بحث متقدم
الزيارة
6445
محدثة عن: 2007/01/22
خلاصة السؤال
إن نشأة الإمام علی علیه السلام و تربیته فی بیت النبی لیست فضیلةٌ له، لأن زید بن حارثة تربى فی بیت النبی صلى الله علیه وآله أیضاً.
السؤال
إن نشأة الإمام علی علیه السلام و تربیته فی بیت النبی لیست فضیلةٌ له، لأن زید بن حارثة تربى فی بیت النبی صلى الله علیه وآله أیضاً
الجواب الإجمالي

إذا کان المراد بالسؤال هو نفی الفضیلة بشکلٍ کلی ومطلق، فإن نفی وإنکار الفضیلة بشکلٍ کلی بالنسبة للنشأة والتربیة فی جوار الرسول الأکرم هو أمرٌ مرفوض وغیر لائق و لا یمکن قبوله بأی حال. لأن مصاحبة الصالحین و الطاهرین هو نعمةٌ کبیرةٌ جداً، فما ظنک بالنشأة و التربیة فی أحضان خیر المرسلین التی هی أعظم سعادةٍ على الإطلاق. فصحابة النبی صلى الله علیه وآله وسلم کانوا یتسابقون دائماً لنیل الحضور لدى النبی و الاقتراب من مجلسه، و کثیراً ما کانوا یتفاخرون بصحبتهم للنبی صلی الله علیه وآله وسلم و التحدث معه، و یعدون ذلک من فضائلهم و عوامل تفوقهم و فخرهم. خصوصاً عند أهل السنة الذین یرون أن صرف مصاحبة النبی صلی الله علیه وآله وسلم هی ملاک الفضیلة و العدالة. و أما ما تراه الشیعة فإن صحبة النبی صلی الله علیه وآله وسلم هی طریقٌ لکسب الفضائل، و کل من یکتسب فضیلةً بقدرٍ معین فإنه –لا شک- یکتسب قیمةً و قدراً.

و أما إذا کان المراد من السؤال هو أن هذه الفضیلة لا تختص بعلی علیه السلام و أن زید بن حارثة کانت له هذه الخصوصیة أیضاً، فلا بد من القول: إن هناک حکما مسبقا و مصادرة فی طرح هذا السؤال، و هو المساواة بین نشأة علی(ع) و زید بن حارثة لدى النبی صلى الله علیه وآله وسلم و ذلک للأسباب التالیة اولاً: أن نشأة علی (ع) فی بیت النبی صلی الله علیه وآله وسلم نابعة من الإرادة الإلهیة و طلب النبی الأکرم صلی الله علیه وآله وسلم نفسه. خلافاً لأمر زید الذی کان مملوکاً لخدیجة(علیها السلام) و قد دخل بیت النبی معها. و ثانیاً: هناک اختلاف کبیر فی میزان ما تلقاه کل واحد منهما من النبی صلی الله علیه وآله وسلم.

و إذا کان المقصود من السؤال هو إنکار ولایة الإمام علی (ع) بدلیل اشتراکه مع زید فی هذه الفضیلة، فالجواب هو أن لا أحد یدعی أن نشأة علی (ع) و تربیته فی بیت النبی صلی الله علیه وآله وسلم هی علة لولایته و وصایته.

الجواب التفصيلي

إذا کان المراد من السؤال المطروح هو الآتی: إن النشأة و التربیة فی جوار النبی صلی الله علیه وآله وسلم و فی کنفه لا توجب أی فضیلة بالنسبة إلى الإنسان، و کما ان زید بن حارثة لم یکتسب فضیلة فی ذلک، فسوف لا تکون أی فضیلة لأمیر المؤمنین فی هذا المورد أیضاً، فإن مثل هذا المدعى غیر مقبول، لأننا نجد منذ الصدر الأول للإسلام و إلى یومنا الحاضر أن من یختار النزول و السکن فی جوار مسجد النبی أو بیت الله الحرام فإنها تحسب له فضیلة کبیرة و منزلة عظیمة، و إنهم یعطون من یختار منزله فی هذه الأماکن المبارکة لقب جار الله فما ظنک و ماذا یجب أن یقال برجل ینشأ و یترعرع فی بیت أمین الله و صاحب المسجد الرسول الأکرم صلی الله علیه وآله وسلم؟ فهل إن الجلوس فی بیت من طین هو أفضل من اختیار المنزل فی القلب و الحلول فی النفس؟ خصوصاً بالنسبة إلى فکر أهل السنة و رؤیتهم التی تعطی قیمة لصحبة النبی أکثر مما تقول به الشیعة، لأن الشیعة لا یرون فضیلة لصرف الصحبة، و إنما هی( الصحبة) طریق و وسیلة لکسب الفضائل، و کل إنسان یتبوء منزلةً بقدر اکتسابه للفضائل.

و إذا کان المراد من السؤال نفی اختصاص مثل هذه الفضیلة بأمیر المؤمنین(ع)، و أن زیداً یشترک معه فی هذه الخصوصیة فلا بد من القول أن هناک حکماً مسبقاً و مصادرة فی طرح هذا السؤال و ذلک فی النظر بعین المساواة إلى وجود و نشأة الشخصیتین فی بیت النبی الأکرم صلی الله علیه وآله وسلم.

و من هنا فلا بد من الرجوع إلى بعض کلمات وصی نبی الله و الإشارة إلى شیء مما أورده أهل السیر و کتابها.

فی خطبة مطولة لأمیر المؤمنین(ع) تسمى القاصعة یشیر سلام الله علیه إلى دور طفولته و کیفیة نشأته فی حجر النبی الأکرم فیقول: "و قد علمتم موضعی من رسول الله صلى الله علیه و آله بالقرابة القریبة، و المنزلة الخصیصة. وضعنی فی حجره و أنا ولد یضمنی إلى صدره، و یکنفنی إلى فراشه، و یمسنی جسده و یشمنی عرفه. و کان یمضغ الشیء ثم یلقمنیه. و ما وجد لی کذبة فی قول، و لا خطلة فی فعل.... ولقد کنت أتبعه اتباع الفصیل أثر أمه، یرفع لی فی کل یوم من أخلاقه علماً و یأمرنی بالاقتداء به. و لقد کان یجاور فی کل سنة بحراء فأراه و لا یراه غیری".[1]

کذلک توجد الکثیر من الأحادیث التی تبین قرب النبی (ص) من علی(ع) و علاقته الخاصة به، و من ذلک ما خاطب النبی به علیاً(ع) بعد حرب تبوک "أنت منی بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبی بعدی) و انت وزیری و وصیی"[2].

و من جهة أخرى نجد النبی صلی الله علیه وآله وسلم یختار علیاً(ع) و هو فی دور طفولته لیتولى تربیته فی بیته، و فی ذلک یقول: (اخترت ما اختار الله لی).[3]

کل ذلک یشکل شاهداً بیناً و واضحاً بالنسبة لعلاقة النبی صلی الله علیه وآله وسلم بخلیفته، بینما کان وجود زید فی بیت النبی صلی الله علیه وآله وسلم من باب الصدفة و الإتفاق.

فزید بن حارثة کان غلاماً حینما اختطفته أیدی أحد المجموعات من الأعراب التی کانت تجوب الصحاری لذلک الغرض و قد باعوه فی سوق عکاظ إلى حکیم بن حزام الذی اشتراه لعمته خدیجة الکبرى (علیها السلام) و بعد أن اقترنت خدیجة بالنبی الأکرم صلی الله علیه وآله وسلم أعطته زیداً هدیةً.

و قد التصق زید بالنبی صلی الله علیه وآله وسلم و تعلق به بشکل قوی إلى درجة أنه لم یفارق النبی صلی الله علیه وآله وسلم حتى بعد تحریره من قبله و لم یرجع إلى أهله، حتى تبناه النبی و جعله من أفراد عائلته.

و بعد مدة زوج النبی صلی الله علیه وآله وسلم زیداً من حفیدة عبد المطلب و هی ابنة عمة النبی زینب بنت جحش، و لکن عدم الانسجام فی هذا الزواج حدة مزاج زید أدى إلى وقوع الطلاق[4]، و لم تؤثر وصایا النبی صلی الله علیه وآله وسلم فی زید بخصوص الحفاظ على بناء هذه العائلة و استمرارها.[5]

و النتیجة هی لم تکن نظرة النبی إلى علی و زید هی نظرة واحدة، و لم تکن الفضائل التی اکتسبها کل منهما من بیت النبی صلی الله علیه وآله وسلم فی درجة واحدة.

کان وجود علی(ع) فی بیت النبی صلی الله علیه وآله وسلم بإرادة إلهیة و لهدف معین مسبقاً و لذلک تحول إلى نموذج یحکی سیرة النبی و أعماله، و هذا ما لم یتوفر لأی صحابی غیر علی(ع).

و إذا کان المراد من السؤال هو إنکار ولایة علی(ع)، فالجواب هو أنه لا أحد یقول بأن نشأة علی(ع) و تربیته فی بیت النبی صلی الله علیه وآله وسلم هی علة ولایته و الوصیة إلیه.

مصادر البحث:

1-       نهج البلاغة، ترجمة داریوش شاهین، طبع و نشر الخالدون، الطبعة السادسة، 1357 هـ.ش.

2-       نهج البلاغة، صبحی الصالح، الطبعة الأولى، بیروت، لبنان، 1387 هـ . ق.

3-       الاحتجاج، الطبرسی، تحقیق السید محمد باقر الخرسان، دار النعمان، النجف، سنة 1386 هـ .ق.

4-       التحصین، السید ابن طاووس، منشورات دار الکتاب، قم 1413 هـ .ق.

5-       فضایل سادات "فضائل السادات" میر محمد أشرف العاملی، شرکة المعارف، 1380 هـ.ق.

6-       فرازهایى از تاریخ پیامبر اسلام" قبسات من تاریخ نبی الإسلام"، جعفر سبحانی، منشورات مشعر، 1375 هـ.ش.

7-       کتاب سلیم بن قیس الهلالی، منشورات الهادی، 1377 هـ.ق.

8-       مقاتل الطالبین، أبو الفجر الأصفهانی، منشورات المکتبة الحیدریة، النجف الأشرف.



[1] داریوش شاهین، ترجمة نهج البلاغة، ص 602، نهج البلاغة صبحی الصالح، الخطبة 192.

[2] الطبرسی، الاحتجاج، ج1، ص210، السید ابن طاووس، التحصین، القسم الثانی، باب 25، أشرف العاملی، میر محمد، فضایل سادات "فضائل السادات" ، ص 284، کتاب سلیم بن قیس الهلالی، ص 392 و 431.

[3] أبو الفرج الأصفهانی، مقاتل الطالبیین، ص15

[4] انظر: الآیات فی عصمة الأنبیاء و عدمها فی القرآن الکریم.

5 سبحانی، جعفر، فرازهایى از تاریخ پیامبر اسلام "قبسات من تاریخ نبی الإسلام" ص 321.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280329 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258942 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129731 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115915 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89625 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61176 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60456 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57420 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51840 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    47778 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...