Please Wait
7626
ان الخوف علی نوعین: ممدوح و مذموم، فالخوف المذموم مثل الخوف من الحوادث و الخوف من الناس و المخلوقین و ... .و هذا الخوف لیس له معنی عند اولیاء الله و لهذا قال الامام الصادق (ع) (المؤمن لا یخاف غیر الله)، و کما قال القرآن (انما ذلکم الشیطان یخوف اولیاءه فلا تخافوهم وخافون ان کنتم مؤمنین).
اما الخوف الممدوح فهو الخوف من جلال الله وعظمته، یقول النبی (ص) فی هذه الباب: "من کان بالله أعرف کان من الله أخوف".
فالخوف الممدوح هو خوف الخواص والعظماء، و هو الذی یحصل فی القلب بعد مشاهدة العظمة و الجلال وتجلی الاسماء، و الخوف الحاصل من عظمة الحق یعتبر من اللذائذ المعنویة، و لا ینافی الآیة الکریمة (الا ان اولیاء الله لا خوف علیهم و لا هم یحزنون) بل هو من صفات کمال الکاملین. و لهذا نحن نخاطب الامام صاحب الزمان (ع) بقولنا "السلام علیک ایها المهذب الخائف" أی من جلال و جبروت الحق تعالی.
الخوف علی نوعین: الخوف الممدوح و الخوف المذموم. و الخوف المذموم الذی لامعنی له بالنسبة لاولیاء الله هو الخوف من الحوادث، و الخوف من الناس، و الخوف من العدو ... و باختصار: هو الخوف من المخلوقین.
و قد روی عن أبی ذر (رض) انه قال: "أوصانی رسول الله(ص) ان لا أخاف فی الله لومة لائم".[1]
و روی عن الامام الصادق (ع) انه قال: " المؤمن لا یخاف غیر الله"[2] و ورد فی القرآن قوله تعالی "انما ذلکم الشیطان یخوف اولیاءه فلا تخافوهم و خافون ان کنتم مؤمنین".[3]
اما الخوف و القلق الممدوح و القیّم فهو الخوف من جلال الله و عظمته، و کما یقول أمیر المؤمنین (ع): "الخوف جلباب العارفین"[4] و یقول الرسول الاکرم (ص): "من کان بالله اعرف کان من الله أخوف"[5] و علی هذا الاساس یقول النبی الاعظم (ص): "أنا اخوفکم لله"[6] و ثمرة هذا الخوف الممدوح القیم هو لجوء الانسان الی الله تعالی حیث یقول امیر المؤمنین (ع): " اذا خفت الخالق فررت الیه، و اذا خفت المخلوق فررت منه".[7]
مراتب الخوف:
یقول الخواجة عبدالله الأنصاری: ان میدان التواضع یتولد میدان الخوف. قوله تعالی (و اما من خاف مقام ربه) فالخوف حصن الایمان و تریاق التقوی و سلاح المؤمن، و هو علی ثلاثة أقسام:
الأول: الخاطر، و الثانی: المقیم، والثالث: الغالب. فالخوف الخاطر هو الذی یمر علی القلب ثم یزول، فان الخوف هو ذاک الذی ان عدم فقد عدم الایمان، فبدون الخوف لا یحصل الأمان، و بدون الخوف لا یوجد الإیمان. و کلما تضاعف الخوف قوی الایمان. و الثانی هو الخوف المقیم و هو الخوف الذی یحجز العبد عن المعاصی و یبعده عن الحرام و یقصّر الأمل.
و الثالث: هو الخوف الغالب و هو خوف المکر، حیث تتضح الحقیقة بهذا الخوف و ینفتح طریق الاخلاق به و ینجو المرء به من الغفلة. و علامة المکر عشرة أشیاء: الطاعة بلا حلاوة، و الأصرار بلا توبة، و غلق باب الدعاء، و العلم بلا عمل، و الحکمة بلا نیة، و المصاحبة بلا حرمة، و غلق باب التضرع، و مصاحبة الاشرار، و الأفضل من کل هذا أمران: أن یخاف ان یعطى العبد إیمان بلا یقین أو أن یکله الله الی نفسه و هذا هو خوف التأئبین).[8]
توضیح ذلک: ان حقیقة الخوف هو ان السالک و بسبب یاسه من حصول المطلوب او توقعه حصول المکروه فی المستقبل، فانه یصیبه القلق و الاضطراب. فالخوف من ناحیة مستوی حال السالک، علی ثلاثة انواع: الاول خوف العامة، و هو الخوف من العقاب الالهی، فلانهم أدرکوا سطوة معبودهم فهم خائفون مضطربون یقول تعالی: ( یخافون یوماً تتقلب فیه القلوب و الابصار)[9]
الثانی: خوف المتوسطین، و هو الخوف من المکر الالهی، و هو ما یبتلى به ارباب المراقبة، و العشاق الذین ذاقوا طعم الحضور، فهم خائفون دوماً من ان ینقطع عنهم الفیض الربانی و تزول لذة صفاء الحضور. علی ان الواقفین فی هذا المنزل مبتلون بالإستدراج حیث انهم حجبوا عن الفیاض و انشغلوا بالفیض، یقول تعالی (و لمن خاف مقام ربه جنتان).[10]
الثالث: خوف الاکابر و العشاق و هو اجلال حریم الحضرة الالهیة حیث ان مشاهدة جمال المحبوب غلب رجاء وله العاشق و امتزجت فیه روعة الجمال مع هیبة الجلال، فاتخذ الجمال مظهرا للطف ونشرت علیه رایة الغنی والعز، و هجمت وحشة الهیبة علی روح قتیل عشقهم الوالهة.
اذن حال الخواص و الاولیاء یختلف عن احوال الآخرین حیث ازداد خوفهم الحاصل من مشاهدة العظمة و الجلال و تجلی الاسماء الالهیة فی قلوبهم فهم غارقون فی لذة روحانیة و لا یتنافی هذا الخوف مع آیة سورة یونس التی تقول: (الا ان أولیا الله لا خوف علیهم و لا هم یحزنون)[11] و علی هذا الاساس نحن نخاطب مولانا صاحب الزمان(ع) بقولنا: (السلام علیک ایها المهذب الخائف): من جلال و جبروت حضرة الحق.
[1] العلامة المجلسی، بحار الانوار، 71: 360.
[2] الری شهری، محمد، میزان الحکمة، 3، حدیث، رقم 5258.
[3] آل عمران:175.
[4] الری شهری، محمد، میزان الحکمة،3 ، حدیث رقم 5178.
[5] نفس المصدر، حدیث رقم، 5178.
[6] النراقی، الملا أحمد، معراج السعادة، الباب الرابع، الصف الخامس، المقام الثالث، الخوف الالهی.
[7] الحسینی، السید حمید، منتخب میزان الحکمة، حدیث رقم2000.
[8] الانصاری، الخواجة عبدالله، صدمیدان (مائة میدان)، میدان 33، ص 36.
[9] النور:37
[10] الرحمن: 46.
[11] لاحظ: الامام الخمینی(قدس)، الاربعون حدیثاً، ص 230 – 231.