Please Wait
الزيارة
6709
6709
محدثة عن:
2014/09/07
خلاصة السؤال
ما المبررات لاعتناق الدين الإسلامي؟ و ما هي الادلة على عقلانيته؟
السؤال
ما المبررات لاعتناق الدين الإسلامي؟ و ما هي الادلة على عقلانيته و تقدمه على سائر الأديان؟
الجواب الإجمالي
صحيح أن الديانات الموجودة في عالمنا المعاصر تتوفر على جانب من الحقيقة و لكن الحقيقة الكبرى و التامة تنحصر في التوحيد الحقيقي وهذا ما لا نشاهده في غير الفكر الاسلامي، و من أبرز الادلة على هذه الحقيقة التي تكشف مكامن الخلل في الديانات الاخرى هي انعدام الطريق المعتبر (السند) الموصل إليها والذي يثبت نسبتها الى النبيين موسى وعيسى (ع)، بالاضافة الى وجود كم هائل من التناقضات و القضايا التي لا تنسجم مع المنطق العقلي وا لاستهانة بمقام الأنبياء التي تمّت الاشارة إلى بعضها في الجواب التفصيلي؛ في مقابل الدين الاسلامي الذي يتوفر على سند و طرق معتبرة لاثبات صحة متونه الدينية و في مقدمتها القرآن الكريم بالاضافة إلى الشمولية والاستيعاب و الانسجام المتكامل و عدم التهافت في نظامه الفكري والعقائدي. أما المذهب الامامي فقد توفر على كثير من المعززات اشرنا اليها في الجواب التفصيلي و في سائر الاسئلة التي تعرضت لهذا الموضوع.
الجواب التفصيلي
تقتضی الاجابة التفصلية عن السؤال المطروح تسليط الاضواء على مجموعة من الابحاث الضرورية من قبيل نقاط الخلل في الديانات الأخرى، مع بيان مبررات حقانية الديانة الاسلامية و تقدم الدين الاسلامي عامة و مدرسة أهل البيت عليهم السلام خاصّة، عليها.
ألف: نقاط الخلل في الديانات الموجودة (باستثناء الاسلام)
و قبل الخوض في هذا العنوان لابد من الاشارة إلى نكتتين مهمتين:
الأولى: ينبغي الالتفات إلى حقيقة مهمة و هي أن الاشارة الى نكات الخلل في الديانات الاخرى لا تعني بالضرورة نفي كل ما لدى تلک الاديان و اعتبارها باطلة100/0 و أنها لا تتوفر على جانب من الحق مطلقاً؛ بل المراد وجود قضايا و معتقدات لا يمكن التسليم بها و الاذعان لها، و أنها لا يمكن أن تمثل الوجهة الكاملة للدين الإلهي المفترض.
الثانية: لا يمكن من خلال هذه الاجابة المختصرة تسليط الاضواء على كافة زوايا القضية بل اقصى ما يمكن القيام به هو الاشارة الى بعض نقاط الخلل و النقص التي تتوفر عليها الديانتان اليهودية و المسيحية فقط، تاركين الحديث عن الديانات الاخرى لوضوح أمرهما قياسا بالديانتين المذكورتين.
* مشكلة الكتاب المقدس
1. عدم تواتر الانجيل و فقدانه للسند المعتبر
نحاول هنا الاعتماد على ما سطره يراع الاستاذ علي الشيخ في كتابه "هبة السماء" الذي ينقل فيه تجربته و الاسباب التي دعته ؛لى الانتقال من النصرانية – رغم كونه من عائلة علمائية مسيحية- ؛لى الاسلام ليكون أكثر فائدة، حيث قال: إن كتاب العهد الجديد له مكانته الخاصة عند المسيحيين، فهو يعتبر متمما و مصدقا لما جاء في العهد القديم، و هو الأساس لكل العقائد المسيحية و لهذا فأني سأحاول التوسع فيه بعض الشئ:
يعتقد بعض علماء الكتاب المقدس أن العهد الجديد قد كتب بلغة يونانية تسمى (بالكوني) و هي اللغة العامية ممزوجة ببعض الاصطلاحات العبرانية، و أهم النسخ الكاملة من العهد الجديد هي النسخة السينائية و النسخة الفاتيكانية إذ يعتقد أنهما كتبتا في القرن الرابع الميلادي، و كذلك النسخة الاسكندرانية المكتوبة في القرن الخامس الميلادي[1].
و يتألف العهد الجديد من (27) سفرا و هي: الأناجيل الأربعة و أعمال الرسل و عدة رسائل لبولس و بطرس و يعقوب و يهوذا و يوحنا مع رؤية يوحنا.[2]
ثم قال بعد استعراضه لتديون الاناجيل الاربعة و رسائل بولس: و مما يجدر الإشارة إليه أن الكنيسة الأولى لم تكن تعرف هذه الكتب على أساس أنها مكتوبة بالإلهام و الوحي، بل إنما اعتبرت كذلك بعد كتابة هذه الكتب بعدة قرون، ففي القرون الأولى للميلاد و حتى القرن الرابع الميلادي لم يكن أحد يتكلم عن الالهام في هذه الكتب، بل حتى الكنيسة لم تكن تقبل سوى العهد القديم كتابا مقدسا، إلا أن تعدد الكتب في القرن الأول و الثاني للميلاد و التي تجاوزت المائة، و ظهور العقائد المختلفة في الكنيسة، دفعت الكنيسة إلى تشكيل المجامع المحلية و التي تعددت كثيرا (كمجمع نيقية 325، مجمع هيبون في 393، و قرطجنة 397 و 418) و من خلال هذه المجامع أعطيت اللوائح الرسمية للعهد الجديد و تم اختيار (27 سفرا) على أنها مكتوبة بالوحي و الإلهام الإلهي.[3]
وأما الكتب الأخرى فقد ألغيت و لم تقبلها الكنيسة، و أول من اعتبر هذه الأسفار (27) هو مجمع نيقية السكوني سنة (325م) ثم جاء البابا جيلاسيوس الأول (492 - 496)، إذ أعطى المرسوم الرسولي سنة 495 ميلادي مقدما اللائحة التي نملكها اليوم للعهد الجديد [4]. وأعتقد – والکلام للاستاذ علي الشيخ- أن إلغاء كل تلك الكتب الأخرى أضاع تراثا عظيما كان يمكن الاعتماد عليه لفهم الحقائق عن المسيحية بصورة أفضل وأدق وأقرب للواقع. و أما سبب اختيار هذه الكتب دون غيرها، فلأنها (على حد قول المسيحيين) (تعطي بشكل أفضل ما كانت تؤمن به الكنيسة الأولى، ولكن هذا لا يعني أن الكنيسة هي التي منحت صفة الالهام لهذه الأسفار، بل أن محتوى الأسفار ذاته هو الذي دفع بالكنيسة لتمييزها عن الكتب الأخرى).[5]
ثم اضاف الشیخ قائلا: وهنا أود أن أشير إلى بعض النقاط و التساؤلات المهمة التي تدور حول صحة هذه الأسفار و نسبتها إلى الوحي الإلهي:
أولا: السؤال الأول الذي يمكن طرحه هو أن النسخ الأصلية لهذه الأسفار مفقودة، بل نسخ النسخ مفقودة كذلك، حيث أن أقدم نسخة موجودة تعود إلى القرن الرابع الميلادي، فلو سلمنا بأن مؤلفي هذه الأسفار قد كتبوها بالوحي الإلهي، فهل من المعقول أن ندعي بأن النسخ المنقولة عن الأصل هي الأخرى قد نقلت بالوحي الإلهي، و لم تتدخل الآراء و الإبداعات للناسخ فيها من زيادة ونقيصة.
و لعدم توفر النسخ الأصلية، فلا يمكن القطع بأن النص الأصلي لم يدخل عليه الزيادة و النقصان فلا يمكن التثبت من أن النسخ الموجودة بين أيدينا هي مطابقة تماما للنسخ الأصلية و خصوصا مع
الجهل بالأشخاص الذين قاموا بنسخها و بعقائدهم.
ثانيا: أن الكنيسة الأولى و إلى القرن الرابع تقريبا - كما ذكرنا - لم تكن تعترف بأن هذه الكتب إنما كتبت بالإلهام والوحي الإلهي، بل تم ذلك في مجمع نيقية المسكوني سنة (325) ميلادية، فقد تم جمع الكثير من الأناجيل و الأسفار و تم اختيار هذه الأسفار و عددها (27) ككتاب مقدس و ملهم، و أما الكتب الأخرى مع أنه قد كتب بعضها الرسل أنفسهم (كإنجيل أو رسالة برنابا) و لم تكن تغاير التعاليم الرسولية على حد زعمهم، و لكنها رفضت و أهملت.
وهنا نستطيع التساؤل هل اختار هذا المجمع هذه الكتب بوحي سماوي أو لا؟ فإن كان الجواب نفيا (وهو كذلك إذ لو كان الاختيار بوحي سماوي لم لم يتم هذا الوحي إلى الكنيسة الأولى و حتى القرن الرابع؟)، فإنه إذن من اختيار البشر، و البشر معرضون للصواب و الخطأ، فعلى أبعد الاحتمالات فإن الإنسان العاقل يشك في أن هذه الأسفار هي الإنجيل الموحى.
ثالثا: النقطة الأخرى هي أن بعض النصوص المعتمدة كانت قد ترجمت من لغتها الأصلية إلى لغة أخرى و الأصل المترجم عنه قد فقد، وما هو مشهور و معروف أن المترجم مهما كان ذكيا و بارعا و ذا إلمام باللغة يجد صعوبة في نقل المراد بشكل دقيق، لأنه غالبا ما يجد كلمات ليس لها مكافئ في اللغة المترجم إليها، فيضطر إلى وضع الكلمات التي يعتقد أنها أقرب للمعنى، و بالتالي فيمكن أن يتغير المعنى المراد أصلا، و لهذا فلا يمكن الاعتماد بشكل قاطع على الترجمة. ومراجعة سريعة لحال الأسفار (المقدسة) تكشف لنا أن بعض النسخ الموجودة هي ترجمة للنسخ الأصلية المفقودة.[6]
ثم خلص الى القولك وخلاصة البحث نقول أن العهد الجديد الذي تتمسك به الكنيسة على أنه كتاب سماوي وإلهي، وتستمد منه عقائدها، لا يمكن على أقل تقدير نسبته جميعه إلى الوحي الإلهي، إن لم نقل أنه كتاب تاريخي يحكي بعض الوقائع عن زمان يسوع المسيح (عليه السلام) فهو كتاب من نتاج الخيال البشري ليس إلا.[7]
و المسيحيون على وجه الإجمال لايقولون بأن اللّه أملى الكتب المقدّسة على المؤلّف البشري، بل إنه أتاح له أن يعبّر عن الرسالة الإلهية بطرقه الخاصة، وفنونه الأدبية الخاصة وأسلوبه الشخصي.[8]
ويذهب المسيحيون قاطبة إلى أنّ الأناجيل الحاضرة التي تتناول سيرة المسيح عليه السلام و كلماته هي من تدوين متّى ومرقس و لوقا و يوحنّا. جاء في مطلع إنجيل لوقا: لما أن أخذ كثير من الناس يدونون رواية الأمور التي تمت عندنا كما نقلها إلينا الذين كانوا منذ البدء شهود عيان للكلمة، ثم صاروا عاملين لها رأيت أنا أيضا، وقد تقصيتها جميعاً من أصولها، أن أكتبها لك مرتبة يا تاوفيلس المكرّم لتتيقّن صحّة ما تلقيت من تعليم.[9]
2. وجود التاقضات
الدليل الثاني على نقاط الخلل في الديانة المسيحية وجود التناقضات
من الأمور التي تستدعي التشكيك بصوابية الاناجيل الموجودة هي حالة التناقض المتوفرة فيها و التي رصدها كبار المفكرين الغربيين، فمثلا ينقل عن الدكتور موريس بوكاي قوله أن قراءة كاملة للأناجيل يمكنها أن تشوش المسيحيين بصورة هائلة إذ بعد دراسته للعهد الجديد وجد أن التناقضات و عدم التجانس تجتمع على حقيقة أن الأناجيل تحتوي على فصول و مقاطع ما هي إلا الانتاج الوحيد للخيال البشري[10]. و كذلك يقول: الدكتور كنيث كراج: إن الأناجيل جاءت من خلال فكر الكنيسة و آراء المؤلفين و أن الأناجيل تمثل التجربة و التاريخ[11]. أما كارل أندري أستاذ الفلسفة و الدراسات الدينية في جامعة بول فيقول إن الأناجيل الأربعة قد كتبت من قبل أشخاص متحمسين في الحركة المسيحية المبكرة و أنها تعطينا فقط جانبا و احداً من القصة و هي إلى درجة كبيرة نتاجات افتراضات المؤلفين[12].
وكذلك الدكتور جراهام سكروجي الذي يقول: نعم إن الكتاب لمقدس بشري... هذه الكتب قد مرّت عبر عقول الناس، و هي مكتوبة بلغة الناس و خطت بأقلام الناس و أيديهم و تحمل في أساليبها خصائص البشر[13] . و غيرهم الكثير، فمنذ القرون الأولى لقبول الكنيسة لهذه الكتب كان يدور هناك النقاش و الجدال حول صحتها.[14]
ومن الأمور التي يحكم بها العقل هي أن الكتاب السماوي يجب أن لا يشوبه التناقض و الاختلاف لأن الله تعالى عالم و حكيم فيستحيل نسبة الاختلاف و التناقض إلى وحيه، و حتى بمعنى الوحي و الإلهام الكتابي الذي يعتقد به المسيحيون إذ يكون المعنى من الله و الكلمة و الأسلوب من المؤلف، و ذلك لأن الله سبحانه يستحيل أن يوحي إلى شخص معنى يختلف عن الذي أوحاه إلى آخر في نفس المورد، أو معنى واحد لقصة واحدة تنقل في أسلوبين. مثلا:
1. في قصة صلب عيسى (عليه السلام) تنقل بعض الأسفار أنه سقي خمراً مرّاً، و في البعض الآخر يقول خلا، فهذه قصة واحدة و لكن تختلف من سفر لآخر، فإذا كان الاثنان مكتوبين بالوحي الإلهي، فيكون واحد منها صحيحا (بحكم العقل) لا كلاهما، و الأسفار مليئة بهذه التناقضات.
2 - الاختلاف في نسب عيسى (عليه السلام) في الأناجيل، و مهما حاول المسيحيون إيجاد تبريرات لهذه الاختلافات لم يتمكنوا من إيجاد جواب مقنع لها. إذ ينقل كتاب (قاموس الكتاب المقدس) ما نصّه النسب المذكور في إنجيلي متي و لوقا هناك شئ من الصعوبة في فهم جدوليهما، إذ نجد فروقا جمة فسرت تفاسير شتى. و هذه الفروق تبرهن استقلال كل من البشيرين عن الآخر في ما كتبه و اعتماده على مصادر تختلف عن مصادر أخرى[15].
و ذكروا ثلاثة آراء لهذه الاختلافات ابطلوا اثنين منها ويبقي الآخر، ولكنه أيضا غير مقنع. فإن لوقا يذكر 25 اسما بين داود و زربابل، أما متّي فذكر خمسة عشر اسما فقط، و جميع الأسماء تقريبا مختلفة الواحد عن الآخر في الجدول.
3 - في إنجيل متي و مرقس و لوقا يذكر أن رجلا أسمه سمعان هو الذي حمل صليب عيسى (عليه السلام) و أما في إنجيل يوحنا فيذكر أن عيسى (عليه السلام) هو الذي حمل صليبه إلى جلجثة.
4 - أن المسيح (عليه السلام) بعد قيامته و حسب إنجيل متي أمر التلاميذ بالذهاب إلى جميع الأمم و أن يعمدوهم (باسم الأب والابن والروح القدس) أما في إنجيل مرقس فأمرهم بالذهاب إلى العالم أجمع و أن يكرزوا بالإنجيل. و في إنجيل لوقا و أن يكرز باسمه بالتوبة و مغفرة الخطايا لجميع الأمم. و غيرها الكثير.[16]
ومن أبرز المسائل التي وقع فيه الاختلاف و كثرت فيها التناقضات قصة صلب المسيح (عليه السلام) في الأناجيل الأربعة حيث يرى الباحث الكثير من الكثير من الاختلاف التي تشوب تلك الاناجيل، و كذلك في قصة قيامته. ففي الأناجيل الثلاثة المتوافقة و عند القاء القبض عليه ينقل أن يهوذا الإسخريوطي تقدم إلى المسيح (عليه السلام) و قبله، و كان قد اتفق مع العسكر على علامة و هي تقبيله للمسيح (عليه السلام) فألقوا القبض عليه (متي: 26: 47 - 55) (مر: 14 - 43 - 46) (لو: 22 - 47 - 51). و أما في إنجيل يوحنا فينقل أن المسيح (عليه السلام) هو الذي خرج إليهم و قال من تطلبون؟، أجابوه يسوع الناصري، قال لهم يسوع (عليه السلام): أنا هو. و كان يهوذا واقفا معهم (يو: 18: 2 - 9).
فلا ينقل يوحنا تقبيل يهوذا للمسيح (عليه السلام) بل أن المسيح (عليه السلام) هو الذي عرف نفسه، فهرب التلاميذ كلهم بعد تسليم المسيح (عليه السلام) نفسه، فلم يشهدوا ماذا جرى بعد ذلك، إلا أنها تنقل أن بطرس تبعه من بعيد.
وكذلك تختلف الأناجيل في قصة محاكمته عند بيلاطس، و كذلك في حمله للصليب فتقول الأناجيل المتوافقة أن رجلا قيروانيا اسمه سمعان هو الذي حمل الصليب، (لو: 23: 26 - 27) و أما في إنجيل يوحنا فينقل أن المسيح (عليه السلام) هو الذي حمل صليبه: فخرج و هو حامل صليبه، (يو: 19: 17).
وعند موته أيضا (عليه السلام) تختلف الأناجيل فيما بينها، إذ ينقل متي و مرقس أن يسوع المسيح (عليه السلام) و قبل أن يسلم روحه صاح بصوت عظيم معاتبا ربَّه (إيلي إيلي لما شبقتني أي إلهي إلهي لماذا تركتني) (مت: 7 2: 46 - 50) و من ثم صرخ أيضا بصوت عظيم و أسلم الروح، أما لوقا فإنه ينقل أن المسيح (عليه السلام) لم يعاتب ربّه، بل أسلم روحه بكل طمأنينة فيقول: و نادى يسوع بصوت عظيم و قال: يا أبتاه في يديك أستودع روحي و لما قال هذا أسلم الروح (لو: 23: 45 - 47). و أما يوحنا فإنه لم ينقل شيئا عن تلك الصرخة العظيمة بل ينقل أنه عندما أخذ يسوع الخل الذي سقوه قال قد أكمل و نكس رأسه و أسلم الروح (يو: 19: 30).[17] وكذلك توجد اختلافات كثيرة في قضية دفنه و قيامته لا يسع المجال لذكرها.
5. من الأمور المتيقنة في قصة القبض على المسيح (عليه السلام) و التي لا تختلف حولها الأناجيل هي أن التلاميذ كلهم قد هربوا وتركوه (مر:14 = 51) (متي: 26 = 56) والذي تبعه حسب بعض الأناجيل هو بطرس فقط، فيبقى السؤال هنا: كيف ينقل متي و يوحنا و هما من التلاميذ قصة حوار رئيس الكهنة مع المسيح (عليه السلام) و هما لم يكونا موجودين؟
فيأتي الجواب من قبل المسيحيين بأننا نقول بأن الالهام والوحي الإلهي هو الذي أوحى إليهما بذلك، ولكن من خلال متابعة قصة القبض على عيسى (عليه السلام) و حتى تفاصيل المحاكمة و صلبه كلها كانت غير متطابقة بل و متناقضة، فأحدهم يذكر أنه حمل صليبه، و الآخر يقول غيره قد حمل الصليب، و البعض يقول قد سقي خمرا و الآخر يقول خلا.
فلا يبقى مجال للشك بأن الذي كتب في هذه الأناجيل هو ما كان متداولاً على ألسن الناس في ذلك الزمان.[18]
ولمزيد الاطلاع انظر: كتاب راه سعادت (طريق السعادة) تأليف العلامة الشعراني[19] و اظهار الحق، تأليف الفاضل الهندي هبة الله بن خليل الرحمن، و قرآن و کتاب های آسماني ديگر (القرآن و الكتب السماوية)، تأليف الشهيد هاشمي نژاد.
* الدليل الثالث: التناقضات العقايدية في الفكر المسيحي
من الامور التي تستدعي عدم الاطمئنان الى الفكر المسيحي وجود التناقض العقائدي و عدم انسجامها مع العقل و المنطق، من قبيل:
1. من العقائد الأساسية والمهمة في الديانة المسيحية، والتي كنت أعتقد بها هي مسألة الفداء. ومن أجل فهم هذه العقيدة يجب الرجوع، إلى الخطيئة الأولى التي اقترفها أبونا آدم (عليه السلام).
فنحن كمسيحين كنا نعتقد أن آدم وحواء (عليهما السلام) وبسبب خطيئتهما منذ الزمن الأول، فإن الإنسان قطع علاقته مع ربه وخالقه، وتخلى عن الله سبحانه، وآدم (عليه السلام) بهذه الخطيئة جعل ذريته كلها في حال ابتعاد وانفصال عن الله، وكان نتيجة هذا الانفصال موت الإنسان، وهكذا دخل الموت إلى جميع الناس كعقاب للخطيئة.
وهذا الموت هو روحي وأبدي وانتقلت هذه الخطيئة إلى ذريته جيلا بعد جيل، فيولد الإنسان وهو حامل لها، ومتلوث بها، وبسبب هذه الخطيئة خسر الإنسان الطهارة وبانت عورته شهواته وأهواؤه الآثمة. وآدم (عليه السلام) بعمله هذا هدم صورة الله فيه و حطم التضامن و المحبة بينه و بين الله. و مما تجدر الإشارة إليه أن هذه العقيدة (الخطيئة الأصلية والفداء) لا نجدها في الأناجيل الأربعة المهمة، فهذه الأناجيل لم تتطرق لا من قريب و لا من بعيد إلى موضوع آدم و خطيئته الأولى، و إنما ظهرت هذه العقيدة من رسائل بولس و لا سيما رسالته إلى الرومانيين، في (5: 12) فبولس هو أول من تكلم عن الخطيئة الأصلية و أن البشرية كلها قد تلوثت بسبب هذه الخطيئة، و يعود بولس مجددا ليبين أنه كما بانسان واحد دخلت الخطيئة و الموت إلى العالم كذلك الحياة و الخلاص يكون بانسان واحد و هو المسيح (عليه السلام).[20]
و هنا أيضا نشير إلى بعض التساؤلات و النقاط حول هذه العقيدة فنقول:
إن مسألة مهمة و أساسية في العقيدة المسيحية (كمسألة الخطيئة الأصلية والفداء) هل يمكن القول أن المسيح (عليه السلام) تجاهلها أو نساها فلم يتحدث عنه (على الأقل حسب ما تنقل الأناجيل الأربعة الملهمة) و سكت، و جاء بعد ذلك رجل متعصب لليهودية (بولس) و مضطهد و قاتل لأتباع المسيح (عليه السلام) فيعلن عن هذه العقيدة فقبلتها الكنيسة و اعتبرتها ركنا من أركانها، هل يليق هذا بالمسيح (عليه السلام)؟[21]
إضافة إلى كل هذا يبقى هناك سؤال مهم يطرح نفسه حول هذه العقيدة و هو: ما ذنب الناس منذ القرون الأولى للبشرية أي منذ زمن آدم (عليه السلام) حتى زمن المسيح (عليه السلام)، فهل كلهم خطاة و لم يغفر لهم، مع أن فيهم كما يذكر الكتاب المقدس بعهديه، أنبياء و أولياء و أتقياء و شهداء استشهدوا في سبيل الله كما يذكر عيسى (عليه السلام) نفسه في العهد الجديد عن مقتل زكريا، فماذا كان مصيرهم؟.[22]
وللحرج الذي يقع فيه المسيحيون من هذا السؤال يجيبون عنه جوابا أعتقد أنه مخالف للفطرة والعقل البشري وفيه إهانة كبيرة إلى كل الأنبياء العظام فيقولون أما مصير الذين ماتوا قبل هذه الساعة فقد هلك الخطاة، وأما أصحاب القلوب النقية - يقول المسيحيون - فقد ماتوا على رجاء الخلاص، وهذا ما يفسر بوضوح نزول المسيح (عليه السلام) إلى الجحيم ليحرر هذه النفوس التي كانت تنتظر مجيئه.[23]
فأي عقل سليم يقبل مثل هذا الهراء؟ إضافة إلى ذلك فإنه مخالف للعهد الجديد نفسه إذ يقول متي في إنجيله (8 - 1 1) وأقول لكم أن كثيرين سيأتون من المشارق المغارب ويتكئون مع إبراهيم و إسحاق ويعقوب في ملكوت السموات.
وأيضا من تصريح المسيح (عليه السلام) من أن الأطفال والأولاد لهم ملكوت السموات، فإن كان المسيح (عليه السلام) يعظم الأنبياء في أماكن كثيرة من العهد الجديد ويؤكد أنهم في ملكوت السموات.[24]
هذه العقيدة مخالفة للكتاب المقدس أيضا، إذ نجد عكس هذه المسألة تماما في كتاب العهد القديم، مثلا يقول حزقيل النبي (18: 20) من أخطأ فهو الذي يموت والابن لا يحمل خطيئة أبيه، وكذلك الأب لا يحمل خطيئة ابنه، فالبار سيحاسب على بره، والشرير سيحاسب على شروره.[25]
2. الجمع بين كون المسيح عليه السلام ابن الله وابن الانسان!!
من القضايا التي يحار الانسان فيها هي حالة التناقض الواضح الذي يحاول الجمع بين كون المسيح ابن الله وابن الانسان في آن واحد، بل يبقى الانسان مندهشا عند سماعه لمثل هذا الكلام، فما معنى أن يكون المسيح (عليه السلام) انسانا وابن إنسان و لكنه الله في نفس الوقت و ابن الله، نعم من الممكن أن يصل إلى درجة عالية من القرب الإلهي من خلال العبادة و الطاعة لمولاه، فيقول للشيء كن فيكون، أما أن يكون الإنسان إنسانا و إلها في آن واحد، فهو مما لا يحتمله العقل البشري.[26]
هذه بعض الاشكالات التي تجعل من الاذعان بحقانية ما هو موجود في الاناجيل و الفكر المسيحي أمراً صعبا جداً.
أما الديانة اليهودية الموجودة فهي الأخرى ليست باحسن حظا من المسيحية؛ و ذلك:
أولا: أن المتوفر في التوراة ثلاث نسخ فقط هي:
1. النسخة العبرانية الموجودة لدى رجال علماء البروتستان.
2. النسخة السامرية، و هي النسخة المحفوظة لدى السامريين إحدى الفرق اليهودية.
3. النسخة اليونانية، المعتمدة لدى الفرق المسيحية غير البروتستانتية.
والملاحظ أنّ النسخة السامرية تقتصر على الاسفار الخمسة لموسى عليه السلام وكتاب يوشع و سفر القضاة ولا تعترف بسائر اسفار العهد القديم. يضاف إلى ذلك أن النسخة الاولى تشير الى أن الفاصلة الزمنية بين خلق آدم و طوفان نوح 1656 سنة فيما تحدده النسخة الثانية بـ 1307 سنوات، و في النسخة الثالثة 1363 سنة. و عليه لا يمكن الاذعان بصحة ما جاء في النسخ الثلاث بل قد يكون الحق مع واحدة منها على احسن التقادير.[27]
ثانيا: إن التوراة تتوفر على الكثير من القضايا التي لا تنسجم مع العقل و المضادة له و التي لا يمكن الاذعان بها، من قبيل: ما ورد في التوراة من وصف الله بصورة الآدمي و أنّه ينشد الاغاني أو التراتيل و انه – نستجير الله- كاذب و مخادع؛ لانه قال لآدم و حواء إنْ اكلتما من الشجرة (شجرة الحسن و القبح) ستموتان و قد أكلا منها و لم يمت أحد منهما بل عرفنا الحسن و القبيح.[28]
ينقل في العهد القديم أن النبي لوط (عليه السلام) قد شرب الخمر وسكر و من ثم ارتكب خطيئة الزنا مع من حرم عليه الزواج منهن (بناته) و من ثم حملن منه (أنظر: سفر التكوين (19 - 1 - 38)، وكذلك ينقل عن النبي سليمان (عليه السلام) الذي كان مملوءا بالحكمة، أن السنوات الأخيرة من حكمه كانت مؤسفة، فقد بدأ بتعدد الزوجات، و أحب نساء كثيرات إضافة إلى بنت فرعون (زوجته) فكان له سبعمائة من الزوجات و ثلاثمائة من السراري استطعن أن يميلن قلبه إلى الآلهة الغريبة حتى بنى أماكن لعبادة الأوثان أيضا، إرضاء لهن فغضب الرب عليه أنظر (1 ملوك: 11: 1 - 25)، وكذلك قصة نوح النبي (عليه السلام) إذ ينقل في العهد القديم أنه صنع مسكرا و شربه و سكر فكشف عورته أمام أولاده فغطوه. (أنظر التكوين: 9: 1 - 29).[29] و قصة يعقوب و مصارعته مع الرب[30] وغيرها من القصص الأخرى تجعلنا نعتقد أن هذه الأسفار قد دخلت فيها بعض التحريفات التي تدفعنا للاعتقاد بأن هذا العهد القديم الموجود بين أيدينا وعلى أقل تقدير ليس كله وحيا إلهيا.
إضافة إلى هذا، هناك بعض القصص العجيبة التي يرفضها العقل مثلا (فالأنبياء يتعرون) - وفيما شاول ذاهب إلى هناك حل عليه روح الله فأخذ يتنبأ طول الطريق ونزع أيضا ثيابه و تنبأ أيضا أمام صموئيل و انطرح عريانا كل ذلك النهار و ليله لذلك يقال شاول أيضا من الأنبياء).[31]
ب: دلائل حقانية الدين الاسلامي وأفضليته
1. خلود معجزته، تمثل ذلك في القرآن الكريم الذي يعد معجزة الدين الخالدة و الملموسة و التي لا تختص بعصر النبي الأكرم (ص)، مضافا الى التحدي الذي ما زال يصدح به القرآن الكريم (وَ إِنْ كُنْتُمْ في رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَ ادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقين).[32]
2. صيانة القرآن من التحريف و التبدل او طروء التلاعب به.
فبالاضافة الى الوعد الالهي بالحفظ،[33] بذل الرسول الاكرم (ص) قصارى جهده لحفظه و الاعتناء به من خلال وضع الآيات والسورة في محلها و التأكيد على كتاب الوحي بالالتزام بذلك و اعمال الدقة في النقل و التنظيم؛ مضافا الى الدور الكبير الذي لعبه اصحاب النبي و المقربين منه (ص) في حفظ القرآن في الصدور حتى عرف عدد منهم في عصر النبي (ص) بالحفاظ، وثالثا: الحث على تلاوة القرآن و النطق به بدقة متناهية و تجويد كلماته و آياته بطريقة خاصة.[34] كل ذلك ساعد في صيانة القرآن عن التحريف و التلاعب .
3. الطريق الثالث لاثبات حقانية الديانة الاسلامية، خاتمية النبي الاكرم (ص) الذي أكدته المصادر الدينية المعتبرة[35]، و لاريب أن آخر الدساتير لابد أن يكون متوفراً على الصورة الاكمل و أن السيرة العقلائية قائمة – حتى على مستوى الدساتير الوضعية- بالعمل بآخر القوانين و الدساتير الصادرة باعتبارها ناسخة لما قبلها من الدساتير و القوانين.
ونحن عندما نرصد المتون الدينية السابقة لا نراها تشير الى خاتمية الانبياء ممن سبقوا الرسول الاكرم (ص)، بل نراها تبشر بنبي الاسلام[36] بمعنى أنها تذعن بكونها دساتير مؤقتة و شرائع محدودة.
4. جامعية الاسلام و شموله لجميع نواحي الحياة الروحية و النفسية والفردية و الاجتماعية والمادية والمعنوية، و يكفي في اثبات ذلك اعمال مقارنة بين المتون الاسلامية وسائر المتون الدينية (التوراة و الانجيل) في شتى الابواب العقائدية والاخلاقية و التوحيد و صفات الله والقانون و الاقتصاد و السياسة و الحكومة و... لمعرفة الفارق الكبير بين الاثنين.
5. امتاز الدين الاسلامي من بين الديانات الاخرى المطروحة بحيوية تاريخة و دقة نقله وقائعه حتى ان كتب السيرة رصدت جزئيات حياة النبي الاكرم (ص) من الطفولة وحتى رحيله الى الرفيق الاعلى، و هذا مما لا تتوفر عليه الديانات الاخرى من هنا نجد البعض من المفكرية الغربيين يشكك في مصداقية وجود شخصية باسم السيد المسيح و سائر الانبياء.[37]
أفضلية التشيع
من الواضح أن المذهب الشيعي الإمامي يمتاز عن سائر المذاهب الاسلامية و له الافضلية بينها لكونه الحق الذي لا يتعدد و لا يمكن يكون في اكثر من دين في زمان واحد، و أن الباري تعالى لم يجعل في كل مقطع زمني إلا شريعة واحدة و دينا واحداً يتعبّد الناس به و ما سواه باطل و افتراء او على أقل تقدير يقع في عداد الشرائع المنسوخة.
ومن الواضح أيضا أن الديانات نزلت بطريقة طولية لا عرضية، مما يعني أن الدين و الشريعة اللاحقة يعد مكملا لما سبقه و بمجيئ الدين اللاحق تطوى صفحة السابقة و ينتفي التعبّد بشريعته و الاحكام التي نسختها الديانة اللاحقة و يجب على الجميع التمسّك به و العمل وفق شريعته؛ و من هنا وسمت النصوص الدينية من لا يؤمنون بالدين الجديد بالكافرين.
ونحن إذا نظرنا إلى سلسلة الديانات الالهية نجد أن الدين الاسلامي يقع في خاتمة الديانات و توفر على مفاهيم و قيم و تشريعات لم تتوفر فيما سبقه من الاديان و قد صرحت الباري تعالى بانحصار الدين بالاسلام «ان الدين عندالله الاسلام"[38] و "من يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه"[39].
ومن المؤسف أن المسلمين كالشعوب السابقة توزعوا إلى مذاهب كثيرة لا يمكن ان تكون جميعها على حق وهذا ما تنبأ به الرسول الاكرم (ص) حينما قال: «إنّ امّتي ستفترق بعدي علی ثلاث و سبعين فرقة، فرقة منها ناجية، و اثنتان و سبعون في النار».[40]
وقد اثبت الدليل و البرهان أن المذهب الحق و الفرقة الناجية هي المذهب الإمامي لتمسكهم بوصية الرسول الأكرم (ص) التي أكد عليها كثيراً حينما قال: «أيها الناس إنّي ترکت فيکم ما إن أخذتم به لن تضلوا، کتاب الله و عترتي أهل بيتي».[41]
وروي عن الصحابي الثقة الجليل أبي ذر الغفاري أنه سمع الرسول (ص) يقول: ": ألا أن مثل أهل بيتي فيکم مثل سفينة نوح في قومه، من رکبها نجا و من تخلّف عنها غرق».[42]
ويقوم مذهب التشيع الى مجموعة من الاصول هي التوحيد و العدل و النبوة و الإمامة و المعاد و أن الشيعة يؤمنون بسلسلة من الاوصياء و الأئمة المعصومين يبلغ عددهم اثني عشر إماماً إنطلاقا من الروايات التي وردت عن النبي الأكرم (ص) منها ما رواه قيس بن عبد قال: كنا جلوسا في حلقة فيها عبد الله بن مسعود فجاء أعرابي فقال: أيكم عبد الله بن مسعود؟ فقال عبد الله: أنا عبد الله بن مسعود. قال: هل حدثكم نبيكم (ص) كم يكون بعده من الخلفاء؟ قال: نعم. اثنا عشر عدد نقباء بني إسرائيل.[43]
يضاف الى ذلك أن الله تعالى أمر باطاعة أولي الأمر "يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا أَطيعُوا اللَّهَ وَ أَطيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُم" وهم أئمة الشيعة كما اثبت ذلك الروايات الكثيرة، و منها قوله تعالى " وانذر عشيرتك الاقربين" و قوله تعالى "إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذينَ آمَنُوا الَّذينَ يُقيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُون" و قوله عزّ من قائل "يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرين"، و قوله "لْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتي وَ رَضيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ ديناً". و كان صلى الله عليه وآله يؤكد في كافة المواطن أن وصيه و خليفته من بعد هو علي بن أبي طالب عليه السلام، روى الطبري في تاريخه أن النبي الاكرم (ص) قال: يا بني عبد المطلب، إني و الله ما أعلم شابا في العرب جاء قومه بافضل مما قد جئتكم به، إنّي قد جئتكم بخير الدنيا و الآخرة، و قد أمرني الله تعالى أن ادعوكم إليه، فأيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي و وصيي و خليفتي فيكم؟ قال: فاحجم القوم عنها جميعا، فقال علي، أنا يا نبي الله، أكون وزيرك عليه فاخذ برقبتي، ثم قال: إن هذا أخي و وصى و خليفتي فيكم، فاسمعوا له و أطيعوا قال: فقام القوم يضحكون، و يقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنك و تطيع.[44]
وكان في قمّة الاحداث التي أشار فيها النبي (ص) إلى ولاية علي بن أبي طالب ما حدث يوم الغدير بعد رجوع النبي و المسلمين من حجّة الوداع التي قال فيها: "من كنت مولاه فهذا علي مولاه".
هذه اشارة مختصرة للادلة النقلية والعقلية الدالة على أحقية الدين الاسلامي عامة و مذهب التشيع خاصة، ومن أراد المزيد من الاطلاعيه عليه مراجعة الكتب التفسيرية و الحديثية و التاريخية والعقائدية التي تعرضت لهذه القضية كالمراجعات لشرف الدين وغيره من الكتب.
ألف: نقاط الخلل في الديانات الموجودة (باستثناء الاسلام)
و قبل الخوض في هذا العنوان لابد من الاشارة إلى نكتتين مهمتين:
الأولى: ينبغي الالتفات إلى حقيقة مهمة و هي أن الاشارة الى نكات الخلل في الديانات الاخرى لا تعني بالضرورة نفي كل ما لدى تلک الاديان و اعتبارها باطلة100/0 و أنها لا تتوفر على جانب من الحق مطلقاً؛ بل المراد وجود قضايا و معتقدات لا يمكن التسليم بها و الاذعان لها، و أنها لا يمكن أن تمثل الوجهة الكاملة للدين الإلهي المفترض.
الثانية: لا يمكن من خلال هذه الاجابة المختصرة تسليط الاضواء على كافة زوايا القضية بل اقصى ما يمكن القيام به هو الاشارة الى بعض نقاط الخلل و النقص التي تتوفر عليها الديانتان اليهودية و المسيحية فقط، تاركين الحديث عن الديانات الاخرى لوضوح أمرهما قياسا بالديانتين المذكورتين.
* مشكلة الكتاب المقدس
1. عدم تواتر الانجيل و فقدانه للسند المعتبر
نحاول هنا الاعتماد على ما سطره يراع الاستاذ علي الشيخ في كتابه "هبة السماء" الذي ينقل فيه تجربته و الاسباب التي دعته ؛لى الانتقال من النصرانية – رغم كونه من عائلة علمائية مسيحية- ؛لى الاسلام ليكون أكثر فائدة، حيث قال: إن كتاب العهد الجديد له مكانته الخاصة عند المسيحيين، فهو يعتبر متمما و مصدقا لما جاء في العهد القديم، و هو الأساس لكل العقائد المسيحية و لهذا فأني سأحاول التوسع فيه بعض الشئ:
يعتقد بعض علماء الكتاب المقدس أن العهد الجديد قد كتب بلغة يونانية تسمى (بالكوني) و هي اللغة العامية ممزوجة ببعض الاصطلاحات العبرانية، و أهم النسخ الكاملة من العهد الجديد هي النسخة السينائية و النسخة الفاتيكانية إذ يعتقد أنهما كتبتا في القرن الرابع الميلادي، و كذلك النسخة الاسكندرانية المكتوبة في القرن الخامس الميلادي[1].
و يتألف العهد الجديد من (27) سفرا و هي: الأناجيل الأربعة و أعمال الرسل و عدة رسائل لبولس و بطرس و يعقوب و يهوذا و يوحنا مع رؤية يوحنا.[2]
ثم قال بعد استعراضه لتديون الاناجيل الاربعة و رسائل بولس: و مما يجدر الإشارة إليه أن الكنيسة الأولى لم تكن تعرف هذه الكتب على أساس أنها مكتوبة بالإلهام و الوحي، بل إنما اعتبرت كذلك بعد كتابة هذه الكتب بعدة قرون، ففي القرون الأولى للميلاد و حتى القرن الرابع الميلادي لم يكن أحد يتكلم عن الالهام في هذه الكتب، بل حتى الكنيسة لم تكن تقبل سوى العهد القديم كتابا مقدسا، إلا أن تعدد الكتب في القرن الأول و الثاني للميلاد و التي تجاوزت المائة، و ظهور العقائد المختلفة في الكنيسة، دفعت الكنيسة إلى تشكيل المجامع المحلية و التي تعددت كثيرا (كمجمع نيقية 325، مجمع هيبون في 393، و قرطجنة 397 و 418) و من خلال هذه المجامع أعطيت اللوائح الرسمية للعهد الجديد و تم اختيار (27 سفرا) على أنها مكتوبة بالوحي و الإلهام الإلهي.[3]
وأما الكتب الأخرى فقد ألغيت و لم تقبلها الكنيسة، و أول من اعتبر هذه الأسفار (27) هو مجمع نيقية السكوني سنة (325م) ثم جاء البابا جيلاسيوس الأول (492 - 496)، إذ أعطى المرسوم الرسولي سنة 495 ميلادي مقدما اللائحة التي نملكها اليوم للعهد الجديد [4]. وأعتقد – والکلام للاستاذ علي الشيخ- أن إلغاء كل تلك الكتب الأخرى أضاع تراثا عظيما كان يمكن الاعتماد عليه لفهم الحقائق عن المسيحية بصورة أفضل وأدق وأقرب للواقع. و أما سبب اختيار هذه الكتب دون غيرها، فلأنها (على حد قول المسيحيين) (تعطي بشكل أفضل ما كانت تؤمن به الكنيسة الأولى، ولكن هذا لا يعني أن الكنيسة هي التي منحت صفة الالهام لهذه الأسفار، بل أن محتوى الأسفار ذاته هو الذي دفع بالكنيسة لتمييزها عن الكتب الأخرى).[5]
ثم اضاف الشیخ قائلا: وهنا أود أن أشير إلى بعض النقاط و التساؤلات المهمة التي تدور حول صحة هذه الأسفار و نسبتها إلى الوحي الإلهي:
أولا: السؤال الأول الذي يمكن طرحه هو أن النسخ الأصلية لهذه الأسفار مفقودة، بل نسخ النسخ مفقودة كذلك، حيث أن أقدم نسخة موجودة تعود إلى القرن الرابع الميلادي، فلو سلمنا بأن مؤلفي هذه الأسفار قد كتبوها بالوحي الإلهي، فهل من المعقول أن ندعي بأن النسخ المنقولة عن الأصل هي الأخرى قد نقلت بالوحي الإلهي، و لم تتدخل الآراء و الإبداعات للناسخ فيها من زيادة ونقيصة.
و لعدم توفر النسخ الأصلية، فلا يمكن القطع بأن النص الأصلي لم يدخل عليه الزيادة و النقصان فلا يمكن التثبت من أن النسخ الموجودة بين أيدينا هي مطابقة تماما للنسخ الأصلية و خصوصا مع
الجهل بالأشخاص الذين قاموا بنسخها و بعقائدهم.
ثانيا: أن الكنيسة الأولى و إلى القرن الرابع تقريبا - كما ذكرنا - لم تكن تعترف بأن هذه الكتب إنما كتبت بالإلهام والوحي الإلهي، بل تم ذلك في مجمع نيقية المسكوني سنة (325) ميلادية، فقد تم جمع الكثير من الأناجيل و الأسفار و تم اختيار هذه الأسفار و عددها (27) ككتاب مقدس و ملهم، و أما الكتب الأخرى مع أنه قد كتب بعضها الرسل أنفسهم (كإنجيل أو رسالة برنابا) و لم تكن تغاير التعاليم الرسولية على حد زعمهم، و لكنها رفضت و أهملت.
وهنا نستطيع التساؤل هل اختار هذا المجمع هذه الكتب بوحي سماوي أو لا؟ فإن كان الجواب نفيا (وهو كذلك إذ لو كان الاختيار بوحي سماوي لم لم يتم هذا الوحي إلى الكنيسة الأولى و حتى القرن الرابع؟)، فإنه إذن من اختيار البشر، و البشر معرضون للصواب و الخطأ، فعلى أبعد الاحتمالات فإن الإنسان العاقل يشك في أن هذه الأسفار هي الإنجيل الموحى.
ثالثا: النقطة الأخرى هي أن بعض النصوص المعتمدة كانت قد ترجمت من لغتها الأصلية إلى لغة أخرى و الأصل المترجم عنه قد فقد، وما هو مشهور و معروف أن المترجم مهما كان ذكيا و بارعا و ذا إلمام باللغة يجد صعوبة في نقل المراد بشكل دقيق، لأنه غالبا ما يجد كلمات ليس لها مكافئ في اللغة المترجم إليها، فيضطر إلى وضع الكلمات التي يعتقد أنها أقرب للمعنى، و بالتالي فيمكن أن يتغير المعنى المراد أصلا، و لهذا فلا يمكن الاعتماد بشكل قاطع على الترجمة. ومراجعة سريعة لحال الأسفار (المقدسة) تكشف لنا أن بعض النسخ الموجودة هي ترجمة للنسخ الأصلية المفقودة.[6]
ثم خلص الى القولك وخلاصة البحث نقول أن العهد الجديد الذي تتمسك به الكنيسة على أنه كتاب سماوي وإلهي، وتستمد منه عقائدها، لا يمكن على أقل تقدير نسبته جميعه إلى الوحي الإلهي، إن لم نقل أنه كتاب تاريخي يحكي بعض الوقائع عن زمان يسوع المسيح (عليه السلام) فهو كتاب من نتاج الخيال البشري ليس إلا.[7]
و المسيحيون على وجه الإجمال لايقولون بأن اللّه أملى الكتب المقدّسة على المؤلّف البشري، بل إنه أتاح له أن يعبّر عن الرسالة الإلهية بطرقه الخاصة، وفنونه الأدبية الخاصة وأسلوبه الشخصي.[8]
ويذهب المسيحيون قاطبة إلى أنّ الأناجيل الحاضرة التي تتناول سيرة المسيح عليه السلام و كلماته هي من تدوين متّى ومرقس و لوقا و يوحنّا. جاء في مطلع إنجيل لوقا: لما أن أخذ كثير من الناس يدونون رواية الأمور التي تمت عندنا كما نقلها إلينا الذين كانوا منذ البدء شهود عيان للكلمة، ثم صاروا عاملين لها رأيت أنا أيضا، وقد تقصيتها جميعاً من أصولها، أن أكتبها لك مرتبة يا تاوفيلس المكرّم لتتيقّن صحّة ما تلقيت من تعليم.[9]
2. وجود التاقضات
الدليل الثاني على نقاط الخلل في الديانة المسيحية وجود التناقضات
من الأمور التي تستدعي التشكيك بصوابية الاناجيل الموجودة هي حالة التناقض المتوفرة فيها و التي رصدها كبار المفكرين الغربيين، فمثلا ينقل عن الدكتور موريس بوكاي قوله أن قراءة كاملة للأناجيل يمكنها أن تشوش المسيحيين بصورة هائلة إذ بعد دراسته للعهد الجديد وجد أن التناقضات و عدم التجانس تجتمع على حقيقة أن الأناجيل تحتوي على فصول و مقاطع ما هي إلا الانتاج الوحيد للخيال البشري[10]. و كذلك يقول: الدكتور كنيث كراج: إن الأناجيل جاءت من خلال فكر الكنيسة و آراء المؤلفين و أن الأناجيل تمثل التجربة و التاريخ[11]. أما كارل أندري أستاذ الفلسفة و الدراسات الدينية في جامعة بول فيقول إن الأناجيل الأربعة قد كتبت من قبل أشخاص متحمسين في الحركة المسيحية المبكرة و أنها تعطينا فقط جانبا و احداً من القصة و هي إلى درجة كبيرة نتاجات افتراضات المؤلفين[12].
وكذلك الدكتور جراهام سكروجي الذي يقول: نعم إن الكتاب لمقدس بشري... هذه الكتب قد مرّت عبر عقول الناس، و هي مكتوبة بلغة الناس و خطت بأقلام الناس و أيديهم و تحمل في أساليبها خصائص البشر[13] . و غيرهم الكثير، فمنذ القرون الأولى لقبول الكنيسة لهذه الكتب كان يدور هناك النقاش و الجدال حول صحتها.[14]
ومن الأمور التي يحكم بها العقل هي أن الكتاب السماوي يجب أن لا يشوبه التناقض و الاختلاف لأن الله تعالى عالم و حكيم فيستحيل نسبة الاختلاف و التناقض إلى وحيه، و حتى بمعنى الوحي و الإلهام الكتابي الذي يعتقد به المسيحيون إذ يكون المعنى من الله و الكلمة و الأسلوب من المؤلف، و ذلك لأن الله سبحانه يستحيل أن يوحي إلى شخص معنى يختلف عن الذي أوحاه إلى آخر في نفس المورد، أو معنى واحد لقصة واحدة تنقل في أسلوبين. مثلا:
1. في قصة صلب عيسى (عليه السلام) تنقل بعض الأسفار أنه سقي خمراً مرّاً، و في البعض الآخر يقول خلا، فهذه قصة واحدة و لكن تختلف من سفر لآخر، فإذا كان الاثنان مكتوبين بالوحي الإلهي، فيكون واحد منها صحيحا (بحكم العقل) لا كلاهما، و الأسفار مليئة بهذه التناقضات.
2 - الاختلاف في نسب عيسى (عليه السلام) في الأناجيل، و مهما حاول المسيحيون إيجاد تبريرات لهذه الاختلافات لم يتمكنوا من إيجاد جواب مقنع لها. إذ ينقل كتاب (قاموس الكتاب المقدس) ما نصّه النسب المذكور في إنجيلي متي و لوقا هناك شئ من الصعوبة في فهم جدوليهما، إذ نجد فروقا جمة فسرت تفاسير شتى. و هذه الفروق تبرهن استقلال كل من البشيرين عن الآخر في ما كتبه و اعتماده على مصادر تختلف عن مصادر أخرى[15].
و ذكروا ثلاثة آراء لهذه الاختلافات ابطلوا اثنين منها ويبقي الآخر، ولكنه أيضا غير مقنع. فإن لوقا يذكر 25 اسما بين داود و زربابل، أما متّي فذكر خمسة عشر اسما فقط، و جميع الأسماء تقريبا مختلفة الواحد عن الآخر في الجدول.
3 - في إنجيل متي و مرقس و لوقا يذكر أن رجلا أسمه سمعان هو الذي حمل صليب عيسى (عليه السلام) و أما في إنجيل يوحنا فيذكر أن عيسى (عليه السلام) هو الذي حمل صليبه إلى جلجثة.
4 - أن المسيح (عليه السلام) بعد قيامته و حسب إنجيل متي أمر التلاميذ بالذهاب إلى جميع الأمم و أن يعمدوهم (باسم الأب والابن والروح القدس) أما في إنجيل مرقس فأمرهم بالذهاب إلى العالم أجمع و أن يكرزوا بالإنجيل. و في إنجيل لوقا و أن يكرز باسمه بالتوبة و مغفرة الخطايا لجميع الأمم. و غيرها الكثير.[16]
ومن أبرز المسائل التي وقع فيه الاختلاف و كثرت فيها التناقضات قصة صلب المسيح (عليه السلام) في الأناجيل الأربعة حيث يرى الباحث الكثير من الكثير من الاختلاف التي تشوب تلك الاناجيل، و كذلك في قصة قيامته. ففي الأناجيل الثلاثة المتوافقة و عند القاء القبض عليه ينقل أن يهوذا الإسخريوطي تقدم إلى المسيح (عليه السلام) و قبله، و كان قد اتفق مع العسكر على علامة و هي تقبيله للمسيح (عليه السلام) فألقوا القبض عليه (متي: 26: 47 - 55) (مر: 14 - 43 - 46) (لو: 22 - 47 - 51). و أما في إنجيل يوحنا فينقل أن المسيح (عليه السلام) هو الذي خرج إليهم و قال من تطلبون؟، أجابوه يسوع الناصري، قال لهم يسوع (عليه السلام): أنا هو. و كان يهوذا واقفا معهم (يو: 18: 2 - 9).
فلا ينقل يوحنا تقبيل يهوذا للمسيح (عليه السلام) بل أن المسيح (عليه السلام) هو الذي عرف نفسه، فهرب التلاميذ كلهم بعد تسليم المسيح (عليه السلام) نفسه، فلم يشهدوا ماذا جرى بعد ذلك، إلا أنها تنقل أن بطرس تبعه من بعيد.
وكذلك تختلف الأناجيل في قصة محاكمته عند بيلاطس، و كذلك في حمله للصليب فتقول الأناجيل المتوافقة أن رجلا قيروانيا اسمه سمعان هو الذي حمل الصليب، (لو: 23: 26 - 27) و أما في إنجيل يوحنا فينقل أن المسيح (عليه السلام) هو الذي حمل صليبه: فخرج و هو حامل صليبه، (يو: 19: 17).
وعند موته أيضا (عليه السلام) تختلف الأناجيل فيما بينها، إذ ينقل متي و مرقس أن يسوع المسيح (عليه السلام) و قبل أن يسلم روحه صاح بصوت عظيم معاتبا ربَّه (إيلي إيلي لما شبقتني أي إلهي إلهي لماذا تركتني) (مت: 7 2: 46 - 50) و من ثم صرخ أيضا بصوت عظيم و أسلم الروح، أما لوقا فإنه ينقل أن المسيح (عليه السلام) لم يعاتب ربّه، بل أسلم روحه بكل طمأنينة فيقول: و نادى يسوع بصوت عظيم و قال: يا أبتاه في يديك أستودع روحي و لما قال هذا أسلم الروح (لو: 23: 45 - 47). و أما يوحنا فإنه لم ينقل شيئا عن تلك الصرخة العظيمة بل ينقل أنه عندما أخذ يسوع الخل الذي سقوه قال قد أكمل و نكس رأسه و أسلم الروح (يو: 19: 30).[17] وكذلك توجد اختلافات كثيرة في قضية دفنه و قيامته لا يسع المجال لذكرها.
5. من الأمور المتيقنة في قصة القبض على المسيح (عليه السلام) و التي لا تختلف حولها الأناجيل هي أن التلاميذ كلهم قد هربوا وتركوه (مر:14 = 51) (متي: 26 = 56) والذي تبعه حسب بعض الأناجيل هو بطرس فقط، فيبقى السؤال هنا: كيف ينقل متي و يوحنا و هما من التلاميذ قصة حوار رئيس الكهنة مع المسيح (عليه السلام) و هما لم يكونا موجودين؟
فيأتي الجواب من قبل المسيحيين بأننا نقول بأن الالهام والوحي الإلهي هو الذي أوحى إليهما بذلك، ولكن من خلال متابعة قصة القبض على عيسى (عليه السلام) و حتى تفاصيل المحاكمة و صلبه كلها كانت غير متطابقة بل و متناقضة، فأحدهم يذكر أنه حمل صليبه، و الآخر يقول غيره قد حمل الصليب، و البعض يقول قد سقي خمرا و الآخر يقول خلا.
فلا يبقى مجال للشك بأن الذي كتب في هذه الأناجيل هو ما كان متداولاً على ألسن الناس في ذلك الزمان.[18]
ولمزيد الاطلاع انظر: كتاب راه سعادت (طريق السعادة) تأليف العلامة الشعراني[19] و اظهار الحق، تأليف الفاضل الهندي هبة الله بن خليل الرحمن، و قرآن و کتاب های آسماني ديگر (القرآن و الكتب السماوية)، تأليف الشهيد هاشمي نژاد.
* الدليل الثالث: التناقضات العقايدية في الفكر المسيحي
من الامور التي تستدعي عدم الاطمئنان الى الفكر المسيحي وجود التناقض العقائدي و عدم انسجامها مع العقل و المنطق، من قبيل:
1. من العقائد الأساسية والمهمة في الديانة المسيحية، والتي كنت أعتقد بها هي مسألة الفداء. ومن أجل فهم هذه العقيدة يجب الرجوع، إلى الخطيئة الأولى التي اقترفها أبونا آدم (عليه السلام).
فنحن كمسيحين كنا نعتقد أن آدم وحواء (عليهما السلام) وبسبب خطيئتهما منذ الزمن الأول، فإن الإنسان قطع علاقته مع ربه وخالقه، وتخلى عن الله سبحانه، وآدم (عليه السلام) بهذه الخطيئة جعل ذريته كلها في حال ابتعاد وانفصال عن الله، وكان نتيجة هذا الانفصال موت الإنسان، وهكذا دخل الموت إلى جميع الناس كعقاب للخطيئة.
وهذا الموت هو روحي وأبدي وانتقلت هذه الخطيئة إلى ذريته جيلا بعد جيل، فيولد الإنسان وهو حامل لها، ومتلوث بها، وبسبب هذه الخطيئة خسر الإنسان الطهارة وبانت عورته شهواته وأهواؤه الآثمة. وآدم (عليه السلام) بعمله هذا هدم صورة الله فيه و حطم التضامن و المحبة بينه و بين الله. و مما تجدر الإشارة إليه أن هذه العقيدة (الخطيئة الأصلية والفداء) لا نجدها في الأناجيل الأربعة المهمة، فهذه الأناجيل لم تتطرق لا من قريب و لا من بعيد إلى موضوع آدم و خطيئته الأولى، و إنما ظهرت هذه العقيدة من رسائل بولس و لا سيما رسالته إلى الرومانيين، في (5: 12) فبولس هو أول من تكلم عن الخطيئة الأصلية و أن البشرية كلها قد تلوثت بسبب هذه الخطيئة، و يعود بولس مجددا ليبين أنه كما بانسان واحد دخلت الخطيئة و الموت إلى العالم كذلك الحياة و الخلاص يكون بانسان واحد و هو المسيح (عليه السلام).[20]
و هنا أيضا نشير إلى بعض التساؤلات و النقاط حول هذه العقيدة فنقول:
إن مسألة مهمة و أساسية في العقيدة المسيحية (كمسألة الخطيئة الأصلية والفداء) هل يمكن القول أن المسيح (عليه السلام) تجاهلها أو نساها فلم يتحدث عنه (على الأقل حسب ما تنقل الأناجيل الأربعة الملهمة) و سكت، و جاء بعد ذلك رجل متعصب لليهودية (بولس) و مضطهد و قاتل لأتباع المسيح (عليه السلام) فيعلن عن هذه العقيدة فقبلتها الكنيسة و اعتبرتها ركنا من أركانها، هل يليق هذا بالمسيح (عليه السلام)؟[21]
إضافة إلى كل هذا يبقى هناك سؤال مهم يطرح نفسه حول هذه العقيدة و هو: ما ذنب الناس منذ القرون الأولى للبشرية أي منذ زمن آدم (عليه السلام) حتى زمن المسيح (عليه السلام)، فهل كلهم خطاة و لم يغفر لهم، مع أن فيهم كما يذكر الكتاب المقدس بعهديه، أنبياء و أولياء و أتقياء و شهداء استشهدوا في سبيل الله كما يذكر عيسى (عليه السلام) نفسه في العهد الجديد عن مقتل زكريا، فماذا كان مصيرهم؟.[22]
وللحرج الذي يقع فيه المسيحيون من هذا السؤال يجيبون عنه جوابا أعتقد أنه مخالف للفطرة والعقل البشري وفيه إهانة كبيرة إلى كل الأنبياء العظام فيقولون أما مصير الذين ماتوا قبل هذه الساعة فقد هلك الخطاة، وأما أصحاب القلوب النقية - يقول المسيحيون - فقد ماتوا على رجاء الخلاص، وهذا ما يفسر بوضوح نزول المسيح (عليه السلام) إلى الجحيم ليحرر هذه النفوس التي كانت تنتظر مجيئه.[23]
فأي عقل سليم يقبل مثل هذا الهراء؟ إضافة إلى ذلك فإنه مخالف للعهد الجديد نفسه إذ يقول متي في إنجيله (8 - 1 1) وأقول لكم أن كثيرين سيأتون من المشارق المغارب ويتكئون مع إبراهيم و إسحاق ويعقوب في ملكوت السموات.
وأيضا من تصريح المسيح (عليه السلام) من أن الأطفال والأولاد لهم ملكوت السموات، فإن كان المسيح (عليه السلام) يعظم الأنبياء في أماكن كثيرة من العهد الجديد ويؤكد أنهم في ملكوت السموات.[24]
هذه العقيدة مخالفة للكتاب المقدس أيضا، إذ نجد عكس هذه المسألة تماما في كتاب العهد القديم، مثلا يقول حزقيل النبي (18: 20) من أخطأ فهو الذي يموت والابن لا يحمل خطيئة أبيه، وكذلك الأب لا يحمل خطيئة ابنه، فالبار سيحاسب على بره، والشرير سيحاسب على شروره.[25]
2. الجمع بين كون المسيح عليه السلام ابن الله وابن الانسان!!
من القضايا التي يحار الانسان فيها هي حالة التناقض الواضح الذي يحاول الجمع بين كون المسيح ابن الله وابن الانسان في آن واحد، بل يبقى الانسان مندهشا عند سماعه لمثل هذا الكلام، فما معنى أن يكون المسيح (عليه السلام) انسانا وابن إنسان و لكنه الله في نفس الوقت و ابن الله، نعم من الممكن أن يصل إلى درجة عالية من القرب الإلهي من خلال العبادة و الطاعة لمولاه، فيقول للشيء كن فيكون، أما أن يكون الإنسان إنسانا و إلها في آن واحد، فهو مما لا يحتمله العقل البشري.[26]
هذه بعض الاشكالات التي تجعل من الاذعان بحقانية ما هو موجود في الاناجيل و الفكر المسيحي أمراً صعبا جداً.
أما الديانة اليهودية الموجودة فهي الأخرى ليست باحسن حظا من المسيحية؛ و ذلك:
أولا: أن المتوفر في التوراة ثلاث نسخ فقط هي:
1. النسخة العبرانية الموجودة لدى رجال علماء البروتستان.
2. النسخة السامرية، و هي النسخة المحفوظة لدى السامريين إحدى الفرق اليهودية.
3. النسخة اليونانية، المعتمدة لدى الفرق المسيحية غير البروتستانتية.
والملاحظ أنّ النسخة السامرية تقتصر على الاسفار الخمسة لموسى عليه السلام وكتاب يوشع و سفر القضاة ولا تعترف بسائر اسفار العهد القديم. يضاف إلى ذلك أن النسخة الاولى تشير الى أن الفاصلة الزمنية بين خلق آدم و طوفان نوح 1656 سنة فيما تحدده النسخة الثانية بـ 1307 سنوات، و في النسخة الثالثة 1363 سنة. و عليه لا يمكن الاذعان بصحة ما جاء في النسخ الثلاث بل قد يكون الحق مع واحدة منها على احسن التقادير.[27]
ثانيا: إن التوراة تتوفر على الكثير من القضايا التي لا تنسجم مع العقل و المضادة له و التي لا يمكن الاذعان بها، من قبيل: ما ورد في التوراة من وصف الله بصورة الآدمي و أنّه ينشد الاغاني أو التراتيل و انه – نستجير الله- كاذب و مخادع؛ لانه قال لآدم و حواء إنْ اكلتما من الشجرة (شجرة الحسن و القبح) ستموتان و قد أكلا منها و لم يمت أحد منهما بل عرفنا الحسن و القبيح.[28]
ينقل في العهد القديم أن النبي لوط (عليه السلام) قد شرب الخمر وسكر و من ثم ارتكب خطيئة الزنا مع من حرم عليه الزواج منهن (بناته) و من ثم حملن منه (أنظر: سفر التكوين (19 - 1 - 38)، وكذلك ينقل عن النبي سليمان (عليه السلام) الذي كان مملوءا بالحكمة، أن السنوات الأخيرة من حكمه كانت مؤسفة، فقد بدأ بتعدد الزوجات، و أحب نساء كثيرات إضافة إلى بنت فرعون (زوجته) فكان له سبعمائة من الزوجات و ثلاثمائة من السراري استطعن أن يميلن قلبه إلى الآلهة الغريبة حتى بنى أماكن لعبادة الأوثان أيضا، إرضاء لهن فغضب الرب عليه أنظر (1 ملوك: 11: 1 - 25)، وكذلك قصة نوح النبي (عليه السلام) إذ ينقل في العهد القديم أنه صنع مسكرا و شربه و سكر فكشف عورته أمام أولاده فغطوه. (أنظر التكوين: 9: 1 - 29).[29] و قصة يعقوب و مصارعته مع الرب[30] وغيرها من القصص الأخرى تجعلنا نعتقد أن هذه الأسفار قد دخلت فيها بعض التحريفات التي تدفعنا للاعتقاد بأن هذا العهد القديم الموجود بين أيدينا وعلى أقل تقدير ليس كله وحيا إلهيا.
إضافة إلى هذا، هناك بعض القصص العجيبة التي يرفضها العقل مثلا (فالأنبياء يتعرون) - وفيما شاول ذاهب إلى هناك حل عليه روح الله فأخذ يتنبأ طول الطريق ونزع أيضا ثيابه و تنبأ أيضا أمام صموئيل و انطرح عريانا كل ذلك النهار و ليله لذلك يقال شاول أيضا من الأنبياء).[31]
ب: دلائل حقانية الدين الاسلامي وأفضليته
1. خلود معجزته، تمثل ذلك في القرآن الكريم الذي يعد معجزة الدين الخالدة و الملموسة و التي لا تختص بعصر النبي الأكرم (ص)، مضافا الى التحدي الذي ما زال يصدح به القرآن الكريم (وَ إِنْ كُنْتُمْ في رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَ ادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقين).[32]
2. صيانة القرآن من التحريف و التبدل او طروء التلاعب به.
فبالاضافة الى الوعد الالهي بالحفظ،[33] بذل الرسول الاكرم (ص) قصارى جهده لحفظه و الاعتناء به من خلال وضع الآيات والسورة في محلها و التأكيد على كتاب الوحي بالالتزام بذلك و اعمال الدقة في النقل و التنظيم؛ مضافا الى الدور الكبير الذي لعبه اصحاب النبي و المقربين منه (ص) في حفظ القرآن في الصدور حتى عرف عدد منهم في عصر النبي (ص) بالحفاظ، وثالثا: الحث على تلاوة القرآن و النطق به بدقة متناهية و تجويد كلماته و آياته بطريقة خاصة.[34] كل ذلك ساعد في صيانة القرآن عن التحريف و التلاعب .
3. الطريق الثالث لاثبات حقانية الديانة الاسلامية، خاتمية النبي الاكرم (ص) الذي أكدته المصادر الدينية المعتبرة[35]، و لاريب أن آخر الدساتير لابد أن يكون متوفراً على الصورة الاكمل و أن السيرة العقلائية قائمة – حتى على مستوى الدساتير الوضعية- بالعمل بآخر القوانين و الدساتير الصادرة باعتبارها ناسخة لما قبلها من الدساتير و القوانين.
ونحن عندما نرصد المتون الدينية السابقة لا نراها تشير الى خاتمية الانبياء ممن سبقوا الرسول الاكرم (ص)، بل نراها تبشر بنبي الاسلام[36] بمعنى أنها تذعن بكونها دساتير مؤقتة و شرائع محدودة.
4. جامعية الاسلام و شموله لجميع نواحي الحياة الروحية و النفسية والفردية و الاجتماعية والمادية والمعنوية، و يكفي في اثبات ذلك اعمال مقارنة بين المتون الاسلامية وسائر المتون الدينية (التوراة و الانجيل) في شتى الابواب العقائدية والاخلاقية و التوحيد و صفات الله والقانون و الاقتصاد و السياسة و الحكومة و... لمعرفة الفارق الكبير بين الاثنين.
5. امتاز الدين الاسلامي من بين الديانات الاخرى المطروحة بحيوية تاريخة و دقة نقله وقائعه حتى ان كتب السيرة رصدت جزئيات حياة النبي الاكرم (ص) من الطفولة وحتى رحيله الى الرفيق الاعلى، و هذا مما لا تتوفر عليه الديانات الاخرى من هنا نجد البعض من المفكرية الغربيين يشكك في مصداقية وجود شخصية باسم السيد المسيح و سائر الانبياء.[37]
أفضلية التشيع
من الواضح أن المذهب الشيعي الإمامي يمتاز عن سائر المذاهب الاسلامية و له الافضلية بينها لكونه الحق الذي لا يتعدد و لا يمكن يكون في اكثر من دين في زمان واحد، و أن الباري تعالى لم يجعل في كل مقطع زمني إلا شريعة واحدة و دينا واحداً يتعبّد الناس به و ما سواه باطل و افتراء او على أقل تقدير يقع في عداد الشرائع المنسوخة.
ومن الواضح أيضا أن الديانات نزلت بطريقة طولية لا عرضية، مما يعني أن الدين و الشريعة اللاحقة يعد مكملا لما سبقه و بمجيئ الدين اللاحق تطوى صفحة السابقة و ينتفي التعبّد بشريعته و الاحكام التي نسختها الديانة اللاحقة و يجب على الجميع التمسّك به و العمل وفق شريعته؛ و من هنا وسمت النصوص الدينية من لا يؤمنون بالدين الجديد بالكافرين.
ونحن إذا نظرنا إلى سلسلة الديانات الالهية نجد أن الدين الاسلامي يقع في خاتمة الديانات و توفر على مفاهيم و قيم و تشريعات لم تتوفر فيما سبقه من الاديان و قد صرحت الباري تعالى بانحصار الدين بالاسلام «ان الدين عندالله الاسلام"[38] و "من يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه"[39].
ومن المؤسف أن المسلمين كالشعوب السابقة توزعوا إلى مذاهب كثيرة لا يمكن ان تكون جميعها على حق وهذا ما تنبأ به الرسول الاكرم (ص) حينما قال: «إنّ امّتي ستفترق بعدي علی ثلاث و سبعين فرقة، فرقة منها ناجية، و اثنتان و سبعون في النار».[40]
وقد اثبت الدليل و البرهان أن المذهب الحق و الفرقة الناجية هي المذهب الإمامي لتمسكهم بوصية الرسول الأكرم (ص) التي أكد عليها كثيراً حينما قال: «أيها الناس إنّي ترکت فيکم ما إن أخذتم به لن تضلوا، کتاب الله و عترتي أهل بيتي».[41]
وروي عن الصحابي الثقة الجليل أبي ذر الغفاري أنه سمع الرسول (ص) يقول: ": ألا أن مثل أهل بيتي فيکم مثل سفينة نوح في قومه، من رکبها نجا و من تخلّف عنها غرق».[42]
ويقوم مذهب التشيع الى مجموعة من الاصول هي التوحيد و العدل و النبوة و الإمامة و المعاد و أن الشيعة يؤمنون بسلسلة من الاوصياء و الأئمة المعصومين يبلغ عددهم اثني عشر إماماً إنطلاقا من الروايات التي وردت عن النبي الأكرم (ص) منها ما رواه قيس بن عبد قال: كنا جلوسا في حلقة فيها عبد الله بن مسعود فجاء أعرابي فقال: أيكم عبد الله بن مسعود؟ فقال عبد الله: أنا عبد الله بن مسعود. قال: هل حدثكم نبيكم (ص) كم يكون بعده من الخلفاء؟ قال: نعم. اثنا عشر عدد نقباء بني إسرائيل.[43]
يضاف الى ذلك أن الله تعالى أمر باطاعة أولي الأمر "يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا أَطيعُوا اللَّهَ وَ أَطيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُم" وهم أئمة الشيعة كما اثبت ذلك الروايات الكثيرة، و منها قوله تعالى " وانذر عشيرتك الاقربين" و قوله تعالى "إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذينَ آمَنُوا الَّذينَ يُقيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُون" و قوله عزّ من قائل "يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرين"، و قوله "لْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتي وَ رَضيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ ديناً". و كان صلى الله عليه وآله يؤكد في كافة المواطن أن وصيه و خليفته من بعد هو علي بن أبي طالب عليه السلام، روى الطبري في تاريخه أن النبي الاكرم (ص) قال: يا بني عبد المطلب، إني و الله ما أعلم شابا في العرب جاء قومه بافضل مما قد جئتكم به، إنّي قد جئتكم بخير الدنيا و الآخرة، و قد أمرني الله تعالى أن ادعوكم إليه، فأيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي و وصيي و خليفتي فيكم؟ قال: فاحجم القوم عنها جميعا، فقال علي، أنا يا نبي الله، أكون وزيرك عليه فاخذ برقبتي، ثم قال: إن هذا أخي و وصى و خليفتي فيكم، فاسمعوا له و أطيعوا قال: فقام القوم يضحكون، و يقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنك و تطيع.[44]
وكان في قمّة الاحداث التي أشار فيها النبي (ص) إلى ولاية علي بن أبي طالب ما حدث يوم الغدير بعد رجوع النبي و المسلمين من حجّة الوداع التي قال فيها: "من كنت مولاه فهذا علي مولاه".
هذه اشارة مختصرة للادلة النقلية والعقلية الدالة على أحقية الدين الاسلامي عامة و مذهب التشيع خاصة، ومن أراد المزيد من الاطلاعيه عليه مراجعة الكتب التفسيرية و الحديثية و التاريخية والعقائدية التي تعرضت لهذه القضية كالمراجعات لشرف الدين وغيره من الكتب.
[1] قاموس الكتاب المقدس: ص 763.
[2] علي الشيخ، هبة السماء، ص31- 32،
[3] المصدر نفسه، ص 50.
[4] المسيح في الفكر الاسلامي: ص 117.
[5] المصدر نفسه.
[6] علي الشيخ، هبة السماء، ص57.
[7] هبة السماء،60.
[8] مدخل إلى العقيدة المسيحية، توماس ميشال اليسوعي، ص 18، دار المشرق ،بيروت، ط 1992 م.
[9]. لوقا : 1 / 1 ـ 3 ؛ وانظر: حسين توفيقي، دروس في تاريخ الاديان، ص؛ وانظر: العلامة المیرزا ابو الحسن الشعراني، راه سعادت، ص 187 و 188 و ص 197 تا 221.
[10]. نظرة عن قرب في المسيحية: ص 62.
[11] المصدر نفسه، ص75
[12] المصدر نفسه.
[13] المصدر نفسه، ص 76.
[14] هبة السماء، ص 59-60.
[15] قاموس الكتاب المقدس: ص 1037.
[16] هبة السماء، ص58- 59.
[17] هبة السماء، ص67-68.
[18] هبة السماء، ص73
[19] العلامة الشعراني، راه سعادت، ص 187 و 188 و ص 197 - 221.
[20] هبة السماء، ص 80= 81
[21] هبة السماء، 82.
[22] المصدر نفسه، ص83- 84.
[23]. المسيح في الفكر الاسلامي: 345.
[24] هبة السماء، 84- 85.
[25] المصدر نفسه، ص 85.
[26] المصدر نفسه، ص90
[27] راه سعادت، 206 و 207.
[28] التوراة، سفر التكوين، الباب 2 و 3.
[29] هبة السماء، ص28.
[30] . نفس المصدر.
[31] (أنظر: اصم: 19: 20 - 24).
[32] البقرة، 23.
[33] الحجر، 9.
[34]. راه سعادت، ص 22 و 215 و 24 و 25.
[35] الاحزاب، 40 – صحیح البخاري، ج 4 ، ص 250.
[36] راه سعادت، ص 226 - 241 – انجیل یوحنا 21: 41.
[37] الشهید المطهري، مجموعه آثار، ج 16، ص 44.
[38] آل عمران، 19.
[39] آل عمران، 85.
[40] الخصال، ص 585.
[41] کنزالعمال، ج 1، ص 44 باب الاعتصام بالکتاب والسنة.
[42] المستدرك علی الصحیحین، ج 3، ص 151.
[43] الخصال، ج2، ص467.
[44] تاریخ الطبري، ج 2، ص 320؛ طبع مصر، و الکامل لابن الاثیر، ج 2، ص 41، طبع بیروت.
س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات