بحث متقدم
الزيارة
7062
محدثة عن: 2009/05/03
خلاصة السؤال
هل أن کتب الدعاء تحظى بقدر کافٍ من الوثاقة؟
السؤال
هل ان کتب الدعاء مثل مصباح الزائر، و البلد الأمین، و مصباح الکفعمی و الإقبال و المزار الکبیر، و الکتب التی اعتمدها العلامة المجلسی فی کتاب المزار هی کتب معتبرة، و یمکن الاستفادة منها فی التوسل؟
الجواب الإجمالي

لا بد من ملاحظة ثلاثة مطالب:

1ـ إن الکتب المذکورة وقعت مورد اعتماد و رضا مؤلفیها و العلامة المجلسی، و هذا یکشف عن اهتمام مؤلفیها و عنایتهم بها من جهة و من جهة ثانیة اهتمام العلامة المجلسی فیها و تعظیمه لاصحابها و قد أشیر إلى ذلک فی مقدمة کتابی المزار الکبیر و البلد الأمین.

2ـ المنهج المتبع من قبل فقهائنا هو عرض الروایة على معاییر علم الرجال و تقویمها على هذا الأساس و من ثم العمل بها.

3ـ اعتمادا على أخبار قاعدة «من بلغ» قال الفقهاء بخصوص کتب الدعاء: یمکن العمل بهذه الروایات رجاء بلوغ الثواب، و إن التوسل عن هذا الطریق لا یخالف العقل و لا الشرع.

الجواب التفصيلي

الاجابة عن السؤال تقتضی الالتفات الى ثلاثة مطالب:

1- إن الکتب المذکورة وقعت مورد اعتماد و رضا مؤلفیها و العلامة المجلسی، و هذا یکشف عن اهتمام مؤلفیها و عنایتهم بها من جهة و من جهة ثانیة اهتمام العلامة المجلسی فیها و تعظیمه لاصحابها.

فعلی سبیل المثال: یقول الشیخ عبد الله بن محمد بن جعفر المعروف «بابن المشهدی» مؤلف کتاب المزار الکبیر فی مقدمة کتابه: لقد أوردت فی هذا الکتاب العدید من الزیارات و الأدعیة المختلفة التی تزار بها المشاهد المشرفة و روایات الترغیب فی هذه الزیارات و الأدعیة بإسناد متصل برواة موثقین و أنهم یسندون هذه النصوص إلی عظماء الدین و ساداته.هذا اولا.

و ثانیاً: یعتبر المؤلف من مشایخ الإمامیة و عظمائها حیث ورد إسمه فی الإجازات و قد ذکره العلماء و الأکابر بالعظمة و المقام الرفیع.

یرى المرحوم الشیخ الحر العاملی أن «ابن المشهدی» فاضل جلیل و قد أشار إلى بعض کتبه.[1]

و یقول العلامة المجلسی: لقد ألف محمد ابن المشهدی کتاباً کبیراً فی الزیارات، و قد اعتمد علیه السید ابن طاووس و أثنى علیه، و قد أسمینا هذا الکتاب بـ «المزار الکبیر».[2]

و یقول فی موضع آخر: یفهم أن المزار الکبیر کتابٌ معتبر و ذلک من خلال النظر إلى کیفیة إسناده، و قد أخذ السید ابن طاووس الکثیر من أخباره و زیاراته من هذا الکتاب.[3]

و کذلک یقول المرحوم الکفعمی فی مقدمة کتابه البلد الأمین: إن هذا الکتاب الذی یحتوی على التعویذات و الأدعیة و الزیارات أخذ عن کتب تنسب إلى الأئمة علیهم السلام، و أن الصحیح منها مورد اعتماد، و نحن مأمورون بالتمسک بها.

و أما بالنسبة إلى کتاب مصباح الزائر و هو من تألیف السید علی بن موسى بن طاووس، فإذا حققنا النظر فی أخباره و روایاته و الکتب التی صنفت قبله نجدها مذکورةً فی کتب العظماء و العلماء أمثال الشیخ الصدوق و الشیخ المفید و الشیخ الطوسی و ابن قولویه و....

و هنا نشیر باختصار إلى کلام المرحوم المجلسی فیما یخص مصادر کتابه و کتّابه:

یقول فی الفصل الأول من مقدمة کتابه بحار الأنوار: اعلم أن أکثر الکتب التی اعتمدنا علیها فی النقل مشهورة معلومة الانتساب إلى مؤلفیها ککتب الصدوق رحمه الله‏... و عظماء من ابناء طاووس الذین هم من المشاهیر و ... و کذلک کتب الکفعمی التی تغنینا شهرتها و فضل مؤلفها عن کل تعریف.[4]

2ـ علم الرجال و الدرایة من العلوم المعروفة و المتداولة فی أوساط الفقهاء و الخبراء فی استنباط الأحکام الشرعیة، فکل روایة لا بد و أن تخضع لفحص فقیه متمرس لیعرف مدى صحة سندها و الوثوق من صدورها، و بعد أن یتم التحقق من ذلک یمکن اعتمادها کدلیل لاستنباط الحکم الشرعی بحسب ما یعتمده الفقیه من مبان و أصول و قواعد.

و هذا المنهج معتمد منذ زمن قدیم قریب من زمن الأئمة علیهم السلام و قد کان العمل به من توجیهاتهم و لذلک عمد الأعلام إلى هذه الطریقة من أمثال الشیخ الصدوق و الطوسی و المفید حیث اهتموا بعلم الرجال و دراسته حتى استطاعوا الاعتماد على الروایات الموثقة و الصحیحة.

و علیه فکل الروایات الواردة فی الکتب مهما بلغت عظمة کاتبها لا بد و أن توضع فی میزان التقویم و التحقیق لمعرفة مقدار وثاقتها و من ثم یتم العمل بها.

3ـ و الأمر الآخر الذی یعتبر طریقَ حلٍ للسؤال المتقدم و ما یشابهه من الموضوعات و هو ما انتهى إلیه الفقهاء من قاعدة أطلقوا علیها إسم «أخبار من بلغ» و مؤداها أن هذه الأخبار و ما یترتب على أدائها من ثواب کما هو وارد فی الروایات یقول الفقهاء: إن العمل بمثل هذه الأخبار جائز من دون تحقیق، و ذلک عندما یراعى شرطان: أحدهما أن لا یوجد دلیل على حرمتها؛ و الثانی أن یؤدى العمل بنیة تحصیل الثواب.

و الدلیل على هذه القاعدة مضمون عدد من الروایات و الأخبار کالحدیث التالی: «عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (ع) یَقُولُ مَنْ بَلَغَهُ ثَوَابٌ مِنَ اللَّهِ عَلَى عَمَلٍ فَعَمِلَ ذَلِکَ الْعَمَلَ الْتِمَاسَ ذَلِکَ الثَّوَابِ أُوتِیَهُ وَ إِنْ لَمْ یَکُنِ الْحَدِیثُ کَمَا بَلَغَه».[5]

و قد بحث الفقهاء هذه الأخبار و راجعوا إسنادها و من ثم قبلوا مضمونها و أثبتوه فی کتبهم الفقهیة.[6]

و علیه فالروایات التی تقول أن من بلغه ان ثواب الوضوء کذا و کذا من الثواب و أن من یقرأ الدعاء عند النوم له کذا و من یقرأ الدعاء عند زیارة الإمام له کذا من الثواب، فإن العمل بهذه الروایات لا إشکال فیه و لا مؤاخذة، و لیس ذلک فحسب و إنما یکون العامل مشمولاً بفضل الله و لطفه طبقاً لهذه الروایات و حکم العقل یعضد ذلک.

و محصلة القول: إضافة إلى أن هذه الکتب کانت مورد استفادة العلامة المجلسی؛ مثل: مصباح الزائر، و مصباح الکفعمی، و المزار الکبیر و .. و أنها فی نظر الکبار الذین ألفوها مورد اعتماد، و قد أید المرحوم المجلسی اعتبارها و وثاقتها. لا بد من القول: إن هذه الأخبار و الروایات عولجت على أساس قاعدة «من بلغه ثواب» فکانت قابلة للعمل و الاستفادة منها، و أن العامل بها على أمل الحصول على الثواب إن شاء الله.



[1] أمل الآمل، ج 2، ص 252.

[2] بحار الأنوار، ج 1، ص 18.

[3] المصدر نفسه، ص 35.

[4] المصدر نفسه، ص 35 ـ 26.

[5] الکافی، ج 2، ص 87.

[6] مصباح الأصول، ج 2، ص 318 «تقریرات درس الأصول، المرحوم آیة الله الخوئی»

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280465 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    259118 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129816 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    116202 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89697 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61314 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60564 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57472 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    52091 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    48156 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...