بحث متقدم
الزيارة
6255
محدثة عن: 2011/08/20
خلاصة السؤال
هل یشکل أکل اللحم فی الإسلام؟
السؤال
بعد التحیة و السلام، ارید أن أعرف متی أبیح للانسان أکل اللحم؟ ألیس الحیوانات الوحشیة آکله للحوم؟ و إذا أکل الإنسان اللحم ألا تتحوّل ذاته الی ذات وحشیة؟ ألیس من الأفضل أن نأکل أنواع الخضرة بدل اللحم؟
الجواب الإجمالي

من الأزل و لحد الآن کانت المزروعات و الفواکه و لحوم الحیوانات طعاماً للإنسان، و للإنسان –بعیداً عن الأوامر الدینیة- طرق افراطیة و تفریطیة فی أکل اللحم، ففی الدین البوذائی یحرم أکل کل أنواع اللحوم، و من جهة اخری نجد فی أفریقیا و اوروبا و غرب أو شرق العالم لا یمتنعون عن أکل أی لحم حتی لحوم البشر. و لیس من الصحیح مقارنة الإنسان بالحیوانات الوحشیة، و هل یجب علی الإنسان الامتناع عن أکل اللحوم لیس إلّا لأن الحیوانات الوحشیة تأکلها؟ و هل أن کل الحیوانات تأکل اللحم کأنواع الغزلان و الزرّافات؟ ألم نر بعض الحیوانات کالدیک تتغذّی علی الخضر و العلف بل و حتی العسل؟ و هل یُمکن أن نستدل علی حرمة أکل الخضر و العسل بهذا الدلیل؟

الجواب التفصيلي

الإنسان کباقی الموجودات الحیة، یحتاج الی الغذاء لإستدامة حیاته الطبیعیة و قد عرف ما یجب أن یؤکل من أول خلقته، و کان أکل الخضر و الفواکه و لحوم الحیوانات من أول الأغذیة التی کان یتناولها، بالاضافة الی أنه منذ البدایة امتنع عن أکل عدة امور و لعله لم یجرّبها طیلة حیاته أبداً أمثال أکل التراب و الخشب و الحجر و بعض المواد الطبیعیة. لذلک فلم یکن یأکل إلّا ما کان قابلاً للهضم بالنسبة لجهازه الهضمی. لکن و بعد ظهور الأدیان السماویة و اتصال الإنسان بالوحی الإلهی، تغیّر ملاک الأکل عنده و لم یعد الملاک هو فقط ما تمیل الیه نفسه و ما لا تمیل، بل امتنع عن عدة امور بسبب تحریم الدین الإلهی لها لامکان أن تؤدبی الی آثار روحیة سیئة عند الإنسان، منها تحریم لحم الخنزیر.[i]

و للإنسان –بعیداً عن الامور الدینیة- طرق افراطیة أو تفریطیة فی أکل اللحوم، ففی الدین البوذائی حرم أکل اللحم بالکامل، و اتباع هذا الدین یحرمون أکل کل اللحوم بدون استثناء، و هذا هو طرف التفریط، أما طرف الافراط فنجد فی أفریقیا أو أوروبا أو بعض الأماکن الاخری لا یمتنعون عن أکل أی لحم بل حتی لحوم البشر.[ii]

أما الإسلام فقد اختار –کالمعتاد- الطریق الأوسط بین هذین الطریقین، و أحلّ کل لحم تراه الطبیعة الإنسانیة المعتدلة طاهراً و لذیذاً.[iii] و أدخله تحت عنوان «الطیّبات»[iv]. و قد فسّر هذا العنوان الکلی بالبهائم التی هی الغنم و البقر و الابل و بالطیور و هی کل طیر لا یأکل اللحم –و علامته وجود الحواصل فیه، و ما کان دفیفه- و هو تحریک الجناح عند الطیران –أکثر من صفیفه، و عدم وجود المخالب فی رجله – أما فی الحیوانات البحریة فحلّل من الأسماک ما کان فیها فلس، بتفصیل ورد فی الکتب الفقهیة.

إذن، أولاً: أکل اللحم موجود فی طوال تأریخ البشریة و لحد الآن، ثانیاً: لیس من الصحیح مقارنته بالحیوانات الوحشیة، و هل یجب علی الإنسان الامتناع عن اللحم لیس إلا لأن الحیوانات الوحشیة تأکلها؟ و هل أن کل الحیوانات کأمثال أنواع الغزلان و الزرافات تأکل اللحم؟ ألم نجد بعض الحیوانات کالدیکة تتغذی علی الخضرة و العلف بل و حتی علی العسل؟ فهل یُمکن الاستدلال من هذا الأمر علی حرمة أکل الخضر و العسل؟ نعم! یُمکن القول بأن بعض صفات الحیوانات یُمکن أن تنتقل الی الإنسان عن طریق أکل لحومها، و لیس ببعید القول بأن أکل لحوم الحیوانات الوحشیة، یُمکن أن تنمی صفة الوحشیة و القساوة عند الإنسان، و لعله لهذه الحکمة حرم الإسلام أکل لحوم الحیوانات الجلالة حتی تطهر و هی الحیوانات التی تتغذی علی النجاسات.[v]

فی النهایة نذکر بعض الروایات المتعلقة بأکل اللحوم:

1- عندنا روایات متعددة تؤکد أن اللحوم أفضل المآکل فی الدنیا.[vi]

2- فی روایة عن الإمام الصادق (ع) یقول فیها: «اللحم یُنبت اللحم و من ترک اللحم أربعین یوماً ساء خلقه».[vii] و فی روایة عن النبی محمد (ص) قال: «من أتی علیه أربعون یوماً و لم یأکل اللحم فلیستقرض علی الله عزوجل و لیأکله».[viii]

 



[i]  البقرة، 173

[ii]  الطباطبائی، محمد حسین، تفسیر المیزان، ج5، ص183، مؤسسة مطبوعات اسماعیلیان، 1973 م.

[iii]  نفس المصدر.

[iv]  المؤمنون، 51

[v]  انظر: المکارم الشیرازی، ناصر، تفسیر الأمثل، ج3، ص603، الناشر مدرسة علی بن أبی طالب، قم 1421 ق.

[vi]  الکلینی، محمد بن یعقوب، الکافی، ج6، ص308، دار الکتب الإسلامیة، طهران 1365، "باب فضل اللحم" عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله (ع) عن سید الآدم فی الدنیا و الآخرة؟ فقال: اللحم.

[vii]  نفس المصدر.

[viii]  نفس المصدر.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

  • ما هو رأی أهل السنة حول مصحف الإمام علی(ع)؟
    6962 درایة الحدیث 2010/02/22
    المراد بمصحف الإمام علی(ع) هو القرآن الذی اهتمّ الإمام (ع) بجمعه و تدوینه بعد وفاة رسول الله(ص).و قد کان لهذا المصحف خصائص انفرد بها کالترتیب الدقیق للآیات و السور طبقاً للنزول و مطابقة لقراءة النبی الأکرم(ص) (و هی القراءة الأصلیة) و کان متضمناً للتنزیل و ...
  • ما هو الحکم الفقهی و طریق مواجهة انتقاص الرسول الأکرم(ص) و المقدسات الإسلامیة؟
    6045 الحقوق والاحکام 2009/07/07
    ان من یتعرض لنبی الإسلام المکرّم(ص) بالاساءة و یؤذی بعمله القبیح هذا ملایین الناس، فهو یستحق القتل. ان أعداء الإسلام و لأجل أن یصلوا الی أهدافهم المشؤومة مثل: ایجاد الفرقة بین المسلمین و المنع من انتشار الإسلام و ازالة مانع من طریقهم اسمه الدین، لجأوا الی إهانة و انتقاص المقدّسات ...
  • هل یمکن للزوجة أن ترث من أرض زوجها؟
    5447 الحقوق والاحکام 2011/04/18
    فی هذه المسألة خلاف بین الفقهاء.[1] فبعضهم یقول بان الزوجة لا ترث من الارض، و لکن رأی السید القائد هو آن الزوجة و ان لم ترث من اصل الارض و لکنها ترث من قیمتها. و نلفت نظرکم الی السؤال التالی:
  • ما المراد من الصلاة النافلة؟ و ما هی کیفیتها؟
    9434 العملیة 2010/08/21
    قال الامام الخمینی (ره) فی تصنیف الصلاة: الصلاة واجبة و مندوبة (أی نافلة)، فالواجبة خمس، الیومیة، و منها الجمعة، و کذا قضاء ولد الأکبر عن والده، و صلاة الآیات، و الطواف الواجب، و الأموات، و ما التزمه المکلف بنذر أو إجارة أو غیرهما، و فی ...
  • أی فئة من النساء یرفع عنهن عذاب القبر و یحشرن مع السیدة الزهراء (س)؟
    8162 درایة الحدیث 2010/12/07
    الحدیث الذی أشرتم إلیه، هو روایة وردت فی کتاب "وسائل الشیعة" نقلا عن "مجموعة ورام"[1] هی: "قال (ع): ثلاثٌ من النِّساءِ یرفعُ اللَّهُ عنهُنَّ عذاب القبرِ و یکونُ محشرُهنَّ مع فاطمة بنت محمد (ص)، امرأَةٌ صبرتْ على غیرة ...
  • ما علامة الحج المقبول عند النبي الاكرم (ص)؟
    6113 درایة الحدیث 2012/05/17
    اشار النبي الأكرم (ص) الى خصوصية الحج المقبول حينما قال: آيةُ قبول الحجِّ تركُ ما كان عليه العبدُ مقيماً من الذنُوب.[1] و عنه (ص) أيضاً: من علامةِ قبولِ الحجِّ إِذا رجع الرَّجل رجع عمَّا كان عليه من المعاصي هذا علامةُ قبول ...
  • هل نذر عبد المطلب ينسجم مع العقل السليم و تصرف العقلاء؟
    14254 تاريخ بزرگان 2012/07/24
    القرابين من الطقوس التي اشتركت بها اكثر الاديان، حيث تؤكد المصادر التاريخية ان قضية تقديم القرابين شاملة و عامة و قد اختلف نوع القرابين المهداة إلى الالهة بين الأقوام، فمن إراقة الماء أو الشراب و إهداء الزهور و المحاصيل إلى ذبح الحيوانات و الأطفال و النساء، مروراً ...
  • ما هی الطریقة و الاسلوب التی اعتمتد فی تبلیغ الدین؟
    11437 سیرة المعصومین 2010/12/21
    التبلیغ یعنی إیصال الرسالة الى الجماهیر، و بما أن رسالة الانبیاء عامة و رسالة النبی الأکرم (ص) خاصة، جاءت من أجل هدایة البشریة و اخراجها من الظلمات الى النور، من هنا حظی التبلیغ بأهیمة کبیرة باعتباره وسیلة لایصال صوت الوحی الإلهی الى العباد. و یمکن الاشارة هنا ...
  • هل أن بول الهمستر و خرؤ نجس؟
    5807 الحقوق والاحکام 2009/10/06
    طبقاً لفتاوى جمیع المراجع فإن «بول» و «غائط» الإنسان و کل حیوان یحر اکل لحمه یجری فی عروقه الدم بحیث یسیل منها إذا قطعت عروقه نجس. و لکن ما یخرج من الحیوانات الصغیرة التی لا لحم لها کالبعوض و الذباب فإنه طاهر[1].على هذا الأساس ...
  • ماهي مکانة السیاسة والحکومة من وجهة نظر الامام علي(ع)؟
    3125 رفتار امام علی ع 2020/10/10
    انّ دخول الامام علي(ع) في ساحة السیاسه و قبول الحکم، حسب شهادة التاريخ، لم یکن بمفهوم طلب الرئاسة والسلطة. إنّ الحكومة عنده من هذه الجهة، أدنی وأهون من عفطة عنز وأقل قیمة من حذاء ممزق؛ لأن الحذاء الذي يلبي حاجته(ع) ولا يحمل أي مسؤولية، أحسن وأفضل بكثير من ...

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    282149 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    264092 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    131039 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    120371 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    91024 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    62706 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    62646 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    58323 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    54312 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    50774 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...