Please Wait
6492
إن الشيخ الصدوق (ره) عقد في كتابه "ثواب الاعمال و عقاب الاعمال" فصلا مستقلا تحت عنوان "ثواب الحج و العمرة" ذكر فيه الكثير من الروايات التي تشير الى فضلهما، وعقد فصلا آخر تحت عنوان " عقاب من ترك الحج" في الكتاب نفسه، جاء فيه: " من مات و لم يحج حجة الإسلام و لم تمنعه من ذلك حاجة تجحف به أو مرض لا يطيق الحج من أجله أو سلطان يمنعه فليمت يهودياً أو نصرانياً". فمن غير الانصاف أن ننسب للرجل خلاف ما يؤمن به و الافتراء عليه بانه كان متساهلا في أمر الحج!.
فاذا كان المراد من السؤال عن وجود روايات تؤكد كون ثواب زيارة أيّ قبر من قبور علماء الشيعة يعادل أو أفضل من ثواب الحج، فهذا مما لا أثر له في مصادرنا الروائية قطعاً الأعم من كتاب ثواب الاعمال للصدوق و غيره. و إن كان المراد به أن ثواب زيارة الامام الحسين (ع) في كربلاء أكثر من ثواب الحج؟
فجوابه: نعم، عقد الشيخ في كتابه ثواب الاعمال فصلاً تحت عنوان " ثواب زيارة قبر الحسين (ع)" ورد في بعض رواياته بان ثواب زيارة الامام يعدل او يفضل ثواب الحج و العمرة. و لكن هذا لا يعني بحال من الاحوال التقليل من شأن الحج، و إنما الرواية بصدد الاشارة الى ثواب زيارة الامام الحسين (ع)، و التي لابد من ملاحظة عصر صدورها و ما قام به الظالمون من التصدي لفكر الثورة و محاولة طمس معالمها و أزالة ذكراها من الذهنية الشيعية، و كانت الزيارة في تلك الايام تعني التعرض للكثير من المصاعب و المخاطرة بالمال و الانفس لا يوجد مثلها في الحج غالباً، و من الطبيعي جداً ان الثواب المترتب على العملين - مع فرض كونها قربة الله تعالى- يختلف باختلاف الصعاب و الشدائد التي تحيط به.
ينبغي التأكيد أولا على مسالة ضرورية و هي أن الشيخ الصدوق (ره) عقد في كتابه "ثواب الاعمال و عقاب الاعمال" فصلا مستقلا تحت عنوان "ثواب الحج و العمرة" ذكر فيه الكثير من الروايات التي تشير الى فضلهما[1]، وعقد فصلا آخر تحت عنوان " عقاب من ترك الحج" في الكتاب نفسه، نقل فيه: " من مات و لم يحج حجة الإسلام و لم تمنعه من ذلك حاجة تجحف به أو مرض لا يطيق الحج من أجله أو سلطان يمنعه فليمت يهودياً أو نصرانياً".[2]
فمن غير الانصاف أن ننسب للرجل خلاف ما يؤمن به و الافتراء عليه بانه كان متساهلا في أمر الحج!.
بعد هذه المقدمة نقول: اذا كان المراد من السؤال عن روايات تؤكد كون ثواب زيارة أي قبر من قبور علماء الشيعة يعادل أو أفضل من ثواب الحج، فهذا مما لا أثر له في مصادرنا الروائية قطعاً الأعم من كتاب ثواب الاعمال للصدوق و غيره. و إن كان المراد به أن ثواب زيارة الامام الحسين (ع) في كربلاء أكثر من ثواب الحج؟
جوابه: نعم عقد الشيخ في كتابه ثواب الاعمال فصلا تحت عنوان " ثواب زيارة قبر الحسين (ع)"[3] ورد في بعض رواياته بان ثواب زيارة الامام يعدل او يفضل ثواب الحج و العمرة. و لكن هذا لا يعني بحال من الاحوال التقليل من شأن الحج، و إنما الرواية بصدد الاشارة الى ثواب زيارة الامام الحسين (ع)، و التي لابد من ملاحظة عصر صدورها و ما قام به الظالمون من التصدي لفكر الثورة و محاولة طمس معالمها و أزالة ذكراها من الذهنية الشيعية، و كانت الزيارة في تلك الايام تعني التعرض للكثير من المصاعب و المخاطرة بالمال و الانفس لا يوجد مثلها في الحج غالباً، و من الطبيعي جداً ان الثواب المترتب على العملين - مع فرض كونها قربة الله تعالى- يختلف باختلاف الصعاب و الشدائد التي تحيط به.
و من المناسب هنا الالتفات الى الامور الاساسية التالية:
1. لا توجد في المصادر الشيعية و لو رواية واحدة يفهم منها سقوط فريضة الحج و العمرة لاجل زيارة أحد المعصومين (ع)، بل الروايات تصرح بانه لا يمكن اتخاذ الزيارة ذريعة للتنصل عن فريضة الحج "عنِ الرِّضا (ع) قال: من زار الحسين فقد حجَّ و اعتَمر. قلت (الراوي): تطرحُ عنهُ حجَّةُ الإِسلام؟ قال: لا هي حجَّةُ الضَّعيف حتَّى يقوى و يحُجَّ إِلى بيت اللَّهِ الحرام".[4]
من هنا لو زار الانسان مراقد الأئمة (ع) مرات كثيرة لا يسقط عنه الحج الواجب إن كان مستطيعا، فاذا ترك حينئذ يصدق عليه ما ورد في الحديث "مات يهودياً او نصرانياً".
2. ترى الشيعة أن من خصائص ثورة الامام الحسين (ع) و جهود سائر الائمة (ع) هي الوقوف بوجه خطوط الانحراف و الضلالة لكي لا تشق طريقها نحو التعاليم و المفاهيم الاسلامية فتحرفها؛ و ذلك لوجود الكثير من الجهود التي تسعى لافراغ الشعائر الاسلامية من محتواها و من ثم التمكن من القضاء عليها، و لولا جهود الائمة (ع) لما بقي من الاسلام و شعائره عين و لا أثر فضلا عن القضاء على الحج و مناسكه. و عليه يكون الحج و سائر الشعائر مديناً لتلك الجهود الكبيرة التي قام بها الائمة (ع)، و لاريب أن من طرق رد الجميل لهم و الاعتراف بجميل صنعهم أن يقوم المسلمون بزيارة مراقدهم و تقديم الاحترام لهم.
3. صحيح ان الروايات حثت على زيارة الأئمة (ع) و لكنه لم يشرع فيها التشريعات الموجودة في الحج من الاحرام و الوقوف في عرفات و السعي بين الصفا و المروة و الطواف و... لتكون بديلا عن الحج، بل غاية ما أكدت عليه الروايات رعاية الموازين الشرعية و الاصول الاخلاقية اثناء الزيارة و التي تكون عاملاً مؤثراً في قبول الزيارة، من قبيل الاكثار من ذكر الله و إقامة الصلاة و التصدق و... و هي أمور أجمعت الفرق الاسلامية على مشروعيتها و استحبابها.
و قد أكدت الروايات على أن معيار قبول زيارة الامام الحسين (ع) التمسك بتلك الاصول.[5]
و في الختام: نؤكد ان الحج[6] من الامور الواجبة و الزيارة من المستحبات و قد تجب في ظروف خاصة، و كلاهما يأخذان بيد العبد الى الله تعالى، و ان كثرة الثواب و قلته تابع لمدى الخطر و المشقة التي تكتنف الاعمال من جهة " ثواب العمل على قدر المشقة فيه"[7] و من جهة ثانية أن الثواب - على القول بانه تفضل من الله سبحانه- يتبع تقدير المتفضل. و لا تعني القضية بحال من الاحوال المساس بشعيرة الحج او وضع البديل له، فهذا ما لم يخطر ببال علمائنا قطعاً، بل يعتبرون هذا النمط من التفكير – على فرض وجوده- من الضلال و الانحراف عن الشريعة المحمدية (ص).
[1] الشیخ الصدوق، ثواب الاعمال و عقاب الاعمال، ص 50-46، انتشارات الشریف الرضي، قم، 1364 هـ ش.
[2] نفس المصدر، ص236.
[3] نفس المصدر، ص 85-98.
[4] الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشیعه، ج 14، ص 453، ح 19586، مؤسسة آل البیت، قم، 1409 هـ ق.
[5] نفس المصدر ، ج 14، ص 527، ح 19750.
[6] نعني به الحج الاول المسمى بحج الصرورة.
[7] غرر الحكم، رقم 2946.