بحث متقدم
الزيارة
5988
محدثة عن: 2009/02/12
خلاصة السؤال
هل یری الاسلام امتیازا خاصا و حقوقا متفاوتة للرواد والمضحین؟
السؤال
هل فی سیرة الرسول الاکرم (ص) و الامام علیّ حقوق یمتاز بها الرواد من المسلمین الاوائل و المجاهدین و أبناءهم و أزواجهم؟
الجواب الإجمالي

یمکن تفاوت الافراد فی درجة القرب المعنوی من الله و علی درجات مختلفة. لکنهم متساوون فی الحقوق التی بعهدة بیت المال الا اذا کان البعض منهم یشغل موقعا او و وظیفة أو منصبا فعلی بیت المال هنا ان یدفع لهم ما یقابل جهودهم و یؤمن حیاتهم بالحد المتعارف و ان یجبر خسائرهم و أضرارهم خلال عملهم هذا بما یراه مناسباً و أن یثمن جهودهم ، کما فی صدر الاسلام، فبعد إخراج خمس الغنائم کان یقسم باقی المال علی المجاهدین الحاضرین فی الحرب. أما فی الوقت الحاضر فالغنائم تختلف عما کانت علیه فی صدر الاسلام فأداء حقوقهم لابد أن یتم بشکل آخر کی یؤدی حقهم من جهة و من جهة اخری یؤدی الی نشر روح التضحیة و بالتالی الی سلامة و أمن المجتمع.

الجواب التفصيلي

لا شک ان لافراد المجتمع درجات متفاوتة عند الله و لیس کلهم بمستوی واحد و قد توجب احیاناً مزایا خاصة لبعض الأفراد.

المزایا و الحقوق قسمان: مادیة و معنویة.

الحقوق و المزایا المعنویة تعنی الثواب و الأجر الأخروی و درجات القرب الالهی حیث یقول الله: "إن الله لا یضیع اجر المحسنین".[1]

اما المزایا و الحقوق المادیة فهی علی نوعین:

1. الحقوق العامة لکل أفراد المجتمع .

2. الحقوق التی تمتاز بها فئة خاصة من المجتمع بسبب قیامها بعمل خاص و لها أولویة لأخذ أجرة عملها هذا من بیت المال.

فالاسلام قائم علی هذا الاعتبار فی الحقوق و المزایا المادیة بالنسبة للمجاهدین الأوائل و الشهداء و عوائلهم. فکل أفراد المجتمع متساوون فی الحقوق بالنسبة للنوع الأول من الحقوق فلا تفاضل بینهم و بیت المال هو للجمیع بالتساوی و کانت سیرة النبی الاکرم (ص) و سیرة الامام علی (ع) قائمة علی هذا المنوال حیث یقسم بیت المال علی الجمیع بالتساوی. و جاء فی الروایات أن بعض الخیرین ذهب الی الامام علی (ع) و طلب منه ان یزید فی عطاء الرؤساء و الاشراف من بیت المال لحین استتباب الأمر و الحکم ثم بعدها توزع بینهم بالعدل فردّ الامام (ع) قائلاً:  لا و الله لا أفعل ما طلعت شمس- و ما لاح فی السماء نجم- و الله لو کان المال لی لواسیت بینهم- فکیف و إنما هی أموالهم‏[2]

و عَنْ حَفْصِ بْنِ غِیَاثٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (ع) یَقُولُ و سُئِلَ عَنْ قَسْمِ بَیْتِ الْمَالِ؟ فَقَالَ: أَهْلُ الْإِسْلَامِ هُمْ أَبْنَاءُ الْإِسْلَامِ أُسَوِّی بَیْنَهُمْ فِی الْعَطَاءِ وَ فَضَائِلُهُمْ بَیْنَهُمْ وَ بَیْنَ اللَّهِ أُجْمِلُهُمْ کَبَنِی رَجُلٍ وَاحِدٍ لا نُفَضِّلُ أَحَداً مِنْهُمْ لِفَضْلِهِ وَ صَلَاحِهِ فِی الْمِیرَاثِ عَلَى آخَرَ ضَعِیفٍ مَنْقُوصٍ. وَ قَالَ: هَذَا هُوَ فِعْلُ رَسُولِ اللَّهِ (ص) فِی بَدْوِ أَمْرِهِ وَ قَدْ قَالَ غَیْرُنَا أُقَدِّمُهُمْ فِی الْعَطَاءِ بِمَا قَدْ فَضَّلَهُمُ اللَّهُ بِسَوَابِقِهِمْ فِی الإِسْلامِ إِذَا کَانُوا فِی الاِسْلامِ أَصَابُوا ذَلِکَ فَأُنْزِلُهُمْ عَلَى‏ مَوَارِیثِ ذَوِی الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَقْرَبُ مِنْ بَعْضٍ وَ أَوْفَرُ نَصِیباً لِقُرْبِهِ مِنَ الْمَیِّتِ وَ إِنَّمَا وُرِّثُوا بِرَحِمِهِمْ وَ کَذَلِکَ کَانَ عُمَرُ یَفْعَلُه"‏.[3]

و هناک احادیث أخری فی هذا المضمار تؤید ذلک نعرض عنها روما للاختصار.

فیستفاد من مجموع الروایات الواردة عن النبی (ص) و الأئمة علی ان کل افراد المجتمع متساوون فیما یأخذونه من بیت المال سواء کانوا من اهل التقوی و السبق الی الدین او النشاط فی الاسلام أو من غیرهم. نعم هناک فئة فی المجتمع الاسلامی ذات مواقع حکومیة و مناصب أداریة لابد لبیت المال ان یؤمن حیاتهم المادیة و حقوقهم کما هو الحال فی صدر الاسلام عند ما کانت تقسم غنائم الحرب علی المجاهدین الموجودین فی الحرب بعد استخراج الخمس منها.[4]

و نظراً لعدم أمکانیة تقسیم الغنائم فی عصرنا الراهن فمن الجدیر أن یعطی المجاهدون ما یعوض عن غنائم الحرب من هدیة او شیء آخر مساو لها و فی حالة اصابة هؤلاء المجاهدین باضرار و خسائر أثناء واجبهم فلا بد من تعویضهم من بیت المال کما لو خلف الشهداء أولاداً او نساءً أرامل بلا معیل فیجب علی الحکومة و بیت المال ان یتکفل هؤلاء ویؤمن لهم حیاة کریمة تلیق بشأنهم و الا کان ظلما خلافاً للعدل.

یقول الشیخ الطوسی (ره) الذی هو من متقدمی الفقهاء و استاذ الفقهاء الکبار ان هذا من المسلمات حیث قال: اذا مات او قتل احد المجاهدین و خلف اولادا و أرمله فعلی بیت المال أن یضمن عیشهم لا من الغنائم. [5]

و یفهم من ذلک ان خسائر و أضرار المجاهدین فی سبیل الله تکون علی عاتق بیت المال.

فی عهد الجمهوریة الاسلامیة خصصت حقوق خاصة للمتضررین خلال سنوات الجهاد ضد النظام الشاهنشاهی و اثناء الجهاد ضد عملاء الاستکبار العالمی (صدام و المنافقون و ...) و هو جزء من حقهم. اضافة الی ان تشجیع و تشویق المجاهدین یعود لصالح کل المجتمع اضافة الی صالح هؤلاء لان تشجیعهم یکون عاملاً لنشر روح التضحیة و الفداء و الخدمة و بالتالی نشر الأمن و السلام فی المجتمع و خلاف ذلک هو فی الحقیقة ظلم لکل المجتمع.



[1] هود 115.

[2] الشیخ الحر العاملی، وسائل الشیعه، ج 15، ص 105؛ ابن‏أبی‏الحدید، شرح‏نهج‏البلاغة، ج 2، صفحه 203.

[3] الشیخ الطوسی، تهذیب الاحکام، ص 146 و 147.

[4] الشیخ الکلینی، الکافی، ج 5، ص 43؛‌ الشیخ الطوسی،تهذیب الاحکام، ح 4، ص 138.

[5] الشیخ الطوسی، المبسوط فی فقه الامامیة، ج 2، ص 73.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280465 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    259118 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129816 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    116202 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89697 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61314 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60564 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57472 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    52091 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    48156 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...