بحث متقدم
الزيارة
7890
محدثة عن: 2011/10/29
خلاصة السؤال
کیف کانت طریقة تشریع الحجاب فی الإسلام؟
السؤال
بیّنوا مراحل وجوب الحجاب فی الإسلام و هل کان وجوب الحجاب فی الإسلام تدریجیاً أم دفعیاً؟ و هل لحکم نساء النبی (ص) دور فی المسألة؟
الجواب الإجمالي

لم تکن النساء فی الجاهلیة یلبسن لباساً محتشما و ساترا لتمام البدن عند الحضور فی المجتمع. و قد بیّن الإسلام تکلیفها فی هذا الجانب بعد ظهوره. فقد وردت أحکام حجاب المرأة فی آیات سورتی "الأحزاب" و "النور". و إلیکم الأوامر التی بیّنتها سورة الأحزاب فیما یخص النساء:

1- أن لا تتکلّم مع الرجال بشکل مثیر.2- لا یخرجن من بیوتهن متبرّجات کما کنّ یصنعن فی الجاهلیة.

3- یجب علیهن الحجاب الکامل عند الخروج من المنزل.

أما ما جاء فی سورة النور فیما یخص أحکام النساء فکالآتی:

1- أن یغضضن أبصارهن عن کل نظرة مریبة. 2- أن یحفظن عفتهن و شرفهن. 3- أن لا یظهرن زینتهن إلا ما ظهر منها. 4- أن یلقین باطرف خمرهن (مقانعهن) علی صدورهن لیسترنها بها. 5- و أن لا یظهرن زینتهن إلا لأزواجهن و آبائهن و أباء أزواجهن و أولادهن و أولاد أزواجهن و اخوتهن و أولاد اخوتهن و أولاد اخواتهن و النساء المسلمات و ما ملکت ایمانهن، و الرجال الذین لا یرغبون بالنساء و الأطفال الذین لا یعلمون شیئاً عن المسائل الجنسیة. 6- أن لا یضربن الأرض بأرجلهن حین المشی (کنایة عن الحرکات التغنجیة) حتی لا یظهر صوت الزینة المخفیة (الخلخال). 7- یجوز للنساء الکبیرات الایسات من الزواج أن یضعن حجابهن بشرط عدم إظهار زینتهن.

لذلک فتشریع حکم الحجاب فی الإسلام کان فی مرحلة واحدة و لم ینسخ الله أی حکم بیّنه فی سورة الأحزاب عند نزول سورة النور، سوی إنه استثنی من حکم الحجاب مورداً واحداً و هو (النساء الآیسات من الزواج).

الجواب التفصيلي

هناک شواهد متعددة فی القرآن تشیر إلی ان نساء العرب قبل الإسلام کن یخرجن من بیوتهن بدون حجاب. و قد أعلن الإسلام عن هذا الأمر المهم بعد ظهوره عند بعثة النبی الأکرم (ص) بفترة قلیلة حیث بیّن أحکام حجاب النساء فی سورتین من سور القرآن الکریم، أولها سورة الأحزاب "التی نزلت فی السنة الرابعة للهجرة" ثم جاءت سورة النور فی "السنة السابعة للهجرة" [1] لتفصّل أکثر فی أحکام حجاب المرأة.

ففی سورة الأحزاب بیّن الله سبحانه و تعالی مسائل الحجابضمن بیانه لوظائف نساء النبی بعنوانهن أقرب الأفراد للرسول الأکرم (ص)، فأعمالهن من هذا الجانب تنسب للنبی (ص)، بالإضافة إلی انهن بمثابة الاسوة و القدوة لغیرهن من النساء. لذلک فیجب أن تکون کل أعمالهن مطابقة للموازین الإسلامیة و أن یبتعدن کل البعد عن العادات و الآداب و التقالید الجاهلیة المتداولة آنذلک فی المجتمع العربی. فعلی هذا الأساس بیّن القرآن الکریم مسؤلیتهن فیما یتعلّق بالحجاب و الستر و التعامل مع الرجال غیر المحارم بقوله عزّ و جل من قائل "یَانِسَاءَ النَّبىِ‏ِّ لَسْتنُ‏َّ کَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَیْتنُ‏َّ فَلَا تخَضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَیَطْمَعَ الَّذِى فىِ قَلْبِهِ مَرَضٌ وَ قُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا "وَ قَرْنَ فىِ بُیُوتِکُنَّ وَ لَا تَبرَّجْنَ تَبرَّجَ الْجَهِلِیَّةِ الْأُولى" [2] و یقول فی آیة أخری من نفس السورة "یَأَیهُّا النَّبىِ‏ُّ قُل لّأِزْوَاجِکَ وَ بَنَاتِکَ وَ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِینَ یُدْنِینَ عَلَیهْنَّ مِن جَلَبِیبِهِنَّ ذَالِکَ أَدْنىَ أَن یُعْرَفْنَ فَلَا یُؤْذَیْنَ وَ کاَنَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِیمًا". [3]

الأوامر النازلة فی هاتین الآیتین هی:

1- أن لا یتکلّمن مع الرجال بشکل مثیر. 2- یبقین فی بیوتکن و لا یخرجن أمام الرجال بزینتکن کما کن یفعلن فی الجاهلیة. 3- أقمن الصلاة. 4- آتین الزکاة. 5- اطعن الله و رسوله. 6- أن یدنین علیهن من جلابیبهن لکی یعرفن و لا یؤذین.

أما فی سورة النور فقد بیّن الله سبحانه و تعالی جزئیات أخری فیما یتعلق بالحجاب حیث قال "وَ قُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ یَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَرِهِنَّ وَ یحَْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَ لَا یُبْدِینَ زِینَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَ لْیَضْرِبْنَ بخِمُرِهِنَّ عَلىَ‏ جُیُوبهِنَّ وَ لَا یُبْدِینَ زِینَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ ءَابَائهِنَّ أَوْ ءَابَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنىِ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنىِ أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائهِنَّ أَوْ مَا مَلَکَتْ أَیْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِینَ غَیرْ أُوْلىِ الْارْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِینَ لَمْ یَظْهَرُواْ عَلىَ‏ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَ لَا یَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِیُعْلَمَ مَا یخُفِینَ مِن زِینَتِهِنَّ وَ تُوبُواْ إِلىَ اللَّهِ جَمِیعًا أَیُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّکمُ‏ْ تُفْلِحُون‏". [4]

شأن نزول هذه الآیة فیه إشارة إلی کیفیة الستر قبل نزول حکم الحجاب. فقد ورد فی شأن نزولها: "کان النساء یتقنّعن خلف آذانهن" فتظهر رقبتهن و آذانهن. و قد أیّد علماء التأریخ و محققوهم هذه المسألة و هی ان نساء عرب الجزیرة العربیة لم یکنّ یتستّرن بشکل مناسب. [5] و فی آیة أخری من سورة النور یقول الله عزّ و جل "وَ الْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ الَّاتىِ لَا یَرْجُونَ نِکاَحًا فَلَیْسَ عَلَیْهِنَّ جُنَاحٌ أَن یَضَعْنَ ثِیَابَهُنَّ غَیرْ مُتَبرَّجَتِ بِزِینَةٍ وَ أَن یَسْتَعْفِفْنَ خَیرْ لَّهُنَّ وَ اللَّهُ سَمِیعٌ عَلِیم‏". [6]

أما ما جاء من الأحکام فی هاتین السورتین هی:

1- أن یغضضن أبصارهن عن کل نظرة مریبة. 2- أن یحفظن عفتهن و شرفهن. 3- أن لا یبدین زینتهن إلا ما ظهر منها. 4- أن یلقین باطرف مقانعهن علی صدورهن لیسترنها بها. 5- و أن لا یظهرن زینتهن إلا لأزواجهن و آبائهن و أباء أزواجهن و أولادهن و أولاد أزواجهن و اخوتهن و أولاد اخوتهن و أولاد اخواتهن و النساء المسلمات و ما ملکت ایمانهن، و الرجال الذین لا یرغبون بالنساء و الأطفال الذین لا یعلمون شیئاً عن المسائل الجنسیة. 6- أن لا یضربن الأرض بأرجلهن حین المشی حتی لا یظهر صوت الزینة المخفیة (الخلخال). 7- یجوز للنساء الکبیرات الایسات من الزواج أن یرفعن حجابهن بشرط عدم إظهار زینتهن.

فمع أن الفاصلة الزمنیة بین السورتین أربع سنوات، لم تنسخ آیات سورة النور و لم تعدل أی حکم من أحکام الحجاب و لباس النساء المبینة فی سورة الأحزاب، بل بقیت علی قوتها. نعم فقد بیّنت الآیة 60 من سورة النور استثناءً واحداً من أحکام حجاب المرأة و هو "لیس علی النساء الکبیرات الآیسات من الزواج حرج فی أن یرفعن حجابهن بشرط عدم إظهار زینتهن".

إذن نُؤکد و نُکرّر القول بانه لم تنسخ آیات سورة النور المتأخّرة أی حکم ورد فی سورة النور فیما یخص حجاب المرأة و لم تلغه أو تعدله سوی إنها استثنت من الحکم مورداً واحداً من النساء و هن کبیرات السن الیائسات من الزواج، أما أحکام باقی النساء فکل أحکام سورة الأحزاب باقیة علی قوتها و تعتبر واجبة الإجراء و التطبیق إلی یومنا هذا. بقیت مسألة لابد من الإشارة إلیها و هی ان الإسلام لم یأمر المرأة بشکل مطلق أن لا تخرج من بیتها بل قال لها "و قرن فی بیوتکن و لا تتبرّجن تبرّج الجاهلیة الأولی" أی لا تخرجن من بیوتکن بالطریقة التی کانت تخرج بها نساء الجاهلیة الأولی. فخروج المرأة بحجابه الکامل کان مجازاً منذ صدر الإسلام.

لمزید من الاطلاع راجعوا: السؤال 1560 (الموقع: 1980)، سیرة الحجاب فی الإسلام.



[1]     ر.ک: محمد حسین الطباطبائی، المیزان، ج15، ص84، دار الکتب الإسلامیة، طهران، بی تا؛ محمد الزرکشی، البرهان، ج1، ص251، دار الفکر، بیروت، 1408 ق؛ جلال الدین السیوطی، الاتقان، ج1، ص41 و 43 (بی جا –بی تا)؛ محمد هادی معرفت، التمهید فی علوم القرآن، ج1، ص106-107، مطبعة مهر، قم، 1396 ق.

[2]    الأحزاب، 32 و 33.

[3]    الأحزاب، 59.

[4]    النور، 31.

[5]    ر.ک: جواد علی، المفصل فی تاریخ العرب، ج4، ص617؛ یحیی الجبوری، الجاهلیة، ص72 و مرتضی مرتضی مطهری، نفس المصدر، ج19، ص385-391.

[6]    النور، 60.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280465 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    259118 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129816 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    116202 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89697 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61314 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60564 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57472 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    52091 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    48156 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...