بحث متقدم
الزيارة
5367
محدثة عن: 2009/04/27
خلاصة السؤال
ما هو الدلیل الشرعي علی عید نوروز؟
السؤال
ما هو الدلیل الشرعي علی عید نوروز؟
الجواب الإجمالي
هذا العید هو من الأعیاد الإیرانیة القدیمة و الذي کان مشهوراً قبل الإسلام، و قد وردت روایة عن الإمام الصادق(ع) في فضل نوروز في کتب الروایات، و قد عمل مشهور الفقهاء المتأخّرین بهذه الروایة و أفتوا باستحباب الغسل في نوروز. و لکن البعض الآخر ناقش في هذه الروایة.
و بناء علی هذا فإنه لا یمکن إضغاء صبغة دینیة علی هذا العید بصورة مؤکّدة و اعتباره من الأعیاد الدینیة. و لکن ینبغي الالتفات الی أنه لم یرد نهي من قبل المعصومین بالنسبة لهذا العید. و من هنا تدخل هذه المسألة في المباحات و بالخصوص مع إقتران الاحتفال بمثل هذه الأیام بأیّام تذکّرنا بعظمة خالق الطبیعة، إضافة الی قیام الناس بأعمال حثّ علیها الشارع المقدّس مثل النظافة و تغییر محتویّات البیت و صلة الأرحام و إدخال السرور علی المؤمنین و إزالة الضغائن و الأحقاد و الافراج عن السجناء و ...
و نعلم أیضاً أن أمیر المؤمنین(ع) قال: "کل یومٍ لا یعصی الله فیه فهو عید".
نعم هناک عادات خاطئة کالقفز علی النار و غیره، و هي مما لا دلیل شرعي علیها و لیس ذلک فحسب بل أن هذه الأعمال أقرب الی الخرافة منها الی الدین فیجب السعي للقضاء علیها.
الجواب التفصيلي
عید نوروز هو من الأعیاد التي یحترمها الإیرانییّون الفرس و البلدان المجاورة و یحتفل بها أیضاً الأکراد في العراق و ترکیا و سوریا. و هذا العید هو من الأعیاد القدیمة و قد کان مشهوراً قبل الإسلام.
و نحن من خلال مراجعتنا للمصادر المتوفّرة لدینا لم نجد روایة تدعمه أو فقیهاً قد تعرّض له الی زمان الشیخ الطوسي (460هـ) حیث أورد الروایة التالیة في کتاب مصباح المتهجّد عن المعلّی بن خنیس عن الإمام الصادق(ع) في یوم نوروز: "إذا کان یوم النیروز فاغتسل و البس أنظف ثیابک و تطیّب بأطیب طیبک و تکون ذلک الیوم صائماً فإذا صلّیت النوافل و الظهر و العصر فصلّ بعد ذلک أربع رکعات تقرأ في أول کل رکعة فاتحة الکتاب و عشر مرات إنّا أنزلناه في لیلة القدر و في الثانیة فاتحة الکتاب و عشر مرات قل یا أیها الکافرون و في الثالثة فاتحة الکتاب و عشر مرات قل هو الله أحد و في الرابعة فاتحة الکتاب و عشر مرات المعوذتین و تسجد بعد فراغک من الرکعات سجدة الشکر و تدعو فیها یغفر لک ذنوب خمسین سنة".[1]
و ینقل أیضاً في کتاب المهذب عن الراوي المذکور أن الإمام الصادق(ع) قال: "أن یوم النیروز هو الیوم الذي أخذ فیه النبي(ص) لأمیر المؤمنین(ع) العهد بغدیر الخم فأقروّا له بالولایة فطوبی لمن ثبت علیها و الویل لمن نکثها، و هو الیوم الذي وجّه فیه رسول الله(ص) علیّاً الی وادي الجنّ و أخذ علیهم العهود و المواثیق  هو الیوم الذي ظفر فیه بأهل النهروان و قتل ذي الثدیة و هو الیوم الذي فیه یظهر قائمنا أهل البیت و ولاة الأمر و یظفره الله بالدجّال فیصلبه علی کناسة الکوفة و ما من یوم نیروز الّا و نحن نتوقّع فیه الفرج لأنه من أیّامنا حفظه الفرس و ضیّعتموه. ثم أن نبیاً من أنبیاء بني إسرائیل سأل ربّه أن یحیي القوم الذین خرجوا من دیارهم و هم الوف حذر الموت فأماتهم الله فأوحی الله إلیه إن صبّ علیهم الماء في مضاجعهم فصبّ علهم الماء في هذا الیوم فعاشوا و هم ثلاثون ألفاً فصار صب الماء في یوم النیروز سنة ماضیة لا یعرف سببها الا الراسخون في العلم و هو أوّا یوم من سنة الفرس. قال المعلی و أملی علي ذلک فکتبت من إملائه".[2]
و قد عمل مشهور الفقهاء المتأخّرین بهذه الروایة و أفتوا باستحباب الغسل في نوروز، یقول صاحب الجواهر: "غسل نوروز مشهور بین المتأخّرین لأجل روایة المعلی بن خنیس عن الإمام الصادق(ع) و المنقوله عن المصباح و لم نجد مخالفاً في هذه المسألة".[3]
و أما المرحوم الخوئي(ره) فلم یعمل بهذه الروایة بسبب کونها مرسلة و قال: "روایة المعلی بن خنیس مرسلة و لا یمکن الاعتماد علیها إلّا بناء علی القو بالتسامح في أدلّة السنن و هو ما لا نوافق علیه".[4]
و علی هذا الأساس فیمکن القول بأنه لا یمکن إضفاء صبغة دینیة علی هذا العید بصورة مؤکدة و اعتباره من الأعیاد الدینیة. و لکن هنا سؤال یطرح نفسه و هو أنه علی فرض قبولنا عدم اعتبا الشارع المقدّس هذا العید عیداً دینیّاً، فهل نری عن هذا العید و حرّمه بحیث لا یجوز الاحتفال به؟ و في الجواب نقول: أورد بن شهراشوب في مناقبه روایة تقول: "إنه حکي أن المنصور الداونیقي أرسل شخصاً الی الإمام موسی بن جعفر(ع) لیطلب منه الجلوس ال جنبه حین یأتي الناس في یوم نوروز لأجل التبرکی و تقدیم الهدایا فقال الإمام(ع): إني قد فتّشت الأخبار عن جدّي رسول الله(ص) فلم أجد لهذا العید خبراً و إنه سنة الفرس و محاها الإسلام و معاذ الله أن نحیي ما محاها الإسلام. فقال المنصور: إنما نفعل هذا سیاسة للجند فسألتک بالله العظیم اّا جلست فجلس و دخلت علیه الملوک و الأوامر و الأجناد یهنّؤنه و یحملون إلیه الهدایا و التحف و ...".[5]
و سند هذه الروایة ضعیف کما هو واضح فإن ابن شهراشوب لم یذکر سند الروایة بل نقلها بقوله (و حکي) و هذا دلیل علی ضعفها و عدم إمکان الاستناد إلیها. و جدیر بالذکر إن قضیة الاحتفال بعید نوروز کانت مسألة شائعة و منتشرة فإذا کانت مخالفة للإسلام و تعالیمه لنهی عنها الأئمة(ع) نهیاً صریحاً و مؤکّداً، و لکان ذلک النهي قد وصل إلینا قطعاً. و من الواضح أن نوروز قد ذکر عند الائمة و لکنهم لم ینهوا و لم یعتبروه أمرا باطلاً.[6]
و بدیهي أن القضاء علی مثل هذه العادة المتجذّرة و القویة لا یمکن أن یستند فیه الی روایة واحدة و هي مع ذلک مرسلة.
و بناء علی هذا بأیام تذکرنا جمال الطبیعة الساحرة بقدرة الله و تجدید الحیاة و المعاد إضافة الی أنه في هذا الیوم یقوم الناس بأعمال حثّ علیها الشارع المقدّس مثل النظافة و تغییر محتویّات البیت و صلة الأرحام و إدخال السرور علی المؤمنین و إزالة الضغائن و الأحقاد و الإفراج عن السجناء و ... نعم هناک عادات خاطئة کالقفز علی النار و غیره، و هي مما لا دلیل شرعي علیها و لیس ذلک فحسب بل أن هذه الأعمال أقرب الی الخرافة منها الی الدین فیجب السعي للقضاء علیها.
و لأجل حسن الختام نشیر في هذا المجال الی کلام أمیر المؤمنین(ع) الذي یقول فیه: "کل یوم لا یعصی الله فیه فهو عید".[7]
 

[1] وسائل الشیعة، ج8، ص173.
[2] نفس المصدر.
[3] جواهر الکلام في شرح شرائع الإسلام، ج5، ص42؛ العروة الوثقی (المحشی)، ج2، ص152.
[4] موسوعة الإمام الخوئي، ج10، ص50.
[5] المناقب، ج4، ص319.
[6] لاحظ: الکافي، ج5، ص142؛ من لا یحضره الفقیه، ج3، ص300.
[7] نهج البلاغة، ص551، الرقم 428.
س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280274 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258855 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129655 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115714 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89578 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61080 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60391 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57383 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51662 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47726 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...