بحث متقدم
الزيارة
8282
محدثة عن: 2008/09/20
خلاصة السؤال
هل یوجد موت فی الجنة و النار؟
السؤال
حین تقوم القیامة و یذهب الناس الی الجنة و النار، هل هناک موت أیضاً؟
الجواب الإجمالي

الآیات القرآنیة و الروایات و الادلة العقلیة متفقة علی أنه حین ینتقل الناس الی الجنة او النار فلیس هنالک موت.

فقد اطلق القرآن الکریم اسم (یوم الخلود) علی یوم القیامة، هذا من جهة و من جهة اخری وصف أهل الجنة بصفة الخالدین، و جاء فی الروایات ان أهل الجنة و أهل النار یخاطبون بالقول: "یا اهل الجنة خلود فلا موت و یا أهل النار خلود فلا موت" و أنه یؤتی بالموت علی هیئة کبش بینهم فیذبح. اما من وجهة نظر العقل فحیث ان نفس الانسان مجردة و المجرد لا یقبل الفناء، فالناس بعد ذهابهم الی الجنة او النار لا یموتون.

الجواب التفصيلي

فی القیامة الکبری التی هی عالم بعد عالم البرزخ، یجمع الناس من الاولین الی‌ الآخرین و یدخلون مرحلة جدیدة من الحیاة،‌ و یحصلون علی ثوابهم أو جزاء أعمالهم و سلوکهم فی الحیاة الدنیا.[1]

و آیات القرآن و الروایات و الادلة العقلیة متفقة علی انه لا یوجد موت فی القیامة الکبری (بعد ذهاب الناس الی‌ الجنة او جهنم). و نشیر فیما یلی الی بعضها:

لقد اطلق القرآن سبعین اسماً علی یوم القیامة یشیر کل منها الی جنبة و خصوصیة فیه، فمثلا حیث انه یجمع فیه جمیع الناس و الموجودات فقد سمی بیوم الحشر، و حیث انه دائمی و لا طریق للموت الیه فقد سمی بیوم الخلود،[2] و قد ورد هذا الاسم فی سورة (ق) المبارکة.[3]

و اضافة الی ذلک فان القرآن أطلق صفة الخلود علی أهل الجنة و النار و ذلک فی اکثر من 70 مورداً، و کمثال لذلک نذکر آیتین من القرآن فی ذلک:

"بلی من کسب سیئة و احاطت به خطیئته فاولئک اصحاب النار هم فها خالدون".[4] * "و الذین آمنوا و عملوا الصالحات اولئک اصحاب الجنة هم فیها خالدون".[5][6]

و قد ورد فی الروایات أیضاً انه لا وجود للموت فی القیامة،‌ و من ذلک ما نقله العلامة المجلسی فی الجزء الثامن من کتاب بحار الانوار (باب 26) من أحادیث متعددة فی انه یؤتی بالموت علی ‌هیئة کبش و یذبح أمام أهل الجنة و النار و من تلک الروایات روایة منقولة عن النبی (ص) أنه قال: "إذا دخل أهل الجنة الجنة و أهل النار النار قیل: یا أهل الجنة فیشرفون و ینظرون و قیل: یا اهل النار فیشرفون و ینظرون فیجاء بالموت کأنه کبش أملح فیقال لهم تعرفون الموت فیقولون هو هذا، و کل قد عرفه، قال: فیقدم و یذبح. ثم یقال یا أهل الجنة خلود فلا موت و یا أهل النار خلود فلا موت و ذلک قوله و أنذرهم یوم الحسرة، الآیة"[7]

اما من وجهة نظر العقل، فحیث ان نفس الانسان مجردة و المجرد لا یقبل الفناء فالناس بعد الذهاب الی الجنة او النار لا یموتون.

و من أدلة الحکماء و المتکلمین علی تجرد النفس ما یلی:

1. ان النفس تدرک الکلیات، و الکلی مجرد، فیجب أن یکون محلّه مجرداً أیضاً.

2. ان للنفس قدرةً علی امور لا قدرة للجسمانیات علیها من قبیل تصور الامور غیر المتناهیة.

3. اننا حین نشاهد ان جمیع مدرکات الحواس تدرک شیئاً واحداً فهذا دلیل علی تجرد النفس، لان الحواس لا علم لها بمدرکات بعضها البعض، فمثلاً العین تری بیاض الجسم کالسکر و لکنها لا علم لها بطعمه، او اننا حینما نضع شیئاً فی فمنا دون ان نراه فاننا ندرک طمعه و لکننا لا نری لونه، فمن ذلک یعلم ان فی داخلنا شیئاً مجرداً کلیاً هو الذی یدرک کل ذلک.

4. ان القوی الجسمانیة تضعف و تضمحل بالاستعمال، و لکن قوة النفس علی خلاف ذلک فان کثرة التعقلات تقویّها، اذن فالنفس لیست من سنخ الاجسام و هی مجردة.[8]

5. و الدلیل الآخر علی تجرد النفس: وحدة الشخصیة، فالبدن یتغیر و لکن یوجد امر ثابت فی جمعی هذه التغییرات و ذلک هو الذی نسمیه النفس. و هذه النفس لا تتغیر علی أثر تغییر المادة و لذا فهی مجردة من المادة.[9]

نعم هناک من خالف فی ذلک و رأی أن الروح مادیة و انها و العقل شیء واحد، و لکن ادلتهم تثبت فقط ارتباط خلایا الدماغ بالادراک،‌ لأن العقل هو صانع ذلک الادراک الکلی.

و بناء علی هذا فان مسألة بقاء الروح مرتبطة ارتباطاً قویاً باستقلال الروح و تجردها، لانه لو کانت مجردة فیمکنها أن تبقی بعد الموت.

و بالطبع فان أدلة خلود المجردات هی من المباحث الفلسفیة فللاطلاع علیها ینبغی مراجعة کتب الفلسفة.



[1] ان عالم البرزخ شخصی و ان کل شخص حینما یموت یذهب الی عالم البرزخ. و القیامة الکبری عامة للجمیع أی ان جمیع أفراد العالم یحشرون فی آن واحد. لاحظ: الرؤیة الکونیة للشهید المطهری بحث المعاد، ص 31.

[2] مکارم الشیرازی، رسالة القرآن، بحث المعاد، ج 5، ص 58.

[3] "ادخلواها بسلام ذلک یوم الخلود"، ق، 34.

[4] البقرة، 81.

[5] البقرة، 82.

[6] لاحظ: بحار الانوار، ج 8، ص 344 و 345.

[7] بالطبع لیس معنی ذلک ان من یدخل جهنم یبقی فیها مخلدا، بل الخلود فی جهنم مختص بعدد خاص.

[8] العلامة الشعرانی، ترجمة الاعتقاد، ص 242 الی 262.

[9] مکارم الشیرازی، رسالة القرآن، بحث المعاد، ج 5، ص 287.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280329 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258942 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129731 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115915 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89625 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61176 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60456 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57420 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51840 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    47778 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...