بحث متقدم
الزيارة
6059
محدثة عن: 2009/12/03
خلاصة السؤال
کیف ینسجم ادّعاء کون الموجود المطلق مساوق للخارجیة و الوحدة و الفعلیّة، مع القول بأن الوجود إما خارجی أو ذهنی و إما کثیر أو واحد و إما بالقوة أو بالفعل؟
السؤال
نقول من جانب أن الوجود المطلق مساوق للخارجیة و الوحدة و الفعلیة و من جانب آخر نقول أن الوجود إما خارجی أو ذهنی و الوجود إما کثیر أو واحد، و إما بالقوة أو بالفعل. أ لیس هذان القولان لا ینسجمان مع بعضهما البعض؟
الجواب الإجمالي

للوجود المطلق معان و استعمالات متعدّدة؛ فتارة یراد به المعنی الذی لیس فی مقابلة شیء و یصطلح علیه: المطلق غیر المقیّد بقید الإطلاق، و تارة لیس کذلک أی أنه رغم کونه مطلقاً و لکنه لیس مطلقاً من الإطلاق بل مقیّد بالاطلاق. فحین یقال أن الموجود المطلق مساوق للخارجیة و الوحدة و الفعلیة فالمراد هو الوجود المطلق غیر المقیّد حتی بقید الإطلاق.

و اما حین نقول أن الوجود إما خارجی أو ذهنی، و الوجود إما کثیر أو واحد و إما بالقوة أو بالفعل، فالمراد هو الوجود المطلق الذی یکون مقیّداً بقید الإطلاق، فالمقصود فی الواقع هو مرحلة من مراحل الوجود.

الجواب التفصيلي

للوجود المطلق معان و استعمالات متعددة فتارة یراد به المعنی الذی لا یکون فی قباله شیء و یصطلح علیه المطلق غیر المقید بقید الإطلاق، و تارة لا یکون کذلک أی أنه رغم کونه مطلقاً و لکنه لیس مطلقاً من الإطلاق بل مقید بالإطلاق.

و بهذا البیان یندفع التهافت الظاهری بین الکلامین اللذین یقول أحدهما أن الموجود المطلق مساوق للخارجیة و الوحدة و الفعلیة و الآخر: أن الوجود إما خارجی أو ذهنی و الوجود إما کثیر أو واحد و إما بالقوة أو بالفعل.

و توضیح ذلک: أنه حین یقال أن الموجود المطلق مساوق للخارجیة و الوحدة و الفعلیة فالمراد هو الوجود المطلق الذی لا یکون مقیّداً حتی بقید الإطلاق و لهذا لا یکون له مقابل و لیس هناک شیء فی قباله. بل کل ما یفرض فهو ظلّ له، و فی هذه الصورة تکون الوحدة و الفعلیة و الخارجیة و هی صفاته، مساویة له أیضاً بحیث لا یکون فی مقابلها شیء الا العدم[1]، لأن الکثرة ما لم تکن لها وحدة فإنها لا توجد، و ما بالقوة أیضاً ما لم یحصل علی الفعلیة فی کونه "ما بالقوة" فإنه لا یتحقق، و الموجود الذهنی أیضاً خارجیته المطلقة هی کونه ذهنیاً و ما لم یحصل علی الخارجیة فی کونه ذهنیّاً فإنه لا یتحقق.

و أما حین نقول بأن الوجود إما خارجی أو ذهنی و الوجود إما کثیر أو واحد، و إما بالقوة أو بالفعل، فالمراد هو الموجود المطلق الذی یکون مقیّداً بقید الإطلاق فالمقصود فی الواقع هو مرحلة من مراحل الوجود أی تلک المرحلة التی یکون الوجود مقیداً بالإطلاق و لکنه لا یکون مقیداً بالخارجیة أو الذهنیة أو الکثرة و الوحدة، و فی هذه الصورة لا تکون الخارجیة و الفعلیة و الوحدة أیضاً مستعملة فی معناها المطلق، بل تکون بحیث تقابل الذهنیة و ما بالقوة و الکثرة.

یقول العلّامة الطباطبائی فی توضیح هذا الأمر: "فإن لازم الاختلاف الذاتی فی الوجود أعنی وقوع التشکیک من متن حقیقته أن یتحقق هناک کثرة یتنافی بعض أجزائها مع البعض تنافیاً قیاسیاً فیعرض البعض نوع من الفقدان بالنسبة الی البعض و لازمه أن یفارق المقیس إلیه فی وصف کماله و یساوق المقیس إلیه أصل الحقیقة کما أنا نقسّم الوجود الی ذهنی و خارجی و إلی ما بالقوة و ما بالفعل و الی کثیر و واحد ثم نقول: الوجود یساوق الخارجیة و یساوق الفعلیة و یساوق الوحدة".[2]

و مراده: أنه بالنظر الی کون الوجود ذا مراتب مختلفة فإننا نقسّم الوجود الی خارجی و ذهنی، ما بالقوة و ... و بالنظر الی أن جمیع هذا المراتب و اختلافها، مشترکة فی أصل التحقق و الوجود فإننا نقول أن الوجود مساوق للفعلیة و الخارجیة.



[1] حقیقة الوجود من حیث هو غیر مقیّد بالإطلاق و التقیید و الکلیّة و الجزئیة و العموم و الخصوص و لا هو واحد بوحدة زائدة علیه و لا کثیر و لا متشخّص بتشخص زائد علی ذاته کما سنزیدک انکشافاً و لا مبهم بل لیس له فی ذاته الا التحصّل و الفعلیة و الظهور و إنما تلحقه هذه المعانی الإمکانیة و المفهومات الکلیة و الأوصاف الإعتباریة و النعوت الذهنیة بحسب مراتبه و مقاماته المنبه علیها بقوله تعالی "رفیع الدرجات" فیصیر مطلقاً و مقیّداً و کلیّاً و جزئیاً و واحداً و کثیراً من غیر حصول التغیر فی ذاته و حقیقته و لیس بجوهر کالماهیّات الجوهریة المحتاجة الی الوجود الزائد و لوازمه و لیس بعرض لأنه لیس موجوداً بمعنی أن له وجوداً زائداً فضلاً عن أن یکون فی موضوع المستلزم لتقدّم الشیء علی نفسه و لیس أمراً اعتباریاً کما یقوله الظالمون لتحقّقه فی ذاته مع عدم المعتبرین ایّاه فضلاً عن اعتبارهم و کون الحقیقة بشرط الشرکة أمراً عقلیّاً و کون ما ینتزع عنها من الموجودیة و الکون المصدری شیئاً اعتیاریاً لا یوجب أن تکون الحقیقة الوجودیة بحسب ذاتها و عینها کذلک. صدر المتألهین، الحکمة المتعالیة فی الأسفار العقلیة الأربعة، ج 1، ص260.

[2] هامش الحکمة المتعالیة فی الأسفار العقلیة الأربعة، ج1، ص 260.

التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

  • هل کان ابن عربی شیعیاً أم سنیاً؟
    6938 تاريخ بزرگان 2009/08/08
    إن التعقیدات التی تکتنف شخصیة ابن عربی و منهجه فی التعامل مع المذاهب الإسلامیة و الشخصیات ذات العلاقة بهذه المذاهب أدى إلى اختلاف الآراء و تعدد المواقف فیما یخص المذهب الذی ینتمی إلیه، حتى قیل فیه عدة آراء فقیل أنه شیعی و قیل سنی، و قال البعض أنه إسماعیلی، و ...
  • ما هو حکم الرطوبة الخارجة من الدبر والفرج؟
    5961 الحقوق والاحکام 2010/08/04
    کلما یخرج من القبل و الدبر من مذی أو وذی أو ودى أو قیح أو غیرها من الرطوبة و غیرها، فهو طاهر عدا البول و الغائط و المنی و الدم.[1] فما لم تعلم ان الرطوبة الخارجة هی من الامور النجسة (البول و ...
  • ما هی عقیدة فرقة الحجتیة؟ و هل هذه الجماعة ناشطة حالیاً؟
    7014 الکلام القدیم 2009/01/20
    تأسست فرقة الحجتیة أیام انقلاب 28 مرداد سنة 1332 هـ.ش من قبل الشیخ محمود ذاکر زادة تولائی الحلبی بهدف التصدی لفرقة البهائیة.و کانت هذه الفرقة تتکون من جهاز تنظیمی معقد و شمولی و من لجان: التدریس و التحقیق و الکتابة و الارشاد، و العلاقات الخارجیة و المؤثرات.عقائد الفرقة:
  • ما هو حكم الشريعة في الزواج الاجباري بین الولد و البنت بعد تلوثهما بالعلاقة الجنسیة؟
    6256 الحقوق والاحکام 2012/07/12
    لا تفرض الشريعة على الزاني الزواج من الزانیة، و لکن (یجوز للحاكم الشرعي أن یعفو في بعض الموارد و ان یغض النظر عن اجراء الحد فيما اذا ثبت الزنا عن طريق الاقرار، و یشترط عفوه بالزواج)[1] و مع ذلک، فقد ارسلنا السؤال المذکور ...
  • من هم الاخباریون و الاصولیون؟
    8638 الفلسفة التاریخ 2010/11/09
    الاخباریة اتجاه فکری ظهر فی اوساط الشیعة یتبنى فکرة مخالفة للمنهج الذی یعتمده الاصولیون فی الاجتهاد و استنباط الاحکام الشرعیة من مصادرها الاساسیة حیث وقفت الاخباریون فی وجه الاجتهاد و اعتبروه امراً باطلاً، اما الاصولیة فهی اتجاه معاکس للاخباریة یمثل هذا الاتجاه طائفة کبیرة من علماء و ...
  • هل ان عدم البکاء عند زیارة قبور الأئمة (ع) یعتبر دلیلاً علی عدم قبول الزیارة؟
    6471 العملیة 2011/03/10
     زیارة الائمة (ع) لها حکم و فلسفات عدیدة. و الذی یوفق للزیارة باخلاص و بقصد التقرب الی الله فان زیارته تکون متقبلة عند الله و ان لم تجر دموعه. و للحصول علی الفائدة التامة لزیارة الائمة(ع) من الضروری مراعاة الامور التالیة:1-معرفة الامام ...
  • کیف یمکن الحفاظ علی الایمان فی الاجواء غیر الاسلامیة خارج البلاد؟
    7602 العملیة 2009/03/08
    ان مراعاة الاخلاق الانسانیة و الاسلامیة و العمل بالتعالیم الدینیة و الالتزام بالقیم الدینیة هی من الامور المؤثرة بصورة مباشرة فی السعادة الدنیویة و یمکنها ان تحول الحیاة الحیوانیة الهابطة و التافهة الی حیاة طیبة و طاهرة. ان الناس الملتزمین حقاً بالتعالیم الدینیة الصحیحة و البعیدة عن الالتقاط و ...
  • هل تمتلک الأمة و مجلس الخبراء الذی تنتخبه صلاحیة مراقبة الولی الفقیه؟
    4819 الحقوق والاحکام 2011/06/20
    فی البدء لا بد من التوجه لمسألة مهمة، فی تشکیل حکومة إسلامیة فی زمن غیبة المعصوم (ع)، و تتمثل فی وجود رکنین مؤثرین:1ـ وجود أئمة و علماء دین من ذوی التدبیر و الإدارة و من أهل التقوى و الشجاعة و...2ـ وجود أناس متدینین یسندون الحکومة و یقفون إلى ...
  • لماذا خلق الله الانسان و هو یعلم أنه یذهب إلى النار؟
    7587 الکلام القدیم 2007/11/21
    1- إن العذاب الإلهی یکون على أنعکاسا لأعمال الإنسان الاختیاریة فی حال عدم استفادته من أسباب الهدایة و إعراضه عن نداء الرسول الباطنی و الرسول الخارجی.2- إن علم الله بمصیر الموجودات و طریقة تعاملها و کیفیة سلوکها لا یوجب إجبارها على ارتکاب الأخطاء و الذنوب، و إنّ واقع الأمر ...
  • ما هو معنی کربلاء؟ وهل لها أسماء أخری؟
    4479 تاریخ الأماكن 2020/08/31
    معنی کربلاء، و کربلاء عبر التاریخقد اختلف اللغويون والمؤرخون الإسلاميون في الأصل اللغوي لكلمة "كربلاء" وكذلك في اشتقاقها ومعناها:أ) "كربلاء" مشتقة من کلمة «الکربلة»، بمعنی الرخاوة في القدمين، يقال: «جاء یمشي مُکَربلا» فيجوز على هذا أن تكون أرض کربلاء رخوة فسمّيت بذلك.[1]

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280622 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    259316 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129913 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    116613 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89793 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61445 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60693 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57528 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    52420 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    48661 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...