بحث متقدم
الزيارة
14258
محدثة عن: 2007/11/20
خلاصة السؤال
لماذا لا یتکتف الشیعة فی الصلاة؟ وما هی کیفیة صلاة الرسول (ص)؟
السؤال
لماذا لا یتکتف الشیعة فی الصلاة؟ و لماذا یفعل أهل السنة ذلک؟ و کیف کان یصلی رسول الله (ص)؟ و هل توجد أدلة فی المسألة؟
الجواب الإجمالي

إن الشیعة الإمامیة یؤدون الصلاة بالکیفیة المتعارفة لدیهم مع إسبال الیدین و ذلک اقتداءً بسنة النبی الاکرم (ص) و الأئمة الأطهار من أهل بیته (ع)، و دلیلهم فی ذلک الروایات الکثیرة الدالة على أن النبی (ص) و الأئمة الأطهار کانوا یؤدون الصلاة بأیدٍ مسبلةٍ تحاذی الجنبین، و إن حبس الیدین فی الصلاة (القبض) هو تشبه بعمل المجوس، و کذلک توجد روایات موثقة تفصل أعمال الرسول الأکرم (ص) عند إقامة الصلاة منذ البدایة و حتى النهایة، و لا توجد فیها أن النبی کان یضع إحدى یدیه على الأخرى حال الصلاة.

و على کل حال فإن قبض الیدین حین الصلاة أمر موقع بعد رحلة الرسول الأکرم (ص) و فی زمن الخلیفة الثانی، و لذلک یؤد أهل السنة صلاتهم بهذه الکیفیة، و لابد أن نعلم أن أن بعض السنة لا یلتزم بقبض الیدین عند الصلاة، وهم الامام مالک واتباعه فانه لایفتی بوجوب القبض فی الصلاة.

الجواب التفصيلي

قبل الاجابة عن السؤال لابد من الاشارة الى مسألة مهمة وهی انه من غیر الصحیح القول بان اسبال الیدین فی الصلاة وعدم القبض فی الصلاة هو من متفردات الامامیة، حیث ان الصحیح ان مذهب الامام مالک یذهب الى عدم وجوب القبض وجواز الاسبال.[1] اذا عرفنا ذلک نقول:

إن وضع الیدین إحداهما على الأخرى عند الصلاة عمل ما کان موجوداً فی عهد رسول الله (ص) و کان النبی یؤدی صلاته مسبلاً یدیه إلى جنبیه.[2] و حیث أن الشیعة - و فی جمیع الأمور - یقتدون بالنبی الاکرم (ص) و أهل بیته الأطهار (ع)، فإنهم یؤدون صلاتهم على نفس المنوال الذی کان یؤدی النبی و أهل بیته صلاتهم فیه، و لکن طریقة قبض الیدین و وضع إحداهما على الأخرى بدعة وجدت بعد رحیل النبی (ص)، و لم یکن لها أی وجود فی عصر النبی مطلقاً. و کان زمن حدوثها أیام الخلیفة الثانی حیث أصدر أمراً بأن توضع الیدین إحداهما على الأخرى عند أداء الصلاة، و ذلک لما فیه من الخضوع و الخشوع أمام الخالق سبحانه، و هکذا استمرت الحالة منذ ذلک الزمان و حتى یومنا هذا.[3] و أکثر أهل السنة الآن یعملون بالطریقة التی اتخذها الخلیفة و أمر بها.[4] بینما یرى الأئمة الأطهار (ع) أن هذه الطریقة من قبیل التشبه بأهل الکفر و هی من أعمال المجوس، و لذلک أمر الشیعة بالعمل على سنة رسول الله (ص)، و أن یؤدوا صلاتهم بنفس الطریقة، و هی إسبال الیدین بمحاذاة الجنبین.

و فی حدیث أبی حمید الساعدی ذکر جمیع أعمال النبی التی یؤدیها فی صلاته من حین تکبیرة الإحرام إلى آخر السلام فی الصلاة، و لم یرد أی ذکر لعمل مثل وضع الیدین مغلولتین على الصدر فی صلاة النبی (ص)، و إنما الذی ذکر أن النبی کان یضع یدیه إلى جنبیه بعد أداء تکبیرة الإحرام.[5]

و لابد لنا أن نعلم أنه لیس من الممکن أن یترک النبی عملاً مستحباً طیلة حیاته و لا یأتی به و لو لمرة واحدة.

و کذلک عندما طلب حماد بن عیسى من الإمام الصادق (ع) أن یعلمه الصلاة الصحیحة الکاملة، فقام الإمام و استقبل القبلة ثم جاء بجمیع المستحبات و بعد ذلک جاء بتکبیرة الإحرام و أدى الصلاة کما یؤدیها الشیعة فی هذا الزمان، و بعد ذلک أتم الصلاة بالسلام.[6]

و فی هذه الروایة فإن الإمام أدى الصلاة و علمها لحماد کما کان النبی (ص) یؤدیها، و لم یذکر الإمام (ع) حالة وضع إحدى الیدین على الأخرى، و لو کان هذا العمل سنةً لذکره الإمام حتماً.

و کذلک توجد الکثیرة من الروایات عن الأئمة (ع) حیث قالوا:

إن هذا العمل تشبه بالمجوس و أهل الکفر، و لا ینبغی أداء الصلاة بهذه الکیفیة، و نکتفی هنا بإیراد بعض الموارد.

1 - روی محمد بن مسلم، عن الصادق (ع) أو الباقر (ع) قال :قلت له: الرجل یضع یده فی الصلاة -و حکی- الیمنی علی الیسری؟ فقال: «ذلک التکفیر لا یفعل».[7]

2- و روی زرارة عن أبی جعفر (ع) أنه قال: «و علیک بالإقبال علی صلاتک، ولا تکفر، فإنما یصنع ذلک المجوس».[8]

3- روی الصدوق بإسناده عن علی (ع) إنه قال: «لا یجمع المسلم یدیه فی صلاته و هو قائم بین یدی الله عز و جل یتشبه بأهل الکفر، یعنی المجوس».[9]

و لأجل الإطلاع بشکل أوسع یمکن الرجوع إلى کتاب: الإنصاف فی مسائل دام فیها الخلاف، آیة الله الشیخ جعفر السبحانی، ج1، ص169 إلى 193.



[1] الفقه على المذاهب الاربعة، الجزء الاول، بحث القبض فی الصلاة.

[2] سوف تأتی الأحادیث الواردة بخصوص هذا الموضوع.

[3] و الشاهد على هذه المسألة حدیث سهل بن سعد الذی یرویه البخاری: (کان الناس یؤمرون أن یضع الرجل الید الیمنى على ذراعه الیسرى فی الصلاة (فتح الباری فی شرح صحیح البخاری، 2/224)، فلو أن النبی کان قد أمر بذلک فلا معنى للقول کان الناس یؤمرون، و إنما یقال: کان النبی یأمر.

[4] یرى الحنفیة و الشافعیة و الحنابلة استحباب (التکفیر) بینما یرى المالکیة أن الإسبال هو (المستحب)، (الفقه على المذاهب الخمسة، ص110.

[5] سنن البیهقی، ج2، ص 72، 73، 101، 102؛ سنن أبی داود، ج 1، ص 194.

[6] الوسائل، ج 4، باب من أبواب أفعال الصلاة، ح 1.

[7] الوسائل، ج 4، باب 15 من ابواب قواطع الصلاة، ح 1.

[8] الوسائل، ج 4، باب 15 من ابواب قواطع الصلاة، ح 2،3،7.

[9] جعفر السبحانی، فقه الشیعة الإمامیة و مواضع الخلاف بینه و بین المذاهب الأربعة، ص 183.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280329 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258942 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129731 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115915 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89625 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61176 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60456 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57420 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51840 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    47778 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...