Please Wait
6731
الإنسان یؤدی تکالیفه الیومیة بمقدار قدرته و ظرفیته، لذلک نوصیکم بالتزام ما تقدرون علیه من النوافل عند عدم وجود عمل ضروری آخر فی حیاتکم أنتم مضطرون لأدائه. صلاة النافلة، تحتاج الی حال المناجاة و العشق و الحب و إلا قد تؤدی الی نتائج عکسیة و لا تتأثر الروح بأثارها البنّاءة.
نبیّن جواب سؤالکم ضمن النکات التالیة:
1ـ المستفاد من الآیات القرآنیة [1] و روایات أهل البیت (ع) أن الإنسان مکلّف بأداء المقدور علیه من النوافل و المستحبات و حتی بالنسبة لأداء بعض الواجبات نری أن الله قد أعطی فرصة أکثر لأدائها؛ مثل الصلواة الخمس حیث ان وقتها واسع أو أنه جعل لها بدیلاً؛ فالمریض الذی لا یقدر علی الصوم یرتفع عن عهدته فی حال المرض و یجب علیه قضاؤه عند الإستطاعه. [2]
فالله سبحانه و تعالی لم یکلف أحداً بأکثر من طاقته و قدرته. و الدین الاسلامی دین سمح و مطابق للعقل و المنطق و الفطرة الإنسانیة.
2ـ صحیح أن الله فرض نوافل لکل من الصلوات الخمس و لها ثواب عظیم، لکن قدرة الأفراد مختلفة بالنسبة لأدائها، و قابلة للتغیر حسب الأوقات و الموارد. فإذا تمکن الشخص من أدائها جمیعاً و قام بهذا الأداء فله ثواب عظیم. و إلا یکتفی بما یقدر علیه؛ لأن الأعمال المستحبة من الأفضل أن تؤدی بشوق و رغبة؛ لأن الإکثار من العبادات المستحبة و أدائها بزحمة و مشقة و بدون رغبة یؤدی إلی نتائج عکسیة حیث تجعل الإنسان لا یرغب بالعبادة.
قال رسول الله (ص): "ألا إن لکل عبادة شِرّة ثم تصیر إلی فترة و من صارت شِرّة عبادته إلی سنتی فقد اهتدی و من خالف سنتی فقد ضلّ و کان عمله فی تباب أما إنی اُصلی و أنام و أصوم و أفطر و أضحک و أبکی فمن رغب عن منهاجی و سنتی فلیس منی...". [3]
و عن الامام الصادق (ع): "لا تکرهوا إلی أنفسکم العبادة" [4]
إذن من الأفضل أن لا تؤدی النوافل إلا مع وجود حال المناجاة و العشق و الشوق لها، و إلا فعلینا آن نکتفی بأداء الواجبات و نطلب من الله سبحانه أن یوفّقنا علی أداء المستحبات و أن یوفقنا لمناجاته و الخلوة معه سبحانه.
3ـ یمکنکم قضاء النوافل فی حال کونکم لم تقدروا علی أدائها لأی سبب کان. [5]
4ـ یجب أولاً أن نعید النظر فی أساسنا الفکری و ذلک لإیجاد الرغبة و اللهفة بالنسبة لأداء الفرائض و المستحبات، و أن نسعی لإصلاحه و تقویته، فان لآراء الفرد و عقیدته عن الله و عالم الوجود و الإنسان و المعاد و... تأثیراً مباشراً علی الإیمان و الالتزام بأداء الفرائض و علی أعمال الفرد و سلوکه. إذن یجب اولاً تقویة المعرفة الدینیة حتی یمکن ان تؤثر علی العمل.
5ـ أداء التکالیف الدینیة و الأمور المستحبة یحتاج إلی إرادة قویة؛ لذلک نحن نقترح علیکم عدة طرق لتقویة الإرادة یمکن الحصول علیها بمراجعة جواب السؤال رقم 525.
6ـ للإنسان فی حیاته المعیشیة حاجات ضروریة یجب أن یؤدّیها و أهمیتها و ثوابها لا یقل شأنا عن أداء العبادات المستحبة بل یزید علیها؛ مثل تأمین الإحتیاجات المعیشیة التی قد یؤدی عدم تأمینها إلی فقدان القدرة و النشاط علی العبادة لدی الإنسان.
عن الإمام الباقر (ع): "من طلب الدنیا استغناءً عن الناس و سعیاً علی أهله و تعطّفاً علی جاره لقی الله عزّ و جلّ یوم القیامة و وجهه مثل القمر لیلة البدر". [6]
و عن أبی عبد الله الصادق (ع): "... إن قوماً من أصحاب رسول الله (ص) لمّا نزلت "و من یتق الله یجعل له مخرجاً و یرزقه من حیث لا یحتسب " أغلقوا الأبواب، و أقبلوا علی العبادة، و قالوا قد کفینا فبلغ ذلک النبی (ص) فأرسل إلیهم فقال: ما حملکم علی ما صنعتم؟ فقالوا: یا رسول الله تکفّل "الله" لنا بأرزاقنا فأقبلنا علی العبادة فقال: إنّه من فعل ذلک لم یستجب له، علیکم بالطلب". [7]
فإذا کان طلب الرزق الحلال الضروری الواجب علی رب العائلة، یتعارض مع أداء المستحبات یجب ترک المستحب و الإهتمام بالواجب، و لکن یجب الإلتفات إلی أن طلب الرزق شئ و الحرص الشدید و حب التکاثر شئ آخر.
إذن یجب تأمین الدنیا کما یجب تأمین الآخرة و إذا ترک الإنسان أحدهما لم یصل إلی حد الفلاح.
لمزید من الإطلاع راجعوا المواضیع التالیة:
"طرق تقویة الإرادة" السؤال 11273 (الموقع: 11095) .
"الدعاء عند النوم" السؤال 17206 (الموقع: 16926) .
"طرق تقویة الرغبة للعبادة" السؤال 3226 (الموقع: 4242) .
"قضاء الأعمال المستحبة" السؤال 8644 (الموقع: 8601) .
[1] التغابن، 16 "فَاتَّقُواْ اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَ اسْمَعُواْ وَ أَطِیعُواْ وَ أَنفِقُواْ خَیرْا لّأِنفُسِکُمْ وَ مَن یُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئکَ هُمُ الْمُفْلِحُون"؛ المزمل، 20 "فَاقْرَءُواْ مَا تَیَسَّرَ مِنَ الْقُرْءَانِ عَلِمَ أَن سَیَکُونُ مِنکمُ مَّرْضىَ وَ ءَاخَرُونَ یَضْرِبُونَ فىِ الْأَرْضِ یَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَ ءَاخَرُونَ یُقَاتِلُونَ فىِ سَبِیلِ اللَّهِ فَاقْرَءُواْ مَا تَیَسَّرَ مِنْهُ وَ أَقِیمُواْ الصَّلَوةَ وَ ءَاتُواْ الزَّکَوةَ وَ أَقْرِضُواْ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا".
[2] لمزید من الإطلاع راجعوا موضوع "قضاء صوم شهر رمضان المبارک"، السؤال 9150.
[3] المجلسی، محمد باقر، بحار الأنوار، ج68، ص209 و 210، مؤسسة الوفاء، بیروت، 1404 ق.
[4] بحار الأنوار، ج68، ص213.
[5] مقتبس من موضوع "قضاء الأعمال المستحبة"، السؤال 2751 (الموقع: 2988).
[6] الحرّ العاملی، محمد بن حسن بن علی، وسائل الشیعة، ج17، ص21، مؤسسة آل البیت، قم، 1409 ق.
[7] الکلینی، محمد بن یعقوب، الکافی، ج5، ص84، دار الکتب الإسلامیة، طهران، 1365 ش.