، أی یجعله رفیعا ذا وزن و قیمة، کما یقال: طود رفیع و مرتفع.[12]
الاحتمال الثانی: على القلب من الأول – ای على خلاف القول الاول- أی و العمل الصالح یرفعه الکلم الطیب و المعنى أن العمل الصالح لا ینفع إلا إذا صدر عن التوحید عن ابن عباس.[13]
الاحتمال الثالث: أن المعنى العمل الصالح یرفعه الله لصاحبه أی یقبله عن قتادة و نسب الى الشیخ الطوسی فی تفسیره.[14]
قد یطرح سؤال هو: لماذا تقول الآیة السالفة الذکر حول «الکلام الطیّب» إِلَیْهِ یَصْعَدُ الْکَلِمُ الطَّیِّبُ بینما بالنسبة إلى «العمل الصالح» قالت وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ یَرْفَعُهُ؟
یمکن الإجابة عن هذا السؤال بأنّ «الکلم الطیّب» إشارة إلى الإیمان و الإعتقاد السلیم، و ذلک هو عین الصعود إلى اللّه، و حقیقة الإیمان لیس سوى ذلک، و لکن «العمل الصالح» الذی یتقبّله اللّه تعالى و یضاعف الأجر علیه، و یعطیه الدوام و البقاء ثمّ یرفعه (دقّق النظر)![15]
و قد یؤید ذلک بما روی عن الامام الصادق (ع) حیث قال: قول اللَّه عزَّ و جلَّ إِلیه یصعدُ الکلم الطّیِبُ و العملُ الصَّالح یرفعهُ ولایتنَا أَهل البیت و أَهوى بیده إِلى صدره فمن لم یتوَلَّنَا لم یرفع اللَّهُ لهُ عملا.[16]
و قد تذکر للآیة محتملات اخرى لکنها بعیدة عن الذوق العربی.
[1] فاطر، 10.
[2] الطباطبائی، سید محمد حسین، المیزان فی تفسیر القرآن، ج17، ص23، مکتب النشر الاسلایى قم، 1417ق.
[3] انظر: الطبرسی، فضل بن حسن، مجمع البیان فی تفسیر القرآن، ج8، ص629، ناصر خسرو، طهران، 1372ش.
[4] الزمخشری، محمود، الکشاف عن حقائق غوامض القرآن، ج3، ص602، دار الکتب العربی، بیروت، 1407ق.
[5] المیزان، ج17، ص23.
[6] العیاشی، محمد بن مسعود، تفسیر العیاشی، ج1، ص 198، ح 143، المطبعة العلمیة، طهران، 1380ق.
[7] بحارالأنوار ج : 24 ص : 358.
[8] انظر: السیوطی، جلال الدین، الدر المنثور فی تفسیر الماثور، ج5، ص245 و 246، مکتبة آیة الله المرعشی نجفی، قم، 1404ق.
[9] الثعلبی النیشابوری، ابو اسحاق احمد بن ابراهیم، الکشف و البیان عن تفسیر القرآن، ج8، ص101، دار احیاء التراث، بیروت، 1422ق.
[10] القرطبی، محمد بن احمد، الجامع لاحکام القرآن، ج14، ص331، ناصر خسرو، طهران، 1364ش؛ و نقل عن ابن عربی أیضا.
[11] الآلوسی، سید محمود، روح المعانی فی تفسیر القرآن العظیم، ج11، ص347، نقلا عن ابن عطیة، دار الکتب العلمیة، بیروت، 1415ق.
[12] الکشف و البیان، ج8، ص102.
[13] الکاشانی، ملا فتح الله، منهج الصادقین فی الزام المخالفین، ج7، ص394، مکتبة محمد حسن علمی، طهران، 1336ش؛ ذکره بعنوانه الرأی الاول عنده.
[14] الطوسی، محمد بن حسن، التبیان فی تفسیر القرآن، ج8، ص416، دار احیاء التراث العربی، بیروت.
[15] الأمثل فی تفسیر کتاب الله المنزل، ج14، ص: 35.
[16] الکلینی، محمد بن یعقوب، الکافی، ج1، ص430، دار الکتب الاسلامیة، طهران، 1407ق.
س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات