بحث متقدم
الزيارة
8211
محدثة عن: 2009/04/09
خلاصة السؤال
هل ان البیت الذی یکون فیه کلب لا تقبل فیه العبادة و الدعاء؟
السؤال
هل صحیح ما یقال من أن البیت الذی یکون فیه کلب لا تقبل فیه العبادة و الدعاء؟
الجواب الإجمالي

اذا کان الاحتفاظ بالکلب لأجل مصالح حقیقیة کحراسة المنازل و المواشی او الصید او فی الاستخدامات الحدیثة ککشف المتفجرات و المخدرات، او فی عملیات الاسعاف و الانقاذ من تحت رکام الزلازل و الکوارث الطبیعیة و الموارد المشابهة الاخری، فلا اشکال فیه. اما اذا کان ذلک لمجرد اللهو و من دون ان یکون فیه فائدة یعتنی بها فان ذلک یؤدی الی عدم قبول بعض العبادات.

الجواب التفصيلي

الاحتفاظ بالکلب له صورتان مختلفتان و لکل منهما حکم یختلف عن الحکم الآخر، و هما:

الف – ان قسماً من الکلاب یکون لها منافع حقیقیة للناس و تستخدم فی حراسة البیوت و المواشی أو فی الصید و قد اضیفت الی ذلک استخدامات حدیثة ککشف المتفجرات و المخدرات و ایضاً فی عملیات الانقاذ و الاسعاف فی الزلازل و الکوارث الطبیعیة و الموارد المشابهة الاخری.

و حیث إن الاسلام یری ان الانسان اشرف المخلوقات و ان سائر الموجودات هی فی خدمة الانسان [1]، فالکلاب لیست مستثناة من هذه القاعدة و لا اشکال فی الاحتفاظ بها اذا کان فیه فائدة و منفعة حقیقیة حیث نری نموذجاً لذلک ورد ذکره فی القرآن و هو کلب أصحاب الکهف الذی کان معهم داخل الغار.[2]

و فی موضع آخر من القرآن اشیر الی الاصطیاد بواسطة الکلب المعلّم [3] و قد استند الفقهاء العظام و منهم الامام الخمینی (ره) و أفتوا علی اساس ذلک بجواز اکل الحیوانات التی یصطادها الکلب المعلّم حتی لو لم تتوفر فیها شروط الذباحة الاعتیادیة.[4]

ب – و الصورة الأخری هی ان یکون الاحتفاظ بالکلب من قبل الانسان لا لاجل استفادة من فوائده و منافعه بل هو من اجل التلهّی و البطر.

و الاسلام یعارض من الاساس اللهو الباطل الذی لیس فیه ای نفع للناس بل یصدهم عن ذکر الله و عن الحضور فی المجتمع و القیام باعمال مفیدة و مساعدة الآخرین، و لاتختص هذه المعارضة بالاحتفاظ بالکلب، بل تشمل اشکال اللهو الاخری من هذا النوع کالقمار [5] و الاستماع الی الاساطیر [6] و حتی الذهاب الی الصید اللهوی ایضاً.[7]

و من ناحیة اخری فان الدین الاسلامی حکم بنجاسة جمیع الکلاب.[8] و طهارة البیت و الثیاب، الذی تتوقّف علیه صحة الصلاه یکون امراً شاقّاً مع الاحتفاظ بالکلب.

و بنظرة الی التاریخ و مطالعة حیاة حکام المیوعة و الابتذال و اهمال معاناة الناس، نلاحظ ان الکثیر منهم اضاعوا الکثیر من الفرص بسبب احتفاظهم و لهوهم بالکلاب و القردة و طیور الصید و غیرها فعاقهم ذلک عن وظیفتهم الاساسیة و هی حل مشاکل الناس و یمکننا ان نذکر یزید بن معاویة کنموذج من هؤلاء الحکام حیث إن سید الشهداء الامام الحسین(ع) قال فی رسالته التی اعترض فیها علی معاویة لتولیته یزید لولایة العهد،‌ ذکر جملة من صفاته الاخلاقیة القبیحة و منها شربه للخمر و لعبه بالکلاب.[9]

و بعد اتضاح الفرق بین الصورتین نقول: ان جواب سؤالکم هو انه فی الفرض الاول لا اشکال فی الاحتفاظ الکلب و هو لا یؤثر علی صلاتکم و دعائکم ایضاً، و یجب علیکم فقط ان لا تنسوا مراعاة الطهارة لاجل العبادة؛ و اما فی الفرض الثانی فان الاحتفاظ بالکلب یؤدی فی حد ذاته الی اعراض الله و ملائکة الرحمة الالهیة عن البیت الذی یکون فیه الکلب، و قد ورد فصل خاص فی کتبنا الروائیة فی هذا المجال و هو یتعرض لذکر الروایات المنقولة فی هذا الموضوع [10]، و ننقل فیما یلی روایة واحدة منها و یمکنکم الرجوع الی هذه الکتب اذا رغبتم فی الاطلاع علی باقی الروایات ایضاً:

یقول الامام الصادق (ع): "لا یصلی فی دار فیها کلب، الا ان یکون کلب الصید و اغلقت دونه باباً فلا بأس فان الملائکة لا تدخل بیتاً فیه کلب".[11]

و لاکمال الجواب من الضروری ذکر ملاحظتین أیضاً:

الاولی: ان الاسلام لا یعارض الترفیه، بل یقول النبی الاکرم (ص) فی وصیته لامیر المؤمنین (ع): "یا علی لا ینبغی للعاقل ان یکون ظاعنا الا فی ثلاث: مرمة لمعاش او تزود لمعاد او لذة فی غیر محرم" [12] و قد ذکر فی بعض الروایات ان هذا النوع من الترفیه فیه عون علی حسن اداء باقی وظائف الانسان.[13]

الثانیة: ان تاکید الاسلام علی عدم الاحتفاظ بکلب فی المنزل لا یتنافی مع الرحمة بهذا الحیوان باعتباره موجوداً حیاً و جزءً من الطبیعة، و هناک روایات کثیرة تذکر ان الرحمة بالحیوانات موجبة لغفران الذنوب و نشیر فیما یلی الی روایة منها:

قال الرسول الاکرم (ص): "بینما امرأة تمشی بفلاة من الارض اذا اشتدت علیها العطش فنزلت بئراً فشربت ثم صعدت فوجدت کلباً یأکل الثری من العطش فقالت لقد بلغ بهذا الکلب مثل الذی بلغ بی ثم نزلت البئر فملأت خفها و امسکته بفیها ثم صعدت فسقته فشکر الله لها ذلک و غفر لها فقالوا: یا رسول الله أولنا فی البهائم أجر؟ قال نعم من کل کبد رطبة أجر" [14].

و هنا نسأل: انه مع وجود انوع من الترفیه السلیم و المباح کلقاء الاصدقاء و الاقارب و التحدث الی الزوجة و الاولاد و عیادة المرضی و الضعفاء و الریاضة النافعة و السفر للزیارة و السیاحة و کثیر من مثل هذه الموارد التی هی اضافة الی کونها ترفیهیة فانها نافعة لدین الانسان و دنیاه ایضاً. أ فهل ینبغی ان یتجه الانسان الی نوع من الترفیه لیس فیه نفع سوی اتلاف الوقت و المال، و الاهم من ذلک انه ربما ادی الی اعراض الله تعالی ایضا؟!!.



[1] الاسراء، 70؛ الجاثیة، 13؛ و ایضاً موارد اخری کثیرة من القرآن.

[2] الکهف، 18؛ و کلبهم باسط ذراعیه بالوصید).

[3] المائدة ، 4 (و ما علمتم من الجوارح مکلبین ).

[4] الامام الخمینی، روح الله، تحریر الوسیلة، ص 135.

[5] المائدة، 90 – 91.

[6] لقمان، 6.

[7] فی الصفحة 478 من الجزء الثامن من کتاب وسائل الشیعة ذکر فصل بعنوان بَابُ أَنَّ مَنْ خَرَجَ إِلَى الصَّیْدِ لِلَّهْوِ أَوِ الْفُضُولِ وَجَبَ عَلَیْهِ التَّمَامُ (لان سفره سفر معصیة) وَ إِنْ کَانَ لِقُوتِهِ أَوْ قُوتِ عِیَالِهِ وَجَبَ عَلَیْهِ الْقَصر " و یمکنکم مراجعة الروایات الموجودة فی هذا الفصل اذا رغبتم فی ذلک.

[8] فی الرسائل العملیة لجمیع المراجع اشیر الی نجاسة الکلب، و رغم ان بعض المفکرین ذکر اسباباً لذلک و لکن السبب الاصلی فی ذلک هو الروایات الموجودة فی هذا المجال حیث إننا مکلفون بالعمل بذلک سواء عرفنا السبب فیه أم لا.

[9] المجلسی، محمد باقر، بحار الانوار، ج 44، ص 214، مؤسسة الوفاء بیروت،1404ه.

[10] المجلسی، محمد باقر، بحار الانوار، ج 80، ص 288.

[11] الحر العاملی محمد بن الحسن، وسائل الشیعة، ج 5، ص 175، مؤسسة آل البیت، قم،1409هـ.

[12] نفس المصدر، ج 11، ص 344، الحدیث 14971 (و فی الحدیث 14984 فی هذا الجزء نقل هذا المضمون فی کلام لامیرالمؤمنین (ع) مخاطبا الامام الحسن (ع).

[13] نفس المصدر، ج 17، ص 63 حدیث 21987.

[14] المجلسی، محمد باقر، بحار الانوار، ج 62، ص 65.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280274 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258855 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129655 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115714 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89578 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61080 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60391 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57383 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51662 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47726 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...