بحث متقدم
الزيارة
6129
محدثة عن: 2008/05/26
خلاصة السؤال
کم مرة أنّ الشیطان و صرخ و ما مناسبة ذلک؟
السؤال
کم مرة أنّ الشیطان و صرخ و ما هو سبب ذلک؟
الجواب الإجمالي

قبل أن نجیب عن السائل المحترم یجب الإلتفات الی ملاحظة و هی، ان معرفة نفس الشیطان باعتباره أشهر عدوّ للانسان و اکبر مانع من وصول الانسان الی السعادة و التکامل و کسب رضا الله و أیضاً معرفة طرق المواجهة مع هذه الحقیقة الموجودة فی الکون هی فی الأولویّة.

الشیطان فی اللّغة بمعنی "الشریر" و سمی إبلیس بالشیطان بسبب شرره.

و الشیطان بصفته اکبر و أشهر عدوّ للانسان یدعو الناس الی منهجه عن طریق الوسوسة الخفیّة فی قلوبهم. و لهذا و نظراً إلی عداوة الشیطان الواضحة فقد أوصی الله الانسان بهذه الوصیة: "و إمّا ینزغنّک من الشیطان نزغ فاستعذبالله انه سمیع علیم".

و من هنا یمکن القول انّ کل أمر یوجب عدم وصول الشیطان إلی هدفه یمکنه أن یساهم فی إغضاب الشیطان بل حتی فی جعله یولول و یصرخ.

یقول الامام الصادق (ع): "ان إبلیس رنّ أربع رنّات: أوّلهن یوم لعن و یوم اهبط الی الارض و حین بعث محمد (ص) علی فترة من الرسل و حین انزلت أم الکتاب ...."

الجواب التفصيلي

قبل الاجابة عن السؤال المذکور ینبغی الإلتفات الی الملاحظات التالیة:

1 – ان کلمة شیطان مأخوذه من مادة "شطن" و جاءت کلمة "شاطن" بمعنی (الخبیث و الوضیع) و یطلق الشیطان علی الموجود المشاکس و المتمرّدّ سواء کان إنساناً أو جنّاً أو مخلوقات اخری، و ورد أیضاً بمعنی الروح الشریرة و البعیدة عن الحق، و فی الحقیقة فان کل هذه الاستعمالات ترجع الی قدر مشترک واحد[1].

2. قال الله تعالی فی القرآن الکریم: "و اذ قلنا للملائکة اسجدوا لآدم فسجدوا الاّ إبلیس أبی و استکبر و کان من الکافرین".[2]

فبناء علی قول القرآن فقد کان إبلیس من عنصر الجن و کان یعبد الله مع الملائکة بسبب سوابقه فی کثرة العبادة. لکن یفهم من ظاهر و باطن الآیات و الروایات ان الشیطان لم یکن له إیمان حقیقی "و کان من الکافرین"[3].

ذلک ان العبادة الحقیقیة هی ذلک العمل الذی یریده الله لا الذی یکون مطابقاً لأهو ائنا، فقد کان إبلیس مستعدّاً للسجود لله و لیس مستعدّاً للسجود لآدم، و مرجع هذا إلی روح التکبر الذمیم و الاستعلاء الذی أدّی إلی خذلانه و سقوطه و صار مصدر شقائه.

 و فی الحقیقة ان إبلیس کانت له عبادة لکن لم یکن له روح العبودیة و التسلیم أمام الاوامر الالهیة.

و فی هذا الامتحان الالهی الکبیر الذی خرج منه الملائکة منتصرین أعزّاء، و الشیطان ذلیلاً و ملعوناً،‌ ارتکب إبلیس ثلاث مخالفات و انحرافات أساسیة:

أ- المخالفة العملیّة و هی کلمة (أبی) التی کانت سبب فسقه[4].

ب- المخالفة الاخلاقیّة و هی کلمة (استکبر) و التی صارت سبباً لخروجه من الجنة و صیرورته جهنمیّاً[5].

ج- المخالفة الاعتقادیة "کان من الکافرین"[6] حیث أنکر العدل الالهی[7].

3- الشیطان باعتباره اکبر و أبرز عدو للانسان فانه و عن طریق الوسوسة الخفیة فی قلوب الناس، یدعوهم الی نهجه[8]، و أیضاً یقوم بتزیین الأعمال القبیحة فی أعین الناس و یبرزها بصورة جمیلة[9].

4- و حیث ان الشیطان - و طبقاً للآیات و الروایات و الأخبار الوارده فی باقی الکتب السماویة- یعتبر أکبر عدو خدّاع مغرر بالانسان، فقد أوصی القرآن الکریم الانسان بقوله: "یا بنی آدم لا یفتننّکم الشیطان کما أخرج أبویکم من الجنة ینزع عنهما لباسهما لیریهما سوآتهما إنه یراکم هو و قبیله من حیث لا ترونهم إنا جعلنا الشیاطین أولیاء للذین لا یؤمنون"[10].

و یقول فی موضوع آخر: "و من یعش عن ذکر الرحمن نقیّض له شیطاناً فهو له قرین"[11].

بل ان الشیطان نفسه أقسم بعزة الله علی إضلال الناس و إغوائهم.[12]

و علی‌ هذا و بالالتفات إلی عداوة الشیطان الواضحة أوصی الله الانسان بهذه الوصیة: "و إما ینزغنّک من الشیطان نزغ فاستعذ بالله انه سمیع علیم".[13]

5- و الآن و بعد أن ذکرنا خصوصیات الشیطان،‌قد یخطر للذهن هذا السؤال و هو انه و نظرا الی هذه التفاصیل فما هی فلسفة خلق الشیطان من قبل الله؟

و نقول فی الجواب: أولاً: ان الله لم یخلق الشیطان شیطاناً و الدلیل علی ذلک انه کان و لمدة طویلة مع الملائکة و علی الفطرة السلیمة، و انه بعد أن کان حرِّاً أساء استخدام ذلک المقام و صمّم علی الطغیان و الانحراف.

ثانیاً: انه و بحسب نظام الخلقة فان وجود الشیطان لیس مضراً بالمؤمنین و الذین یریدون السیر فی طریق الحق بل هو وسیلة لتقدّمهم و تکاملهم.

و بعبارة أوضح: فان الانسان ما لم یکن أمام عدو قوی فانه لا یشحذ قواه و استعداداته و لا یستخدمها[14].

و القرآن الکریم یعتبر الشیطان وسیلة لاختبار الامم فانه بوساوسه یقوم بإفساد الأرضیِّة للحق و لأهل الحق. "لیجعل ما یلقی الشیطان فتنة للذین فی قلوبهم مرض و القاسیة قلوبهم"[15].

و الآن و بالالتفات الی مجموع ما تقدم یمکننا أن نستنتج: انّ کل ما یوجب عدم حصول الشیطان علی مقاصده و أهدافه یمکن أن یکون له دور فی إغضاب الشیطان بل صراخه و نحیبه، و لذا ورد فی الأخبار و الروایات: "ان إبلیس رنّ أربع رنّات أوّلهن یوم لعن و هبط الی الارض، و حین بعث محمد (ص) علی فترة من الرسل و حین انزلت ام الکتاب"[16]. ذلک ان هذه الحوادث الأربعة یمکن أن یکون لها دور أساسی فی هدایة الانسان و تکامله.



[1] تفسیر الأمثل، ج 1، ص 191 – 192.

[2] البقرة، 34.

[3] نفس المصدر.

[4] "فسق عن أمر ربه"، الکهف، 50.

[5] "فبئس مثوی المتکبرین" الزمر، 72.

[6] البقرة، 34.

[7] قرائتی،‌ محسن، تفسیر النور، ج ، ص 103 - 104.

[8] الناس، 4 ، "من شر الوسواس الخناس".

[9] النمل، 24 ، "زین لهم الشیطان اعمالهم".

[10] الاعراف، 27

[11] الزخرف، 36.

[12] انظر: سورة صاد، 82 – 83.

[13] الاعراف، 200.

[14] الاعراف، 193 – 194.

[15] الحج، 53.

[16] بحار الانوار، ج 11، ص 145.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280273 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258850 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129648 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115694 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89575 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61076 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60380 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57382 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51659 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47724 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...