Please Wait
6178
لم یکن تعاون العلماء الشیعة مع الحکام الصفویین أو غیرهم من الحکام لغرض اضفاء الشرعیة علیهم، بل کان منطلقا من المصالح و المنافع الاجتماعیة الکبیرة الى تترتب على هذه العلاقة فی خدمة الناس و المذهب الشیعی و المجتمع و.... من قبیل نشر الثقافة و الفکر الدینی اعتمادا على القدرات المادیة التی توفرها الحکومة.
و من الانتقادات التی سجلت ضد نشاط العلامة المجلسی السیاسی حضوره فی زمرة النظام الحکومی الصفوی و تعاونه من السلاطین المعاصرین له. و لاریب ان السلوک العلمائی خاضع للظروف الموضوعیة التی تحیط بهم، و لیس العلامة المجلسی بدعا من العلماء، فقد کان هؤلاء الاعلام الشیعة ینطلقون فی حرکاتهم من خلال التمسک بحبل الائمة المعصومین و سیرتهم (ع) التی کانت قائمة – احیاناً- على التعاون مع سلاطین الجور و الخلفاء الظالمین و النظر الى الامور نظرة واقعیة خصوصا فی القضایا المهمة و مشاکل العالم الاسلامی السیاسیة و الاجتماعیة و الثقافیة، مستغلین تلک العلاقة فی تحقیق الحد الاقصى من الفائدة و النفع العائد على الجماهیر و هدایة الناس و اصلاح و ارشاد المجتمع، و خاصة تعزیز البعد الدینی، و ترویح المذهب الحق و السعی لاحقاق العدالة النسبیة. و من هنا تقتضی النظرة الموضوعیة للامور حمل حرکة العلامة المجلسی على هذا المعنى و انه لم ینطلق من منافع شخصیة و انما کان تحرکة محکوما – حسب تشخیصه للظروف- بالسعی وراء تحقیق تلک الاهداف و الغایات السامیة، و ان کان هناک من العلماء من خالفة الرأی و ذهب الى تبنی موقف المقاطعة مع الصفویین و غیرهم.
لم یکن تعاون العلماء الشیعة مع الحکام الصفویین أو غیرهم من الحکام لغرض اضفاء الشرعیة علیهم، بل کان منطلقا من المصالح و المنافع الاجتماعیة الکبیرة الى تترتب على هذه العلاقة فی خدمة الناس و المذهب الشیعی و المجتمع و.... من قبیل نشر الثقافة و الفکر الدینی اعتمادا على القدرات المادیة التی توفرها الحکومة، صیانة العلماء من الخطر، التعرف على المنسوبین الى السلالة الطاهرة، المزارات الشریفة و البقاع المبارکة و ترویج احکام الشریعة فی اوساط المجتمع، کل ذلک یعد من معطیات العلاقة بین العلماء و بین الحکومة الصفویة. و فی الحقیقة لم یکن هدفهم اضفاء الشرعیة على الحاکم الصفوی، و انما نشر العلوم و المعارف الالهیة. و الملاحظ ان تلک العلاقة و التعاون کان یمثل فرصة تاریخیة مهمة و مفصلیة و کانت تمثل المرکز الامین للشیعة فی ذلک الوقت.
و قد ذهب المحللون للعصر الصفوی الى الاعتقاد بان: " هیکلیة الحکومة الصفویة هیکلیة مؤسساتیة و من خلالها استطاعت الدولة بسط نفوذها و إعمال و تنفیذ مقرراتها. فالنظام الحکومی یتمثل فی البلاط، الولایات، الجیش و لکل منها مهامة الخاصة، بالاضافة الى الجهة المسؤولة عن حمایة مقررات الشریعة و اقامة المناسبة الدینیة ذات الصلة بعلماء المسلمین و نشر و ترویج الشعائر المذهبیة، التأکید على سنّة التولی و التبری، اقامة مراسم الافراح و الاحزان و الاعیاد الدینیة و....کل ذلک کان له الدور الفاعل فی تعزیز الهویة السیاسیة الایرانیة فی العهد الصفوی".[1]
تعاون العلامة المجلسی مع الحکومة الصفویة
من الانتقادات التی سجلت ضد نشاط العلامة المجلسی السیاسی حضوره فی زمرة النظام الحکومی الصفوی و تعاونه من السلاطین المعاصرین له. و قبل الخوض فی الموضوع نرى من الضروری الاشارة الى قضیة مهمة هی: ان فقهاء الشیعة الى الایام الاخیرة من عصر الشاه و انتصار الثورة الاسلامیة کانوا یعیشون حالة یرثى لها و مرّ للغایة فی البعدین الاجتماعی و السیاسی فقد اقصی ائمة الشیعیة و نوابهم عن التصدی لادارة شؤون الامة هذا من جهة، و من جهة اخرى نرى ان الجماهیر قد ابتلیت بمثل هؤلاء الحکام، و هنا یثار السؤال عن معرفة الموقف المناسب فی مثل هذه الظورف الحالکة.
فهل یجب مواجهة تلک الحکومة انطلاقا من التطلعات و الطموحات الکلامیة و الفقهیة؟ أو الوقوف منها موقف الخصم و الند و القطیعة و الانزواء و عدم الاتصال بالحکام؟ و هل یعالج الموقف هذا مشاکل الناس و یقضی علیها؟ أو هل یجب اعلان الجهاد ضدها لاقامة حکومة مشروعة و مثالیة تحل محل الحکومات السابقة؟ او یکون الحل الامثل فی تلک الظروف الموضوعیة هو فتح باب التواصل و التعاون مع الحکام لتحقیق الحد الممکن من النفع العائد على الدین و المذهب و الجتمع؟
و لاریب ان السلوک العلمائی خاضع للظروف الموضوعیة التی تحیط بهم، و لیس العلامة المجلسی بدعا من العلماء، فقد کان هؤلاء الاعلام الشیعة ینطلقون فی حرکاتهم من خلال التمسک بحبل الائمة المعصومین و سیرتهم (ع) التی کانت قائمة – احیاناً- على التعاون مع سلاطین الجور و الخلفاء الظالمین و النظر الى الامور نظرة واقعیة خصوصا فی القضایا المهمة و مشاکل العالم الاسلامی السیاسیة و الاجتماعیة و الثقافیة، مستغلین تلک العلاقة فی تحقیق الحد الاقصى من الفائدة و النفع العائد على الجماهیر و هدایة الناس و اصلاح و ارشاد المجتمع، و خاصة تعزیز البعد الدینی، و ترویح المذهب الحق و السعی لاحقاق العدالة النسبیة. و من هنا سعى علماء الشیعة لتأمین الحد الممکن من النفع العام الحاصل من تلک العلاقة، و هذا المنهج نراه فی حیاة أمیر المؤمنین (ع) و کذلک فی حیاة من لحقه من الائمة (ع)، و من تلک النماذج:
- تعاون أمیر المؤمنین (ع) مع حکومة الخلفاء الثلاثة، التصدی لمنصب ولایة الاهواز من قبل عبد الله النجاشی و الذی یعد من اصحاب الامام الصادق (ع)، التصدی لمنصب وزارة المالیة فی عصر هارون الرشید من قبل علی بن یقطین و بارشاد من قبل الامام الکاظم (ع)، قبول الامام الرضا (ع) بولایة العهد للمأمون العباسی، الخواجة نصیر الدین الطوسی و حکومة هولاکو المغولی و... و کذلک حضور کبار العلماء الشیعة فی الجانب السیاسی عند الصفویین منهم: المحقق الکرکی، الشیخ البهائی، الملجسی الاب و المجلسی الابن و... والتصدی لبعض المناصب السیاسیة و المذهبیة.
انطلاقا من ذلک کله، لم یکن تعاون العلماء مع الصفویین ینطلق من الرغبة فی تحصیل الجاه او المقام او تکدیس الثروة و المال، و انما کان منطلقا من السعی للحفاظ على الدولة الشیعیة الفتیة، و تتجلى ضرورة هذا التعاون من خلال معرفة الانزواء التام للعلماء الشیعة على مر التاریخ. و بطبیعة الحال ان تعاون العلماء من الحکام یتوقف على مدى تمکن العلماء من القیام بالمهام الموکلة الیهم فی حفظ الدین و المذهب و نشر و تبلیغ معارفة و الحفاظ على هیکیلة المذهب الشیعی و نشر الحوزات و المدارس العلمیة و...
لمزید الاطلاع على هذا الموضوع یمکن الرجوع الى المصادر التالیة:
1. مروری بر اندیشه سیاسی علامه مجلسی= اطلالة على المذهب السیاسی عند العلامة المجلسی.
2. مجلة الحکومة اسلامیة، العدد 20، سلطان محمدی، ابوالفضل؛ «مروری بر زندگی سیاسی علامه محمد باقر مجلسی »
[1] بهرام نژاد، محسن، صفویه در گستره تاریخ ایران زمین، صفحه 99؛ (مقاله الهویة السیاسیة للدولة الصفویة)، انتشارات ستوده، جامعة تبریز، 1383ش.