بحث متقدم
الزيارة
7140
محدثة عن: 2008/08/31
خلاصة السؤال
هل ان صاحب الزمان (عج) یحضر حتی فی البلدان غیر الاسلامیة (الیهودیة)؟
السؤال
ما یقال من ان صاحب الزمان (عج) یحضر فی کل مکان،‌ هل ان له حضور بین شعوب البلدان غیر الاسلامیة کالیهودیة مثلاً، و ینظر ایضاً‌ الی من هم فی الفساد و الفحشاء؟
الجواب الإجمالي

یری العقل و المنطق ان الوصول الی الکمال الانسانی المطلوب لا یمکن أن یتحقق من دون الهدایة الالهیة. و قد أتّم الله تعالی أمر الهدایة البشریة علی أحسن وجه بارساله الحجج الالهیة الی‌ الناس.

و الأئمة‌ و الأنبیاء مجهزّون باذن الله بقدرات کافیة من أجل النفوذ و إعمال القدرة فی جمیع الکائنات لکی یمکنهم القیام بمهمتهم علی أحسن وجه. و نحن أجیب علی سؤالکم علی‌ أربع مراحل:

1. هادفیة الخلق و لزوم هدایته.

یقول القرآن الکریم: "و ما خلقت الجن و الانس الا لیعبدون".

2. ان الهدایة تشمل جمیع البشر. قال الله تعالی: "انما انت منذر و لکل قوم هاد".

3. القادة الالهیون ناظرون الی‌ جمیع اهل الارض. و کما قال الامام الباقر (ع) من ان الائمة و الانبیاء أمان لأهل الارض و سبب لرفع العذاب عن أهلها، و ذلک یشمل جمیع الناس. و قد نقلت قصص کثیرة حول هدایة اناس ضالّین بواسطة ولی العصر (عج) نشیر الی احداها فی الجواب التفصیلی.

4. قدرة الائمة علی التصرف فی الکائنات فی کل العالم.

و کما قال الامام الحسین (ع) بان الله أمر جمیع ما خلقه باطاعة القادة الالهیین و قد نقل فی بعض الکتب الشیعیة (و منها منتخب الاثر) عدد من معاجز الامام صاحب الزمان (عج) تکشف عن قدرته الخارقة للعادة.

و النتیجة الکلیة من البحث هی ان عظمة مکانة الامام ولی العصر (عج) أکبر بکثیر من أن یکون مختصاً بالمسلمین أو بقسم خاص من الناس، فامام العصر (عج) حجة الهیة علی‌ الارض و یحضر فی أی مکان من الکون استدعی حضوره لهدایة أی انسان محتاج للهدایة بالطریق الذی یراه صالحاً.

الجواب التفصيلي

فی الجواب عن هذا السؤال سوف نثبت طبقاً للأدلة الآتیة رحمة الامام ولی العصر (عج) و رأفته و حضوره أیضاً عند الذین یستحقون ذلک و یقتضیه أمر هدایتهم (حتی لو کانوا یهوداً و ما شابههم، أو کانوا من أهل المعاصی).

یری العقل و المنطق ان المصلحة التی استوجبت خلق الانسان (و هی الوصول الی الکمال) تتحقق عن طریق اطاعة أوامر الله تعالی فقط، و ان الحصول علی‌ تلک الأوامر یتم عن طریق هدایة الانبیاء و الأئمة. و لهذا السبب فاذا وجد شخص فی مکان ما و کان بجاجة ملحة الی‌ ارشاد الامام (ع) أو مساعدته أو حضوره الفیزیاوی، فان ذلک یحصل طبقاً للمصلحة بطریق من الطرق. ذلک ان الله تعالی لم یخلق البشر عبثاً و لم یزوّده بالعقل و الروح باطلاً. فاذا ترک الانسان و لم یرشد الی المسیر الصحیح بشکل مناسب فانه یضل، مما یؤدی الی نقض الغرض.

فالله الذی بیده القدرة علی جمیع الامور و الحوادث، قد جهز القادة الالهیین بقدرة کافیة تمکنهم من مساعدة الناس الحائرین و هدایتهم الی الطریق الصحیح - من ای دین کانوا - اذا کانوا محتاجین و مستعدین لذلک، و هناک آیات قرآنیة و روایات کثیرة تثبت ما تقدّم نتعرض لأهمها:

1. فی هادفیة خلقة الانسان و لزوم هدایته، نقرأ فی القرآن الکریم قوله تعالی:

"و ما خلقت الجن و الانس الا لیعبدون".[1]

2. و فی ان الهدایة و وجود الهداة یشمل جمیع الناس و لا یختص بطبقة خاصة، یقول الله سبحانه: "انما انت منذر و لکل قوم هاد".[2]

و حیث ان هذه الآیة طرحت هدایة الانسان بصورة قانون کلی، فانها تشمل جمیع الاقوام و الملل؛ کالیهود و العصاة أیضاً،‌ و بالطبع فان الهدایة تتضمن نظرة العنایة و المحبة أیضاً: "قل فلله الحجة البالغة".[3]

و طبقاً لنص هذه الآیة، فان أمر الهدایة لا یختص بمکان و لا زمان و لا مجتمع خاص، و یفهم ان الله سبحانه مرشداً بالغاً و کافیاً فی کل مکان و لکل الناس.[4]

3. فی بیان نظرة المحبة لجمیع أهل الارض (الیهود و الهندوس و العلمانیین و ...) من قبل القادة الالهیین، یقول الامام باقر (ع) فی جواب من سأله عن علّة الحاجة الی النبی و الامام: "لبقاء العالم علی صلاحه و ذلک ان الله عز و جل یرفع العذاب عن أهل الارض اذا کان فیها نبی أو امام قال الله عز و جل (و ما کان الله لیعذبهم و أنت فیهم) و قال النبی (ص): النجوم أمان لأهل السماء و أهل بیتی أمان لأهل الارض ... و بهم یمهل أهل المعاصی و لا یعجل علیهم بالعقوبة و العذاب".[5]

4. و حول اثبات قدرة الامام (ع) علی التصرف فی الکون و انه یستطیع ان یتصرف بجمیع التصرفات و انه یحضر اذا استلزم ذلک بالصورة التی یراها صالحة، یقول الامام الحسین (ع): "والله ما خلق الله شیئاً الاّ و قد أمره بالطاعة لنا".[6]

و قد فسر الامام الباقر (ع) المراد بالرحمة الواسعة فی الآیة المبارکة: "و رحمتی وسعت کل شی"،[7] بانه علم الامام.[8] و هو یبین بوضوح الحضور العلمی و المعنوی للامام فی کل مکان من الکون.

و قد وردت أیضاً فی تفسیر الأیة الکریمة (ولله المثل الاعلی)،[9] خمس عشرة روایة معتبرة و صحیحة ذکرت ان الائمة المعصومین (ع) مظهر لعلم و قدرة الله سبحانه.[10]

و قال الامام الصادق (ع) ایضاً ما مضموته: "کیف یکون الامام حجة علی اهل المشرق و المغرب، و هو لم یرهم و لم یصل الیهم".[11]

و حول قدرة و إحاطة شخص الامام ولی العصر (عج)، یتبین من مجموع ما تقدم نظرته الرحیمة و الهادیة و لزوم حضوره فی ای مکان اقتضته الحاجة و المصلحة الحکیمة و ینقل مؤلف کتاب منتخب الاثر (و هو آیة الله الصافی) الذی بحث کثیراً من الأخبار و الآثار حول الامام المهدی (عج) ثمانیة موارد من المعجزات المهمة الدالة علی تصرفه فی الکون و التی تکشف عن قدرة الامام و احاطته و یقول فی نهایته: "ذکرت حکایات کثیرة فی بحار الانوار و الکتب الاخری تجاوزت حد التواتر قطعاً و سند کثیر منها فی غایة الصحة".[12] و کل ذلک یثبت احاطة الامام المهدی (عج) و نظارته الکلیة علی الجمیع (حتی الکفار و الیهود و ...) و بالطبع فان العنایة الخاصة للامام (عج) تختص بالمستعدین لتلقی الفیوضات و المعنویات سواء کانوا فی بلدان اسلامیة أو فی بلاد الکفر.

و الخلاصة هی انه کما ان نبی الاسلام (ص) کانت رسالته عالمیة،‌ فان الائمة (ع) الذین هم خلفاؤه هم أئمة لجمیع الناس من المسلمین و غیرهم، غایته ان هؤلاء (غیر المسلمین) لیس لهم توفیق الاتباع و الاستفادة من ارشادات الائمة (ع). و اذا کان الامام صاحب الزمان (عج) ناظراً الی غیر المسلمین فلیس یعنی ذلک تأیید أعمالهم المخالفة للاخلاق و للانسانیة، ذلک ان هؤلاء بسوء اختیارهم - و مع وجود هذه الحجج الالهیة – یرتکبون مثل هذه الاعمال.



[1] الذاریات، 54.

[2] الرعد، 8؛ المیزان، ج 11، ص 235 (بحث الامامة تفصیلاً فی، ج 1، ص 270، 282).

[3] "قل فلله الحجة البالغة"،‌ الانعام، 149.

[4] الانفال، 33.

[5] بحار الانوار، ج 23، ص 19.

[6] النمازی، علی، اثبات الولایة، 59.

[7] الاعراف، 156.

[8] النمازی، علی اثبات الولایة، ص 67.

[9] النحل، 60.

[10] النمازی، علی اثبات الولایة، ص 126، 127.

[11] نفس المصدر، ص 65.

[12] الصافی الگپایگانی، منتخب الاثر، ص 401- 411.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280274 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258855 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129655 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115714 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89578 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61080 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60391 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57383 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51662 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47726 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...