Please Wait
7451
الولایة فی العلاقات الاسریة عبارة عن الإقتدار الذی اعطاه المشرّع للأب و الجد من جهة الأب بهدف إدارة الامور المالیة و التربویة أحیاناً للطفل (أو السفیه أو المجنون اللذین یکون الحجر علیهما متصلاً بزمن الصغر). و أحیاناً یعّد الوصی المنصوب من قبل الأب أو الجد من جهة الأب من الأولیاء أیضاً؛ حیث تقول المادة 1194 من القانون المدنی الإیرانی: الأب و الجد من جهة الأب و الوصی المنصوب من قبل أحدهما یسمی بالولی الخاص.
فإذا غیّرت الأمّ جنسها و تحولت الی رجل، ففی حالة عدم وجود الأب و الجد من جهة الأب، لا تحصل لها ولایة ابداً علی أطفالها، بل مع فقدانهما فان ولایة الأطفال ستکون بعهدة الحاکم الشرعی، و بالطبع فانه یمکن أن یجعل الحاکم الشرعی لمصلحة مسؤولیة الإشراف علی الأطفال علی عهدة الأمّ التی غیّرت جنسها و اصبحت رجلاً فعلا.
و تغییر جنس الأب و تحوله الی امرأة لا یؤثر علی ولایته و اشرافه علی أطفاله، فان له حق الولایة کما کان له قبل التغییر؛ لأنه علی رأی بعض الفقهاء بمجرد تکوّن النطفة من ماء الشخص (الإسبرم) یصدق علیه عنوان الأب، و هذا العنوان لا یزول بعد تغییر الجنس.
من المباحث المهمة المتعلقة بتغییر الجنس هو تأثیر تغییر الجنس علی الولایة و حضانة الأطفال.
و تظهر نتایج هذه المسأله من خلال المبحثین التالیین:
المقام الأول: تغییر الجنس و مسأله الولایة و الإشراف علی الأطفال:
الولایة بمعناها العام هی السلطة التی تحصل للشخص علی مال و نفس شخص آخر و تشمل ولایة الأب و الجد من جهة الأب و نبی الإسلام (ص) و الحاکم ایضاً. و لکنها فی العلاقات الاسریة عبارة عن الإقتدار الذی یعطیه المشرع للأب و الجد من جهة الأب بهدف إدارة الامور المالیة و أحیاناً لتربیة الطفل (و السفیه و المجنون اللذین یکون الحجر علیهما متصلاً بزمان الصغر) و أحیاناً یعد الوصی المنصوب من قبل الأب أو الجد من جهة الأب من الأولیاء أیضاً.[1] حیث ورد فی المادة 1194 من القانون المدنی "الأب و الجد من جهة الأب و الوصی المنصوب من قبل أحدهما یسمی بالولی الخاص".
و لکن یجب أن یعلم انه فی عرف الحقوقییّن یفترق الإصطلاحان "الولایة" و "الوصایة" عن بعضهما و قلّ ما یطلق علی "الوصی" انه "ولی" أیضاً، و خصوصاً أن مصدر إختیار "الولی" بشکل مباشر هو القانون و لا یرتبط اعطاء هذا المنصب بإرادة الأشخاص، و الحال أن الوصی هو الممثل الإرادی للولی و ان دائرة صلاحیاته یحددها أیضاً الأب أو الجد من جهة الأب. و لهذا السبب أیضاً فقد سمّی الأب و الجد من جهة الأب فی القانون المدنی بالأولیاء القهرییّن.
ان ولایة الجد من جهة الأب و ان کانت مثل ولایة الأب فی نظر القانون و الفقه، لکنها منوطة فی اعرافنا الإجتماعیة بفقدان ولایة الأب لسبب من الأسباب، و لیس للأمّ ولایة قهریة علی الطفل فی ای حال من الأحوال.[2]
و السؤال الأساسی هو انه إذا غیر الأب أو الأمّ جنسیهما فما هو تأثیر ذلک علی الولایة و الإشراف علی الأطفال و نتایج هذا الأمر فی ضمن المبحثین التالیین:
المبحث الأول: تغییر جنس الأمّ و مسأله الولایة و الإشراف علی الأطفال:
إذا تغیّر جنس الام و تحولّت الی رجل، فاذا لم یکن الأب أو الجد من جهة الأب موجودین، فهل تحصل لها الولایة علی الأطفال أو لا؟
و فی الجواب نقول: إذا غیّرت الأمّ جنسها لا یحصل لها ولایة علی أطفالها ابداً. بل مع فقدانهما فولایة الأطفال هی بعهدة حاکم الشرع. یقول الإمام الخمینی (ع) فی هذا الصدد: ( لو تغیّر جنس المرأة لا تثبت لها الولایة علی الصغار فولایتهم للجد للأب و مع فقده للحاکم ).[3]
الدلیل الأول: ثبوت الولایة علی الصغار لعنوان الأب:
ان المتفاهم العرفی من أدلة الولایة، ثبوت الولایة علی الصغار لعنوان "الأب". و الأمّ التی غیرت جنسها و تحولت الی رجل لا تسمی عرفاً "أباً" و مقتضی الأصل "الإستصحاب" عدم ثبوت الولایة.[4]
و للتوضیح أکثر نقول: ان عنوان "الأب و الأمِّ" هو من العناوین الخاصة التی إذا تغیّر واحد منها فانه لا یتحول الی ما یقارن ذلک العنوان، و الحال ان عناوین مثل "الأخ و الاخت" و "العم و العمة" و "الخال و الخالة" هی من العناوین التی إذا تغیر جنس ای منها فانه یؤدی الی حصول قرینة ذلک العنوان، أی ان الأخ یتحول الی أخت و الاخت تتحول الی أخ، و العم ایضاً یتحول الی عمة و العمة الی عم و الخال الی خالة و الخالة الی خال. و الحال ان تغییر الجنس لا یؤدی الی تحول عنوان "الأب".الی "الام" او العکس.
و بناء علی هذا: فإذا تغیر جنس الأمّ و تحولت الی رجل فلا یثبت لها عنوان "الأب" بل یقال عرفاً: ان هذا الشخص هو تلک الأمّ التی صارت رجلاً "لا أباً". إذن فیمکن القول: انا نعلم بان عنوان "الأب" لم یحدث و علی الأقلّ نشک فی ذلک، و فی حالة الشک یمکن إستصحاب الحالة السابقة و الحالة السابقة فی فرضنا هی "عدم عنوان الأب"، إذن ففی الحال الحاضر ایضاً لا یکون عنوان الأب ثابتاً، و بانتفاء عنوان الأب ینتفی عنوان الولایة ایضاً.
و بهذا التوضیح یعلم انه مع فقدان الأب "طبقاً للفرض" و عدم ثبوت الولایة للأمّ المتغیرة الجنس فان الولایة ستکون للجد من جهة الأب.[5]
الدلیل الثانی: معنی الأب من الناحیة الشرعیة:
من الناحیة الشرعیة فان "الأب" هو الذی یوجد الولد من منیّه و هذا العنوان لا یصدق علی من حمل الطفل فی بطنه و بعد ذلک ولده، بل الأم عرفاً بعد تغییر جنسها تسمی أمّاً ایضاً.[6]
المبحث الثانی: تغییر جنس الأب و مسألة الولایة و حضانة الأطفال:
إذا تغیر جنس الأب بواسطة العملیة الجراحیة، فما هو تأثیر هذا الأمر علی ولایة الأب علی الأولاد؟
و فی الجواب عن هذا السؤال هناک نظریّتان:
النظریة الاولی: تغییر جنس الأب یؤدی الی سقوط ولایته. یقول الإمام الخمینی فی هذا الصدد: (لو تغیر جنس الرجل الی المخالف فالظاهر سقوط ولایته علی صغاره)[7].
و یتبنی آیة الله السید محمد الصدر ایضاً هذه النظریة فیقول (اذا تحول الرجل (الزوج) الی المرأة بطلت ولایته).[8]
الدلیل الأول: الولایة هی لعنوان الأب: ان الولایة و بالرغم من کونها من الامور الواضحة فی الفقه و تدل علیها روایات کثیرة، و لکن "الولایة" تدور حول مدار صدق "الأبوة"[9] و مع تغیر جنس الأب و تحوله الی امرأة یزول عنه عنوان الأبوة، و بناء علی هذا تسقط ولایته ایضاً علی أطفاله.[10]
الدلیل الثانی: الولایة هی لعنوان الرجل:
و علی فرض قبولنا بان تغییر جنس الأب لا یخرجه عن عنوان "الأب"، و لکن یجب القول بان عنوان "الأب" یجب ان یکون مقترناً بصفة "الرجولیة"، و الفرض ان الأب بعد تغییر جنسه خرج عن عنوان کونه رجلاً و تحول الی امرأة، و بناء علی هذا یسقط عنه عنوان الولایة.[11]
مناقشة الدلیل الأول و الثانی:
و یمکن القول فی جواب الدلیل الأول: انه و بمجرد تکوّن النطفة من ماء الشخص (الاسبرم) یصدق علیه عنوان الأب و کمثال علی ذلک فاذا جامع الرجل زوجته ثم غاب عنها للأبد و ولدت فلا شک ان ذلک الرجل یعد أباً لهذا الولد و الحال انه لا دور له سوی وضع المنی فی رحم الأمّ، و هذا المقدار کاف فی صدق عنوان "الأب" حتی لو تغیر جنسه.[12]
و کما ذکرنا مراراً فان عنوان "الأب و الأمّ" هو من "العناونین الخاصة" التی لا تزول بعد تغیر الجنس و ان الصدق العرفی فی اطلاق الأب و الام سیکون باقیاً. حتی انه یری بعض فقها الإسلام انه یمکن استصحاب الولایة التی کانت حاصلة لهذا الشخص سابقاً، یقول آیة الله محمد المؤمن: قد یتوهم بأنه بعد تغییر الجنس لا یبقی موضوع للإستصحاب، و لکن لا ینبغی الاصغاء لهذا الکلام، لأّن من الواضح ان هذا الشخص هو نفسه الذی کان سابقاً قد ثبتت ولایته علی اولاده و علی هذا فالموضوع باقٍ.[13]
و فی قبال ذلک فقد خالف جماعة إستصحاب الولایة بسبب تغییر الموضوع.[14]
و فی الجواب عن الدلیل الثانی نقول: لا یمکن الإستظهار من الأدلة الشرعیة کالروایات بان الولایة تختص بحالة "الرجولیة"، بل یمکن إستظهار هذا المعنی و هو ان الولایة هی "للأب"؛ ای ذلک الشخص الذی یوجد الولد من منیّه، و بعد تغییر الجنس یمکن إثبات بقاء الولایة عن طریق الإستصحاب و لا یمکن القول بان الموضوع قد تغیّر؛ لأن من البدیهی إن هذا الشخص هو نفسه الذی کانت الولایة ثابتة له علی أطفاله و هی تستصحب الآن.
النظریة الثانیة: تغییر جنس الأب لا یؤثر علی ولایته
و علی أساس هذه النظریة فان تغییر جنس الأب و تحوّله الی امرأة لا یؤثر علی ولایته علی أطفاله فله حق الولایة کما کان له سابقاً قبل التغییر. و هذه النظریة تتمتع بقوة أکثر من النظریة الأولی و الدلیل علی هذه النظریة هو نفس الملاحظات التی ذکرت فی الجواب علی النظریة الأولی و علیه نتجنّب التکرار.
[1] کاتوزیان، ناصر، حقوق الاسرة، ج 2، ص 202- 203.
[2] نفس المصدر.
[3] الإمام الخمینی، تحریر الوسیلة، ج 2، ص 559، مسألة 6.
[4] لاحظ، المطهری، أحمد، مستند تحریر الوسیلة؛ المؤمن، محمد، کلمات سدیدة، ص 115 – 116.
[5] لاحظ، الصدر، السید محمد، ماوراء الفقه، ج 6، ص 145.
[6] لاحظ، المؤمن، محمد، کلمات سدیدة فی مسائل جدیدة، ص 115.
[7] الإمام الخمینی، تحریر الوسیلة، ج 2، ص 559.
[8] الصدر، السید محمد، منهج الصالحین، ج 3، ص 644، مسألة 3706.
[9] لاحظ، المؤمن، محمد، کلمات سدیدة فی مسائل جدیدة، ص 115.
[10] لاحظ، المطهری، أحمد، مستند تحریر الوسیلة، ص 200 - 201.
[11] لاحظ، کلمات سدیدة،ص 115.
[12] نفس المصدر.
[13] نفس المصدر.
[14] الصدر، السید محمد، ماوراء الفقه، ج 6؛ الخرازی، السید محسن، تغییر الجنسیة، فقه اهل البیت (ع)، العدد 6.