Please Wait
6158
انتظار الفرج من الأرکان الأساسیة للإسلام، و خصوصاً المذهب الشیعی، و انتظار الفرج، هو بمعنی رجاء الفتح و الخلاص من الظلم و رفع مشاکل جمیع الناس.
و یری منتظرو الفرج انه سیظهر فی آخر الزمان إنسان إلهی –و اسمه فی الإسلام المهدی- و إنه سیقضی علی الظلم و الجور و یحل محلّه العدل و القسط و ینشر سلطة الحکومة الإلهیة فی جمیع العالم. و کان هذا الأمل یراود جمیع الأنبیاء و الأوصیاء منذ بدء الخلیقة و لم یدّخروا وسعاً فی التهیئة لذلک و تحملوا من أجل ذلک أنواع المصائب لکی یقرّبوا العالم خطوة باتجاه ظهور منقذ البشریة.
و من المنتظرین لفرج الإمام المهدی (عج) هو الإمام نفسه، لأنه أولاً: الانتظار اعتبر فی روایاتنا بأنه أفضل العبادة، و من البعید بل المحال أن یکون الإمام غافلاً و محروماً من أفضل العبادات. و ثانیاً: فی الروایات الذی ورد فیها کلمة الفرج لیس فیها اشارة الی فرج المؤمنین بل إنها شاملة لفرج الإمام المهدی (عج) أیضاً. إذن فالإمام منتظر للفرج فی أعماله.
و بناء علی هذا فان نفس الإمام المهدی (عج) أیضاً ینتظر مثل هذا الیوم لکی یقوم بالقسط و العدل فی العالم کله. لأن هدفه هو استقرار النظام التوحیدی و تهیئة الأرضیة للسعادة البشریة.
انتظار الفرج یتألّف من کلمتین: "الإنتظار" و "الفرج". و الانتظار فی اللغة بمعنی المراقبة و الترقّب و الاضطراب.[1] و هی الحالة التی تسّبب ایجاد التهیؤ، و ضدها الیأس. و یطلق علی الانفتاح و الخلاص من الغمّ و الهم و المشاکل اسم الفرج.[2]
و انتظار الفرج فی الکلام الإسلامی هو بمعنی الأمل و رجاء تحقق الانتصار النهائی للحق و السلم و العدالة علی قوی الباطل و انتشار الإیمان الإسلامی فی العالم و الاستقرار الکامل الشامل للقیم الإنسانیة و تکوین المدینة الفاضلة و المجتمع المثالی التوحیدی فی البسیطة کلها بواسطة شخصیة مقدّسة أی المهدی الموعود (عج). و لیس هذا الانتظار مجرد أمل و رجاء بل هو انتظار یستتبع العمل.
و فی مفهوم انتظار الفرج ناحیتان: ایجابیة و سلبیة. فمحو الظلم و الشرک و الفساد من العالم کله هو الناحیة السلبیة، و ایجاد المجتمع العالمی التوحیدی و تحکیم العدالة هو الناحیة الإیجابیة.
اهمیة انتظار الفرج:
هناک اهتمام خاص فی الأحادیث بموضوع انتظار الفرج، و قد تناولت هذه الأحادیث فضیلة الانتظار و وظائف المنتظرین و فوائد الانتظار و معناه الصحیح. و نکتفی بذکر بعض الأحادیث فقط رعایة للاختصار:
1. یقول رسول الله(ص):"انتظار الفرج عبادة".[3]
2. عن أمیر المؤمنین علی (ع):"أحبّ الأعمال الی الله انتظار الفرج".[4]
3. روی عن الإمام الجواد (ع) انه قال:"أفضل أعمال شیعتنا انتظار الفرج".[5]
المنتظرون:
تعتقد أکثر الأدیان بالمصلح فی آخر الزمان و هو الذی یظهر فی آخر الزمان و یملأ الارض قسطا و عدلا، رغم اختلافهم فی المصادیق و فی اسم ذلک المصلح.
و فی الدین الإسلامی یعتقد جمیع المسلمین منذ صدر الإسلام بالمنقذ فی آخر الزمان علی ضوء تعالیم النبی الأکرم(ص) و یرون انه من آل النبی و اسمه اسم النبی، بالرغم من وجود الاختلاف بینهم فی بعض التفاصیل، و کمثال علی ذلک: تعتقد الشیعة بأنه قد ولد فی القرن الثالث الهجری و لکنه غاب عن الأنظار بعد فترة، و لکن أکثر أهل السنة یقولون إنه سیولد فی آخر الزمان و أنه لم یولد الی الآن.
و قد کان هدف کل الأنبیاء و الأوصیاء و الأولیاء الإلهییّن نشر القسط و العدل فی العالم و ایجاد المجتمع التوحیدی العالمی، و أن یصنعوا عالماً یدار طبقاً للأحکام الإلهیة و تراعی فیه الحدود الإلهیة، عالما یوفّر السعادة الدنیویّة و الأخرویة للإنسان من جمیع الجهات. فکان کل الأنبیاء و الأولیاء یتمنون مثل هذا العالم و یسعون من أجل تحقیقه. و کان جمیع هؤلاء العظماء الإلهیین یعدّون اللحظات فی انتظار مثل هذا الیوم فکانوا ینتظرون الفرج.
فحین سأل أحد أصحاب الإمام الصادق(ص) قائلاً:"جعلت فداک فما نتمنّی إذاً أن نکون من أصحاب الإمام القائم فی ظهور الحق و نحن الیوم فی إمامتک و طاعتک أفضل أعمالاً من أعمال أصحاب دولة الحق؟ فقال: سبحان الله! أ ما تحبّون ان یظهر الله عز و جل الحق و العدل فی البلاد و یحسن حال عامّة العباد و یجمع الله الکلمة و یؤلّف بین قلوب مختلفة و لا یعصی الله عز و جل فی أرضه و یقام حدود الله فی خلقه و یرد الله الحق الی أهله فیظهروه حتی لا یستخفی بشیء من الحق مخافة أحد من الخلق".[6]
و یفهم من هذا الحدیث بوضوح ان کل الذین یتمنّون الانتصار النهائی للحق علی الباطل و حکومة الله العالمیة هم من منتظری ظهور المهدی الموعود(عج). و روی عن الإمام الصادق(ع) قال:" اما إنی لو أدرکت ذلک لاستبقیت نفسی لصاحب هذا الأمر".[7]
و من منتظری فرج الإمام المهدی(عج) هو الإمام نفسه، لأنه أولاً: قد اعتبر الانتظار فی روایاتنا من أفضل العبادات، و من البعید بل المحال أن یکون الإمام (عج) غافلاً أو محروماً عن أفضل العبادات.
و ثانیاً: الروایات التی ورد فیها کلمة الفرج لیس فیها اشارة الی فرج المؤمنین فقط بل هی تشمل فرج الامام صاحب الزمان أیضاً أی ان الإمام أیضاً منتظر للفرج فی أمره.
و بناء علی هذا فحیث ان الإمام المهدی(عج) نفسه أیضاً یحبّ أن تسود الحکومة التوحیدیّة و الإلهیة فی العالم و ینتشر القسط و العدل فی جمیع المعمورة و یزول الظلم و الجور و تصل جمیع الموجودات الی کمالها النهائی فان الإمام القائم(ع) نفسه هو من المنتظرین للظهور، لکی یظهر بإذن الله تعالی و یحققّ أمل جمیع الموحّدین.
[1] تاج العروس، ج 7، ص 539.
[2] الراغب الإصفهانی، مفردات الفاظ القرآن، ص 628، تحقیق صفوان عدنان الداوودی، الطبعة الاولی، دار الشامیة، بیروت1416 ق.
[3] بحار الأنوار، ج 52، ص 122، نقلاً عن امالی الشیخ الطوسی.
[4] الشیخ الصدوق، من لا یحضره الفقیه، ج 4، ص 381، نشر جامعة المدرّسین، قم، 1413 ق.
[5] الشیخ الصدوق، کمال الدین، ج 2، ص 377، دار الکتب الإسلامیة، قم 1395 ق.
[6] کمال الدین، ج 2، ص 646.
[7] النعمانی، محمد بن إبراهیم، الغیبة، ص273، مکتبة الصدوق، طهران 1397 ق.