بحث متقدم
الزيارة
6150
محدثة عن: 2008/12/14
خلاصة السؤال
ما هی حقیقة الاطمئنان و ما هی طرق الوصول الیه؟
السؤال
هل ان الاطمئنان فی الحیاة شعار ام حقیقة؟ هل یمکن الوصول الی الاطمئنان فی الحیاة؟ أ لیس هذا مجرد شعار؟
الجواب الإجمالي

الاطمئنان بمعنی الطمأنینة و راحة البال فی الحیاة هی امر مطلوب مدحه الاسلام و وضع طرقاً للوصول الیه. فبعض عوامل الوصول الی الاطمئنان التی وردت فی نصوصنا الاسلامیة عبارة عن ذکر الله، حسن الظن، الثقة بالنفس، الابتعاد عن المنی البعیدة، الزواج، النظم فی الحیاة و الاعمال، تخصیص اللیل للنوم و الاستراحة، تناول الاغذیة السلیمة و الطبیعیة مثل العنب الاسود، و النظافة مثل غسل الرأس و غسل الثیاب. و فی قبال ذلک توجد عوامل متعددة تمنع من تحقق الاطمئنان مثل الرغبة و التعلق بالدنیا، الحسد، الشک و التردد، الطمع و ... .

و النتیجة هی ان نصوصنا الدینیة اوضحت طرق الحصول علی الاطمئنان و هذا بنفسه خیر دلیل علی امکان الحصول علیه، و بالاضافة الی ذلک فان قراءة حیاة العظماء الذین نفذوا التعالیم الدینیة و وصلوا الی الاطمئنان النفسی یمکن ان ترشدنا الی ان کسب الاطمئنان فی الحیاة لیس شعاراً بل هو امر یمکننا نحن ان نعیشه و نستشعر به عن طریق تطبیق التعالیم الدینیة.

الجواب التفصيلي

الاطمئنان بمعنی الطمأنینة و السکون و راحة البال،[1] و فی قباله التشویش و القلق و الاضطراب. و من وجهة نظر الاسلام فان الاطمئنان و السکینة أمر واقعی و حقیقة یمکن الوصول الیها. و قد ذکرت نصوصنا الدینیة طرق الحصول علی الطمأنینة و هذا بنفسه خیر دلیل علی امکان الحصول علی ذلک. و اضافة لذلک فان مراجعة حیاة العظماء الذین التزموا بالتعالیم الدینیة و حصلوا علی الطمأنینة النفسیة یمکن ان ترشدنا الی ان کسب الطمأنینة فی الحیاة لیس شعاراً بل هو امر یمکننا نحن ان نعیشه و نستشعره من خلال تطبیق الارشادات الدینیة.

عوامل ظهور و تحقق الطمأنینة:

قد ذکر القرآن و الروایات عوامل متعددة للطمأنینة نشیر فیما یلی الی بعضها

1. ذکر الله: ورد فی القرآن قوله تعالی: "الا بذکر الله تطمئن القلوب".[2] و المراد بذکر الله ان یعلم الانسان و یتیقن دوماً بانه لا یمکن لایّ موجود فی العالم ان یکون مستقلاً و منفصلاً عن (الله) فضلاً عن قدرته علی التأثیر المستقل (ان العزة لله جمیعاً)،[3] و ان کل القدرة و الملک و الوجود له و عزة و ذل العباد بیده أیضاً و هو قادر علی کل شیء.[4]

و مثل هذا الانسان لا یخاف و لا یقلق و لا یحزن أبداً، حیث یقول القرآن: "فمن تبع هدای فلا خوف علیهم و لا هم یحزنون".[5] نعم ان الانسان اذا آمن بکل کیانه انه لیس هناک فی العالم قوة و قدرة الا ان تکون مستندة الی الله تعالی، فقال بلسانه "لا حول و لا قوة الا بالله العلی العظیم"، فلا یصیبه القلق و الاضطراب. قال رسول الله (ص): "... و قول لا حول و لا قوة الا بالله فیه شفاء من تسعة و تسعین داءً ادناها الهم".[6]

2- التوکل علی الله:

التوکل هو ان یؤدی الانسان وظیفته بقدر ما یستطیعه و یفوّض نتائج الاعمال الی الله. یقول القرآن الکریم: "و من یتوکل علی الله فهو حسبه".[7]

3- الرضا بقضاء الله:

اذا اعتقد الانسان بان الله تعالی یرید دائماً الخیر لعباده و رضی بالتقدیر الالهی فلا یصیبه أی قلق أو اضطراب.

4- الارتباط باولیاء الله و طاعتهم:

یقول الله لنبیه (ص): "خذ من اموالهم صدقة تطهرهم و تزکیهم بها و صل علیهم ان صلاتک سکن لهم".[8]

5- الزواج بامرأة مؤمنة و صالحة:

یقول القرآن: "و من آیاته ان خلق لکم من انفسکم ازواجاً لتسکنوا الیها و جعل بینکم مودة و رحمة".[9]

6- النوم فی اللیل:

یقول الله تعالی فی القرآن: "و الذی جعل لکم اللیل لتسکنوا فیه".[10]

7- تناول الاطعمة الطبیعیة السلیمة:

ورد فی الروایات ان اکل العنب الاسود[11] یزیل الغم و الحزن.

8- الطهارة و النظافة:

ورد فی روایات کثیرة ان غسل الثیاب[12] و غسل الرأس[13] و ... یسبب زوال الهم و الغم.

کانت هذه بعض اسباب ایجاد الطمأنینة کما وردت فی الروایات و الآیات. و من جهة اخری فان الانسان اذا ابتعد عن الامور التی تمنع من الطمأنینة و تؤدی الی القلق و الاضطراب فانه یکون قد وفّر الارضیة لحالة الطمأنینة و السکینة. و من عوامل زوال الطمأنینة التی وردت فی الروایات الاشارة الیها هی ما یلی:

1. التعلق بالدنیا:

قال رسول الله (ص): "الرغبة فی الدنیا تورث الغم و الحزن، و الزهد فی الدنیا راحة القلب و البدن".[14] و قال الامام الخمینی (ره) أیضاً لولده السید احمد تبعاً للروایات: "ان ما لاحظته و طالعته من حال الطبقات المختلفة وصلت منه الی هذه النتیجة و هی ان الطبقات القویة و الثریّة تکون آلامها النفسیة و الروحیة اکثر من باقی الطبقات ، فالآمال و التمنیات الکثیرة التی لم یصلوا الیها مؤلمة جداً و محرقة للقلوب. و ان ما به النجاة و طمأنینة القلوب هو التحرر و الانعتاق من الدنیا و تعلقاتها و هو ما یحصل بالذکر الدائم لله تعالی".[15]

2- الطمع و النظر الی اموال الناس:

قال رسول الله (ص): "من نظر الی ما فی ایدی الناس طال حزنه و دام أسفه".[16]

3- الحسد:

قال امیرالمؤمنین علی (ع): "ما رأیت ظالماً اشبه بمظلوم من الحاسد نفس دائم و قلب هائم و حزن لازم".[17]

4- الشک و عدم الرضا:

قال رسول الله (ص): "ان الله بحکمه و فضله جعل الروح و الفرح فی الیقین و الرضا و جعل الهم و الحزن فی الشک و السخط".[18]

اذن فلیس الحصول علی الطمأنینة هو مجرد شعار بل هو حقیقة یمکن الوصول إلیها و لها طرق عملیة کثیرة ذکرت بوضوح فی النصوص الدینیة.



[1] المصباح المنیر، حرف (الطاء) کلمة طمأن.

[2] الرعد، 28.

[3] النساء، 139.

[4] آل عمران، 26، "قل اللهم مالک الملک تؤتی الملک من تشاء و تنزع الملک ممن تشاء و تعز من تشاء و تذل من تشاء بیدک الخیر انک علی کل شیئ قدیر".

[5] البقرة، 38.

[6] بحار الانوار، ج 74، ص 88.

[7] الطلاق، 3.

[8] التوبة، 3-1.

[9] الروم، 2.

[10] یونس، 67.

[11] المحاسن عن بکر بن صالح عن ابی عبد الله (ع) قال: "شکا نبی من الانبیاء الی الله الغم فامره باکل العنب، بحار الانوار، خ 73، ص 323.

[12] بحار الانوار، ج 76، 84؛ و الخصال.

[13] قال الصادق (ع): "من وجد همّاً فلا یدری ما هو فلیغسل رأسه، البحار، ج 76، ص 323.

[14] بحار الانوار، ج 73، 91.

[15] موعد اللقاء، موسسة تنظیم و نشر آثار الامام الخمینی، الرسالة، 26/4/1363.

[16] بحار الانوار، ج 77 ، ص 172.

[17] بحار الانوار، ج 73، 256.

[18] بحار الانوار، ج 77، ص 61؛ و تحف العقول.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280465 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    259118 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129816 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    116202 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89697 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61314 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60564 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57472 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    52091 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    48156 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...