بحث متقدم
الزيارة
9205
محدثة عن: 2007/10/15
خلاصة السؤال
فی أی وقت جمعت سور القرآن و آیاته و دونت بشکل فعلی؟
السؤال
من المسائل المسلّمة فی صدر الإسلام أن الآیات التی کانت تنزل على الرسول (ص) تکتب من قبل جماعة یطلق علیهم اسم کتّاب الوحی، و لکن السؤال هو فی أی وقت جمعت سور القرآن و آیاته و دونت بشکل کلی؟ هذه المجموعة من السور التی أطلق علیها اسم (القرآن) و الموجودة فی متناول أیدینا، فی أی زمان وجدت؟
الجواب الإجمالي

توجد ثلاثة آراء بخصوص جمع القرآن:

أ- إن القرآن جمع على عهد رسول الله (ص) و بإشرافه و رعایته و فی ظل الهدایة الإلهیة، مع أن الرسول (ص) لم یکتب القرآن شخصیاً، و لم یجمع آیاته.[1]

ب- إن القرآن الموجود قد تم جمعه و تدوینه بعد رحلة النبی (ص) من قبل الإمام علی (ع)، و ذلک فی الوقت الذی کان فیه الإمام (ع) جلیس بیته.[2]

ج- إن القرآن جمع و دوّن بعد رحلة الرسول (ص) من قبل بعض الصحابة غیر الإمام علی (ع).[3]

یعتقد الکثیر من علماء الشیعة - و خصوصاً المتأخرین منهم - أن القرآن الکریم تم جمعه و تدوینه فی زمن رسول الله (ص) و فی ظل إشرافه و رعایته.[4]

و بعض الشیعة یتبنى القول الثانی، حیث اعتبر الإمام علیا (ع) هو الذی أدار هذا العمل و قام بإنجازه.[5]

و لکن الکثیر من أهل السنة اختار القول الثالث، و تبعهم المستشرقون على ذلک، حیث أخذوا بهذا الرأی أیضاً، و أضافوا: إن القرآن الذی جمعه علی (ع) لم یکن مورد اعتناء الصحابة و اهتمامهم.

و الواضح من الرأی الأوّل و الثانی إن جمع القرآن یستند إلى الله سبحانه، و إن مواضع السور و ترتیبها بهذا الشکل وضعت تحت رعایة الوحی الإلهی و فی أجوائه، لأن ما یتکلم به الرسول (ص)، و ما یأمر به بالنسبة لأمور الدین و ما یتعلق به، إنما یکون بتوجیه من الله سبحانه طبقاً للآیة الشریفة فی قوله تعالى: «وَ مَا یَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْیٌ یُوحَى».[6]

و کذلک الأئمة المعصومون (ع)، فهم و إن لم یکونوا أنبیاء و لکنهم الاستمرار لمسیرة النبوة و حمل الرسالة و لهم منصب العصمة الإلهی، و من أصحاب العلم اللدنی.

و أما الذین یتبنون الرأی الثالث، فإنهم لیسوا عاجزین عن إثبات کون الأمرین الهیین و حسب - وجود السور و ترتیبها - و إنما هم فی واقع الأمر ینفون ذلک، کما أنهم یرون أن ذوق الصحابة و مزاجهم الشخصی له مدخلیة فی هذه القضیة.

و هنا نرى من الضروری الإشارة إلى بعض النقاط:

1- یقول العلامة الطباطبائی فی تفسیر الآیة الشریفة فی قوله تعالى: «إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّکْرَ وَ إِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ»[7]: إن الخصوصیات التی ذکرت للقرآن الکریم کالفصاحة و البلاغة، و عدم وجود الاختلاف، و العجز عن الإتیان بمثله، جمیع هذه الممیزات موجودة فی القرآن المتداول بین أیدینا، و علیه فإن هذا القرآن الموجود بین أیدینا هو نفس القرآن الذی کان موجوداً على عهد رسول الله (ص).[8]

و هذا الکلام و إن کان ینفی التحریف عن القرآن الکریم، و لکنه لا یثبت أن هذه المجموعة رتبت و نظمت بأمر من الوحی و التوجیه الإلهی، کما هو ترتیب الآیات التی تشکل السورة الواحدة و ترتیب السور التی تشکل القرآن، کما هی علیه فی عهد رسول الله (ص).

2- إذا تمکن أحد أن یضیف الإعجاز العددی لأنواع الإعجاز المذکورة بالنسبة للقرآن الکریم، و ذلک الإعجاز بخصوص مورد المفردات و التراکیب القرآنیة فی البناء الداخلی للسور أو ترتیبها مع بعضها - بمعنى إیجاد علاقات عددیة خاصة بین آیات السورة و نفس السورة، بحیث تکون خارج نطاق قدرة البشر - فإنه یتمکن من إثبات کون الترتیب داخل السور و فیما بینها من قبل الوحی، و لکن على کل حال سوف یبقى إثبات کون ترتیب جمیع الآیات فی السورة الواحدة أمراً وحیاناً غیر ممکن.[9]

مصدر للمطالعة:

هادوی الطهرانی، مهدی، الأسس الکلامیة للاجتهاد.



[1] انظر: السید عبد الوهاب الطالقانی، علوم القرآن، ص83.

[2] انظر: السید محمد رضا الجلالی النائینی، تاریخ جمع القرآن الکریم، ص87.

[3] هذا الرأی تبناه الأکثریة من أهل السنة. المصدر السابق، ص19-51.

[4] انظر: السید عبد الوهاب الطالقانی، علوم القرآن، ص83؛ السید علی المیلانی التحقیق فی نفی التحریف عن القرآن الشریف، ص41-42 و ص46؛ محمد هادی معرفة، صیانة القرآن من التحریف، ص34.

[5] انظر: السید محمد رضا الجلالی النائینی، تاریخ جمع القرآن الکریم، ص80.

[6] «وَ مَا یَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْیٌ یُوحَى»

[7] «إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّکْرَ وَ إِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ». (الحجر: 9).

[8] انظر: العلامة الطباطبائی، المیزان، ج2، ص104 و 106 و 138.

[9] هادوی الطهرانی، مهدی، الأسس الکلامیة للاجتهاد، ص54-55، المؤسسة الثقافیة، بیت العقل، قم، الطبعة الأولى، 1377.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

  • هل یمکنکم ارسال عدة احادیث معتبرة اشیر فیها الی اهمیة الجهاد فی سبیل الله و قیمته مع ذکر المصدر؟
    5796 درایة الحدیث 2012/01/16
    قال أمیر المؤمنین علی )ع):ِ (أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْجِهَادَ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ فَتَحَهُ اللَّهُ لِخَاصَّةِ أَوْلِیَائِهِ وَ سَوَّغَهُمْ کَرَامَةً مِنْهُ لَهُمْ وَ نِعْمَةٌ ذَخَرَهَا وَ الْجِهَادُ هُوَ لِبَاسُ التَّقْوَى وَ دِرْعُ اللَّهِ الْحَصِینَةُ وَ جُنَّتُهُ الْوَثِیقَةُ فَمَنْ تَرَکَهُ رَغْبَةً عَنْهُ أَلْبَسَهُ اللَّهُ ثَوْبَ الذُّلِّ وَ شَمِلَهُ الْبَلَاءُ وَ فَارَقَ ...
  • ما هو المراد من الآیة الکریمة: "نسائکم حرث لکم"؟
    6192 التفسیر 2008/11/17
    معنى الآیة الشریفة: "نسائکم حرث لکم"، هو ان نسبة النساء إلى المجتمع الإنسانی نسبة الحرث إلى الإنسان، فکما أن الحرث یحتاج إلیه لإبقاء البذور و تحصیل ما یتغذى به من الزاد لحفظ الحیاة و إبقائها، کذلک النساء یحتاج إلیهن النوع فی بقاء النسل و دوام النوع،[1] ...
  • أرجو ذکر دعاء یختص بالحصول على زوجة صالحة و مناسبة.
    11492 العملیة 2008/06/23
    إن الله سبحانه قد جعل لکل شیء سببا او اسبابا، و للوصول إلى هذه الأشیاء یجب العمل عن طریق أسبابها. و ان الطریق المناسب للعثور على زوجة مناسبة هی البحث و الاستقصاء الدقیق. و بالتأکید یجب علینا أن نطلب العون من الله سبحانه فی نفس الوقت لکی یهدینا إلى المعرفة ...
  • ما هو حکم جلد الکلب؟
    5148 الحقوق والاحکام 2009/11/09
    الکلب و الخنزیر و کل أجزائهما نجسة. إذن فبناء علی هذا فإن جلد هذین الحیوانین نجس أیضاً.یقول مراجع التقلید: الکلب و الخنزیر البرّیان، حتی الشعر و العظم و الظلف و الظفر منهما و لعابهما نجس.
  • ما هو الموقف الاسلامي من النظر إلى الأعضاء التناسلية لكلّ من الرجل و المرأة؟
    16203 الحقوق والاحکام 2015/06/30
    لا إشكال في جواز نظر الرجل إلى ما عدا العورة من مماثله، شيخاً كان المنظور إليه أو شاباً، حسن الصورة أو قبيحها، ما لم يكن بتلذذ و ريبة، و كذا لا إشكال في جواز نظر المرأة إلى ما عدا العورة من مماثلها، و أما عورتها فيحرم أن تنظر ...
  • کیف بیّن القرآن علاقة الإیمان و الاطمئنان القلبی؟ الرجاء ذکر السورة و الآیة المرتبطة.
    6736 التفسیر 2011/09/06
    الإیمان فی اللغة: هو بمعنی التصدیق و ضدّه التکذیب. و فی الاصطلاح: هو الإقرار باللسان و عقد فی القلب و عمل بالأرکان، أما «الاطمئنان» و الطمأنینة فی اللغة هی بمعنی هدوء البال بعد القلق و الاضطراب.الفرق بین الإیمان و الاطمئنان القلبی:قد یصل الإنسان عن طریق الاستدلال و البرهان ...
  • ما هی کیفیة حساب خمس المواد الاستهلاکیة المتبقیة فی نهایة السنة الخمسیة؟
    6146 الحقوق والاحکام 2008/12/01
    یقول السید القائد فی جواب عن سؤال بنفس هذا المضمون: یتعلق الخمس فی ما یزید عن الحاجة الاستهلاکیة الیومیة و یبقی الی رأس السنة الخمسیة کالرز و الزیت و غیر ذلک.[1]و حیث ان الخمس یتعلق بعین الاجناس فمثلاً اذا تبقی فی نهایة السنة الخمسیة خمسة کیلو غرامات ...
  • لماذا یخوف القرآن الناس بالحیوانات الاسطوریة لکی یؤدوا واجباتهم؟
    5857 الکلام القدیم 2008/08/21
    1. لا یوجد فی القرآن مورد واحد بانه – یجب علی الناس أن یخافوا الحیوانات الاسطوریة او انه خوفهم بذلک.2. ان ما ورد فی بعض الروایات فی عقوبة بعض الذنوب (کمن یکون من حملة القرآن و لکنه یشرب الخمر) بانه یعذب بأفعی لها ألف رأس.... [1] لا ...
  • ما المراد من طلوع الشمس و غروبها الوارد فی قصة ذی القرنین؟
    7898 التفسیر 2009/07/09
    لم یکن القرآن الکریم فی هاتین الآیتین بصدد البحث عن محل طلوع الشمس و غروبها؛ بل محور القضیة کان یدور حول بیان قصة ذی القرنین و رحلته الطویلة، و کأن ذا القرنین وصل فی رحلته الى ساحل بحر فظن انه لا یوجد خلفه ارض یابسة حینئذ تصور أن الشمس تغرب ...
  • اذا أسر الکافر فلماذا یحکم على أولاده بالرقیّة؟
    6104 الحقوق والاحکام 2009/09/29
    إن الرقیّة لا تنافی الکرامة الانسانیة، فکم من عبید نالوا على مقامات إنسانیة عالیة. و أما بقاء عنوان العبید على اولاد الکافر لیست عقوبة لهم حتى تنافی الآیة المذکورة أعلاه، بل هو لحرسهم و الحفاظ علیهم. ...

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280307 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258911 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129710 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115860 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89605 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61156 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60428 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57405 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51788 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47757 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...