Please Wait
7537
قد یقع تغییر جنس احد الزوجین فی العقد الدائم او فی العقد المؤقت.
فإذا حصل العقد الدائم ثم وقع بعده تغییر جنس احد الزوجین فمن الطبیعی ان یبطل الزواج السابق و ینحل. و حول دفع المهر هناک اربعة احتمالات (آراء)، و یبدو ان الاصح و الاوفق برأی مشهور فقهاء الاسلام و الروایات الکثیرة هو (دفع جمیع المهر فی حالة الدخول و دفع نصف المهر فی حالة عدم الدخول).
فاذا حصل العقد المؤقت ثم غیر الرجل جنسه بعد ذلک فمن الطبیعی ان سیبطل الزواج المؤقت، و کذلک یجب علی الرجل – سابقا – ان یدفع جمیع المهر الی زوجته السابقة، و لکن اذا غیرت المرأة جنسها وجب علیها ان ترجع فی المهر بمقدار زمان التخلف و بالطبع فانه اذا غیرت الزوجة جنسها بإذن زوجها فلا تکون ضامنة و یجب علی الرجل دفع جمیع المهر لها.
یجب البحث عن المهر من جهتین:
1. تغییر الجنس و أثره علی مهر الزوجة فی العقد الدائم.
2. تغییر الجنس و اثره علی مهر الزوجة فی العقد المؤقت.
الف. تغییر الجنس و مسألة مهر الزوجة فی العقد الدائم:
اذا حصل العقد الدائم ثم وقع بعده تغییر جنس احد الزوجین فمن الطبیعی ان ینحل الزواج السابق، و حول دفع المهر هناک اربعة احتمالات (آراء) نبحث عن کل منها بشکل مختصر:
الإحتمال الأول: عدم وجوب دفع المهر مطلقا:
و هذا الإحتمال یعنی انه بعد انحلال الزواج بسبب تغییر جنس احد الزوجین، لا یجب شیء علی الزوج سواء حصلت المقاربة أم لا، و لا یختلف الحال ایضاً بین ان یغیر الزوج جنسه او الزوجة، و علی ای حال فمضافاً الی بطلان الزواج السابق، لا یجب علی الزوج دفع المهر.
و قیل فی توجیه هذا الإحتمال؛ ان حقیقة الزواج عبارة عن معاوضة بضع المرأة (التمکین) بالمهر، و تغییر الجنس سبب لفسخ هذه المعاوضة فیعود کل من العوضین تلقائیا الی محله الأول. و بناء علی هذا فلا یجب علیه شیء، بل انه لو کان قد دفع المهر قبل ذلک فیجب ان یرّد الیه المهر أو بدله.[1]
و جواباً عن هذا التوجیه نقول: اولاً: انه لیس حقیقة النکاح هو معاوضة بضع المرأة (تمکین المرأة) بالمهر، بل قوام النکاح هو بالایجاب و القبول فقط، و (المهر) هو بمنزلة الهدیة التی یهبها الرجل لزوجته، و قد اوجب المشرع الالهی ذلک زیادة علی ارکان النکاح.[2]
ثانیاً: بطلان النکاح بسبب تغییر الجنس، لیس معناه الفسخ، لان فسخ النکاح انما یکون مقبولاً اذا کان من قبیل الفسخ بسبب الخیار او الرجوع فی الطلاق، و لکنه هنا لیس من هذا القبیل، بل بطلان النکاح هو بسبب انعدام امکان بقاء اعتبار الزوجیة.[3]
الإحتمال الثانی: وجوب دفع المهر مطلقا:
و هذا الإحتمال هو الذی یراه بعض الفقهاء الشیعه،[4] هو انه فی حالة تغییر الجنس و بطلان الزواج السابق یجب علی الزوج دفع جمیع المهر سواء کان تغییر الجنس قبل المقاربة أم بعدها. یقول الامام الخمینی فی هذا المجال: اذا تزوجت المرأة ثم غیرت جنسها بعد الزواج و تحولت الی رجل فإن الزواج یبطل من حین التغییر، فإن کان الزوج قد قاربها قبل تغییر الجنس وجب علیه دفع جمیع المهر لها، و إن لم یکن قد قاربها فیشکل سقوط اصل المهر، فالاحسن القول بوجوب دفع جمیع المهر.
و کذلک اذا تزوجت المرأة برجل، ثم غیر الرجل جنسه، بطل زواجه من حین التغییر، فان کان قد قاربها وجب علیه دفع مهرها و إن لم یکن قاربها وجب دفعه علی الأقوی.[5]
و قیل فی توضیح هذا الإحتمال انه و بسبب انعقاد عقد النکاح یثبت جمیع المهر فی عهدة الزوج، فإذا حصل الطلاق بعد ذلک او انتفی (موضوع الزواج) بسبب تغییر الجنس، فلا تأثیر لذلک علی اصل المطلب أی (ثبوت جمیع المهر للزوجة).[6]
و اضافة الی ذلک فإن اقتضاء الزواج هو ان تکون الزوجة مالکة للمهر، و قاعدة الاستصحاب توجب ان تکون هذه المالکیة باقیة حتی بعد بطلان العقد بسبب تغییر الجنس.[7]
الإحتمال الثالث: وجوب دفع جمیع المهر فی حالة المقاربة و نصف المهر فی حالة عدم المقاربة:
اذا حصل التغییر قبل المقاربة وجب علی الزوج دفع نصف المهر فقط.[8] و قد جعل القانون المدنی الایرانی فی المادة 1092 و تبعاً لمشهور الفقهاء دفع جمیع المهر منوطاً بالدخول. و فی توضیح هذا الإحتمال نقول: انه علی اساس الروایات الإسلامیة،[9] و الشهرة الفتوائیة ایضاً،[10] فإن دفع جمیع المهر هو بسبب الدخول. اذن فإذا افترق الزوجان قبل الدخول بسبب الطلاق او تغییر الجنس وجب دفع نصف المهر فقط. و اذا کانت العملیة الجراحیة لتغییر الجنس بعد الدخول وجب دفع جمیع المهر.
الإحتمال الرابع: سقوط المهر فی حالة عدم کسب الزوجة الإذن من زوجها:
علی اساس هذا الإحتمال، اذا کان تغییر الجنس من قبل الزوجة و من دون رضا الزوج، لم یجب شیء علی الزوج، و لکن اذا غیّر الزوج جنسه وجب علیه دفع المهر للزوجة، فإن کان تغییر جنس الزوج قبل المقاربة وجب علیه دفع نصف المهر فقط.[11]
و فی توجیه هذا الإحتمال یمکن القول: ان الزوج قد اقدم علی الزواج و دفع المهر بقصد ان تکون له زوجة یعیش معها، و بناء علی هذا فإن الشخص الذی سلب عنه زوجته و ابقاه وحیداً قد اورد علیه نوعاً من الضرر المالی الموجب للضمان، و علیه فالزوجة التی قامت بتغییر جنسها ضامنة للمهر، فإن کانت قد استلمت المهر قبل ذلک وجب علیها رده، و ان لم تکن قد استلمته فلا تأخذه.
تلخیص و استنتاج:
فی بحث تغییر الجنس و مسألة المهر فی العقد الدائم ذکرنا اربعة احتمالات او آراء و یبدو ان الرأی الأول أی (عدم وجوب دفع المهر) واضح البطلان، و ان الرأی الرابع لیس بتلک الدرجة من القوّة، امّا الرأی الثالث ای (دفع جمیع المهر فی حالة الدخول و دفع النصف فی حالة عدم الدخول) فهو الاصحّ و الأوفق برأی مشهور فقهاء الاسلام و الروایات الکثیرة. و مع هذا فإن الرأی الثانی ای (لزوم جمیع المهر مطلقاً) لا یخلو عن قوّة.
ب. تغییر الجنس و تأثیره علی مهر الزوجة فی العقد المؤقت:
من الفروق الأساسیة بین النکاح المؤقت و النکاح الدائم هو ان المهر فی النکاح الدائم لیس رکنا اساسیاً و لکنه یعّد رکناً اساسیاً فی النکاح المؤقت. و علیه فإذا لم یذکر المهر فی العقد المؤقت بطل النکاح. و علی ای حال فإذا انعقد الزواج المؤقت بین رجل و امرأة، ثم غیّر احد الزوجین جنسه فکیف سیکون حال المهر؟ و نبحث هذه المسألة فی حالتین:
1. تغییر جنس الزوج فی العقد المؤقت و مسألة المهر:
و نضرب مثالاً لذلک و هو ان یحصل عقد زواج مؤقت بین رجل و امرأة لمدة ستة اشهر و بمهر قدره (ست قطع ذهبیة)، ثم ان الرجل بعد مضیّ الشهر الثالث غیّر جنسه، فمن الطبیعی ان یبطل الزواج المؤقت، و ذلک لأن موضوع الزواج الذی کان عبارة عن (الرجل و المرأة) قد تبدل الی (امرأتین). و کذلک یجب علی الرجل السابق ان یدفع جمیع المهر لزوجته السابقة، لانه صار سبباً فی بطلان الزواج و قد زال موضوع الزواج بتغییر الجنس، ان تغییر جنس الزوج هو مثل انصراف الزوج عن الاستمرار فی الزواج المؤقت او بذل المدة. حیث ان الزوج فی العقد المؤقت اذا بذل المدة الباقیة لزوجته و انهی زواجه المؤقت وجب علیه ان یدفع مهر بقیة المدة ایضاً لزوجته السابقة.[12]
2. تغییر جنس الزوجة فی العقد المؤقت و مسألة المهر:
یبدو ان الزواج المؤقت بمقتضی الروایات الإسلامیة،[13] هو من (المعاوضات)، ای ان المهر فیه هو بمنزلة (العوض) فی الاجارة. و علی أی حال فالعقد المؤقت – سواء بالصورة الحقیقیة – یعتبر من مصادیق الإجارة و ان المهر هو من الأرکان المهمة فی العقد المؤقت بحیث انه اذا کان الزواج بدون مهر أو کان المهر باطلاً او ملکا للغیر فإن العقد المؤقت باطل. و لکن فی العقد الدائم اذا لم یذکر المهر فی العقد یکون العقد صحیحاً.
و لذلک یری فقهاء الشیعة انه اذا تخلفت الزوجة فی العقد المؤقت فی جزء من المدّة و امتنعت من التکمین فإنه یسقط من مهرها بنسبة تلک المدة.[14]
و النتیجة هی انه اذا غیرت المرأة جنسها وجب علیها ردّ المهر بمقدار زمان التخلف. و بالطبع فإن الزوجة اذا کانت قد غیرت جنسها بإذن زوجها فهی لیست ضامنة، لأن الزوج فی هذه الصورة هو الذی أقدم علی ذلک، و یمکن ان یرجع اذنه الی الإبراء و بذل المدة.[15]
[1] لاحظ: محمد المؤمن، کلمات سدیدة فی مسائل جدیدة، ص 111، السید محسن الخرازی، تغییر الجنس، مجلة فقه اهل البیت، العدد 33، السنة 1379، ص 252.
[2] نفس المصدر.
[3] نفس المصدر.
[4] لاحظ: غلام حسین خدادادی، احکام الأطباء و المرضی (فتاوی آیة الله محمد فاضل لنکرانی)، ص 352 – 353، آیة الله یوسف الصانعی، استفتاءات طبیة، ج 2، ص 92 – 94.
[5] الأمام الخمینی، تحریر الوسیلة، ج 2، ص 559، مسألة 3.
[6] لاحظ: احمد المطهری، مستند تحریر الوسیلة (المسائل المستحدثة)، ص 192 – 193.
[7] لاحظ: محمد المؤمن، کلمات سدیدة فی مسائل جدیدة، ص 111.
[8] لاحظ: محمد ابراهیم الجناتی ، رسالة توضیح المسائل (الأستفتاءات)، ج 2، ص 255؛آیة الله لطف الله الصافی الگلپایگانی، خزانة الاسئلة الفقهیة و القضائیة، سوال، 5868 ؛ محمد المؤمن، کلمات سدیدة مسائل جدیدة، ص 114.
[9] لاحظ: الشیخ الحر العاملی، وسائل الشیعة ،15 : 65 باب 54 فی ابواب المهور.
[10] لاحظ: آیة الله محمد حسن النجفی، جواهر الکلام ، ج 31، ص 80 .
[11] لاحظ: آیة الله یوسف الصانعی، مجمع المسائل (الاستفتاءات)، ج 1، ص 465، استفتاءات طبیة، ج 4، ص 105 – 106 .
[12] لاحظ: محمد مهدی کریمی نیا، دراسة فقهیة و حقوقیة لتغییر الجنس (رسالة سطح 4 لحوزة قم)، ص 298 .
[13] لاحظ: جامع الأحادیث، ج 21، ص 24.
[14] لاحظ: آیة الله محمد حسن النجفی، جواهر الکلام ، ج 30، ص 168 – 170؛ مصطفی محقق داماد، حقوق الاسرة، ص 320.
[15] لاحظ: السید محسن الخرازی، تغییر الجنس، مجلة فقه اهل بیت، العدد 23، ص 255.