بحث متقدم
الزيارة
9675
محدثة عن: 2006/11/22
خلاصة السؤال
لماذا لا يجوز تقليد المجتهد الميت؟
السؤال
لماذا لا يجوز تقليد المجتهد الميت؟
الجواب الإجمالي

استدل الفقهاء على عدم جواز تقليد المجتهد الميت بأدلة مذكورة في الكتب الفقهية المفصلة لمن يرغب في الإطلاع عليها. لكن يمكن طرح السؤال بصورة أخری و هي: ما فائدة هذا الحكم أو ما فلسفته في رأي هؤلاء الفقهاء؟

في الجواب عن هذا السؤال نشير إلى عدة نقاط:

1ـ إن بقاء بقاء الحوزات العلمية و الدينية و تطوّرها رهن بفتح باب الاجتهاد و استمرارية البحث و التدريس و التحقيق و قد يكون لتقليد الميت الدور في تقليل الدافع في البحث و الدراسة.

2ـ صحيح ان العلماء الماضين قد اجابوا عن كثير من المسائل و المشاكل الفقهية المستعصيته في عصرهم، و لكن بقي الكثير من المسائل يجب أن يجيب عنها العلماء الأحياء.

3ـ يواجه مسلموا العالم في كل يوم في حياتهم الشخصية و الإجتماعية و في أمورهم الداخلية و الخارجية مسائل جديدة، لا يعرفون حكمها الشرعي،  فيجب على الفقهاء الأحياء بيان تكليفهم فيها.

4ـ كثير من المسائل و المواضيع في حال تغيير و تبدل و المجتهد الحي هو الذي يمكنه الإنتباه إلى تغيير الموضوع تبعاً لشرائط الزمان و المكان و توجيه الحكم اللازم له.

5ـ تطوّر العلوم الإسلامية يساير تطوّر العلوم الأخرى.

الجواب التفصيلي

هناك من الفقهاء الشيعة[1] ممن لا يجوّزون تقليد الميت ابتداءً وافتوا بعدم صحة تقليد الميت ابتداء و إن جاز البقاء على تقليده؛ يعني ان المكلف لا يجوز له تقليد المجتهد الميت إبتداء و لكن لو كان قد قلده و هو حي ثم مات المجتهد جاز له البقاء على تقليد بشروط خاصة ذكروها في رسائلهم العلمية.

أما السبب الداعي لهذا الحكم و حصر صحة التقليد بالمجتهد الحي و اعتبار الحياة أحدي شروط مرجع التقليد، فهذه المسألة تستند الى أدلتها الفقهية الخاصة التي يمكن الاطلاع عليها في الكتب المصنفة الخاصة بالابحاث الفقهية الاستدلالية المعمقة و التي لا يسع المجال للتعرض لها هنا.

لكن يمكن صياغة ما جاء في السؤال بصورة أخرى و هي الفائدة المترتبة على هذا الحكم عند هؤلاء الاعلام من الفقهاء و ما فلسفته؟

و يمكن الاشارة هنا إلى بعض فوائد هذا الحكم الإسلامي:

1ـ هذه النظرية تساعد على حيوية الحوزات العلمية الدينية و رونقها و تطوّرها المتزايد. فطبقاً لهذه النظرية يبقى طريق الإجتهاد مفتوحاً، و بهذا تزود الحوزات دائما بعدد من الفقهاء و المجتهدين القادرين على استمرارية المسيرة العلمية و تطورها.

2ـ كثير من المسائل و المجهولات و المشاكل الماضية قد انحلت عن طريق علماء ذلك الزمان، لكن بقيت كثير من المسائل التي يجب أن يجاب عنها من قبل العلماء الاحياء. بل حتى المسائل التي حلها و معالجتها سابقاً يمكن أن يعاد النظر فيها و طرح معالجات اكثر انسجاما مع الادلة و مع الواقع الموضوعي و تكون أكثر جدوائة.

3ـ لما كانت الحوزات العلمية تهتم بتدريس و تعليم العلوم الإسلامية كالفلسفة و الفقه و الأصول و ... فلابد أن تكون تلك الدراسة مواكبة لتطور العلوم الاخرى و ليس من الصحيح تطور العلوم الاخرى و بقاء العلوم الاسلامية جامدة تعيش داخل شرنقتها الخاصة بها.

4ـ يواجه المسلمون كل يوم مسائل جديدة في حياتهم الشخصية و الإجتماعية و في أمورهم الداخلية و الخارجية، و لا يمكن بيان تكليفهم فيها إلا عن طريق الفقيه العالم بامور زمانه. و أساساً هذا هو سرّ رجوعهم للمجتهدين حسبما جاء في الروايات، فعن الإمام الحجة ـ عج ـ: "و أما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثاً ..."[2]

و "الحوادث الواقعة" هي المسائل الجديدة المستحدثة التي تتجدّد عصراً بعد عصر و قرناً بعد قرن و سنة بعد سنة، بل يوماً بعد يوم و الفقيه الحي الخبير بالزمان هو الذي يمكنه الإجابة عن هذه المسائل.

و هذه القضية واضحة المعالم لمن يطالع الكتب الفقهية حيث يرى الكم الهائل من المسائل الجديدة التي تدخل إلى الفقه تدريجاً حسب حاجات الناس و قد أُجيب عن الكثير منها من قبل الفقهاء، و بهذه المسائل يتطور علم الفقه عبر السنين و الاعوام و بيد فقهاء العصور المختلفة.

5ـ كثير من المواضيع التي ظهرت في الأزمنة الماضية قد تبدّلت و تغيّرت إلى مواضيع أخرى و ليس لها إلا المجتهد الحي يمكنه استنباط حكمها من الأدلة (الآيات و الأحاديث) و بيانها.[3]

 


[1]  برأينا اولاً: يجوز تقليد الميت ابتداءً، بل يجب ذلك أذا كان الميت اعلم من الحي. ثانياً: في الأمور الإجتماعية يجب تقليد القائد لا غير و في غيرها يجوز تقليد غيره.

[2]  الإحتجاج الطبرسي، ج 2، ص 283.

[3]  لمزيد من الإطلاع، يراجع: عشر مقالات للاستاذ الشهيد مطهري (ره)، مقالة أصل الإجتهاد في الإسلام.

 

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280273 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258850 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129648 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115694 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89575 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61076 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60380 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57382 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51659 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47724 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...