Please Wait
9677
العدّة فی مصطلح الفقهاء هی: أیام تربّص (انتظار) المرأة بسبب مفارقة الزوج أو ذی الوطء المحترم بفسخ أو طلاق أو موت، أو زوال نکاح، ثم یحق لها بعد انقضاء العدّة أن تتزوج مرّة ثانیة، و للعدّة أنواع: 1 – عدّة الطلاق 2 – عدّة الوفاة 3 – عدّة المفقود عنها زوجها 4 – عدّة وطء الشبهة.
و فی کل واحد من هذه الأنواع المذکورة یجب على المرأة أن تنتظر مدة من الزمن.
و العلة الحقیقیة للعدّة خفیّة، حالها حال الکثیر من أسرار العالم، و ما یذکر– من قبیل انعقاد النطفة، احترام العلاقة الزوجیة، حفظ شخصیة المرأة، احترام عواطف و أحاسیس أقارب الزوج و ما سوى ذلک – فهی لا تعدو کونها من قبیل الحکمة للعدّة. و من هنا فلو ابتعد الرجل عن زوجته لسنوات، أو کان مسافرا، فمع ذلک یجب على المرأة أن تعتد.
العِدّة بکسر العین و فتح الدال المشددة، أصلها من العدّ، و العدّة الجماعة، و العدّ، و أیام حزن المرأة على زوجها، و أیام طهر المرأة، و أیام حیضها[1].
و فی اصطلاح الفقهاء العدّة عبارة عن: أیام تربّص (انتظار) المرأة بسبب مفارقة الزوج أو ذی الوطء المحترم بفسخ أو طلاق أو موت، أو زوال نکاح[2].
الأشیاء التی توجب العدّة هی: الوفاة، الطلاق بأقسامه، فسخ عقد النکاح بسبب العیوب، انفساخ العقد بسبب الارتداد عن الإسلام أو الرضاع و غیرهما، وطء الشبهة، انقضاء المدة فی عقد النکاح المنقطع أو أن یهب الزوج المدة المتبقیة. و فی کل هذه الأسباب یشترط الدخول ما عدى الوفاة[3].
و بناء على ما تقدم فأقسام العدّة هی:
1 – عدّة الطلاق.
2 – عدّة الوفاة.
3 – عدّة المفقود عنها زوجها.
4 – عدّة وطء الشبهة.
و الآن نوضح هذه الموارد:
عدّة الطلاق
رأی کل المراجع: إذا کانت المرأة ذات عادة شهریة، فحینما یطلقها زوجها فی الطهر، یجب علیها أن تصبر لترى الحیض مرتین، و عندما ترى الحیض الثالث فإن عدتها تکتمل. و إذا لم تکن ذات عادة و لکنها فی سن من تحیض، فإن عدتها هی الانتظار ثلاثة أشهر بعد الطلاق[4].
ما هی عدّة المرأة الحامل إذا طلقها زوجها؟
رأی کل المراجع: تمتد عدّة المرأة الحامل إلى أن تضع حملها، أو تسقط جنینها.[5]
رأی المراجع فی عدّة النکاح المؤقت:
الجمیع (باستثناء أیة الله فاضل): عدّة النکاح المؤقت – بعد انتهاء المدة أو أن یهب الرجل باقی المدة – إذا کانت المرأة ذات عادة شهریة، فإن عدتها بمقدار حیضتین کاملتین، و إذا لم تکن ذات عادة فعدتها 45 یوما.[6]
رأی آیة الله فاضل: عدّة النکاح المؤقت - بعد انتهاء المدة أو أن یهب الرجل باقی المدة – فإذا کانت ذات عادة شهریة فالأحوط وجوبا أن عدتها بمقدار حیضتین، أو بمقدار طهرین (أیهما کان أکثر)، و إن لم تکن ذات عادة، فعدتها 45 یوما و إن کانت حاملا فعدّتها إلى أن تضع حملها، أو تسقط جنینها.[7]
عدّة الوفاة
جمیع المراجع: عدّة الوفاة أربعة أشهر و عشرة أیام؛ و لا فرق بین الزواج الدائم و المؤقت؛ و لا فرق بین ما إذا کان زوجها یعیش معها أم لا، بل حتى المرأة الیائس یجب علیها عدّة الوفاة وکذلک الصغیرة ، و إذا کانت المرأة حامل تستمر عدتها إلى أن تضع حملها. و لو ولدت فی مدة تقل عن أربعة أشهر و عشرة أیام بعد وفاة زوجها یجب علیها إکمال العدّة إلى أربعة أشهر و عشرة أیام.[8]
ملاحظات:
1 – تحسب العدّة وفقا للشهر القمری[9].
2 – تبدأ عدّة الوفاة منذ اللحظة التی تعلم فیها الزوجة بوفاة زوجها، و لا یختص هذا الحکم بالزوج الغائب، بل یشمل الحاضر أیضا. فإذا لم تعلم الزوجة بوفاة زوجها لسبب ما، یجب علیها الاعتداد منذ اللحظة التی یصلها خبر وفاته.[10]
3 – یحرم على المرأة التی فی عدّة الوفاة لبس الملابس الملونة، و الاکتحال، و کل ما یعد من الزینة[11].
عدّة المفقود عنها زوجها
إذا اختفى الزوج بحیث لا یصل منه أی خبر، و لا یظهر منه أی أثر، و لم یعلم أنه حی أو میّت، فإن کان لدیه مال للإنفاق منه على الزوجة، أو کان له ولی ینفق علیها، أو وجد من ینفق علیها مجانا، فلا یجوز لها أن تتزوج غیره أبدا، إلى أن تتیقن بوفاته، أو أن یطلقها، أما إذا لم یکن للزوج مال، و لم یکن له ولی ینفق علیها، و لم یوجد متبرع ینفق علیها مجانا، تستطیع أن تصبر، و إذا لم تصبر فیحق لها مراجعة الحاکم الشرعی، فیضع الحاکم لها مهلة أربعة أعوام یتم البحث عن زوجها فی تلک المدة، فإذا لم یحصل علم بموته أو حیاته، فإذا کان للرجل وکیل أو ولی فإن الحاکم یأمره بتطلیق المرأة، و إذا لم یقبل یجبره الحاکم على التطلیق، و إذا لم یکن للزوج ولی و لا وکیل، أو لم یتمکن الحاکم من إجبارهما، فإن الحاکم یقوم بتطلیق المرأة، ثم تعتد أربعة أشهر و عشرة أیام عدّة الوفاة، و بعد انقضاء العدّة یجوز لها أن تتزوج.[12]
و إذا ظهر الزوج بعد تمام مدة البحث و الفحص عنه (أربعة سنوات) فإذا کان مجیئه قبل تطلیق المرأة فهی زوجته، و إذا کان مجیئه بعد أن تزوّجت رجلا آخر فلا حق للزوج الأول فی المرأة، و إذا کان مجیئه أثناء العدّة، یجوز للزوج الاختیار بین إرجاع المرأة، أو أن یترکها لتکمل عدتها فتنفصل عنه، و أما إذا کان مجیئه بعد تمام العدّة و قبل أن تتزوج غیره فلا حق له فی إرجاعها.[13]
ولکن یحق له ان یعقد علیها عقدا جدیدا ان لم یکن ذلک التطلیق هو الثالث.
عدّة وطء الشبهة
إذا جامع الرجل امرأة أجنبیة باعتقاد أنها زوجته، یجب على المرأة الاعتداد بلا فرق بین کونها عالمة أنه لیس زوجها أم کانت تعتقده زوجها.[14]
و مدة عدّة وطء الشبهة کمدة عدّة الطلاق بالتفصیل المتقدم.[15]
و أما فیما یتعلق بلزوم رعایة العدّة و السؤال المتقدم: مع کل هذا التطور العلمی و إمکانیة استعمال وسائل طبیة تمنع من الحمل بشکل قطعی؛ فهل مع ذلک تجب العدّة على المرأة، فقد أجاب مراجع الدین عن هذا السؤال بما یلی:
کل المراجع: نعم، تجب العدّة على المرأة.[16]
لأن السبب الواقعی للعدّة ما زال مجهولا عندنا و حاله حال الکثیر من أسرار الکون، و ما قد قیل – من قبیل انعقاد النطفة، صیانة حرمة العلاقة الزوجیة، و سواهما – فهو من قبیل الحکمة لا العلة. و من هنا تجب العدّة على المرأة حتى لو کان زوجها یعیش بعیدا عنها لسنوات، أو کان مسافرا.
و لتوضیح أسباب و حِکَم اعتداد المرأة نقول:
1 – إحدى الحِکَم هی الحیلولة دون اختلاط النطف فی رحم المرأة و لأجل أنه إذا ولد طفل فإن أباه سیکون معلوما بشکل قطعی، و من هنا سوف یتم تحدید محارم ذلک الطفل، و حینما یکبر الطفل سیعلم من هم الذین یحرم زواجهم علیه، و کذلک سوف تتضح مسائل الإرث.
و کذا ینبغی التنبیه على وسائل منع الحمل لیست قطعیة حیث أن الکثیر من النساء استعملن تلک الوسائل و مع ذلک لم تؤثر و حملن، فلم یمنع ذلک من انعقاد النطفة.
2 – من الحِکَم الأخری لاعتداد المرأة هو: إذا تزوجت المرأة بعد زوجها مباشرة فإن هذا الأمر لا ینسجم مع محبتها لزوجها المتوفى و احترامها له، و إضافة إلى ذلک فإنه یوجب جرح مشاعر أقارب المتوفى. و رعایة حرمة الحیاة الزوجیة حتى بعد وفاة الزوج هذا أمر فطری، و لذا نرى فی مختلف الشعوب أنواع العادات و التقالید فی هذا المجال. صحیح أنه فی بعض الأحیان تصل تلک العادات إلى الإفراط مما یؤدی إلى تعطیل حیاة المرأة، و جعلها تعیش کالأسیرة. و لذا فقد أبطل القرآن الکریم فی الآیة 234 من سورة البقرة کل الخرافات و العادات الفاسدة المتعلقة بالمرأة الأرملة، و منحها حق الزواج بعد انقضاء مدة العدّة.[17]
4 – الحکمة الأخرى من العدّة هی رعایة شأن و منزلة المرأة و حفظ شخصیتها فی المجتمع، حیث إن الإسلام یحترم منزلة المرأة و یمنحها قیمة متمیزة من خلال تشریع أحکام خاصة فی هذا السبیل کالحجاب، الاعتداد و سواهما، فیتصدى بذلک لاحتمال استغلال المرأة و هتک حرمتها.
5 – بالإضافة إلى کل ما تقدم لعل هناک حکم أخرى لم تنکشف لنا، حیث إن الفلسفة الحقیقیة للأحکام لم تنکشف للبشر، و کذا لم یتضح لماذا کانت المدة بمقدار أربعة أشهر و عشرة أیام لا تزید یوما و لا تنقص، غیر أنه عندما نعتقد أن الله حکیم و کل فعل یصدر عنه و کل حکم یشرعه لا بد أن یکون صادرا عن حکمة، و مستندا إلى أسس العقل السلیم، فحینئذ لا یجوز لنا أن نسأل کیف و لماذا؛ فبعد الالتفات إلى الحکمة و العلم و القدرة الإلهیة المطلقة، یجب علینا أن نأخذ الکثیر من الأحکام تعبدا؛ لأنه أولا: حقیقة العبودیة تتوقف - بعد الاعتقاد بالله و صفاته الربوبیة و حقانیة الدین الإسلامی و أحکامه – على التسلیم و الطاعة بدون أی تردد. و ثانیا: أحکام و أوامر الدین بالنحو الذی جاءت به، هی أتم أکمل الأحکام الأوامر.[18]
[1] لسان العرب، مادة عدد؛ المنجد فی اللغة، مادة عدّ.
[2] الموسوعة الفقهیة المیسرة، ج 2، ص 220 .
[3] تحریر الوسیله، ج 2، ص 345، م 8.
[4] توضیح المسائل مراجع، م 2511 و 2512؛ آیة الله وحید، توضیح المسائل، م 2575 و 2576.
[5] نفس المصدر، م 2514؛ آیة الله وحید، توضیح المسائل، م 2578.
[6] نفس المصدر، م 2515؛ آیة الله وحید، توضیح المسائل، م 2579؛ مکتب آیة الله خامنئی.
[7] نفس المصدر، م 2515.
[8] نفس المصدر، م 2517؛ آیة الله وحید، توضیح المسائل، م 2581.
[9] تحریر الوسیلة، ج 2، ص 338، م 2.
[10] نفس المصدر، ج 1، ص 340، م 8.
[11] توضیح المسائل الامام الخمینی، م 2518.
[12] تحریرالوسیلة، ج 2، ص 340، م 11.
[13] نفس المصدر، ج 2، ص 343، م 23.
[14] توضیح المسائل الامام الخمینی، م 2536.
[15] تحریرالوسیلة، ج 2، ص 344، م 1؛ احکام خانواده" احکام الاسرة"، مرکز تحقیقات اسلامی ممثلیة الولی الفقیه فی حرس الثورة، ربیع عام 1375هجری شمسی.
[16] آیة الله فاضل، جامع المسائل، ج 1، س 1618؛ آیة الله مکارم، استفتاءات، ج 2، س 1120 و 1121؛ توضیح المسائل مراجع، م 2511؛ صافی، جامع الاحکام، ج 2، س 1313؛ آیة الله نوری، توضیح المسائل، م 2506؛ آیة الله تبریزی، استفتاءات، س 1712؛ آیة الله وحید، توضیح المسائل، م 2520؛ الامام الخمینی، استفتاءات، ج 3، عدة الطلاق، س 64؛ مکتب آیات عظام خامنئی، بهجت و السیستانی.
[17] مکارم الشیرازی، ناصر، تفسیر نمونه، ج 2، ص 193، دارالکتاب الاسلامیة، الطبعة الاولى 1375.
[18] مقتبس من مرکز ایصال المعلومات التابع لممثلیة الولی الفقیه فی الجامعة ، قسم الاسئلة والاجوبة ، بتصرف.