بحث متقدم
الزيارة
6406
محدثة عن: 2009/12/03
خلاصة السؤال
کیف ینسجم ادّعاء کون الموجود المطلق مساوق للخارجیة و الوحدة و الفعلیّة، مع القول بأن الوجود إما خارجی أو ذهنی و إما کثیر أو واحد و إما بالقوة أو بالفعل؟
السؤال
نقول من جانب أن الوجود المطلق مساوق للخارجیة و الوحدة و الفعلیة و من جانب آخر نقول أن الوجود إما خارجی أو ذهنی و الوجود إما کثیر أو واحد، و إما بالقوة أو بالفعل. أ لیس هذان القولان لا ینسجمان مع بعضهما البعض؟
الجواب الإجمالي

للوجود المطلق معان و استعمالات متعدّدة؛ فتارة یراد به المعنی الذی لیس فی مقابلة شیء و یصطلح علیه: المطلق غیر المقیّد بقید الإطلاق، و تارة لیس کذلک أی أنه رغم کونه مطلقاً و لکنه لیس مطلقاً من الإطلاق بل مقیّد بالاطلاق. فحین یقال أن الموجود المطلق مساوق للخارجیة و الوحدة و الفعلیة فالمراد هو الوجود المطلق غیر المقیّد حتی بقید الإطلاق.

و اما حین نقول أن الوجود إما خارجی أو ذهنی، و الوجود إما کثیر أو واحد و إما بالقوة أو بالفعل، فالمراد هو الوجود المطلق الذی یکون مقیّداً بقید الإطلاق، فالمقصود فی الواقع هو مرحلة من مراحل الوجود.

الجواب التفصيلي

للوجود المطلق معان و استعمالات متعددة فتارة یراد به المعنی الذی لا یکون فی قباله شیء و یصطلح علیه المطلق غیر المقید بقید الإطلاق، و تارة لا یکون کذلک أی أنه رغم کونه مطلقاً و لکنه لیس مطلقاً من الإطلاق بل مقید بالإطلاق.

و بهذا البیان یندفع التهافت الظاهری بین الکلامین اللذین یقول أحدهما أن الموجود المطلق مساوق للخارجیة و الوحدة و الفعلیة و الآخر: أن الوجود إما خارجی أو ذهنی و الوجود إما کثیر أو واحد و إما بالقوة أو بالفعل.

و توضیح ذلک: أنه حین یقال أن الموجود المطلق مساوق للخارجیة و الوحدة و الفعلیة فالمراد هو الوجود المطلق الذی لا یکون مقیّداً حتی بقید الإطلاق و لهذا لا یکون له مقابل و لیس هناک شیء فی قباله. بل کل ما یفرض فهو ظلّ له، و فی هذه الصورة تکون الوحدة و الفعلیة و الخارجیة و هی صفاته، مساویة له أیضاً بحیث لا یکون فی مقابلها شیء الا العدم[1]، لأن الکثرة ما لم تکن لها وحدة فإنها لا توجد، و ما بالقوة أیضاً ما لم یحصل علی الفعلیة فی کونه "ما بالقوة" فإنه لا یتحقق، و الموجود الذهنی أیضاً خارجیته المطلقة هی کونه ذهنیاً و ما لم یحصل علی الخارجیة فی کونه ذهنیّاً فإنه لا یتحقق.

و أما حین نقول بأن الوجود إما خارجی أو ذهنی و الوجود إما کثیر أو واحد، و إما بالقوة أو بالفعل، فالمراد هو الموجود المطلق الذی یکون مقیّداً بقید الإطلاق فالمقصود فی الواقع هو مرحلة من مراحل الوجود أی تلک المرحلة التی یکون الوجود مقیداً بالإطلاق و لکنه لا یکون مقیداً بالخارجیة أو الذهنیة أو الکثرة و الوحدة، و فی هذه الصورة لا تکون الخارجیة و الفعلیة و الوحدة أیضاً مستعملة فی معناها المطلق، بل تکون بحیث تقابل الذهنیة و ما بالقوة و الکثرة.

یقول العلّامة الطباطبائی فی توضیح هذا الأمر: "فإن لازم الاختلاف الذاتی فی الوجود أعنی وقوع التشکیک من متن حقیقته أن یتحقق هناک کثرة یتنافی بعض أجزائها مع البعض تنافیاً قیاسیاً فیعرض البعض نوع من الفقدان بالنسبة الی البعض و لازمه أن یفارق المقیس إلیه فی وصف کماله و یساوق المقیس إلیه أصل الحقیقة کما أنا نقسّم الوجود الی ذهنی و خارجی و إلی ما بالقوة و ما بالفعل و الی کثیر و واحد ثم نقول: الوجود یساوق الخارجیة و یساوق الفعلیة و یساوق الوحدة".[2]

و مراده: أنه بالنظر الی کون الوجود ذا مراتب مختلفة فإننا نقسّم الوجود الی خارجی و ذهنی، ما بالقوة و ... و بالنظر الی أن جمیع هذا المراتب و اختلافها، مشترکة فی أصل التحقق و الوجود فإننا نقول أن الوجود مساوق للفعلیة و الخارجیة.



[1] حقیقة الوجود من حیث هو غیر مقیّد بالإطلاق و التقیید و الکلیّة و الجزئیة و العموم و الخصوص و لا هو واحد بوحدة زائدة علیه و لا کثیر و لا متشخّص بتشخص زائد علی ذاته کما سنزیدک انکشافاً و لا مبهم بل لیس له فی ذاته الا التحصّل و الفعلیة و الظهور و إنما تلحقه هذه المعانی الإمکانیة و المفهومات الکلیة و الأوصاف الإعتباریة و النعوت الذهنیة بحسب مراتبه و مقاماته المنبه علیها بقوله تعالی "رفیع الدرجات" فیصیر مطلقاً و مقیّداً و کلیّاً و جزئیاً و واحداً و کثیراً من غیر حصول التغیر فی ذاته و حقیقته و لیس بجوهر کالماهیّات الجوهریة المحتاجة الی الوجود الزائد و لوازمه و لیس بعرض لأنه لیس موجوداً بمعنی أن له وجوداً زائداً فضلاً عن أن یکون فی موضوع المستلزم لتقدّم الشیء علی نفسه و لیس أمراً اعتباریاً کما یقوله الظالمون لتحقّقه فی ذاته مع عدم المعتبرین ایّاه فضلاً عن اعتبارهم و کون الحقیقة بشرط الشرکة أمراً عقلیّاً و کون ما ینتزع عنها من الموجودیة و الکون المصدری شیئاً اعتیاریاً لا یوجب أن تکون الحقیقة الوجودیة بحسب ذاتها و عینها کذلک. صدر المتألهین، الحکمة المتعالیة فی الأسفار العقلیة الأربعة، ج 1، ص260.

[2] هامش الحکمة المتعالیة فی الأسفار العقلیة الأربعة، ج1، ص 260.

التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

  • ارجو ذکر عدة احادیث حول اهمیة التاریخ و کتابته مع ذکر المصدر.
    6761 تاريخ کلام 2012/01/16
    ورد التأکید حول التاریخ و اهمیة مطالعته و التفکر فی احوال الماضین فی آیات و روایات کثیرة، حیث ان المطالعة و التأمل فی التاریخ و مصیر الماضین یوجب الاعتبار و أخذ الدروس منهم لاجل التخطیط للمستقبل. و یبرز هذا الموضوع بشکل واضح فی کلمات امیر المؤمنین علی (ع). ...
  • ما التكليف إن تعارض الشهود على أعلمية المجتهد؟
    5989 الحقوق والاحکام 2012/09/05
    لقد أفتى جميع مراجع التقليد أنه: "يثبت الاجتهاد بالاختبار و بالشياع المفيد للعلم و بشهادة العدلين من أهل الخبرة‌، و كذا الأعلمية"[1] إذن فيما إذا تحقق هذا الفرض، أي تعارض شهادة عادلين مع شهادة عادلين آخرين، هنا لابد للإنسان أن ...
  • ما هی جذور الخجل؟
    8190 النظریة 2009/01/10
    الخجل بمعنی‌ الانکفاء علی الذات و الخوف من مواجهة الآخرین. و لیس الخجل مرادفاً للحیاء، فالحیاء هو بمعنی القدرة علی السیطرة و هو أمر إرادی و إیجابی و قد ورد مدحه فی الروایات و الآیات، و اما الخجل فهو ظاهرة لا ارادیة تماماً، و سلبیة و تکشف عن الضعف النفسی ...
  • کیف توفیت کل من مریم و آسیة (س) و این دفنتا؟
    7531 تاريخ بزرگان 2012/01/28
    لما ظهر لفرعون إیمان زوجته آسیه نهاها فأبت فأوتد یدیها و رجلیها بأربعة أوتاد و ألقاها فی الشمس‏ ثم أمر أن یلقى علیها صخرة عظیمة فلما قربت أجلها (قالَتْ رَبِّ ابْنِ لِی عِنْدَکَ بَیْتاً فِی الْجَنَّةِ) فاستجاب لها ربها، و قیل إنها أبصرت بیتها فی الجنة من درة. و ذکر ...
  • ما هو المراد من جبل الطور فوق رؤوس بنی إسرائیل؟
    9335 التفسیر 2010/12/01
    ورد فی عدة آیات من القرآن عبارة "و رفعنا فوقکم الطور" و ما یشبهها، و الخطاب لبنی إسرائیل. و طبقاً لما ورد فی کتب التفسیر فإن هذه الآیات تشیر الی واقعة تاریخیة وقعت بسبب مخالفة بنی إسرائیل للأوامر الإلهیة فی زمن النبی موسی(ع)، و ان الله القادر المتعال ...
  • فی نصب الابواب الاوتوماتیکیة (التی تشمل المدرجات والمحرک والریموت) یحتسب ربح مستقل لکل من هذه الموارد المذکورة، فهل یکون الربح المستحصل من ذلک حلالاً؟
    5629 الحقوق والاحکام 2011/09/18
    الاجوبه التی حصلنا علیها من مکاتب المراجع هی کما یلی:مکتب سماحة آیة الله العظمی الخامنئی(مد ظله العالی):بشکل عام لیس هناک حد معین للربح. و بناء علیه فاذا لم یصل الامر الی الاجحاف و لم یکن ذلک مخالفاً لقوانین الدوله ایضاً فلا باس ...
  • هل ان الغسل باکثر من صاع من الماء یعد إسرافاً؟
    6295 الحقوق والاحکام 2012/06/19
    فی الغسل الترتیبی یجب علی المکلف غسل جمیع أعضاء الغسل بالترتیب. و هنا ربما امکن شخص ان یغتسل بمقدار صاع من الماء (3 کیلو غرام) بینما یغتسل شخص آخر باکثر من هذا المقدار. فذلک یتوقف إذن علی یقین المکلف بغسل جمیع أعضاء الغسل، اذا لم یستتبع ...
  • هل أن أخذ المال من قبل إمام الجماعة مشکل بحسب رأی آیة الله بهجت؟
    4606 الحقوق والاحکام 2009/07/30
    وردنا الجواب التالی من مکتب آیة الله بهجت:إذا کان أخذ المال بعنوان تأمین مقدمات الصلاة کالذهاب و الإیاب فلا إشکال فیه سواء کان المال أکثر من أجرة النقل أو أقل، و سواء کان یمتلک وسیلة نقل أم لا، و سواءً کان مسیره بعیداً أم قریباً لا فرق فی ذلک.
  • هل لدیکم تعریف جید للإسلام و التشیع تقدمونه للأوربیین؟
    6686 الکلام القدیم 2008/06/18
    الإسلام فی اللغة یعنی التسلیم، و من هنا سمی الدین الإسلامی بالإسلام، فإن تعالیمه بشکل عام تمثل تسلیم الإنسان مقابل الله تعالى، و إن من آثار هذا التسلیم أن لا یعبد الإنسان أحداً غیر الله، و لا یتقبل أمراً من أحد غیر الله.و الدین الإسلامی یمثل خلاصة الأدیان الإلهیة ...
  • هل المعاییر التی حددتها الرسائل العملیة لتشخیص نجاسة الماء الکر عقلانیة؟
    6562 الحقوق والاحکام 2010/07/15
    لایوجد جواب الجمالی لهذا السؤال، النقر الجواب التفصیلی ...

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    282125 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    264052 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    131017 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    120353 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    91002 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    62691 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    62631 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    58312 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    54295 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    50752 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...