بحث متقدم
الزيارة
6678
محدثة عن: 2011/11/20
خلاصة السؤال
لقد ورد فی الحدیث الشریف: ان المؤمنین فی علاقتهم مع الآخرین یجب علیهم أن یلاقوا الآخرین بوجوه بشّاشة، هل هذه المسألة تجری فی العلاقة الزوجیة أیضاً؟
السؤال
مع الآخذ بنظر الاعتبار ان من صفات المؤمن هی بشر الوجه، لکن ألیس من الأولی بالمؤمن عندما یکون حزنه و غمه فی قلبه، أن یخفی هذا الحزن و الغم عن زوجته أیضاً و لا یظهره إلا لله سبحانه، أو ان الأفضل أن یُشرک زوجه بهذه الأحاسیس المنطویة علی الحزن و الغم؟ أیهما أفضل و أرجح برأیکم؟
الجواب الإجمالي

من صفات المؤمن المذکورة فی الروایات إنه یقابل الآخرین بوجه بشّاش بشر و یُخفی حزنه عنهم، و هذه الصفة تؤدی إلی التقارب و المحبة فیما بینهم، و الجدیر بالذکر هنا ان هذا الأمر یکون فی الحیاة العائلیة بشکل آخر، فبما ان الزوجین شریکان فی کل شیء حتی فی الحزن و الفرح و کلما کانت العلاقة العاطفیة و المحبة بینهما مستحکمة أکثر، کان الانفتاح بینهما أکثر و یکون أحدهما أکثر اطلاعاً علی مشاکل الآخر، و لا دلیل لإخفاء المصائب و الحزن فیما بینهما، و ذلک لأن الهدف من بشر الوجه و کتمان الأحزان فیما بین المؤمنین هو إیجاد الأنس و المحبة بین الأفراد أکثر و هذا الأمر حاصل بین الزوجین، بل ان اطلاع أحدهما علی أسرار الآخر یکون سبباً للتعاون فیما بینهما فی رفع مشاکلهما. و لکن هذا لا یعنی ان الرجل أو المرأة یطلح احدهم الآخر على الجزئیات و صغار المشاکل التی لا تستحق الاهتمام الزائد و یمکن لاحدهما ان یعالجها لوحده، و ذلک لان الحیاة لا تخلو من تلک المشاکل الصغیرة اولا و ثانیا ان اثارتها فی کل یوم یؤدی الى تعکیر جو الاسرة و فقدان حالة الراحة التی یتوخاها الزوجان، فلابد هنا من الترکیز و الاشتراک فی القضایا المهمة فقط.

الجواب التفصيلي

من الامور المؤثّرة جداً فی تکامل الإنسان و رفعته هی الأخلاق الحسنة، بحیث جعلها الله سبحانه و تعالی من بین جمیع الأمور الحسنة سبباً لبعثة نبیّنا الأکرم محمد (ص) حیث یقول (ص) "بُعثت لأتمّم مکارم الأخلاق" [1] فقد أشار إلی مسألة حسن الخلق من بین جمیع الخصال و الصفات الحسنة، و لا شک أن بشر الوجه أمام المؤمنین یعد من تلک الخصال الحمیدة، و قد عبّرت الروایات عنها بتعابیر مختلفة منها:

شیمة المؤمن،[2] شیمة الأحرار و الکرام، أول البر، یطفئ نار المعاندة، حبالة المودة، مؤنس الرفاق، اسداء الصنیعة بغیر مؤنة.[3]

و من الصفات الاخری التی أکّدت التعالیم الدینیة علیها هی، إبقاء المؤمن لحزنه و مُصابه فی قلبه و کتمانه عن الآخرین، و لهذه الصفة آثار کبیرة منها: یُنقل عن الإمام الباقر (ع) إنه قال: "أربع من کنوز البرّ، کتمان الحاجة، و کتمان الصدقة و کتمان الوجع و کتمان المصیبة".[4]

الجدیر بالذکر هنا ان طرح موضوع اطلاع أحد الزوجین علی حزن و غم الآخر له ارتباط بنوع العلاقة فیما بینهما، فکلما کانا أکثر قرباً من الناحیة العقائدیة و الأخلاقیة، کانت فائدة اطّلاع أحدهما علی أسرار الآخر و حزنه أکثر، فبما إنهما شریکان فی حیاتهما العائلیة یستطیعان بمعونة أحدهما الآخر أن یرفعا نواقص حیاتهما و یجعلات حیاتهما أکثر حلاوة و طراوة.

الزوج المتدیّن العارف بوظائفه الإسلامیة، إذا اطلع زوجه علی مشاکله و مشاکل حیاتهما یکون سبباً لاستحکام أواصر المحبة فی العائلة و لا یجنی منه إلا ثمرة رضا الله سبحانه و دخول الجنة. نُشیر إلی هذه الروایة فی هذا المجال. جاء رجل إلی رسول الله (ص) فقال: "أن لی زوجة إذا دخلت تلقّتنی و إذا خرجت شیّعتنی و إذا رأتنی مهموماً قالت: ما یهمک، إن کنت تهتم لرزقک فقد تکفل به غیرک و إن کنت تهتم بأمر آخرتک فزادک الله همّاً، فقال رسول الله (ص): بشّرها بالجنة و قل لها: إنّک عاملة من عمّال الله و لکِ فی کل یوم أجر سبعین شهیداً.[5]

و لکن هذا لا یعنی ان الرجل أو المرأة یطلح احدهم الآخر على الجزئیات و صغار المشاکل التی لا تستحق الاهتمام الزائد و یمکن لاحدهما ان یعالجها لوحده، و ذلک لان الحیاة لا تخلو من تلک المشاکل الصغیرة اولا و ثانیا ان اثارتها فی کل یوم یؤدی الى تعکیر جو الاسرة و فقدان حالة الراحة التی یتوخاها الزوجان، فلابد هنا من الترکیز و الاشتراک فی القضایا المهمة فقط.



[1]  المجلسی، بحار الأنوار، محمد باقر، ج27، ص371، مؤسسة الوفاء، بیروت، 1404 هـ.ق.

[2]  نفس المصدر، ج64، ص305.

[3]  الآمدی، عبد الواحد، غرر الحکم، ج1، ص434، إنتشارات مکتب التبلیغات، قم، 1366 هخـ.ش.

[4]  بحار الأنوار، ج75، ص175.

[5]  الطبرسی، حسن بن الفضل، مکارم الأخلاق، ج1، ص200، إنتشارات الشریف الرضی، قم، 1412 هـ.ق.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280274 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258855 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129655 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115714 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89578 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61080 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60391 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57383 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51662 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47726 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...