بحث متقدم
الزيارة
9397
محدثة عن: 2010/04/03
خلاصة السؤال
ما الدليل على إضافة الشهادة الثالثة للأذان و الاقامة و تلقين الميت بها؟
السؤال
ما الدليل على إضافة الشهادة الثالثة للأذان و الاقامة و تلقين الميت بها؟
الجواب الإجمالي

يستفاد من كلمة "الولي" مجموعة المعاني، من قبيل:

الف. بمعنى المدير و المدبر.

ب. بمعنى الصاحب.

ج. بمعنى الناصر.

و هذه المعاني الثلاثة و إن صح و صف أمير المؤمنين (ع) بها، لكن التأمل في الروايات في هذا المجال يكشف لنا بان المراد من الولي هنا خصوص المعنى الاول؛ يعني أنه عليه السلام هو المدبر و المدير لشؤون المجتمع الاسلامي بعد الرسول (ص)، و المراد من أنه (ع) "ولي الله" أنه منصوب من الله لولاية المؤمنين و إمرتهم كما كان الرسول (ص) منصوباً و مبعوثاً من قبل الله تعالى بالرسالة.

نعم، اذا رجعنا الى الروايات المحددة لفصول الأذان نراها تحددها بثمانية عشر فصلا، ليس منها الشهادة بولاية أمير المؤمنين (ع)، و اذا لم تكن جزءاً من الأذان و الاقامة الا يعد الاتيان بها بدعة؟

جوابه: إن التأمل في معنى البدعة "إدخال شيء في الدين ليس من الدين" يزيل هذه الشبهة، و يفصل بين من يأتي بها بقصد الجزئية فهو مبتدع و يحرم عمله، و بين من يأتي بها لا بعنوان كونها جزءاً من الأذان أو الإقامة و يغاير بالنطق بها بطريقة متمايزة عن سائر الفصول، فهذا لا يتصف فعله بالابتداع قطعاً.

أضف الى ذلك أننا اذا رجعنا الى المصادر الحديثية نجد بعض الروايات التي تؤكد على إرداف الشهادة بالتوحيد و الرسالة، بالشهادة بولاية أمير المؤمنين (ع).

الجواب التفصيلي

الاجابة عن السؤال المطروح تقتضي توزيع البحث على ثلاثة محاور:

1. هل الشهادة بولاية علي (ع) بنفسها حق أو ليس بحق؟

2. على فرض كونها حقاً، فهل هي من أجزاء الأذان و الإقامة أو لا؟

3. اذا لم تكن من أجزاء الأذان هل يعد الاتيان بها ضمن فصول الأذان و من دون قصد الجزئية، بدعة؟

و للاجابة عن الفرع الاول نرى من الضروري الاشارة الى معنى و مفهوم كلمة "الولي".

مفهوم الولي:

تفيد كلمة الولي معاني متعددة، منها:

الف. معنى المدير و المتولي لادارة شؤون الشيء؛ كما جاء في بعض آيات الذكر الحكيم، كقوله تعالى: "اللَّهُ الَّذي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما في‏ سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى‏ عَلَى الْعَرْشِ ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَ لا شَفيعٍ أَ فَلا تَتَذَكَّرُون‏".[1]

ب. بمعنى الصديق[2]، كقوله تعالى " وَ لا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَ لاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتي‏ هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَميمٌ‏".[3]

ج. و تعطي معنى الناصر و المعاضد[4]، " وَ الْمُؤْمِنُونَ وَ الْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْض‏".[5]

و لاشك مما مر أن اطلاق مفردة "ولي الله" على المؤمنين بالمعنيين الثاني و الثالث "الصديق و الناصر" لا تستبطن أية مخالفة شرعية، بل رود ذلك في المصادر الحديثية للفريقين السنة و الشيعة.[6]

اما المعنى الاول فلابد من القول بانه قد اطلق هذا الوصف على أمير المؤمنين (ع) و من قبله اطلق على رسول الله (ص)، و المراد من أنه (ع) "ولي الله" انه منصوب من الله لولاية المؤمنين كما كان الرسول منصوبا و مبعوثا من قبل الله تعالى بالرسالة.

و نحن اذا رجعنا الى الروايات المحددة لفصول الأذان نراها تحدده بثمانية عشر فصلا هي: " اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ".[7]

و لم تكن فقرة " أشهد أن علياً ولي الله" من ضمن تلك الفصول. و هذا المعنى ذكره فقهاء الشيعة أيضا فلم تجد من يفتي بكون الشهادة الثالثة من فصول الأذان.

يقول الامام الخميني (ره): فصول الاذان ثمانية عشر فصلا: «اللَّهُ أَكْبَرُ» اربع مرات «اشْهَدُ انْ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ، اشْهَدُ انَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ، حَيّ عَلَى الصَّلاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلاحِ، حَيَّ عَلى‏ خَيْرِ الْعَمَلِ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ» مرتین مرتین. و اما الشهادة بالولاية: «اشْهَدُ انَّ عَلِيّاً وَلِيُّ اللَّهِ» فلیست من أجزاء الأذان و لا الاقامة. [8]

هل إدراج الشهادة الثالثة مخل بالاذان و الاقامة

لاريب أنه لا يصح الاتيان بها بقصد الجزئية. و هناك من الفقهاء من حاول حل الاشكالية من خلال التغاير في النطق بأن يأتى بالشهادة الثالثة بطريقة تختلف عن طريقة أداء الفصول الأخرى.[9]

نعم، غاية ما يشكل على إدراج الشهادة الثالثة في الأذان و الاقامة أنه قد يكون من الابتداع!!

الا إن التأمل في معنى البدعة "إدخال شيء في الدين ليس من الدين"[10] يزيل هذه الشبهة، و يفصل بين من يأتي بها بقصد الجزئية فهو مبتدع و يحرم عمله، و بين من يأتي بها لا بعنوانها جزءاً من الأذان أو الإقامة و يغاير بالنطق بها بطريقة متمايزة عن سائر الفصول، فهذا لا يتصف فعله بالابتداع قطعاً.

أضف الى ذلك أننا اذا رجعنا الى المصادر الحديثية نجد بعض الروايات التي تؤكد على إرداف الشهادة بالتوحيد و الرسالة بالشهادة بولاية أمير المؤمنين (ع).

و على كل حال، السبب في عدم اعتبار الشهادة الثلاثة لا بقصد الجزئية من البدعة اطلاق الروايات التي تؤكد على أن المكلف كلما نطق بالشهادتين قرنهما بالشهاد بولاية علي بن أبي طالب (ع)، و هي مطلقة تعم الشهادة في الأذان و الإقامة و غيرهما، من هنا يقرن الشيعة بين الشهادات الثلاث من دون الاعتقاد بكون الثالثة من أجزاء الأذان أو الاقامة. أضف الى ذلك هناك روايات خاصة تؤكد على الشهادة الثالثة.[11] فلا مانع حينئذ من الشهادة بولاية أمير المؤمنين (ع) و تلقين الميت بها، إذا كان ذلك بقصد القربة أو التيمن و التبرك و... لا بقصد الجزئية.

و الجدير بالذكر أن الكثير من علماء أهل السنة ذهبوا الى القول بان: جملة "الصلاة خير من النوم" ليست من أجزاء الأذان و انها من ابداعات الخليفة الثاني.

روي عن مالك أنه بلغه أن المؤذن جاء إلى عمر بن الخطاب يؤذنه لصلاة الصبح فوجده نائما فقال الصلاة خير من النوم فأمره عمر أن يجعلها في نداء الصبح.[12]

فما هو المبرر لادراج هذه الفقرة في أذان الصبح؟ و هل يمكن المقارنة بينها و بين ما يفعله الشيعة من الشهادة بولاية أمير المؤمنين(ع) المعتمدة على روايات خاصة بالاضافة الى اطلاق الروايات الاخرى؟!

 


[1] السجدة، 4.

[2] الطبري الكيا هراسي، ابوالحسن علي بن محمد، أحكام القرآن (الكيا هراسي)، ج ‏3، ص 83، دارلكتب العلمية، بيروت‏، 1405 ق‏.

[3] فصلت، 34.

[4] ابن منظور، محمد بن مكرم‏، لسان‏العرب، ج 15، ص  407، ناشر: دار صادر، بيروت‏، چاپ سوم‏، 1414 ق‏.

[5] التوبة، 71.

[6] ابن ابي حاتم، عبدالرحمن بن محمد، تفسير القرآن العظيم (ابن أبي حاتم)، ج ‏2، ص 675، مكتبة نزار مصطفى الباز، الطبعة الثالثة‏، 1419 ق‏‏.

[7] صدوق، من ‏لا يحضره ‏الفقيه، ج 1، ص 289 -  291، من لا یحضره الفقیه، انتشارات جامعۀ مدرسین، قم، 1413 ق.

[8] توضيح المسائل (المحشى للإمام الخميني)، ج‏1، ص 519، مسأله 918.

[9] نفس المصدر.

[10] الراغب الأصفهاني، حسين بن محمد،المفردات في غريب القرآن، ص 111،  دار العلم الدار الشامية، الطبعة الاولی، 1412 ق‏ ‏.

[12] مالک، موطأ، ج 1 ص 210، موقع الإسلام، http://www.al-islam.com.

 

 

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280274 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258855 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129655 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115714 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89578 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61080 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60391 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57383 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51662 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47726 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...