Please Wait
14839
و التحقيق
أنّ الألو بمعنى التواني و التقصير. و الألى بمعنى البلوغ و ظهور القدرة. و هذان المعنيان متقابلان، و لا يبعد أن يكون بين المادّتين اشتقاق اكبر و يؤخذ أحد المفهومين من الآخر بنسبة التقابل، ثمّ تفرّعت من المعنيين معاني اخر.
فمن مفهوم التقصير و التواني: التأخير، الإبطاء، و الترك، البعد.
و من مفهوم البلوغ: التصميم، و العهد، و الحلف، و الاستطاعة، و إظهار القدرة و العطوفة و النعمة، و الانتهاء، و الاجتهاد، و الألية، و النعمة.
فظهر أنّ الحلف من متفرّعات البلوغ و التصميم، فهو عهد جدّي و تصميم نهائي في العمل و الإقدام على أمر، و هكذا النعمة: فهي ترجع الى إظهار الرحمة و الانتهاء في العطوفة. و كذلك النعمة الخاصّة الّتي هي الألية في الشاة. و كلّ هذه المعاني في قبال التواني و التقصير.
و تبيّن أنّ مفهوم الألى: ليس مرادفا للنعمة، بل كلّ ما يعدّ من مصاديق الإكمال في الرحمة و البلوغ في العطوفة، سواء كان بالأمر أو بالتقدير أو بالخلق أو بتهيّة الأسباب أو بالنظم أو بالنعم العموميّة، ظاهرة أو باطنة، دنيويّة أو اخرويّة. و هذا المعنى يظهر عند التدبّر في مصاديق الآلاء في سورة الرحمن:
"رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَ رَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ فَبِأَيِّ آلاءِ ... كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ وَ يَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ... فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما ... سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ فَبِأَيِّ آلاءِ ... هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ فَبِأَيِّ آلاءِ ... حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ".
فمصاديق الآلاء في تلك الآيات الكريمة مختلفة جدّا، و الجامع بينهما مفهوم الانتهاء في الإحسان و البلوغ في إظهار الرحمة و عدم التقصير فيه. "فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ وَ لا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ" 7/ 74.
كلّ نعمة و رحمة و فضل و إحسان منه تعالى، ماديّا أو معنويّا، ظاهريّا أو باطنيّا.[1]