بحث متقدم
الزيارة
7615
محدثة عن: 2009/08/13
خلاصة السؤال
ما هو السبیل لدفع الخواطر و الافکار السیئة و تعمیق العلاقة مع الله تعالى؟
السؤال
اشرع منذ مدة ان علاقتی بالله تعالى قد ضعفت و اعتقد ان ذلک نتیجة الافکار و الخواطر السیئة التی تدور دائما فی ذهنی وکلما حاولت التخلص منها لم افلح. حتى ان الحالة تصل بی فی بعض الاحیان الى تمنی الموت لاتخلص من هذه الحالة. فما هو السبیل لدفع الخواطر و الافکار السیئة و تعمیق العلاقة مع الله تعالى؟
الجواب الإجمالي
لایوجد جواب الجمالی لهذا السؤال، النقر الجواب التفصیلی
الجواب التفصيلي

ان العلاقة فی حقیتها طرفینیة، فقد تضعف علاقتنا بالله تعالى من جهتنا و قد تنقطع الا ان علاقته تعالى معنا دائمة فهو معنا اینما کنا قال تعالى:" وَ هُوَ مَعَکُمْ أَیْنَ ما کُنْتُم‏"[1]

فاذا ما ضعفت علاقتنا بالله تعالى فلابد من البحث عن الخلل و النقص فینا لمعالجته.

و قد قیل ان طریق الانس بالشیء هو التواصل و الارتباط الکثیر به و هذا ما أکدته مباحث علم النفس الحدیثة و اعتبرته من المسلمات التی لایمکن انکارها.

و على هذا الاساس لابد من البحث عن الامور التی تبعدنا عن الله تعالى کالغرور و الحسد و الشعور بالاستغناء و سائر الذنوب التی محلها فکر و ذهن الانسان؛ یعنی انها تؤدی الى اختلال الروح، کذلک هناک ذنوب جوارحیة تصدر عن اعضاء و جوارح الانسان فتسدل حجابا بیننا و بین الله تعالى.

و لیس من المستبعد صحة ما ذکرتموه فی متن السؤال من کون هذه الافکار هی السبب لضعف العلاقة مع الله تعالى.

وذلک لان وراء کل عمل یصدر من الانسان هناک فکر کامن. و بعبارة اخرى: ان الفکر مقدمة للعمل؛ فلا بد من تحصین الذهن و القلب من کل الافکار الفاسدة و ان کان ذلک صعب جدا الا ان نتائجه جمیلة و لذیذة جدا.

ثم ان الافکار التی تخطر فی الذهن هی من القاءات الشیطان فلابد من التخلص منها سریعا قبل ان توصل الانسان الى مقام العمل وفقا لها، قال الله تعالى " َ إِنَّ الشَّیاطینَ لَیُوحُونَ إِلى‏ أَوْلِیائِهِم‏"[2] فلابد من التصدی لتلک الافکار الشیطانیة.

ان احدى العوامل التی تبعد الانسان عن الله تعالى و التی تؤدی به الى الغفلة هی الخواطر والافکار السیئة.[3]

و تارة تتسلط تلک الخواطر الشیطانیة على الانسان بنحو حتى تصرفه عن افضل حالات العبادة کالصلاة مثلا فترى قلبه و فکره شاردا عن الصلاة و هو ما یعبر عنه بعدم حضور القلب.

فلابد اولا من التصدی لتلک الافکار و الخواطر و عدم السماح لها بالنمو و الرسوخ " ان الخواطر تبدا بخطوات متسلسلة الکلام و السماع و الحضور فی المجالس و مطالعة بعض الصحف و.... و هکذا و بالتدریج ترتسم فی الذهن و عندما تتراکم و تکثر تتوفر ارضیة الشوق وبالنتیجة هذه الافکار و الخواطر تتحول عندنا الى "ملکة نفسانیة" و بعد ذلک یسهل دخولها الى الذهن و تستقر فیه فتؤدی بالانسان الى الغفلة عن ذکر الله. من هنا نرى اصحاب الفکر المادی یعیشون دائما حالة التفکیر فی اللذائذ المادیة".[4]

الى هنا کان تحلیل القضیة لکن لابد من البحث عن القسم الثانی و هو بیان السبیل للخلاص منها:

کما قلنا لابد من التصدی للافکار السئیة و عدم السماح لها فی الدخول الى عالم الذهن و القلب کما ینبغی السعی لطرد الافکارالاخرى، وقد اشار القرآن الکریم الى السبیل لمعالجة هذه القضیة الذی تمثل بالخطوات التالیة: مراقبة النفس و ذکر الله دائما؛ الحذر من المجالس و المقروءات و المسموعات و الملبوسات و المأکولات. فعندما یعیش الانسان حالة الالتفات دائما و الحذر من هذه الاشیاء یرتسم ذکر الله تعالى فی قلبه بصورة تدریجیة فتحل فی الخواطر الحسنة و الافکار الصحیحة مکان السیئة، من هنا یرى القرآن الکریم ان ذکر الله تعالى هو العنصر الفاعل فی القضاء على حالة الغفلة عند الانسان و التقرب من الله تعالى.[5]

قال تعالى " یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا اذْکُرُوا اللَّهَ ذِکْراً کَثیرا"[6] فعندما یزداد ذکر شیء فی القلب تزداد العلاقة به بحیث تتحول تلک العلاقة الى ملکة للانسان؛ الى حد یرى الانسان نفسه فی ذکر و صلاة دائمین.

اذن ذکر الله تعالى و السیطرة على مجاری نفوذ الافکار و الخواطر السیئة تطهر القلب منها و توفر الارضیة لصفحة القلب لترتسم فیها الخواطر و الافکار الالهیة و الرحمانیة.

و لابد من الاشارة الى قضیة مهمة ان مجرد وجود الخواطر او مرورها فی الذهن هو بلاء و عقاب الهی و ان نسیان لله تعالى بل قد تکون مقدمa مهمة للمعرفة و الارتباط، و لقد اشارت الایة المبارکة الى ذلک حیث قال تعالى " إِنَّ الَّذینَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّیْطانِ تَذَکَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُون‏"[7]

و قد ورد فی الروایة عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ (ع) قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِیِّ (ص) فَقَالَ: یَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَکْتُ! فَقَالَ لَهُ: أَتَاکَ الْخَبِیثُ فَقَالَ لَکَ مَنْ خَلَقَکَ؟ فَقُلْتَ: اللَّهُ. فَقَالَ لَکَ: اللَّهُ مَنْ خَلَقَهُ؟ فَقَالَ: إِی وَ الَّذِی بَعَثَکَ بِالْحَقِّ لَکَانَ کَذَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ص): ذَاکَ وَ اللَّهِ مَحْضُ الْإِیمَانِ.[8]



[1] الحدید، 4.

[2] الانعام، 121.

[3] جوادی آملی، عبدالله، مراحل اخلاق در قرآن، ص 30.

[4] نفس المصدر، ص32 بتصرف.

[5] مراحل اخلاق در قرآن، ص 34و35.

[6] الاحزاب، 41.

[7] الاعراف، 201.

[8] بحارالأنوار ج : 55 ص : 324.

 

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280273 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258850 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129648 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115694 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89575 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61076 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60380 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57382 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51659 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47724 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...