بحث متقدم
الزيارة
6560
محدثة عن: 2009/08/16
خلاصة السؤال
ما هو حکم دفع الرشوة من قبل المحامی من أجل تسریع اصدار مستندات الارض؟
السؤال
إذا کان الشخص یمتلک أرضاً و کان بحاجة الی محامٍ لإصدار مستند الملکیة لها و کان المحامی مضطراٌ لدفع الرشوة الی المسؤولین، فإذا صدر المستند فما هو حکم ثمن بیع هذه الأرض؟
الجواب الإجمالي

یری الإسلام حرمة أخذ و إعطاء الرشوة و الوساطة فیها بأی شکل من الأشکال و لأی شخص کان. سواء کانت لإحقاق الحق أو لابطال الباطل و سواء کانت لإحقاق الباطل أو لابطال الحق، و سواء کانت من أجل أصل العمل أو من أجل التسریع فیه، و سواء کانت تستلزم اضاعة حقوق الآخرین أو لم تستلزم، و سواء کانت من دون واسطة أو مع الواسطة، الا ان یکون طریق احقاق الحق و عدم ضیاعه منحصراً بدفع الرشوة.

و بناء علی هذا فدفع الرشوة من قبل المحامی من أجل التقلیل من صعوبة استحصال المستند حرام، لکن المستند المستحصل عن هذا الطریق صحیح و لا یبطل بدفع الرشوة.

الجواب التفصيلي

من الطرق اللامشروعة و المحرّمة فی تمشیة الأعمال و الوصول الی الأهداف هو دفع الرشوة. و الرشوة هی عبارة عن دفع خدمات أو مال منقول أو غیر منقول أو قطعة نقدیة الی شخص موظّف بأداء عملٍ ما(و یأخذ حقه مقابل أداء العمل من بیت المال أو المؤسسات و الشرکات) لأجل فعل أو التسریع فی أداء ذلک العمل أو اثبات الباطل و اظهاره بمظهر الحق. و بعبارة اخری: یمکن أن یکون لثلاثة اطراف دور فی تحقق الرشوة:1. الراشی 2.المرتشی 3. الذی یکون واسطة بینهما(الماشی بینهما).

و فی الروایة التی وردت فی ذم الرشوة ذکر لعن الأطراف الثلاثة (الراشی و المرتشی و الماشی بینهما).[1]

و حول حکم الرشوة یقول الامام الخمینی ره: أخذ الرشوة و إعطاؤها حرام إن توصل بها إلى الحکم له بالباطل‏، نعم لو توقف التوصل إلى حقه علیها جاز للدافع و إن حرم على الآخذ، و هل یجوز الدفع إذا کان محقا و لم یتوقف التوصل إلیه علیها؟

قیل: نعم، و الأحوط الترک، بل لا یخلو من قوة، و یجب على المرتشی إعادتها إلى صاحبها من غیر فرق فی جمیع ذلک بین أن یکون الرشاء بعنوانه أو بعنوان الهبة أو الهدیة أو البیع المحاباتی و نحو ذلک.[2]

و علی هذا الأساس یمکن دراسة القضیة المترافع فیها فإن صدق علیها الاستثناء جاز دفع ذلک و إلا فلا.

نقول: یحرم دفع الرشوة و أخذها.[3] و لا یختلف الحال فی حرمة أخذ الرشوة بین ان تؤخذ من شخص مسلم أو من کافر محترم المال.[4] و إذا أخذ الشخص شیئاً من آخر بعنوان انه رشوة فإنه لا یملکه و یجب علیه ردّه الی صاحبه.[5]و لا یجوز له التصرف فی ذلک المال.[6]

و لکن دفع الرشوة یجوز فی حالة واحدة فقط و هی ان یکون الشخص صاحب حق و لکن لا یمکنه الحصول علی حقه بأی طریق سوی دفع الرشوة.[7]

و لکن حتی فی هذه الحالة أیضاً لا یجوز للطرف المقابل أخذ الرشوة، فلا تخرج عن الحرمة. و بعبارة اخری: أخذ الرشوة حرام فی جمیع الصور سواء کانت لإحقاق الحق أو لابطال الباطل و سواء کانت لإحقاق الباطل أو لابطال الحق.[8] فلا یجوز فی أی مورد من الموارد و لأی موظّف أن یأخذ الرشوة من أجل احقاق الحقوق المسلّم بها، و ان کان یجوز دفع الرشوة.[9]

و لا یختلف الحال فی حرمة دفع الرشوة بین دفعها مباشرة أو مع الواسطة، حیث ان الحدیث المذکور قد لعن الوسیط فی دفع الرشوة کما لعن الراشی و المرتشی.[10]

وکذلک لا یجوز دفع الرشوة و أخذها حتی لو لم تسبّب مشاکل و مضایقات للآخرین، فضلاً عمّا لو أوجبت مضایقات للآخرین من دون استحقاق.[11]

و بناء علی هذا فالمورد المذکور فی السؤال فی جمیع صوره سواء أعطی المحامی الرشوة من مال صاحب الأرض أو من ماله هو فهو حرام، الا إذا کان احقاق حق الموکّل منحصراً بإعطاء الرشوة ففی هذه الصورة یکون من الإستثناءات فلا یکون حراماً. و علی أیّ حال (حرمة الرشوة و عدم حرمتها) فان ثمن بیع الأرض حلال لصاحبها.

یقول السید الخامنئی فی جواب هذا السؤال: یمنح بعض المتعاملین مع المصرف لموظفیه أموالًا مقابل الإسراع فی إنجاز أعمالهم و تقدیم خدمات أفضل لهم، علماً أنه لو لا قیام الموظف بذلک لما کان المتعامل یعطیه شیئاً من المال، فما هو حکم أخذه للمال فی هذه الحالة؟

ج: لا یجوز للموظف أن یأخذ شیئاً من المتعاملین مقابل إنجازه لعملهم الذی استُخدم من أجل القیام به، و الذی یأخذ الراتب فی مقابله، کما أنه لیس للمتعاملین مع البنک تطمیع الموظفین بمنحهم شیئاً من النقد أو غیره مقابل إنجازهم لطلباتهم لما فی ذلک من الفساد. [12]



[1]النوری، المیرزا حسین، مستدرک الوسائل، ج 17، ص 355؛ المجلسی،محمد باقر، بحار الأنوار،ج 101، ص 412.

[2] تحریر الوسیلة، ج‏2، ص: 406، مسألة 6.

[3] الإمام الخمینی، توضیح المسائل المحشی، ج 2، ص 913؛ بهجت،محمد تقی، جامع المسائل، ج 2، ص 412؛ الخامنئی، السید علی، اجوبة الإستفتاءات، ص 273.

[4]توضیح المسائل المحشی للإمام الخمینی، ج 2، ص 913.

[5]نفس المصدر، و اجوبة الإستفتاءات، ص273.

[6]اجوبة الإستفتاءات، ص273.

[7]توضیح المسائل المحشی للإمام الخمینی،ج 2، ص 983.

[8]نفس المصدر.

[9] السیستانی، السید علی، منهاج الصالحین، ج 2، ص 16؛ الفاضل،محمد، القضاء و الشهادات،ص 33.

[10]النوری، المیرزا حسین، مستدرک الوسائل، ج 17، ص 355؛ المجلسی،محمد باقر، بحار الأنوار،ج 101، ص 412..

[11]توضیح المسائل المحشی،ج 2، ص 983، اجوبة الإستفتاءات ، ص274.

[12]أجوبة الاستفتاءات (بالعربیة)، ج‏2، ص: 26.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280274 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258855 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129655 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115714 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89578 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61080 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60391 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57383 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51662 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47726 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...