بحث متقدم
الزيارة
5277
محدثة عن: 2011/04/18
خلاصة السؤال
هل یلزم علی الشارع مراعاة الحد الادنی من الجهة المالیة فی تشریع الخمس و الزکاة؟
السؤال
من الامور المقررة فی کل القوانین و الانظمة التی تقوم علی اساس العقل هو ان تکون الضرائب و الغرامات المالیة و.. علی الاشخاص الذین یکون لدیهم الحد الادنی و تکون الحکومة مسؤولة عن توفیر الحد الادنی من ظروف العیش الکریم للاشخاص.
و الاحکام المالیة الاسلامیة ایضاً هی حکم حکومی. و علی الحکومة توفیر معیشة الناس. فلماذا لا تکون الاحکام المتعلقة باحکام الخمس و الزکاة مخففة و فیها عفو شبیه بالعفو الضریبی و ذلک للاشخاص الذین لا یمتلکون الحد الادنی للمعیشة (مثل امتلاک مأوی صغیر أو أی شاخص یعتبر هو الحد الادنی لوظیفة الحکومة الاسلامیة)؟
الجواب الإجمالي

ان الضرائب فی النظم الدینیة و غیر الدینیة تؤخذ اساساً من اجل توفیر النفقات الجاریة للحکومات و التی تکون تابعة للمقررات الخاصة فی کل دولة. و فی کثیر من الدول و مع ان قانون اخذ الضرائب مشرع من قبل عقلاء تلک الدولة، فانه توضع ضرائب علی ذوی الدخل المتدنی او المتوسط، و لکن الزکاة مشرعة للقضاء علی الفقر، و الخمس فی قسم منه مشرع للقضاء علی الفقر فی مجموعة خاصة و هم الذین لا تحل لهم الزکاة طبقاً للقوانین الشرعیة، و بناءً علی هذا ففی تشریع الخمس و الزکاة قد روعی الحد الادنی بل اکثر من ذلک من قبل الاسلام. نعم، لا ینبغی ان نتصور ان التکالیف المالیة انما تجب علینا حین یکون لنا بیت و سیارة و..فان هناک الکثیر من اصحاب الملایین و لکنهم مع ذلک لا یمتلکون بیتاً للسکن.

الجواب التفصيلي

الفرق بین الضرائب و الخمس و الزکاة:

هناک فروق أساسیة بین الخمس و الزکاة من جهة و بین الضرائب من جهة اخری، و الضرائب فی النظم الدینیة و غیر الدینیة، تؤخذ اساساً من أجل توفیر النفقات الجاریة للحکومات التی تکون تابعة للمقررات الخاصة فی کل دولة. و فی بعض الدول توضع الضرائب علی ذوی الدخول المتدنیة او المتوسطة ایضاً[1].

و فی کثیر من الدول لا یراعی الحد الادنی للمعیشة، و ربما کان سبب ذلک عدم امکانیة مراعاة مثل هکذا تشریع. فاذا کان وضع الضریبة علی رواتب موظفی الدولة مثلاً یبتدأ من  مستوی 400 الف تومان، فعلی الشخص الذی یکون راتبه بهذا المقدار دفع الضریبة، فاذا کان مثل هذا الشخص یعیش فی احدی المدن الکبیرة فان حیاته تختلف عن الذی یعیش فی مدینة صغیرة. و اذا کان له عدة أبناء فان ظروفه تکون اصعب من غیره و.... و لکن مع هذا یؤخذ من الجمیع نفس القدر من الضریبة. و الزکاة قد شرعت للقضاء علی الفقر فی المجتمع [2] و الخمس فی قسم منه قد شرع للقضاء علی الفقر فی مجموعة خاصة و هم الذین لا تحل لهم الزکاة طبقاً للقوانین الشرعیة[3]، و فی قسمه الآخر من اجل رفع انفاقات شخص الامام او القائد الذی یکون له انفاقاته الخاصة. و المسلمون و خصوصاً الشیعة لم تکن لهم حکومة علی طول التأریخ الا فی بعض المقاطع الزمنیة المحدودة، و کانوا یدفعون خمس اموالهم و زکاتها و فی زمن الائمة المعصومین (ع) و فی غیر ذلک من العصور حتى مع عدم وجود حکومة شیعیة.

و فی عصرنا الحالی ایضاً فان الحکومة الاسلامیة لیست مسؤولة عن استلام خمس و زکاة المؤمنین بل ان حاصل اداء مثل هذه التکالیف المادیة یصل بید مراجع التقلید. نعم، تقوم حکومة الجمهوریة الاسلامیة بعمل بعض التسهیلات لتشجیع الناس علی دفع الزکاة.[4]

دفع الزکاة و الخمس فی ظروف معینة:

و بملاحظة ما تقدم فان الشرع الاسلامی المقدس قد اوجب بعض التکالیف المادیة من قبیل الخمس و الزکاة فی ظروف خاصة. و للزکاة نصابها الخاص بها فاذا لم تبلغ المواد التی تجب فیها الزکاة ذلک المقدار المعین المعبر عنه بالنصاب فلا زکاة فیها. و کمثال علی ذلک فان نصاب زکاة الاغنام فی المرحلة الاولی اربعون شاة أی ان من یملک 39 شاة لا تجب علیه الزکاة. و اذا کان لدیه اربعون شاة فزکاتها شاة واحدة فقط.[5]و فی زکاة الحنطة و الشعیر و التمر و الزبیب فان النصاب هو 270/847 کیلو غراماً، ای انه مالم یصل الوزن الی هذا المقدار لا تجب الزکاة. و فی حالة بلوغ هذا الوزن یجب عادةً [6] دفع 1/20 منه، فاذا کان لدیه 900 کیلو غراماً من التمر مثلاً، یدفع منها فقط 45 کیلو غراماً کزکاة. و فی مورد الخمس ایضآً یکون الامر کذلک ای ان الشارع المقدس اخذ بنظر الاعتبار اولیات و ضروریات الحیاة و مؤونة السنة للشخص و اسرته و الاشیاء الضروریة و التی تلیق بشأنهم. فامتلاک بیت فی المستوی الاعتیادی و اللائق بشأن صاحب الدار و امتلاک وسیلة نقل مناسبة و امتلاک وسائل بیتیة مناسبة و احتساب الاسفار و الولائم المتعارفة و نفقات الطعام و الالبسة و مصارف العلاج و الادویة و التکفین و الدفن و..کل هذه الامور تعتبر من مستثنیات الخمس. [7]

و من جانب آخر فانه ینبغی الالتفات الی انه خلافاً لمن یمتلکون اربعین شاة مثلاً او انهم ینتجون سنویاً 900 کیلو غراماً علی الاقل من هذه الغلات و یعیشون فی المستوی المتوسط فان هناک من یعیش فی مستوی الفقر و لیست له القدرة علی تملک ما هو اقل بکثیر من هذه الموارد و یعانی من وطأة نفقات المأکل و الملبس، فهل تبقی حیاة امثال هؤلاء معلقة الی ان یحصل الذین یجب علیهم دفع الزکاة علی المستوی القیاسی للمعیشة فی جمیع الجوانب (متطلبات المعیشة المتوسطة من البیت و السیارة و..)؟ ان فطرة و ضمیر کل انسان منصف یری من الضروری فی مثل هذه الموارد دفع جزء من اموال الاشخاص المتمکنین من اجل رفع الفقر عن المجتمع. و الاسلام قد شرع احکاماً مالیة من قبیل الخمس و الزکاة استجابة لنداء الفطرة و لاجل تنظیم عملیة الاخذ و العطاء.

و بالتالی فان دفع الخمس و الزکاة هو نوع من التعامل مع الله و فیه أجر أخروی کبیر جزماً فان الحیاة لیست محصورة فی هذه الدنیا. نعم، لا ینبغی لنا ان نظن ان التکالیف المالیة انما تجب علینا اذا کنا نمتلک بیتاً و سیارةً و... کلا فان مثل هذا القانون غیر قابل للتنفیذ، فهناک الکثیرون ممن یحصلون علی الملایین و لکن لا یکون لدیهم منزل سکنی. و هناک من یحرمون انفسهم و اسرتهم -بخلاً و لؤماً- من حیاة تلیق بشانهم مع ان لهم واردات سنویة ضخمة. و بناءً علی هذا فان هناک حداً ادنی بل اکثر من ذلک قد روعی من قبل الاسلام فی دفع الخمس و الزکاة من قبل المسلمین.

انظر:

السؤال8170 (الموقع8203) اختلاف الفتوی فی خمس قرض شراء بیت او بناء بیت.



[1] لمعرفة الفرق بین الخمس و الضرائب ارجعوا الی السؤال 7305 (الموقع: 7438) (الفرق بین الخمس والضرائب).

[2] یقول الامام المعصوم (ع):" إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَضَعَ الزَّکَاةَ قُوتاً لِلْفُقَرَاءِ وَ تَوْفِیراً لِأَمْوَالِکُم‏" لاحظ: الکلینی ،محمد بن یعقوب ،الکافی،ج3، ص498، دار الکتب الاسلامیة، طهران 1365.

[3] وهم السادة.

[4] راجعوا السؤال 1638(الموقع 1669) (کیفیة اخذ الزکاة فی ایران) .

[5] الامام الخمینی، نجاة العباد، ص176، مؤسسة نشر وتنظیم آثار الامام الخمینی ،قم 1432.

[6] وحیث ان السقی فی ایران عادةً ما یکون بغیر ماء المطر، و لو کان بماء المطر فیکون الی جنبه سقی انسانی ایضاً، فالزکاة مثل هذه الفلات تکون جزء من عشرین جزءً. و لکن اذا کان السقی کله او اغلبه قد تم بماء المطر، و لم یبذل الشخص جهداً فی السقی او ینفق فیه شیئاً، فان الزکاة تزداد فیجب حینئذ دفع العشر .لاحظ:توضیح المسائل المحشی للامام الخمینی ،ج2،ص119 ،مکتب الاعلام الاسلامی ،قم ،1382.

[7] لاحظ: تعریف المؤونة فی السؤال 8170 (الموقع:8203).

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280465 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    259118 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129816 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    116202 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89697 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61314 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60564 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57472 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    52091 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    48156 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...